الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاثار الاجتماعية والاقتصادية لوصفات لصندوق النقد الدولي

محمد فخري حسن

2012 / 12 / 27
ملف حول المنتدى الاجتماعي العالمي، ودور الحركات الاجتماعية والتقدمية في العالم العربي.


ازداد دور صندوق النقد الدولي واتسع نطاقه في ضل نظام الحرب الباردة ومع تفكك الاتحاد السوفيتي وتسارع التطورات الاقتصادية العالمية وتعمق موجة العولمة تدعم دور الصندوق من جديد واتسع نطاق نفوذه وأصبح معيار المدى التزام الدول باقتصاد السوق وانفتاح الاقتصاد على الأسواق العالمية واندماجه بها ولمدى التزام الدول ببرامج الخصخصة ( تحويل ملكية القطاع العام الى القطاع الخاص ) وأصبحت هذه المعايير كمشروطية جديدة الى جانب مشروطية مواصفات الصندوق التقليدية التي يتمكن من خلالها بلد ما من الاستفادة من التمويل الدولي واعادة جدولة الديون في نادي باريس من خلال الحصول على براة حسن السلوك من الصندوق ..(1).
لاشك ان صندوق النقد الدولي يعمل ضمن الخط السياسي العام للننظام الراسمالي والدول الصناعية الكبرى ولقد اصبح الان احد اذرع الادارة المركزية للاقتصاد العالمي الى جانب البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية وطبقا لهذه الوظيفة الجديدة اصبح النقد الدولي اداة رئيسية من ادوات النظام الراسمالي لنشر ثقافة السوق وازالة العقبات التي تحول دون الاخذ به ويمكن القول ان الصندوق اصبح اداة رئيسية للهيمنة الاقتصادية المعتمدة على علاقات القوى السياسية والمالية اكثر من اعتماد العقلانية الاقتصادية فهو اداة من ادوات الادارة الشديدة المركزية للاقتصاد العالمي .(2).
ولعل الدور الذي اخذه الصندوق يمارسه في مجال اعادة جدولة الديون قد اصبح اكثر اهمية من تمويل الاصلاحات الاقتصادية التي تعالج الخلل في ميزان المدفوعات اذ ان اي دولة نامية لاتتمكن من التوصل الى اتفاق مع الدول المقرضة للحصول على قرض جديد او اعادة جدولة الديون القديمة او تخفيف اعباء فوائد قروضها الا اذا شهد الصندوق بانها اتخذت خطوات كافية للاصلاح واصدار الصندوق بحقها شهادة حسن السلوك .(3).
البعد -الايديولوجي لوصفة ومشروطية الصندوق :-يعد المرور عبر الصندوق اول خطوة نحو مايسمى باعادة جدولة الديون في نادي باريس وهذا النادي الذي يظم الدول الراسمالية الكبرى بوصفها الدول الدائنة والذي يعقد في باريس في مقر وزارة المالية برئاسة مسؤولين فرنسيين والذي يتولى –بعد شهادة الصندوق بحسن سيرة وسلوك المدين –الموافقة على اعادة جدولة الديون واعادة الجدولة تحمل بالطبع مدفوعات اصل الدين ومدفوعات القائمة المستحقة خلال سنة او سنة ونصف ويمكن ايضا اعادة جدولة ديون المتاخرات التي لم تدفع من اصل الدين وفوائده وخطاب النوايا الذي يوقعه البلد المدين ويرسله الى الصندوق متضمنا سياسته الاقتصادية المقبلة وهو خطاب لايكتب الا على نحو يلقى قبول الصندوق ولا يعتمده الصندوق الا اذا وافق خطاب تلك السياسة الاقتصادية التي يفضلها الصندوق وهي سياسة صارت محفوضة عن ظهر قلب واصبحت تعرف بالوصفة التقليدية للصنوق لكنها في الواقع صارت وصفة تقليدية لاتتغير ولاتتبدل واخطر ما فيها انها تجعل البلد المدين يتخلى عن سيادته ( او جزء منها في اخسن الاحوال )في وضع وتقدير سياسته الاقتصادية التي تناسبه (4).
