الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجاهدو خلق المنافقون!

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2013 / 3 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


لم تكن علاقتي ودية مع منظمة "مجاهدين خلق" الايرانية المعارضة على الرغم من أنني كونت صداقات مع أبرز قادتها بُعيد انتصار الثورة الاسلامية عندما كنت أدخل معهم في نقاشات عن أفكار المنظمة التي تجمع بين الماركسية والإسلام بلغة تفتقد إلى أبسط مقومات الإقناع.

كنت أجتمع عفويا بأعضاء من المنظمة في شارع "ولي عصر" في طهران، وكانوا ينصبون مكاتبهم المتنقلة على جانبي الشارع المشجر الطويل، ولم تكن إلا طاولات وكتب وملصقات ونسخ من الصحيفة (مجاهد)، حالهم حال بقية الأحزاب والتيارات التي شاركت في الثورة ضد الشاه.

كنت أخرج من فندق (رودكي) صباح كل يوم وأقطع حديقة (بارك دانشجو) التي تضم مسرح المدينة الشهير بعروضه الرفيعة المستوى، لأصل الى تقاطع ولي عصر حيث أبدأ رحلتي في التعرف إلى أفكار التنظيمات اليسارية، ولم يشدني على الاطلاق فكر (مجاهدين خلق) الذي كانت تسوقه في الغالب فتيات أبرز ما يمزهن هو الجمال والجدية، وترديد شعارات المنظمة وقائدها المقدس (مسعود رجوي).

نعم كنت أشعر بالفرق الكبير بين ما يضفيه أتباع الولي الفقيه على الامام الخميني، وبين ما يحمله أو يروج له (المجاهدون) وأنصارهم من قداسة تفوق بكثير ما يفعله الإسلاميون، فقد نجحت المنظمة في تربية كوادر مطيعة لرجوي على أساس الكره الشديد للفكر الرجعي كما يصفون به خصومهم من الإسلاميين وتحديدا أتباع ولاية الفقيه.

لم أتعاطف مع منظمة (مجاهدين خلق) بعد انقلابها على نظام الجمهورية الاسلامية بالعصيان العسكري برغم أنني ساعدت الكثيرين في الفرار ممن لم يرتكب جناية ولم يرفع سلاحا، وكدت أقتل برصاص عناصر (خلق) عندما بدأوا نضالهم المسلح في ساحة ولي عصر حيث كنت عائدا من عملي في مقر الإذاعة والتلفزيون الكائن في شارع ولي عصر.. أطول الشوارع في العاصمة الخرافية الجميلة طهران.

وبعد (انتفاضة سي خرداد 1981) وهي لم تكن سوى تمرد على نظام شاركت المنظمة في صنعه، ضجت السجون بمعتقلين من عناصر المنظمة. وذات يوم ذهبت الى سجن إيفين لإجراء تحقيق، والتقيت رئيس السجن أسد الله لاجوردي الذي أطلعني على ما يجري في (إيفين) على الطبيعة.. ربي كما خلقتني.

شاهدت في (إيفين) فتيات بعمر الورود كن نسخة متشابهة للائي كنت التقيهن في شارع ولي عصر وكنت أشاكسهن بشراء جميع نسخ جريدة (مجاهد) ومن ثم أمزقهن..على مرأى من فتيات خلق الغاضبات.

كان المحققون يلبسون كل سجينة (عصّابة) تخفي العينين، وكانوا يفتعلون السير بهن بطرق متعرجة وهمية العوائق للسخرية من المعتقلة، وما يتضمن ذلك من تعذيب نفسي شديد لها، فلم أتمالك أعصابي وهمست بحزن في إذن مرافقي أسد الله لاجوردي رئيس السجن:

- هذه المشاهد تذكرني بمعتقلات صدام.. كنت أعذب بهذه الطريقة أيضا إضافة للتعذيب الجسدي! ضحك لاجوردي عاليا وأحس أنه ما كان عليه أن يريني كل شيء على الطبيعة وهو يبرر:

- أردنا استفزازك فقط لنعرف مدى اهتمامك بحقوق الانسان ولو كانوا أعداءك. لاجوردي كان قد أبلغ من طرف الوسيط صديقي الحميم (مرتضى عبد اللهي) الذي نظم لي زيارة (إيفين) بأنني من السائرين على نهج الامام الخميني، ولهذا فقد فتح لي صدره وكل أبواب السجن الخفية والمعلنة، فلا عين رأت ولا أذن سمعت.

منظمة مجاهدي خلق وضعتني في خانة عملاء النظام وهددت بقطع لساني لمجرد أنني لا أجدها تملك القاعدة الشعبية التي تؤهلها لحكم ايران، أو أنني كنت أعرج على تأريخها في التعاون مع نظام صدام ضد شعبي العراقي خصوصا في شمال العراق.

ماعلينا.. لاجوردي قتلته المنظمة بعد تقاعده، وأنا سجنتني (إطلاعات) في نفس سجن إيفين وعوملت بنفس الطريقة: عصّابة على العينين، ومشي على ايقاع سخرية الجلاد مع أعضاء خلق.

وهناك على جدران غرفة التنفس الانفرادية في معتقل (209) الرهيب (هواخواري) كنت أقرأ كل جمعة في خلوتي الكلمات الأخيرة التي كان يسطرها المحكومون بالاعدام من أعضاء المنظمة من الجنسين قبل لحظات من الموت شنقا في إيفين.

نعم هناك فقط شعرت بأنني أتعاطف مع "أعضاء مجاهدين خلق" الذين تطلق عليهم إيران تسمية "المنافقين" وهي اليوم ورغم حجم شعبيتهم الضئيل، تخشى دورهم القادم بعد أن رفعت واشنطن اسم (خلق) من قائمة المنظمات الإرهابية التي تتبنى على الدوام شعار ( من ليس معنا فهو مع نظام الملالي).

والعاقل يفهم.

مسمار: "صادق الثعالب وابق فأسك جاهزا".
ينشر في جريدة " العالم "الثلاثاء - 5 اذار( مارس ) 2013 - السنة الرابعة - العدد 769 Tuesday-5 Mar 2013 No. 769








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كذاب
دعبول سرمد ( 2013 / 3 / 5 - 23:08 )
هذا اشكد يطير فياله-هجم بيتك على هل الجذب هم زين ماطلع هوه اللي سقط صدام


2 - شلون قلب طيب
وسام يوسف ( 2013 / 3 / 6 - 18:37 )
ألاخ الكاتب كان له حرية الدخول في سجون نظام خميني الرهيبة كما وصفها بنفسه ولكنه
عندما يدخل تلك السجون كان يوصي السجانين بعدم تعذيب المساجين
وفوكاها يصف مجاهدي خلق بانهم منافقون

اخر الافلام

.. تونس وإيطاليا توقعان 3 اتفاقيات للدعم المالي والتعليم والبحث


.. #إندونيسيا تطلق أعلى مستوى من الإنذار بسبب ثوران بركان -روان




.. الجزيرة ترصد آثار الدمار التي خلفها الاحتلال بعد انسحابه من


.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش صفقة التبادل والرد الإسرائيلي عل




.. شبكات تنشط في أوروبا كالأخطبوط تروّج للرواية الروسية