الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في تخليق المنظومة القضائية _الجزء الثالث والاخير_

اسماعين يعقوبي

2012 / 10 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


_ دور الهيئات النقابية والمهنية والجمعوية في التخليق:

تلعب الهيئات النقابية والمهنية والجمعوية دورا مركزيا في تخليق الحياة العامة عموما والمنظومة القضائية على وجه الخصوص، سواء بوقوفها ضد الفساد والمفسدين والمرتشين أو بالدفاع عن الأوضاع الاجتماعية، الثقافية، المهنية، المعرفية للمنخرطين، أو تنظيم ندوات وحملات تحسيسية مفتوحة كانت أم خاصة بالأعضاء والموظفين.
ولكن واقع الحال يذهب في اتجاه نخر الفساد لجل هاته التنظيمات، بل إن البعض منها يتحول بقدرة السياسي الذي خلقه إلى مزكي للفساد ومنظومته بدل المواجهة المفترضة فيه.
وكدليل على ذلك، أن جل القضاة منضوون في هيئات مهنية وجمعوية، كما أن جل الموظفين منخرطون في تنظيمات نقابية وجمعوية، ونفس الشيء بالنسبة للمحامين والموظفين القضائيين والخبراء...
فمن الفاسد والمفسد، ومن المرتشي، ومن يواجه الفساد ومن يزكيه؟
إن وضعا كهذا، والذي لعب فيه السياسي عبر بوابة وزير العدل، دورا حاسما في خلق تنظيمات موالية وتمكينها من ريع القطاع لتزكية وإنجاح تجربته ومخططاته، يتطلب من القاعدة المشكلة لهاته التنظيمات طرح سؤال الهوية، كما يتطلب العمل على تأسيس هيئات مهنية جادة تتحالف عموديا ولم لا الحديث عن إطار ديموقراطي تقدمي ينخرط فيه جميع الفاعلين في المنظومة القضائية وفق ما يسمح به القانون، وتكون من أولى مهامها تطهير صفوف التنظيمات والقطاع من الانتهازيين والوصوليين والفاسدين والمرتشين.

_ آليات التخليق وشروط نجاحه:

حتى يتم التغلب على الوضع الحالي للمنظومة القضائية، والتي أصبحت في نظر الكثيرين محط سخرية، بل ومن طرف بعض أهل المنظومة نفسها، وجب التحرك السريع عبر طرق وآليات مختلفة، كما يجب العمل الحثيث على توفير شروط نجاح الإصلاح المنتظر.
ومن بين ما يتحتم القيام به:
_ حملات تحسيسية وتوعوية داخل المحاكم وخارجها، حتى يصبح الشأن القضائي شأنا عاما
_ انتاج برامج اذاعية وتلفزية حول المنظومة القضائية، وتفادي الصورة التقزيمية لبعض البرامج الحالية التي تقدم المحكمة على أنها قاض ومحام ونائب وكيل الملك.
_ القيام بحملات تطهيرية ضد السماسرة وشهود الزور، خصوصا أولئك الذين تتكرر اسماؤهم في مجموعة من الملفات التي لا تربطها اية علاقة،
_ تعزيز الثقافة الحقوقية،
_ تحديث الهياكل القضائية والادارية،
_ تمكين المتدخلين في العملية القضائية والعموم من المعلومة،
_ تخليق الحياة العامة،
_ التكوين المستمر،
_ اعتماد معايير صارمة في اختيار و انتقاء الموارد البشرية، و تسهيل ولوج كتاب الضبط الذي راكموا خبرة للمهن القضائية،
_ توفير المناخ اللازم والوسائل الضرورية،
_ احداث معاهد ومدارس لتكوين كل الفاعلين في العملية القضائية تكوينا اساسيا ومستمرا،
_ اتخاذ اجراءات ملموسة بدل الخطاب السياسي الموسمي،
_ القيام باستطلاعات الرأي لدى الراي العام لقيام مؤشرات التفاعل والتجاوب مع مخططات الاصلاح،
_ تسهيل ولوج المتقاضين الى العدالة والمعلومة القضائية، وانتاج نشرات دورية بخصوص الاحكام الصادرة في ربوع المملكة،
_ ضمان شفافية عمل المؤسسات القضائية والادارية،
_ مسايرة متطلبات الحياة من حيث سرعة اصدار، تنفيذ الاحكام، والحصول على الوثائق والشواهد المطلوبة،
_اعادة النظر في الانظمة الاساسية للمتدخلين في المنظومة القضائية، وتحديد مهامهم بشكل دقيق، حيث لا يعقل أن يبقى كاتب الضبط مثلا ورقة لملأ الفراغ والاستعمال المزاجي،
_ إعادة النظر في مباشرة التقييم لبعض الفئات، حيث لا يعقل أن يبقى القاضي ورئيس مصلحة كتابة الضبط أو النيابة العامة تحت رحمة تنقيط رئيس او وكيل المحكمة في الوقت الذي نتحدث فيه عن استقلالية القاضي واستقلالية كتابة الضبط.
_ تحسين الوضعية المادية لجميع المتدخلين في المنظومة القضائية وضمان حد ادنى من الأجر للمهن الحرة والشبه حرة خصوصا المبتدئين منهم،
_ توفير الخدمات الصحية و الاجتماعية
_ خلق هيئات جهوية للمراقبة و المحاسبة،
_ تحديث المنظومة القانونية وملاءمتها مع الالتزامات الحقوقية الدولية للمغرب،
_ إعداد البنايات والتجهيزات اللائقة بمكانة وسمعة المنظومة القضائية،
_ اعادة النظر في الميزانية المخصصة لقطاع العدل والحريات باعتباره سلطة،

خاتمة:

ان التقدم في الاصلاح وإنتاج بديل عن الوضع المأزوم، يتطلب فهما ورؤية كاملة ومتكاملة من طرف المسؤولين أولا ثم من طرف الفاعلين ثانيا.
وهاته الرؤية المتكاملة تغنينا من السقوط في إنتاج خطاب مزدوج وممارسة بعيدة كل البعد عما نروجه من خطاب.
وهكذا، ففي الوقت الذي نتحدث فيه استقلالية القضاء وعن تبويء كتابة الضبط المكانة اللائقة بها ضمن مخطط شامل للإصلاح، والذي لم يكن مطلبا جديدا، بل يعود الى عقود خلت، لا نفهم موقفين صريحين غريبين:
الأول وهو الصادر في السنة الماضية حين عملت وزارة العدل ومعها مجموعة من الفرق البرلمانية على تعويض كاتب الضبط بأي شخص من الحضور في الجلسة: فما هي الصورة التي نريد إيصالها للمواطن، وهل قدرنا حجم الضرر الذي لحق سمعة القطاع جراء إجراء متهور كهذا؟
ثم تصريح لرئيس الحكومة المغربية الذي يقول فيه: عفا الله عما سلف. فما المطلوب من القاضي أمام هذا التصريح، وهل يمكن الحديث عن استقلالية للقضاء بعده؟
إن رغبة الإصلاح ليست هي الإصلاح، فالإصلاح صراع مصالح، صراع مواقع، صراع تاريخ وجغرافيا...، فهل نقدر فعلا ثمن الإصلاح أم ستنضاف جولات الحوار من أجل إصلاح منظومة العدالة إلى أرشيف الممملكة المليء بمذكرات الإصلاح ومشاريعه التي لم تر النور يوما؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة