الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا وتوازن الطبيعة

نوار قسومة

2012 / 10 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


(نوار قسومة)

"تناكحوا تكاثروا تناسلوا فإني مباهٍ فيكم الأمم يوم القيامة"!!!
محمد قالها لأنه كان يعيش بمنطق الصحراء والقبيلة حيث "الكثرة تغلب الشجاعة"، وتُستهاب القبيلة من باقي القبائل الأخرى
بحسب عدد الرجال القادرين على حمل السلاح والقتال فيها.
مازلنا نعيش في منطق التكاثر القبلي وهو مفتاح التخلف والفقر في كل البلدان العربية، ربما باستثناء دول النفط والتي رغم تخلفها الاجتماعي وتكاثرها الكبير لم تعاني من الفقرلاعتمادها على "الاقتصاد الريعي" وإرضاء السكان عن طريق توزيع جزء من الفائض عليهم، بالإضافة إلى وجود نظام الكفيل وهو نظام يشبه الاستعباد والإتجار بالبشر ويؤمن دخل جيد لمواطني هذه الدول ... لكنها ستعيش الأزمة في المستقبل عندما تبدأ الموارد بالنفاذ أو إذا أصابتها كارثة خارجية.
ما يحصل في سوريا الآن هو بشكل رئيسي نتيجة للتكاثر والإنفجار السكاني الغير مبرر في هذا البلد الذي لم يعرف طفرة إقتصادية أو نفطية كدول الخليج أو ثورة صناعية ككوريا الجنوبية ومع ذلك فمعدلات النمو السكاني فيه في العقود الثلاثة الأخيرة كانت مرتفعة بشكل كبير جداً.
منذ بداية تاريخ المجتمعات البشرية فإنه بعد أن يتكاثر الناس في تجمع سكاني معين ويصبح عددهم أكبر من موارد هذا التجمع، يذهب نظرهم إلى تجمعات أخرى وأماكن أخرى بحثاً عن فرصة أفضل للحياة. قد يكون هذا البحث مسالماً (للعمل) وفي بعض الأحيان يأخذ شكل غزوة للاستيلاء على حصة الجماعة الأخرى بالقوة.
كل يوم نسمع عن خنساء من الأرياف السنية وقد أرسلت أربعة أبناء (من أبناءها العشرة !) للموت وتريد إرسال الباقي ليلحلقوا بأخوتهم. إذاً لا قيمة للنفس البشرية أو لنقل القيمة منخفضة جداً نتيجة "الكثرة" وخصوصاً أن الموضوع يتعلق بهدف "نبيل" بالنسبة لهم أو لهن وهو قتل أكبر عدد ممكن من الطرف المقابل. الفقير يموت لأنه ليس عنده ما يخسره بل ربما هناك أمل أن يكسب شيئاً من الغزوة هو أو قبيلته.
بلغ تعداد سكان سوريا في عام 1960 حوالي أربعة ملايين مقارنة مع 23 مليون في 2012 أي الزيادة أكثر من 5.75 أضعاف.هذه الزيادة كبيرة جداً مقارنة مع فرنسا التي كان عدد سكانها 45 مليون في عام 1960 واليوم يبلغ عدد السكان فيها حولي 62 مليون أي الزيادة 1.37أو مع بريطانيا التي كانت في عام 1960 حوالي 53 مليون واليوم يبلغ عدد سكانها 63 مليون أي الزيادة فيها 1.18. الدول التي تستعمرنا وماتزال تنهب خيراتنا وخيرات غيرنا والمتطورة عنا اقتصادياً واجتماعياً وعلمياً (ربما الشيء الوحيد التي نسبقها فيه هو الإنجاب) والتي عدد سكانها اليوم ليس بعيداً عن عدد سكانها قبل خمسة عقود، تعاني من البطالة والفقر والكساد وتبدو عاجزة عن خلق فرص وظائف جديدة وتعمد إلى التخلص من فوائضها البشرية- في المثال الذي سأشرحه فيما بعد- فلكم أن تتخيلوا نتائج الإنفجار السكاني في بلد متخلف كسوريا. وهنا لا بد أن ننوه أن مصر "المحروسة" والتي يعتبرها البعض مثالاً عن الإنفجار السكاني في المنطقة كانت حوالي 27 مليون في عام 1960 والآن هي حوالي 84 مليون، طبعاً الزيادة مخيفة لكنها أقل من سوريا بشكل ملاحظ حيث أن الزيادة في مصر في الخمسين سنة الماضية بلغت 3.11 مقابل 5.75 في سوريا "المتحضرة"!!
وللعودة إلى المشكلة السورية: كان هناك سباق وربما بالخفاء بين العلويين والسنة للتكاثر وإنجاب عدد أكبر من الأطفال. العلويون كانوا يرغبون بتغيير الوضع الراهن أي محاولة زيادة نسبة حجمهم مقابل السنة، والسنة كانوا وربما بشكل طبيعي يحاولون التصدي لهذه المحاولة وبنفس الطريقة. وربما لأدعم نظريتي هنا يكفي أن أذكّر بتوصيات "رفعت الأسد" الشفوية لأفراد وحداته العسكرية "سرايا الدفاع" في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات بإنجاب أكبرعدد من الأطفال وهذا الأمر متشابه عند كل الأسر العلوية "العسكرية" في باقي المساكن العسكرية وليس فقط لدى عناصر سرايا الدفاع والتي يصل معدل الأطفال فيها إلى ثمانية أطفال في الأسرة الواحدة كما أن وجود 10 أو 11 طفلاً لكل عائلة-تعيش ظروف اقتصادية مزرية- يعد أمراً طبيعياً في التجمعات العسكرية العلوية.
الريف السني كان يتكاثر بنفس الإيقاع أيضاً وربما هنا بسبب توصيات رجال الدين وتطبيقاً لحديث النبي. توزيع وظائف الدولة كانت بشكل رئيسي لضمان ولاء الطائفة العلوية للنظام ومن ثم لإسكات الريف السني بشكل ثانوي. ومع الإنفجار السكاني الرهيب ووصول الأطفال الذين كنا نتحدث عنهم لسن العمل وخصوصاً في العقدين الأخيرين، بقيت وظائف الدولة إن توفرت هي أملهم الوحيد، أعطى النظام العلويين الحصة الأكبر من الوظائف على حساب الريف السني الذي في نفس الوقت عانى من ازدياد التخلف والسكان والمد الديني وسنوات جفاف مما جعله يتحضر نفسيا لمرحلة الغزوة ضد من يعتبره قد "أخذ حصته وحصة غيره".
وجود العلويين في مساكن وكانتونات مغلقة في ضواحي المدن منع أيضاً من اندماجهم في المجتمعات المدنية فتحولت هذه الكانتونات العسكرية إلى "غيتوات" مغلقة لا تختلف كثيراً عن الضيعة بالعادات واللهجة والثقافة وغيرها، مما أدى إلى شعور السكان السنة المحيطين بأن هؤلاء غرباء ثقافياً واجتماعياً وحتى عقائدياً عن المحيط وجاؤوا إلى هنا لينافسوهم على لقمة العيش. وهو الأمر الذي لم يكن يشهده العلويون الذي سكنوا في دمشق على سبيل المثال في الأربعينات والخمسينات والستينات وبالأخص هؤلاء الذين نزحوا من لواء اسكندرون واندمجوا مع السكان في المدينة ومن الصعب تمييزهم باللهجة والعادات عن أهل دمشق.

