الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابن كيران والنظرة التبسيطية لإصلاح صندوق المقاصة

اسماعين يعقوبي

2013 / 1 / 11
الادارة و الاقتصاد


المنطلقات: ينطلق ابن كيران بصفته قيادي لحزب العدالة والتنمية، ورئيس شكلي للحكومة من منطلقات بسيطة مرئية يعرفها الجميع مهما كان مستواه المعرفي والسياسي. وهي تنبني أساسا على أن:
_ صندوق المقاصة تم إحداثه لدعم مجموعة من المواد الاستهلاكية الحيوية،
_ صندوق المقاصة يستهلك أموالا كبيرة من ميزانية الدولة،
_ صندوق المقاصة موجه أساسا إلى الفئات الفقيرة والمستضعفة،
_ الدعم الذي تستفيد منه المواد الغذائية يستفيد منه الأغنياء بصفة رئيسية ولا يصل للفقراء،
الحلول: إصلاح صندوق المقاصة، وتوجيه دعم مباشر للأسر الفقيرة،
النتائج: الدولة ستوفر الأموال المخصصة للدعم، والفقراء سيحصلون على أجرة شهرية يواجهون بها تكاليف الحياة، والأغنياء سيتحملون مصاريف إضافية كفارق بين الثمن المدعم والثمن الحقيقي.

إذا كانت الأمور بهاته السهولة والبساطة، فلا نجد مبررا لسكوت الحكومات السابقة عن إصلاح صندوق المقاصة، وكذا معارضة البعض حاليا لهاته الخطوة الشعبية بامتياز (شكلا على الأقل)، بل الأكثر من ذلك، لا يعقل أن تكون حكومة من قبيل حكومة اليوسفي لم تنتبه لهذا المعطى وهي التي تدعي الدفاع عن الفقراء والمحرومين.
كما لا نجد مبررا معقولا أيضا لسكوت الأغنياء عن هاته الخطوة التي ستضر مصالحهم، وتؤثر على مستواهم المعيشي وتشكل تحملا إضافيا على ميزانياتهم، وخصوصا أنهم تماسيح وعفاريت يعرفون كيف يتصدون للخطوات والإصلاحات التي تضر بمصالحهم كما كان الشأن أثناء محاولة فرض الضريبة على الثروة، أو البنايات، أو رفع الضريبة على الشركات.

