الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيون المباحث

نادين البدير

2012 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لا أعلم إلى أين تتجه عيون المباحث بعد الربيع، غير واضح إن كانت مستمرة بذات الآلية فى العمل أو أنها قررت إنهاء مهامها السابقة فى الرقابة على أنفاس الناس وجدران المحال وملصقات الزعماء واتجهت لمهام تناسب العهد الجديد.

لا تنشر الأبحاث حول المباحث لكن الجميع متفق على أنه جهاز مرعب. سمعنا حكايات كثيرة عنه وعن أساطيره وأخبار زنزاناته وأروقته وقصص التعذيب فيه. من العائدين الذين رووا ما عاشوه. مما كتب فى الروايات، من الأفلام. والذين لم يدخلوه يصلوا ليل نهار كى تنتهى حياتهم بعزة وكرامة دون أن تطالها أيدى المخبرين.

آخرون تقلدوا المنصب بأنفسهم وصاروا هم يد المباحث ويد الرقابة، ليس حبا فى النظام إنما خوفا منه، وهذه أبشع مشكلة يمر بها العقل، حين يتحول لمخلب الرقيب وعصاه التى لا تعصاه فى كل المجالات، خصوصا مجال المعرفة والحقيقة، الإعلام. إذ لا يزال هناك بين الصحفيين الذين تفترض بهم الجرأة غير المحدودة من يحسب الحساب ويخاف من النظام أو الرقيب.

والسؤال الذى يجب أن يطرح بعد الربيع: هل من داع لوزارة إعلام فى أى بلد عربى؟

وما شعور الوزير حين ينصبوه وكيلا على عرش الرقابة؟ ومتى يتوقفون عن مضايقة الفكر وإزعاجه؟

التضييق على حرية الصحفى أو الكاتب تضييق على البلد. لكن الوكيل لا يعرف نتائج مؤسسته الوخيمة، وقد لا يكون ذنبه، فهو موظف ينفذ التعليمات. يلاحق التغييرات فى السياسة بجدارة، فالمسموحات والممنوعات تتغير وتتبدل كل يوم. وقد يحاول أحد الوزراء تغيير الوضع للأفضل وتحريره ويعجز آخر عن مجرد المحاولة، فيما يسعد ثالث بالانصياع والظهور بمظهر المرضى عليه. وفى النهاية لا إعلام غير المرسوم من الجهات العليا.

الرقابة مازالت تعمل على قدم وساق فى السعودية، وسيف الرقيب لا يكل ولا يمل.

لكنى حين أكتب لا أفكر بمن سيقرأ ولا بمن سيغضب أو يفرح. أعلم أن هذه الطريقة فى الكتابة مخالفة للقوانين، فالقانون (غير المكتوب) ينص على أن يناقش الصحفى الأمر من زوايا ترضى جميع المسؤولين وترضى التيار الدينى وتسعد المجتمع.. ماذا بقى لأفكار صاحب الكتابة؟ لا شىء. لذا فكثيرا ما تتشابه المقالات، فتسرد الغالبية القضية بالطريقة نفسها، وتتوحد الغالبية فى مناقشة ذات القضية، وحتى إذا أراد أحدهم توجيه نقد ما فعليه الالتفاف حوله وتمريره بطريقة ملتوية لا يفهمها سوى المقصود بها، أو لا يفهمها.

فمتى نتمرد على الرقابة؟ متى ندخل ربيع الصحافة؟ لا أفهم كيف تتجرأ شعوب على التمرد على أنظمة حكم فيما تعجز الصحافة فى بلد عن التمرد على مقص؟!

سأسرد لكم طرفة من ملفات الرقيب فى حياتى، مجرد طرفة لا تمثل كل ما يحدث، (على ذمة رئيس تحرير مجلة عقدت معى حواراً قبل فترة)، إذ حين دخلت المطبوعة للمملكة هاتفه الرقيب قائلا: ليتكم تكتبون أن الكاتبة تخرجت فى إحدى جامعات أمريكا أو أوروبا فإعلان تخرجها فى جامعة سعودية يعنى أن أفكارها التى تنادى بالحرية نتجت من بيئتنا، وهذا لا أريد له الظهور.

الرقيب لا يقص فقط إنما بإمكانه أن يفبرك. كنا زمان محصورين ومحاصرين بالبث الذى تريد كل دولة أن تنشره، اليوم المعرفة تحاصر الأنظمة والمجتمعات، وعيب وعار أن تستمر الرقابة بهذه الصورة المريعة تحت أسماء مختلفة. حفظ الأمن القومى، المحافظة على الوحدة الوطنية، الخصوصية.

ستنهار كل هذه الأسس إن تكلم الصحفى أو خاطب المسؤول أو أطلع الشعب على حقيقة غائبة. عكس حال الدول المتقدمة، حيث الإيمان بقاعدة الكشف عن المشاكل لحلها أولا بأول كيلا ينهار الأمن ولا تتفكك الوحدة ولا يمس الإنسان بالسوء.

سياسة الكتمان ستصبح فى طى النسيان وستخرج الأقلام عن صمتها فقط إن قرر أصحابها الخروج.

إن أصعب شىء أن يعتقل فكرك داخل بلدك والأصعب أن تصبح أنت رقيبا على نفسك. تراقب ما تكتب وما تقول لأن عيون المباحث فى ذاتك ترصد كل صغيرة وكل كبيرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عيون قناة الحرة
عبد الله اغونان ( 2012 / 11 / 12 - 23:55 )
ألم يتبادر الى ذهنك وأنت تقدمين برنامجا في قناة الحرة ان تنتبهي الى الحدود المرسومة والرقابة.وأنت تتحدثين عن المساواة بمفهومها الغربي وخصوصيتها.ان تسألي ضيفاتك عن طابع الانحلال والانفلات الذي تعيشه النساء في الغرب والذي لايناسب مجتمعاتنا
او ان تكون لك الحرية في استضافة نماذج اسلامية معروفة تعبر عن مواقفها؟
يمكن نحن ايضا ان نكون ربما بقصد او دون قصد مجرد أدوات تحركها أياد معلنة لاتخفى نواياها وسلوكها المنحاز
مجرد سؤال لايمكن اغفاله





















ز

اخر الافلام

.. موريتانيا - مالي: علاقات على صفيح ساخن؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. المغرب - إسبانيا: لماذا أعيد فتح التحقيق في قضية بيغاسوس للت




.. قطر تؤكد بقاء حماس في الدوحة | #غرفة_الأخبار


.. إسرائيل تكثف القصف بعد 200 يوم من الحرب | #غرفة_الأخبار




.. العرب الأميركيون مستاؤون من إقرار مجلس النواب حزمة مساعدات ج