التخلص من الفوائض البشرية
الدول الغربية والولايات المتحدة هي المثال الحاضر لما أريد شرحه. هذه الدول تقوم بشن الحروب من فترة إلى أخرى بغرض التخلص من الفائض السكاني وتحديداً من الفقراء. أبناء الأغنياء في أميركا على سبيل المثال يذهبون إلى الجامعات ويحصلون على الوظائف والمهن الجيدة، وأبناء الفقراء لا يجدون سوى العمل بأجر رخيص دون تأمين صحي أو الإنزلاق إلى الجريمة أو الالتحاق بالجيش. الدولة تعمل على تشجيع الفقراء على الذهاب إلى الجيش وهو في حقيقة الأمر يوفر فرصة عمل جيدة ودخل معتبر وامتيازات كثيرة إذا ما قارناه بالعمل "بالأجرالأدنى" لكنه قد يؤدي بهم إلى الموت، وبذلك تتخلص الحكومة من أعداد كبيرة منهم كما يحصل في العراق وأفغانستان أو كما سيحصل في أي مكان آخر في المستقبل إذا لزم الأمر. هذه هي الطريقة الأسهل التي يوفرها علماء الاجتماع "الأشرار" للتخلص من الفقراء (وخصوصاً الذين يميلون إلى العنف) والذين قد يثورون ضد الأقلية الحاكمة في الولايات المتحدة (20% من الأميركيين تسيطر على أكثر من 85% من موارد البلاد) أو إن لم يثوروا فإنهم قد يتحولوا إلى مجرمين وبالتالي سيرفعون معدلات الجريمة في البلاد. بالتأكيد فإن هذه الوسيلة من أنجح الوسائل التي تتبعها الحكومات الغربية "الرحيمة" في التعامل مع الفوائض البشرية وتنظيف البلاد منهم.
سوريا كما ذكرت فيما سبق شهدت انفجاراً سكانيا يفوق بنسبة ارتفاعه حتى مصر، ومع ذلك شهدت معه استقراراً غير مسبوق وخصوصاً في العقود الثلاثة الأخيرة. العلويون تكاثروا بشكل رهيب ومعهم سكان الريف السنة والموارد ثابتة والوظائف ثابتة. من الطبيعي أن يسبب هذا الازدحام صداماً وصراعاً، عاجلاً أم آجلاً، مع ارتفاع البطالة والفقر والجوع طالما أن الدولة لا تريد أن تعالج مشكلة الإنفجار السكاني "ربما عن حسن نية" وطالما أنها عاجزة عن شن حرب مع الخارج أو إيجاد وسيلة "بريئة" للتخلص من هذه الفوائض، وهكذا فإن الحرب ستأتيها من الداخل وهذا ما حصل .... وهذا ما يمكن تسميته بتدخل الطبيعة. هذه الطبيعة الرائعة عندها الجواب للمشكلة السورية فعندما يزيد عدد البشرعن طاقتها، فإنهم وبداخلهم يحملون بذرة فنائهم، فيتصارعون ويتقاتلون، وبموتهم يتحقق نوع من التوازن الطبيعي.

