الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دماء و رمال

شريف الغرينى

2012 / 11 / 10
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


مباريات مصارعة الثيران تستمر فى العادة مالا يزيد عن 20 دقيقة ، يعتبر فيها الثور منتصرا إذا أطاح بالماتادور، أو إذا إنقضى الوقت دون أن يتمكن ذلك الماتادور من الإطاحة بالثور ، ويعدها تبدأ المأساة فيسحب الثور المنتصر بعد أن يتكاثر عليه المصارعين ليتم حرمانه من النزول لحلبات الصراع مدى الحياة و قتله بسرعة؛ قد يتعجب البعض من تصرف القائمين على تنظيم هذا النوع النادر من المنافسات، إذ أن الشائع تكريم المنتصر لا قتله و إبعاده ومع ذلك فلكل عجب سبب، والسبب فى قتل الثور وحرمانه من النزول للحلبة مرة أخرى، هو أن الثور الناج أو المنتصر تعلم ألا تخدعة "البانديرو" أو الراية الحمرا، ولذلك فإن أى مواجهة له مع أى مصارع مهما كان قويا وشجاعا ستنتهى بمصرعة أمام الثور الذى اصبح واعيا بما يكفى ، وأصبح قادرا على توجيه قرونه مباشرة لخصمة، وهذا يعنى أن الثور لا يقتل بسبب فوزه ولكن لأنه فهم اللعبة، ولن تخدعه البانديرو التى يمسكها المصارع فى يده ، لم اقصد بهذه المقدمة أن أضيف معلومة متوفرة فى كل الموسوعات الرياضية ودوائر المعارف ، ولكنى قصدت أن أوضح كيف تتعامل السياسة الامريكية مع الزعماء العرب الذين يفهمون اللعبة ولا ينخدعون بسيول التفاصيل التى تحاول السياسة الامريكة أن تسقطهم فيها ، فالمصير الكارثى لرؤساء مصر المتعاقبين أثبت أن أمريكا تقضى على الرئيس الذى يتورط معهم فى علاقة يخرج منها واعيا للدرس ، لقد فهم عبد الناصر الامريكان منذ ان بدأ التفاوض معهم على تمويل السد العالى ومنذ أن تقدم بطلب لتسليح الجيش المصرى وكان جزاء ما وعى: عدوان 56 الفاشل ثم حرب 67 التى كانت تهدف لقتله سياسيا قبل القضاء عليه جسديا فى فراشة ، ومن بعده السادات الذى فهم بعد سنوات معدودة من التورط ومحاولة الفكاك منهم فكان الموت فى إنتظاره ، أما مبارك الذى تأخر جدا فى الفهم ، فقد انتهى به الأمر معزولا فى مستشفى بسجن طرة ، والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة بعيدا عن التفاصيل التى غرقنا فيها بعد أحداث 25 يناير : إلى متى سيظل الماتادور الأمريكى يلاعب الثور المصرى وإلى متى سيكون القتل السياسى والبدنى جزاء كل من يفهم أو يقاوم ألاعيب الإمبريالية العالمية؟ ومع ذلك اختيارأمريكا للتيارات الإسلامية لتحكم البلدان العربية وخاصة مصر، يعنى أن الماتادور الامريكى قرر أن يفتح الحلبة ويطلق كل الثيران على جموع المتفرجين، وأن يبقى وحده فى المدرجات ليلعب دور المتفرج الوحيد فى مباريات الدم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية