الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوة لتاسيس محكمة عراقية مستقلة لمكافحة التعصب والتشهير

نعيم مرواني

2013 / 1 / 1
المجتمع المدني


خلال حضوره مهرجان المصالحة والسيادة الوطنية في نهاية عام 2012, قال السيد رئيس مجلس الوزراء العراقي نوري المالكي ان كل شيء في العراق صار يستغل سياسيا, وكلامه هذا طبعا لم يجافي الحقيقة, لكن لاادري لماذا لم يتوقع السيد رئيس مجلس الوزراء هذه النهاية والعراق يسبح في فوضى تشمل تقريبا كل جوانب الحياة ولا تقتصر على فوضى غياب التشريعات والقوانين أو التطبيق الانتقائي لها ان وجدت.
والأمر الآخر الذي لاافهمه هو انهماك المشرعين العراقيين في محاولات اعادة اختراع العجلة! فامم كثيرة سبقتنا الى وضع قوانين وتشريعات عالجت مشاكل نعاني منها نحن حاليا فلماذا لانتبناها؟ فعلماء الانثروبولوجيا يرون التاريخ الانساني تاريخا واحدا متكاملا, لان القوانين التي تصلح للبشر في فيجي لابد لها ان تصلح لشعب سنغافورة او تلك التي تصلح لهاييتي حتما ستصلح للعراق. نعم قد تحتاج الى تعديلات بسيطة تتناسب وخصوصية كل مجتمع ولكن بالتاكيد لاتحتاج الى اعادة اختراع.
كنت نوهت الى هذا سابقا في تعليق لي على مقال حول قانون الاحزاب الذي يتمخض البرلمان العراقي بعسر منذ سنين لولادته رغم انه مولود في دول اخرى منذ عشرات السنين. ماالضير في تبني قوانين وضعتها امم سبقتنا ثبتت فاعليتها بالتجربة عوضا عن الجدل العقيم والخلافات التي تدور في اروقة البرلمان او الحكومة العراقية منذ سنين لاعادة اختراع مااخترعه بشر في أصقاع أخرى من الكرة الارضية؟ اليس التاريخ البشري واحد ام ان لنا زعانف ولهم ارجل؟
واذا صار البعض يرى تبني قوانين اجنبية تتعارض والفخر الوطني فالامم المتقدمة لاترى ذلك ولعل هذا احد اسباب تقدمها. لاتنسوا حقيقة تاثير القوانين الفرنسية على الدساتير الاولى لاغلب الدول العربية فالمشرع المصري عبد الرزاق السنهوري (1895-1971م) الذي شارك في وضع معظمها حصل على الدكتوراه في القانون من فرنسا لذا كانت اغلب تشريعاته متأثرة بالقوانين الفرنسية ان لم تكن ترجمة مباشرة لها.
يردد الغربيون مقولة مشهورة عن اليابانيين مفادها ان "اليابانيين لايخترعون بل هم يتلقفون اختراعات الامم الاخرى ويطورونها بشكل يفوق قدرات مخترعيها انفسهم" اما نحن فلا نختر ع ولانطور ولا نقتبس الاختراع, بل يمكن القول اننا سادة العالم بالجدل العقيم فنحن نجادل ونجادل ثم نجادل لشهور او حتى سنين وعندما نعجز عن الاتفاق على صيغة مرضية نترك المشكلة معلقة على امل ان يحلها جيل غير جيلنا, او دورة برلمانية قادمة لذا حق قول الخليفة عمر ابن الخطاب (رض) علينا "اذا اراد الله بقوم سوءا منحهم الجدل ومنعهم العمل".
راج في السنوات الاخيرة ,من ضمن ماراج في العراق, التصريحات المتطرفة طائفيا وقوميا ومناطقيا او عشائريا يثيرها سياسيون او رجال دين او شيوخ عشائر او مثقفون لاغراض تعبئة جماهيرهم واظهار قوتهم امام منافسيهم واستغلال الجماهير كورقة ضغط تفاوضية من اجل المزيد من الامتيازات, او احيانا يزامنونها مع اقتراب مواعيد الانتخابات للتاثير على اختيارات الناخب.
لذا يتسابق السياسيون للاتصال بوسائل الاعلام لاطلاق التصريحات الطائفية والقومية بعد كل ازمة او مشكلة, وعلى سبيل المثال لاالحصر فهناك تصريحان ينمان عن تعصب قومي وطائفي أثارا جدلا واسعا وطالب الكثير بمحاكمة مطلقيهما لكنهما نجوا بفعلتيهما لغياب القوانين الرادعة. احد هذان التصريحان كان لرجل الدين والعضو البارز في المجلس الاسلامي الاعلى في العراق, امام جامع براثا جلال الدين الصغير حينما قال ,متملقا السيد رئيس مجلس الوزراء في خلافه مع حكومة اقليم كوردستان, "ان من يقاتل المهدي المنتظر عند ظهوره هم الكورد" والتصريح الطائفي الاخير لعضو البرلمان العراقي احمد العلواني ,موظفا سياسيا ازمة القاء القبض على البعض من حماية وزير المالية العراقي رافع العيساوي بتهم تتعلق بالارهاب, عندما وصف الشيعة العراقيين بانهم "خنازير وعملاء لايران".
لايكفي الشجب او الوعظ الديني والاخلاقي ولاحتى الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية تكفي لتوجيه سلوك مجتمع ما مالم تكن هناك قوانين رادعة, فالتجارب اثبتت ان سلوك الانسان لايحده ولا يوجهه الا مبدا الثواب والعقاب. اضف الى ان ادارة الدولة لاتتم عبر خطب جوامع وعظية انما تتم من خلال بناء مؤسسات رصينة تحمي الدستور وتحافظ على وحدة الوطن وفي هذا الصدد فنحن نقترح تاسيس محكمة او هيئة قضائية تفعل مواد الدستور التي تمنع التعصب وتحاكم من تتعارض افعاله واقواله مع العدالة وخصوصا تلك التي تثير النعرات القومية والطائفية والتي بدورها توسع الهوة بين مكونات الشعب العراقي الاثنية والدينية وتعرض وحدة العراق للخطر.
ونؤكد مرة اخرى على عدم الحاجة لاعادة اختراع الفكرة, ففكرة المؤسسة التي تحارب التعصب الديني او القومي وتحمي القيم الديمقراطية والحقوق المدنية للجميع ولدت قبل حوالي مئة عام في الولايات المتحدة الامريكية (عصبة مكافحة التعصب والتشهير) وهدفها تطبيق عدالة ومساواة في التعامل مع جميع المواطنين على حد سواء، ووضع حد للتمييز اوالتعامل غير العادل مع أو التهجم على او الاستهزاء باي طائفة أو مجموعة عرقية او دينية او اجتماعية. فالعراق ياسادتي في امس الحاجة الى تاسيس هيئة قضائية مستقلة تحكم في قضايا كل اشكال التعصب والتهجم والقدح والتشهير ضد اي طائفة او قومية او اي مجموعة من الناس والا فان استمرار الخطاب الطائفي والقومي المتطرف حتما سيقودنا الى ما لاتسر عقباه.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