الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهداء السنة الجديدة

فواز قادري

2013 / 1 / 4
الادب والفن



عامنا الجديد.. في رمشة عينه الأولى، وقبل أن يرى ضوء حياتنا، عشرات الشهداء يودّعونه قبل أن يعرفوه ويعرفهم، قمراً قمراً، تصعد أرواحهم ولا يكلّف نفسه مشقّة السؤال، تماماً كما يفعل العالم الذي يتفرّج.. ويتفرّج ولا يذرف دمعة ولا يمدّ يداً كي يوقف الّسكّين!

ننام ونستفيق على عشرات الأرواح التي لم يتح لنا أن نقول لها وداعاً.. أيّها العام الجديد، لا نريد هداياك.. لا نريد ألعاباً لأطفالنا.. نريد القليلاً من الودّ والرحمة.. قبوراً دافئة نكتب عليها أسماء الشهداء، مناديل ورقيّة أو خرقيّة من أجل دموع ما تبقى من الأمّهات ، وأكفاناً مزهّرة لمجهولي الأسماء، نريد حطباً وخبزاً حتى لو كان يابساً، ولا تفكّر بالماء، سيتكفّل به المطر!! هل نطلب الكثير أيّها العام الجديد؟ ونحن نعيش كما تعرف في بلد مفرمة. هل طلبنا الكثير؟

مجموعة من الشباب.. أصدقائي، حين كان لنا حلم حارق في الأفئدة والعقول، حلم جمعنا تحت خيمته، من قيظ السياسة الحارق. حين عدتُ إلى سورية قبل الثورة بشهر واحد، بعد غربة طويلة، التقيتهم، بعد أن غربل الدكتاتور الصغير ما تبقى من أثر ضئيل للسياسة، كان قد نسيه أبوه الذي أفرغ الحياة السياسة من المجتمع والحياة، بمصْفات دقيقة كلّفت من يعمل بالسياسة سنوات طويلة من عمره، وأحياناً كلّفته كلّ عمره! التقيتهم، كانوا ينظرون إلى النجوم بعد أن هربت الأرض من تحت أقدامهم؛ أنشأ صديقي الشهيد خضر الخضر "أبوحنين" مع أصدقائه "الجمعية الفلكية" في المنطقة الشرقيّة، لم يخطر في بالي وأنا أتعرف على أصدقاء جدد أنهم سيكونون أول من سيلتحق بالثورة، في مرحلتها السلمية، إلى أن أجبرهم القاتل على حمل السلاح، هؤلاء الذين صعدوا بعقولهم إلى الفضاء، عادوا إلى الأرض بمجرّد أن هتفت الحرية بأسمائهم. من أوائل هؤلاء الذين لبّوا نداءها، الشهيد "عمر غسان الجابر" لم يترك له القنّاص فرصة كي يتأمّل روحه وأحلامه في مرآة العام الجديد. وداعاً يا أبا أبي، حسبتكَ سوف تروي لي الكثير حين نلتقي، الكثير عنكَ وعن صديقنا "خضر" الذي سبقك إلى الشهادة.
عشرات الشهداء السوريين رافقوا "عمر" أيضاً إلى المجد، في هذا اليوم.

برسم كل العوّائيين الذين يقفون مع النظام ويرددون كذبه وتلفيقاته حول المؤامرة وتدخل قوى خارجية، أغلب هؤلاء المقاتلين أخوتنا وأصدقائنا ومعارفنا، حلمنا بالتغيير وعملنا عليه سويّة حين كان الحلم ممكناً، وآخرون معهم، شربوا من ماء هذه الأرض وتعفّروا بترابها وذاقوا الأمرّين من هذا النظام المتغوّل القاتل.


إلى الشهيدين:
عمر غسان الجابر.. وخضر الخضر

تلتقيان أخيراً
وبينكما رسائل قديمة من تراب
ومن عطش مرير يا عمر
بينكما عتاب أمهاتنا الطويل
لوعة السماء وحيرة الغيوم
بينكما خوفنا الجليّ
على بقايا الحنطة
في حوصلة العصافير
و رغبة أخيرة لرؤية المدى
في عيونها المغلقة
أودعتكما أمانة في عنق الفرات
وقلتُ: امش الهوينى
يا خليل الحقول
وأَخبرهم عن أوقات روحي السرّية
حين تفيض بالبكاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني


.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق




.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع


.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر




.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته