الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
جثّة من التي تفسّخت؟
فواز قادري
2012 / 11 / 26الادب والفن
مجزرة حي القصور في مدينة دير الزور مازالت تتناسل، بعد العثور على جثة الكاتب محمد رشيد الرويلي متفسّخة، بعد ما يقارب الشهرين من اعتقاله، هو وبعض الجيران المختبئن عنده من القصف في قبو البيت، هل جثة الشهيد هي التي تفسّخت؟ أم جثّة النظام؟ وراء تساؤلي قصّة من الماضي، لها علاقة بجرائم عصابة الأسد الغير مسبوقة، وعمليات الانتقام التي يمارسها بأبشع صور الانتقام من السوريين المصرّين على إسقاطه، مهما غلا الثمن، ودير الزو واحدة من هذه المدن المقاومة التي انتقم منها شرّ انتقام. أيّام أحداث مدينة حماة في بداية الثمانينات أقام طلبة كلّية الزراعة أمسية شعريّة، وكنتُ وصديقي الشاعر بشير العاني من بين الحضور، رائحة المجازر بدأت بالتسرّب والشارع ملتهب والناس لا تعرف ماذا تفعل، في هكذا مناخ، كان من الطبيعي أن يتواجد شيء من التعاطف مع ما يجري في حماة في قصائد بعض المشاركين، بعد انتهاء الشعراء من القراءة التي كانت مليئة بالحماس، طلب المشرفون على الأمسية من الشعراء الضيوف المشاركة، طلبوا وألحّوا وكان لا مفرّ من المشاركة، ولكن كيف؟ وأنا لا أحفظ شعري ولستُ مهيّئاً لقراءة شيئاً ليس له علاقة بالجوّ العام، المهم، وقفتُ وراء المنصّة الصغيرة صامتاً، برهة ثقيلة من الزمن وقلتُ بعدها: قصيدتي كانت صامتة أرجو أن تفهموها، في اليوم الثاني وكما توقّعتُ، لم يكن الأمر سيمضي على خير، أقلّتني سيارة الفصائل البعثيّة (جهاز قمعي ذو طابع مدني أضيف إلى الأجهزة الأمنيّة الكثيرة، أيام أحداث الثمانينات) إلى فرع الحزب الذي تولّى التحقيق معي لم يكن سوى الشهيد رشيد رويلي الذي لم أكن قد التقيتُ به قبل ذلك، للأمانة وللتاريخ، لم تكن قصيدتي الصامتة مكلّفة أمام محقّق من طينة الأديب البعثيّ رشيد الرويلي، تفهّم الرجل تبريراتي التي ما أنزل الله بها من سلطان! بعد حوار قصير، وأسمعني خطاباً بعثيّاً، عن الأعداء الخارجيين والداخليين واليمين الرجعي والإمبرياليّة الذين يهددون الوطن! زادني فوق ذلك مصافحة وابتسامة وأمر السائق بتوصيلي إلى البيت! بعد ذلك بسنوات، وبحكم كار الأدب، صار بيننا ودّ ومعرفة من بعيد وكان ذلك كافياً لكي أعرف من أيّ طينة طيبة هو. خلاصة هذه القصة: أداة عصابة القتل الأسديّة المجرمة، لا تفرّق بين البعثيين وبين الآخرين، تعدم الناس بالجملة انتقاماً من المدن المقاومة،وهذا يدلّ أن النظام بدأ بالتفسّخ وتخرج رائحة موته، وجسد الشهيد رشيد الرويلي وردة في تراب البلاد.
أبو عبادة الطيّب.. أفتتح بنعوتكَ صباحي
أعزّي الفرات بكَ يا رشيد..
رغم كل شيء..
كان بيننا من الودّ الفراتي ما يكفي لكي أحسّ بخسرانك
السلام عل روحكَ.. السلام على الشهداء الذين معك
السلام على الشهداء السابقين واللاحقين
السلام على بلادي
صباح الخير أيتها الحرية.
فأس الموت القاطعة لا تتوقف
وأنا أمسح دم الطبيعة السائل
الغيوم لا تظهر أساها
رسائل عشقها اللؤلؤيّة تنهمر
وأنا يوجعني قلبي
أيّ الأغاني ستعيد
إلى عيون الصغار بريقها
أيّ الأشجار ستكسو عظام الغابات
وأي الحساسين التي
ستغني نشيد الحرية في بلادي.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الفنان #محمد_عطية ضيف #قبل_وبعد Podcast مع الاعلامي دومينيك
.. الفنان عبد الرحمان معمري من فرقة Raïm ضيف مونت كارلو الدولية
.. تعرّفوا إلى قصة “الخلاف بين أصابع اليد الواحدة” المُعبرة مع
.. ما القيمة التاريخية والثقافية التي يتميز بها جبل أحد؟
.. فودكاست الميادين | مع الشاعر التونسي أنيس شوشان