وتكون مشروطية الصندوق كما يلي :-
1-توازن الميزانية العامة للدولة :-
ويتم ذلك من جانبين :من جانب بالحد من الانفاق العام للدولة ومن جانب اخر بزيادة الايرادات العامة وكان معنى الحد من الانفاق العام ان تحد الدولة من انفاقها سواء على الاستثمار ام على الخدمات الاجتماعية وفي التطبيق كان يعني ذلك الحد من التنمية او الغاء او تخفيض اعتمادات الععم لاسعار السلع الضرورية لاوسع الجماهير هذا بينما كان معنى الزيادة في الايرادات هو اثقال كاهل هذه الجماهير العامة بالضرائب اذا انه من الاعفاات الضريبية لاس المال الاجنبي وراس المال المحلي باسم الانفتاح لم يعد امام الدولة من مصدر للايراد الاان تتوسع في الضرائب غير المباشرة على دخول العاملين في اجهزة الدولة والقطاع العام .
2-توازن ميزان المدفوعات :-
ويتم ذلك من خلال التوسع في الصادرات والحد نت الايرادات وعندما يبدو عجز الحكومة عن تخقيق هذه النصيخة فان الخل الجاهز لدى الصندوق هو النصح بتخفيض قيمة العملة باعتبار انه يشجع على الصادرات الى ماهو معروف من عدم مرونة الواردات والصادرات النامية والواردات لانها واردلت انتاجية واستهلاكية لاغنى عنها والصادرات لانها لايمكن لاتزيد خسب الطلب فان تخفيض العملة في الدول النامية لاتكون له من النتيجة سوى زيادة خقوق العالم الخارجي على الدول النامية ومضاعفة ثروات اصخاب الملايين الذين يخفضونها في صولرة دولارات .
3-توازن التكاليف والاسعار :-
ويعني الصندوق بذلك ان تكون منتجات القطاع العام بالذات مسعرة طبقا لتكلفتها الحقيقية ومن ثم يجب ان تعبر الاسعار عن كل هذه التكلفة .
ومعنى ذلك باختصار ان يتحلى القطاع العام عن مهمته ( دعم الاسعار ) وهي مهمة اقتصادية واجتماعية في ان واحد وكثير من المنتجات او الخدمات التي يقدمها يسعى من ورائها الى تخقيق اهداف اجتماعية مدعومة من اجل تخفيف التوتر الاجتماعي الحاد . وفي الوقت نفسه يحرم القطاع العام من صياغة حساباته على النحو السليم معناه حروانه من تخقيق ارباح ستجد سبيلها بعد ذلك الى الفائض الاقتصادي الذي يزود التنمية بالاستثمار اللزم .
وباختصار فانه في سبيل تخقيق التوازن النقدي في الاقتصاد النامي فان المطلوب هو التضحية باهداف التنمية سواء كانت اقتصادبة ام اجتماعية .
ويكمن البعد الايديولوجي في وصفة صندوق النقد الدولي في تعميق ثقافة السوق وتوسيع عمل القطاع الخاص وتمكينه من السيطرة على الاقتصاد في البلد النامي بدلا من القطاع العام ( كما كان في مصر ايام حكم الزعيم الخالد جمال عبد الناصر )ويجري كل دين من خلال برنامج التخصيصية والتحريرية الاقتصادية الجديدة
التي يفرضها الصندوق كاحد ابرز مشروطياته ويطالب الصندوق الدول النامية بازالة كل العقبات امام تطور وتوسيع القطاع الخاص ويطالب بتهيئة المناخ الاقتصادي لهذا التوسع كاعفائه من الضرائب والرسوم وتقديم القروض له وكسر اختكتم القطاع العام للتجارة الخارجية ومنعه من التدخل في تحديد دور القطاع الخاص والمطالبة بالحدالادنى من التدخل في الاسعار السلع وتركها لتخددها تكاليف الانتاج توسيعا لفرص الربح للقطاع الخاص .
وقد ثبت بالفعل ومن خالل التجارب للدول التي وقعت في شباكه ان للصندوق هدفا اساسيا هو نشر الراسمالية والدفاع عن قواعدها في العالم وهو لذلك حريص على دمج الاقتصاد المحلي بالاقتصاد الراسمالي العالمي بخطى سريعة تزداد ثباتا وعمقا .وفي الوقت الذي تتجه فيه كل اهداف الوصفة الاقتصادية للصندوق الى تمكين القطاع الخاص للسيطرة على الاقتصاد القومي للبلد المقروض ) فان عبء سياسات الوصفة انما يقع على كاهل الطبقات الفقيرة واول ماينزل بهذه الطبقات هو :-
1-ازدياد انخفاض الدخول الحقيقية للفقراء : يتحمل العبء الاكبر للاثار السلبية الفقراء الذين يقصد بهم وفق برنامج التامينات الخاص بالامم المتحدة بانهم افراد الشرائح الاجتماعية الذين يعيشون على خط الفقر او تحته او فوقه بقليل ويتركزون في المناطق الريفية واشدهم فقرا الرعاة وفقراء الريف من الذين لايملكون ارضا وصغلر المزارعين الذين يكون انتاجهم لاستقلالهم الذاتي ومع تزايد نسب سكان المدن يتم تصدير الفقر الى التجمعات الحضرية الكبرى فيدخل فيها عمال الحكومة والقطاع العام وو الاجور المنخفضة والمحدودة ويضاف اليهم العاطلون عن العمل والعجزة والذين تعيلهم دوائر الرعاية الاجتماعية .