ان هاته النظرة التبسيطية التي يخاطب بها بن كيران الشعب لدغدغة مشاعره، ودفعه إلى الاستماتة من أجل هذا المشروع الشعبي بل ومحاربة كل القوى الديمقراطية والتقدمية التي تنبه إلى مخاطر هاته الخطوات الغير محسوبة وانعكاساتها الكارثية على القدرة الشرائية للمواطن المغربي، لا تصمد أمام الواقع والوقائع.
فالمشكل الكبير يكمن فيما لا يقوله السياسيون، والذي يكون في غالب الأحيان مناقضا لما يقولونه ويحاولون إقناع الشعب به.
فإذا سايرنا ابن كيران في منطقه البسيط سياسيا، واللاشعبي اقتصاديا واجتماعيا، فحين سيتم الغاء صندوق المقاصة والدعم الموجه للمواد الاستهلاكية والذي يقدر بالملايير، فهذا يعني بالمنطق الاقتصادي الصرف بيع المواد بثمن التكلفة مضاف إليه ربح المصنع، ناقل البضائع والبائع.
بالنسبة لتكلفة المواد التي تستعمل المواد المدعمة سابقا، فستعرف ارتفاعا صاروخيا بفعل ارتفاع المواد الأولية المشكلة للمنتوج، وارتفاع تكلفة العمل المشكلة أساسا من ضرورات عيش العامل المرتفعة.
بالنسبة لنقل البضائع، سيعرف ارتفاعا بفعل ارتفاع ثمن الكازوال، ومواد الصيانة وضرورات عيش السائق المكونة أساسا من المواد الأولية الأساسية،
وإذا افترضنا أن الربح لن يتغير، فتكلفة المنتوج التي ارتفعت ارتفاعا صاروخيا ستنعكس على الأثمان التي ستعرف ارتفاعا مهولا.
ان هذا الارتفاع سيمس جميع الاثمان وجميع مناحي الحياة المرتبطة فيما بينها ارتباطا عضويا، كما أنه سيمس جميع مكونات المجتمع: من الفئات الفقيرة المستفيدة من الدعم، الى الفئات التي تعيش أوضاعا صعبة بفعل وضعها الاقتصادي والاجتماعي الهش والتي سيعرف وضعها هذا انهيارا كاملا لتلتحق بالفئات المعوزة، كما أن الطبقة المتوسطة المفترض أنها من يقوم بالادخار وتوجيه الاقتصاد للوجهة الصحيحة ستتزايد ضائقاتها المالية وترى ادخارها يوجه نحو الاستهلاك أكثر بدل التوجه نحو الاستثمار والتصنيع.
وفي هذا المسلسل اللامتناهي، لن ينجو سوى الفئة العليا من البرجوازية التي تمتلك وسائل استرجاع ما أنفقته بحكم موقعها الإنتاجي، كما أن نمطها الاستهلاكي غير مرتبط بمثل هاته الإجراءات.
خلاصة القول أن هاته الخطوات والنظرة التبسيطية للأمور، وبدل أن توفر بعض الملايير للدولة والميزانية العامة، ستسبب انهيارا كاملا لجزء كبير من فئات الشعب المغربي إذا لم تواكب بإجراءات موازية وعلى رأسها رفع أجور العمال والفلاحين والموظفين حتى يحافظوا على مستوى عيش لائق، وينخرطوا في عملية الاستهلاك والإنتاج.
وللتدليل على هاته الاشياء، يكفي دراسة انعكاس رفع الدعم على فئات أجرية مختلفة.
الفئة التي تتقاضى بين 600 و 2000 درهم، والتي تعيش محرومة من أبسط شروط الحياة، ولن تستفيد من الدعم المباشر وهي مشكلة من الطلبة، المتقاعدين، بعض الحرف، والفلاحين المعاشيين، وبعض العمال بدون حد ادن للأجر...، هاته الفئة ستعاني مباشرة من ارتفاع أسعار السكر والزيت والتنقل والغاز والسكن...، مما سيقضي على مستقبلها ووضعها الاجتماعي والاقتصادي المهدد أصلا.
الفئة التي تتقاضى بين 2000 و 5000 درهم، وهي فئة تتقاضى الحد الأدنى للأجر في ظل مستوى المعيشي الحالي المحدد بالأسعار المطبقة على مختلف المواد، وستكون الزيادات الناتجة عن رفع الدعم ضربا مباشرا لقدرتها الشرائية وتراجعا لوضعها الاقتصادي والاجتماعي.
الفئة التي تتقاضى فوق 5000 درهم، وتحصل على ادخار من أجرها، ستعرف تزايدا في نفقات الاستهلاك، مما سيؤثر على الادخار الذي قد يتحول إلى استثمار مباشر يخلق الثروة وفرص الشغل.
الفئة العليا في المجتمع، مالكة المصانع والأراضي الفلاحية والتي تستهلك المواد المدعمة بكثرة وتستنزف صندوق المقاصة. هاته الفئة تستعمل هاته المواد كمواد أولية لمنتوجات مصنعة، فلاحية أو شبه مصنعة. هاته الفئة لا تؤدي فاتورة المواد من مالها الخاص وإنما من أموال الشركات، ثم تحتسبها على نفقات الشركات. وبعد هذا الاحتساب ترتفع تكلفة الإنتاج. وحتى تبقى الأرباح في إطار معقول أو بدون تغيير، تلتجئ الشركات إلى رفع ثمن المواد المصنعة والفلاحية او الشبه المصنعة. هذا الارتفاع تؤدي فاتورته باقي الفئات المشار اليها سابقا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التعليق غير مخالف للقواعد
اسماعين يعقوبي ( 2013 / 1 / 11 - 22:00 )
بعد اطلاعي على التعليق لم أجد فيه اية مخالفة لحسن الحوار والنقاش وابداء الرأي، لذلك أعيد نشره، وهو كما يلي:
-ما يسمى باصلاح صندوق المقاسة سيجر على المغرب الويل بل كل الويل . بنكيران يقامر بكل شيء وينقلب على كل شيء . شخص متهور لا سياسة ولا بيداغوجية حكامية له . همه توسيع قاعدة حزبه الذي يعمل علةىاجندة لا علاقة لها بالديمقراطية ولا بالحكامة الجيدة . منظورةهاسلمة الدولة واخونتها وليس بعيدا ان يتحالف مع جماعة ياسين حين تنضج ظروف التغيير الذي يعدون له . -

اخر الافلام

.. مباشر من أمريكا.. تفاصيل مشاركة مصر فى اجتماعات صندوق النقد


.. كيف يمكن أن نتأثر اقتصادياً بالمواجهة بين إسرائيل وإيران ؟ |




.. ما هي التكلفة الاقتصادية للضربات التي شنتها إيران على إسرائي


.. وزيرة الخزانة الأميركية تحذر من -تداعيات اقتصادية عالمية- بس




.. واشنطن تستعد لفرض عقوبات اقتصادية جديدة على إيران.. هل تكون