العميد وسام حسن في ذمة التوازن الطبيعي
فقدت أسرة تيار المستقبل وتلفزيون المستقبل وجريدة المستقبل وسوليدير أحد أبرز رجالاتها، العميد وسام الحسن الذي لبى نداء الطبيعة بتفجير متوقع لكنه جاء متأخراً بعض الشيء. الرجل كما وصفه أحد أعضاء تيار الحريري وبعض المعارضين السوريين الذين يقتاتون من تياره (كجعارة وغيره) كان بطلاً وأسطورة. وسام الحسن هو رجل الحريري و"تياره" وهو متورط كهذا التيار بما يجري في سوريا من تهريب سلاح بشكل علني وسافر، حتى وصل الأمر إلى تشكيل مليشيات باسم (سعد ورفيق الحريري). والرجل الذي اكتشف محاولة ميشيل سماحة "الخسيسة" لإحداث فتنة بين الشعب اللبناني "المحب لبعضه" واكتشف شبكات تجسس لصالح الموساد، لم يكتشف أو لم يشعر بتهريب قطعة سلاح واحدة من آلاف القطع التي هرّبت إلى سوريا ولم يكتشف وصول هذه القطع إلى لبنان كما لم يسمع عن دور عقاب صقر المشبوه في جنوب تركيا!!!
استقرار سوريا يعتمد على قدرتها على إيلام جيرانها "عند الضرورة" لأن عجزها عن ابتزازهم وإيلامهم (كما حصل في الفترة الأخيرة) يرسل مؤشرات ضعف لهؤلاء الجيران فيستأسدون عليها، فيتحول سعد الحريري مثلا إلى "نمر" كما فعل قبل أيام واعترف أن "البريء" عقاب صقر ينسق باسمه مع "المجاهدين" في سوريا. هذه الجرأة والشجاعة من قبل سعد الحريري تدل أنه يستخف بخصمه إلى درجة متهورة. الرد كان قاسي بمقتل وسام حسن وستتبعه حتماً ردود أخرى وفي أماكن مختلفة. استقرار سوريا واستمرار وجودها مرهون دائماً وأبداً بقدرتها على "إرهاب" جيرانها "الأعداء" وكبحهم عند الضرورة..... وطبعاً لبنان هو الأسهل لتطبيق هذه القاعدة ولإيصال هذا النوع من الرسائل.

مرسي بن الملوح
رسالة مرسي الغرامية لصديقه بيريز هي ملخص الصفقة فيما سمي زوراً بالربيع العربي. النظام المصري كان صديقاً عزيزاً لبيريز كما هم الإخوان ومرسي الآن أصدقاء أوفياء لإسرائيل وبيريز، وهو إثبات عن أن ما جرى في مصر ليس سوى "مهزلة" تبادل أدوار وتسليم السلطة للإخوان عبر الجيش. إنها ليست ثورة! لا شيء تغير سوى اللاعبين الجدد الذي يضعون على جباههم "الزبيبة"...الأمر الوحيد الذي سيتغير في مصرهو أن معدلات الإنفجار السكاني والفقر والجوع ستزيد .

رائحة الموت الكريهة
أصبح كل شيء في هذه البلاد مقرف وكريه... رائحة البارود وطعم الدم وأشلاء اللحم المتفسخ.... لا فرق بين الحياة والموت!
وجود "الإنسان" في هذه البلاد كذبة أخرى من أكاذيب الحرية... هناك حيوانات تتصارع من أجل البقاء - أو الأدق- لإسراع توازن الطبيعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلتنا: مقتل شخص في غارة استهدفت سيارة بمنطقة أبو الأسود ج


.. مشاهد جديدة من مكان الغارة التي استهدفت سيارة بمنطقة أبو الأ




.. صحفي إسرائيلي يدعو إلى مذبحة في غزة بسبب استمتاع سكانها على


.. هجوم واسع لحزب الله على قاعدة عين زيتيم بالجليل وصفارات الإن




.. شمس الكويتية تسب سياسيي العراق بسبب إشاعة زواجها من أحدهم