اما اشكال تاثر هؤلاء الفقراء فعديدة مرورا باجور تخفيض العمل وزيادة اسعار الوقود والمواصلات واتهاء بتوسع الضرائب غير المباشرة وخفض الانفاق العام .وخصوصا على قطاعي التربية والتعليم والصحة .
2-ارتفاع معدلات البطالة تعد البطالة واحدة من المشكلات التي تواجهها الاقتصادات النامية ومنها الاقتصاد العراقي والعربي التي تتبع برامج صندوق النقد الدولي والتي تسمى احيانا برامج التثبيت الهيكلي فقد بلغت نسبة البطالة في مصر 11،35% بينما بلغت في الجزائر 23% والمغرب 16%في الوقت الذي كانت فيه في الاردن 18%و15%في تونس اما اليمن فقد بلغت معدلا مخيفا بلغ 37% .لقد مارست سياسات رفع الدعم عن الاسعار وتحديد الاجور والرفع من النشاط الاستثماري للقطاع العام دورا سلبيا على قدرة اقتصاد تلك البلدان في خلق فرص عمالة تتمكن من استيعاب الداخلين الى سوق العمل (5).
واود الاشارة الى ان برامج التثبيت الهيكلي تعني سحب الدولة يدها من الالتزام بتعيين الخرجيين بحجة تخفيض النفقات الحكومية واا ماتوافق ذلك مع قدرة الاستيعاب للقطاعات الاقتصادية المختلفة فان البطالة سوف ترتفع في الاجل القصير للتصحيح وليس هناك اية مؤشرات على انخفاضها في الاجل المتوسط كما ادت هيكلة القطاع العام دورا سلبيا في تزايد حجم البطالة وذلك في كل من مصر والاردن والجزائر وتونس والمغرب والعراق (6) .
كما ان فتح السوق المحلية امام الواردات الاجنبية كاجراء لتحرير التجارة من شانه اضعاف القدرة التنافسية للمنتجات المحلية او القضاء عليها نهائيا والتي قد تؤدي بها في نهاية المطاف الى التوقف عن الانتاج وبعبارة اخرى تزايد عدد الملتحقين بجيوش البطالة لتوقف صناعتهم (7) ام فيما يخص متطلبات تخفيض العجز في الميزانية العامة فان صندوق النقد الدولي يقترح عدد من الاجررات اضافة الى ماذكر تتمثل بـــــــــــــــ:-
1-تخلي الدول عن تعيين الخريجين :-وقد اتبعت معظم الدول العربية هذه السياسة وقد اقتر التعيين على مجالي الصحة والتعليم وادى ذلك الى الحاق افواج كبيرة من الخريجين بجيوش العاطلين عن العمل .
2-رفع معدلات الضرائب غير المباشرة والغاء الدعم :-
فقد تواصلت اجراات اصلاح النظام الضريبي وتنمية حصيلته ففي الاردن تم توسيع قاعدة الضريبة العامة على المبيعات وزيادة نسبتها الى 10% كما عملت على توفير ايرادات اضافية عن طريق تنظيم قانون ظريبة الدخل ونمت الايرادات الضريبية المباشرة وغير المباشرة في تونس باكثر من 16%اما في مصر فقد تحسن الايراد الضريبي وتزايدت الايرادات الضريبية بنسبة 9،2%كما سعى المغرب الى توسيع قاعدة الايرادات الضريبية وتحسين وسائل الجباية والتحصيل فاذا ماربطنا ذلم مع سياسات رفع الدعم على السلع الاساسية اتضح مقدار الانخفاض في الدخل المتاح للانفاق العائلي والذي يقع على عاتق الفقراء وذوي الدخل المحدود بالدرجة الاولى مما يعيق درجة التفاوت في توزيع الدخول .
3-خفض معدلات الانفاق العام :-
ان من شان تقليص الانفاق الحكومي تقليص دور الدولة في النشاطات الاقتصاديوة وخصوصا فيما يتعلق بالجانب الاستثماري مما يخفض من طلب الحكومة على الايدي العاملة من كل من القطاعين الانتاجي والخدمي .
4-رفع اسعار المحروقات ووحدات الطاقة الكهربائية :-
ان من شان رفع اسعار هذه المواد سيؤدي الى زيادة تكاليف المعيشة والانتاج بشكل عام لكونها مستلزمات معيشة وانتاج تدخل في احتياج اي عائلة او تصنيع اي سلعة ومن ثم خفض الدخل لرب العائلة وتقليل هامش الربح للمنتج فاذا ما كانت السلعة ضرورية استطاع المنتج رفع سعرها مما يعني تحميل المستهلك تبعات اضافية ( اي انخفاض الدخول الحقيقية )وخصوصا ذوي الدخل المحدود من الفقراء وان لم يستطع المنتج رفع سعر السلعة فان هامش ربحه سوف ينخفض مما يؤدي الى خفض التراكم الراسمالي الذي يفضي الى خفض الانتاج والطلب على الايدي العاملة ( 8).
ويعترف البرنامج الانمائي للامم المتحدة بان اصلاحات السوق تؤدي في الاغلب مع اندماجها بالسوق العالمية والعولمة المتزايدة الى تزايد حدة الاستقطاب في المجتمع الى الى درجة التشرذم الاجتماعي واستبعاد اشد الفئات الاجتماعية حرمانا .
بقي ان اقول ان اي اتفاق بين طرفين لاتتسم فيه فرص العدالة يسعى الطرف القوي فيه الى السيطرة والاستحواذ على جل المنافع وقد تناست الاقطار العربية مظطرة او مرغمة ان موؤسسات ( برتون وودز ) لاتخدم الا مصالح الاطراف القوية وهمها هو استرجاع ديون الاغنياء واعبائها دون الاكتراث بما قد ينجم من آثار سلبية لتلك الاقطار من جراء هذه الاتفاقيات .
فهل تتوفر الارادة السياسية والعقل الاقتصادي العربي على مستوى صناع القرار والسوق في وطننا العربي ( او بعض اقطاره ) على الإلمام الكافي بمخاطر هذا المنزلق الخطير بعد ماذكرناه ؟؟؟؟.
المصادر :
1-اسامة عبد المجيد /الاثار الاقتصادية لبرامج الاصلاح /مجلة دراسات اجتماعية –العدد (10)س3/بيت الحكمة بغداد /2001.
2-ميشيل شودوسوفسكي /عولمة الفقر ..تاثير اصلاحات صندوق النقد الدولي / بيت الحكمة –بغداد 2001ط1.
3-رالف ميليباند/الاشتراكية لعصر شكاك –دار المدى ط1س1998/نوال لايقة .
4-رمزي زكي /انماط الانتاج والتوزيع والاستهلاك السائدة في الوطن العربي/مركز دراسات الوحدة العربية ط1،بيروت 1995.
-الهوامش :-
1-الاتفاق الذي وقعته حكومة علاوي مع نادي باريس والذي يقضي بخفض 80%من ديون العراق مقابل فتح البلاد للنهب الاستعماري من قبل الدول المحتلة عام 2004
2-.وخير دليل على ذلك هو مشاركة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ياكثر من 70%من قيمة اموال الصندوق حيث يكون قوة العضو مستمدة من نسبة مشاركته المالية .
3-مثال ذلك مصر والاردن وان كان السلوك السياسي للنظامين هو السبب الرئيسي في ذلك مثل الموقف من احتلال العراق والمقاومة العربية في لبنان وفلسطين .
4-الارجنتين خير دليل على ذلك وروسيا ايام يلتسين حيث تم تعويم عملة الدولتين لانها اصبحت بغير قيمة .
5-لعل نتائج ذلك التطرف الديني في مصر والجزائر والعودة الى الاشتراكية في اميركا الجنوبية بعد عقود من سيطرة الراسماليين المدعومين من الدول الاستعمارية .
6-بلغت نسبة البطالة في العراق اكثر من 35% وفق بعض الاحصاآت مثل
7-كما في سياسة الاغراق الان في العراق حيث كل شيء مستورد ويتندر العراقيون بانه سيأتي اليوم الذي نستورد فيه الهواء !!!!؟
8-مثالها العراق الجريح حيث ماتزال الكهرباء في اسوء حالاتها بعد ثمانية سنوات من الاحتلال والديمقراطية العتيدة !!!!؟.

محمد فخري حسن
العراق/محافظة ديالى/ناحية بهرز
15/1/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية