الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تلك ليست مهمتي

عمر أبو رصاع

2012 / 11 / 18
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


يبدو لي أن الغباء الذي تتمتع به انظمة الاستبداد التي حكمت دولنا العربية واحد، ومتناهي في التماهي والاصرار على استخدام نفس الاساليب، تماماً كما لو كانت اجهزة القمع المسماة خطأ باجهزة الامن تقرأ وتنفذ تعليمات محددة، فيما عقلها عاجز وغير قادر ألبتة على الفهم والتحليل وتجاوز اخطاء التجارب الأخرى وابتكار البدائل.
خطاب حسين هزاع (مدير الامن في الأردن) جاء نموذجاً عملياً دالاً على ذلك، ولا أرى داعٍ للخوض في تفاصيل ما جاء به من اخطاء مكررة بفجاجة تفوق حد القدرة على ضبط النفس، فخطابه يشي بأكثر مما يحتمل السياق.
كذلك الاصرار على اعتقال وتعذيب الناشطين والحراكيين السياسيين، وكأن الاعتداء البدني والشتم حتى يتعلم ذلك الحراكي -على حد تعبير هؤلاء- كيف يتطاول على سيده ومولاه ....الخ يجزي نفعاً.
ليس من شأن هذا السلوك أن يثني الحراكي عن أن يزيد من تحديه وعناده واصراره؟ من واقع التجربة ومن خلال تعاملي المباشر مع عشرات ممن تعرضوا لاعتداء بدني عنيف بل وتكسير عظام وأنا منهم، أو من تعرضوا للاعتقال والضرب في الزنازين، لم اجد أياً منهم يتراجع، ولا حتى يخفف من لهجة خطابه ونشاطه، بل على العكس زاد العيار اكثر، وانكسرت في نفسه حواجز جديدة وازداد تحد واصرار واقدام.
الفعل الاساسي الذي على ما يبدو اطار صواب اجهزة الاستبداد، كان المطالبة باسقاط النظام، والواضح أن هذا الفعل بالذات والذي اطار صواب الاجهزة وعملت جاهدة من أجله على اعتقال الحراكيين وضربهم، صار هو وهو بالذات ديدن كل المتظاهرين، وما لا يريد ان يعترف به الاستبداد هو أن المظاهرات والاحتجاجات الاخيرة لم تنطق بكلمة واحدة في شعاراتها عن الاسعار بل كلها ومنذ اللحظة الاولى وحتى الآن توجهت مباشرة لهذه الشعارات بالذات.
سأكون أكثر وضوحاً وأقول بأن مشكلة اعادة الهيكلة السعرية هذه، كان بالامكان ان تعالج وتمر بشكل سلس وطبيعي، وإني لأجزم وأقسم بأن الشعب الأردني لو كان على ثقة ويقين بأن ماليته العامة تدار بأيد أمينة موثوقة، وبحكمة ورشد، وطولب بعدها بأن يتحمل رفع اسعار لما نبس ببنت شفاه واحدة، بل ولعرى لحكومته وبلاده كتفه تأكل منه، لكن ولأنه بات مقتنعاً بفساد الادارة الناتج اساساً عن الاستبداد واستفراد الفرد بالسلطة، وتعنت هذا الاخير واصراره على التحايل وعدم الاصلاح وعدم القبول برد الدولة للشعب سلطة وموارد، كانت النتيجة فوراً أن خرج ليقول له: "يسقط النظام".
الشعب واضح ومن سموهم بالقلة الشاذة بالأمس القريب، خرجوا على رأس المظاهرات الضخمة والحركة الاحتجاجية في كل ارجاء الاردن، وكانوا لسان حال الشعب.
إذن غضب الاستبداد، وأنا استغرب تماماً أنه قدر الأمور بشكل خاطئ، قدر أن الاحتجاج سيكون على الاسعار، لكن الشعب ليس احمقاً وليس مستعداً للتوجه للنتائج تاركاً ما هو على قناعة بأنه السبب، هكذا وجه سهام نقده مباشرة للرأس، فكيف إذن لم يفهم الاستبداد حتى حينه هذه الحقيقة؟
وكيف يخرج رئيس وزرائه ليقلل من حجم الخسارة مختصراً إياها بالبعد المادي؟ فيما الخسارة الحقيقية هي هيبة نظامه التي اهدرت عن بكرة ابيها، وقدرته على الزعم بأن الناس معه، ترى هل ضحكوا عليه بأرقام المسجلين للانتخابات؟ ألا يعرف مثلما نعرف ومن خلال اقاربنا ومعارفنا المباشرين أن أكثر من نصف البطاقات استخرجت دون علم ذويها أصلاً؟ وأن نصف الباقي مما استخرج تسبب باستخراجه الاندفاع الطبيعي لاسباب عشائرية ومناطقية، أو حتى لمخاوف نشرتها اجهزة الاتسبداد انطلت على الكثير من البسطاء؟ هل صدق فعلاً أن الذين لم يعلنوا حتى حينه أنهم مع الحراك أو الاخوان، هم معه هو؟!
كان الاستبداد يتشدق بأن اعداد الحراكيين قليلة وبأنهم لا يمثلون الشعب، وبأن الشعب معه، وبأن هؤلاء الحراكيين الذين كان دائماً يتجاهل كتلتهم وحجمهم الحقيقي اضافة إلى الاخوان، عليهم ان يبقوا في الشارع إن لم يقبلوا بلعبته وفق قوانينه التي تضمن له أن يحافظ على كل مزاياه الاستبدادية.
الآن لم يعد بإمكان الاستبداد أن يضحك على الناس أو على نفسه، وسواء نجحنا الآن بوقفه وإلزامه ما ينبغي أن يلتزم أم لا، فإن يقيننا تعزز بأنها مسألة وقت وتحصيل حاصل، وبأن المسألة الآن أصبحت واضحة تماماً إنها معركة شعب من أجل استرداد دولته سلطة وموارداً.
وإن كانت مسرحية التسجيل للانتخابات جعلته يجمع أوهام القوة والنصر، فأعتقد أن حجمه الحقيقي وحقيقة من هم مستعدين لنصرته فعلاً، اتضح في هذه الازمة أو بدقة في هذه الجولة من الصراع.
في خضم الحدث، سألني أحد الرفاق: "لو كنت الآن مكانه كيف كنت ستتصرف؟" أجبته أنا منشغل الآن بمكاني كمواطن وكحراكي يرى أنه في هذه اللحظة التاريخية لم يعد بالامكان القبول إلا بدولة مدنية ديمقراطية، الشعب فيها مصدر السلطات يحكم عبر ممثليه المنتخبين، هذا مشروعي ومشروع كل رفاقي لهذه المرحلة، وأرى أن عليه هو أن يختار لنفسه أين تماماً يريد أن يكون موقعه من هذا المشروع، وليس شاغلي أن اختار له فتلك ليست مهمتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا مجال للتراجع
majd ( 2012 / 11 / 18 - 13:11 )
نعم يجب مواصلة الحراك السلمي لاني ارى مستقبلي ومستقبل الاجيال القادمة مهدد بالضياع

اخر الافلام

.. الشرطة الإيطالية تعتدي على متظاهرين مؤيدين لفلسطين


.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب




.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا