الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للكتب أرواح أيضاً

فواز قادري

2012 / 12 / 29
الادب والفن


"عام آخر على الأبواب،" ماذا نفعل بأمنياتنا التي شاخت معنا من كثرة الانتظار؟ ماذا نقول لهذا الأمل المتهاطل مع الكثير من الألم والدم؟ نقول: ما أكثر خسائرنا! ماذا نعدّد وماذا نترك؟ كم من الزمن يلزمنا لنستوفي حسبة هذا الوجع المترامي والمتنوّع؟ المرْئي والخبيء، الظاهر والمستتر، الصارخ والصامت، العاجل والمتأخّر، الطارئ والمُتوقّع، الآنيّ والقادم بألف طعنة وألف شكل ولون. لا شكّ، أكثرنا تشاؤماً، لم يكن يتوّقع هذا الثمن الباهظ الذي دفعه شعبنا من أجل حرّيّته التي طال انتظارها، ولكنّها الحريّة! والحريّة "بتستاهل" كل هذ التضحيات.
إذا كان الإنسان على رأس خسائرنا، الإنسان القيمة والمعنى، المثل والمثال والمرتبط صميميّا بهاجس الحريّة، في الماضي والحاضر والمستقبل، فهو ليس الوحيد، فإلى جانب عشرات ألوف الشهداء، ومئات ألوف المفقودين والمعتقلين، وملايين النازحين والهاربين في الداخل والخارج، هناك الكثير الكثير الذي لم نعد نعيره اهتماماً لفداحة فجيعتنا بالبشر ومآسيهم؛ حين نرى المباني والبيوت الصغيرة والكبيرة قد أصبحت ركاماً فوق ساكنيها، لن نفكّر سوى بالناس تحت الأنقاض لكثرة ما تكرّر هذا المشهد الكارثي، ولن يخطر على البال ماذا يعني هذا البيت أو ذاك لمن تبقّوا على قيد الحياة؟ هذا على سبيل المثال وقس على ذلك، وهذا الـ "ذلك" كثير جداً وأكثر من أن يُحصى!

حين أخبرني أحد أصدقائنا الناشطين في الداخل، عن أحوال حيّنا الذي نسكنُ فيه، وعن الدمار الكبير الذي طاله كما طال أغلب بقيّة أحياء المدينة التي أصبحت شبه فارغة، وعن احتمال دمار بيتنا مع بقيّة بيوت الحارة، مكتبتي أوّل شيء خطر على بالي، خفتُ وحزنتُ على أرواح أصدقائي الكتّاب والشعراء والفلاسفة التي تسكن الكتب، عِشْرة طويلة كانت تجمعني بهم، سهر ليال وحوارات صامتة كانت تعمّق في وجداني المعنى العميق للمعرفة، حُزم ضوء من جمال وتجارب الآخرين كانت تنير روحي، لكي لا يتراكم عليها الظلام! كأياد خفيّة تقوم بتنظيف النفس بشكل دوريّ، من نفايات المشاكل اليوميّة والهامشية والعابرة، حزم ضوء متعدّدة الألون تعكس غنى الحياة.
لم تُغب عن بالي صور بيت صديقي الشاعر "بشير عاني" والنار تلتهم كلّ مافيه، أحسستُ وقتها بنسيس نار تحت ثيابي، وشممتُ رائحة شواء روحي في مكتبته العامرة، كنتُ هناك في مكتبته مع بقيّة الكتب التي تتجمّر على مهل، بانتظار أيّ غيمة من غيوم البلاد! أو ريح طيبة تذرو قصائدي على كلّ شيء حيّ في المدينة.
صديق آخر كان قد نعى مكتبته التي تحوي آلاف الأرواح، الشاعر "محمد علاء الدين عبد المولى" مجزرة لم أعرف كيف أواسيه بها، في الوقت الذي لا يسمح لنا الوجع بالتقاط أنفاس قلوبنا الراكضة من مجزرة بشريّة إلى أخرى!

عام علي الابواب
لا نري سوي يديه
تلوّحان بالهراوة،
وعام قرب الحائط، معصوب العينين
وجنود الغيبة يخرطشون بنادق بلا قلب
عام يحفر ارض النسيان
ليدفن شيئاًعزيزاً منّا
وعام يرقص او يغني
لنشعل شموعنا الحليفة
بما يحتبس فينا من غناء
بغباء نحتفي
بهجرة الانهار بعيداً
حزاني وصامتون
لا نهرّ الدموع
ولا الكلمات التي تئنّ في هكذا مناسبة
فقط نحدّق بأعين كالتي للموتى
في الفراغ.

00

عام يخلع أعمارنا
كطفل يتخلص من حذائه الضيق
ويركض حافيا في المناحة
لا استطيع ان أسمي المحطات
لكي لا تبكي قطّة في الذاكرة
ولا تنهمر الطعنات
كشلال عجول
لا أسمي المدينة
حتي لا يستيقظ زلزال حنين غاضب
لا أسمي بلادي
حتي لا تتحرّك السكين التي علي عنقها
وتكتب مجزرة بدمها الحار
لا أسمي الوقت
صباحاً او مساءً
اكتفي بصدي الاجراس
التي تخدش راحة الليل.

: من قصيدة فخاخ مُعلنة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ


.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني




.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق


.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع




.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر