الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا دمر-إعلامهم الوطني- سورية.. ولايزال!

بلول عماد

2013 / 3 / 10
الصحافة والاعلام


يظلم الحقيقة من يقول بعدم وجود وسائل إعلام عربية وغير عربية "مرئية تحديداً" سعت وتسعى لإحراق سورية وشعبها، كما يخطئ من يقول باستقلالية الإعلام في أي زمن أو مكان كان، لكن في الوقت نفسه يظلم ويخطئ بل ويجرم من ينكر أن سورية لا تعيش أزمة وطنية شاملة، ليست مجرد "مؤامرة كونية" سخرت السلطة السياسية فيها كافة الوسائل لإثباتها، وفي حال بصمنا بالعشرة وأقررنا بوجود هكذا "مؤامرة" قامت وتقوم على الإعلام كما تدّعي السلطة، فما الذي يبرر خوفها من الانفتاح الإعلامي بالشكل الصادق الصريح؟
لو أراد أي مراقب أو متابع سواء كان ابن الوسط المهني أو كان عمله في حفر الآبار أو صيد الأسماك البحث عن فارق فيما بين "الفضائية السورية، الدنيا-سما بنسختها البديلة، الإخبارية"، رغم مرور عامين على كل ما جرى ويجري في سورية، فسيجد أن هذا الفرق لا يتعدى عامل الوجوه، و"الشارة" بينما "الخطاب، المفردات، الحوارات، مضمون التقارير" واحدة، وهذا أمر بالعقل ضد طبيعة الأشياء ومنطقها.
يحدث أن تلتزم وسائل الإعلام ببعض المعايير في خطابها للرأي العام لاعتبارات تتناسب والتنوع الديني الذي يؤلف الكتلة العامة للدولة "بالمناسبة حتى هذه القضية فشل إعلام السلطة في ترجمتها"، لكن لا يستطيع أحد الاقتناع بفرض قيود في القضايا الوطنية المصيرية التي يتوقف عليها بقاء البلد أو انهياره، كما تفعل وسائل إعلام السلطة وموظفوها، ما يعني ضمناً بطلان ادعاء الوزير عمران الزعبي، والقائلين بنظريته: "الإعلام غير مرتهن للسلطة"، من جهة أخرى يقر البعض أنهم محكومون بوقت المادة ومضمونها وبعوائق أمنية في إعداد الأسئلة أو مضمون التقرير ونشرة الأخبار، لكنهم لم ينتبهوا إلى أنهم خلال حواراتهم يتماهون مع ضيف الـ"مؤامرة الكونية" في لحظة حلول وطنية، وفي حال كان الضيف من المعارضة الداخلية كما يصنفونها وبعد أن يسجلوا عليه وعلى المشاهدين المنة والفضل باستضافته، يصلون به لمرحلة يشعر فيها بالخجل لكثرة مقاطعته وتشتيت فكرته، باختصار، المشكلة في رقابة الأجهزة الأمنية ليست بالجديدة لكن المشكلة مع بعض أشباه الإعلاميين على ما ثبت قديمة، جديدة، مستمرة، والمؤسف لم يستيقظ إعلام السلطة وموظفوه بعد على ضرورة التغيير، ما يعني أنهم إما مرتاحون لدمار البلد، وإما أن الإعلام ليس مهنتهم، وفي الحالين لدينا مشكلة مستعصية، والمؤسف أكثر أن سورية رغم جراحها النازفة تذخر لليوم بآلاف الشباب القادرين على العمل والعطاء على الشاشة أو في غرف الأخبار، لكن يبدو أنهم لم يشربوا بعد قهوة السلطة.
ركزت "امبراطوريات الإعلام الخارجي" جهدها على تفتيت سورية الدولة والشعب مستعينة بإعلاميين سوريين –حصراً- في الفضائيات وحتى الصحف والمواقع الالكترونية حيث مطبخ الأخبار الحقيقي، فنجحت بمهمتها، ليس فقط بفضل التقنيات الحديثة التي لا مبرر تحت الشمس للسلطة أو وزارتها أو حتى غيرهم في عدم امتلاكها سابقاً أو لاحقاً، كما لا مبرر لاحتجاجها مع محلليها وإعلامييها بالغرف السوداء وخدع أجهزة المخابرات العالمية ووو الخ، وكأن سورية ليس لديها أجهزة مخابرات وغرف سوداء تبرمج المجتمع، وبناء على حديث هذا الإعلام فكل ما يحدث في سورية مؤامرة وما عداه "أكاذيب وروايات عارية عن الصحة"، ودماء أبنائها كانت ضحية إعلام مغرض فقط، وأخطاء التعامل مع الكارثة الوطنية إعلامياً بسيطة ولا تستحق الذكر، والملفت تعترف السلطة أن أكثر من 130 دولة وضعت سورية دولة وشعباً على جدول أعمالها، وبحسبة بسيطة فإن ما لا يقل عن خمسين وسيلة إعلامية كي لا نقول أكثر ستكون جاهزة لتقامر بقدر هذا البلد وتشن عليه حرباً نفسية تجعله في نهاية المطاف يأكل نفسه من داخله يوماً بعد يوم، ورغم ذلك ظلت خطابها الإعلامي واحداً ومؤسساتها تعد على الأصابع، وإحدى وسائلها "الدنيا" لجأت لتقرير التضليل الإعلامي و"كشف المستور" على نسختها البديلة "سما"، ففضحت الأعداء والعملاء والجواسيس، وكلما وضعوا مخططاً تكشفه وتضطرهم لاستبداله بآخر، والملفت أكثر أن المؤامرة ومخططاتها لا تزال مستمرة والاكتشافات لا تزال كذلك، لو أراد البعض استعادة بداية المشهد وتطوراته وصولاً لليوم، سيلاحظ أن أغلب ما قدمته "القفزة النوعية" كان ردة فعل ولم يكن فعلاً، نعود معاً لأرشيف الأزمة ونقرأ المفردات التالية "مندسين، موتورين، مسلحين، عصابات، مجرمين فارين من وجه العدالة، تجار مخدرات، لاحقاً صاروا مجموعات مسلحة، ثم مجموعات إرهابية، كل هؤلاء وقود مؤامرة تقودها الامبرالية والصهيونية وأعداء المقاومة وأصحاب المشروع الأمريكي، وكل هؤلاء لفترة طويلة من عمر الأزمة لم نرهم على الشاشة، بل كان علينا تخيلهم وتشخيصهم واتقاءهم في كل لحظة ومكان من سورية، كان الفشل في إثبات وجودهم ورصدهم أسهل الأسباب لنعت الإعلام السوري بالكاذب وجعله عرضة للسخرية والتندر، فما كانت الأسباب وقتها للفشل في دعم الخبر بالصورة؟ قد يكون هذا وفق "النقد الذاتي للسلطة" بعض الأخطاء على الصعيد الإعلامي، لكن ما لا تعرفه السلطة وإعلامها أن هذه الأخطاء كانت قاتلة، ولليوم لم تزل وسائلها تستقبل الفعل وتعيد إنتاجه خبط عشواء، تصيب مرة وتخطئ ألف مرة، والمشكلة الكبرى أنها تعتمد الإنشاء لا الخبر، والمشكلة الأكبر أن ذهنية العاملين في هذا الحقل سابقاً ولليوم مؤمنة أن النجاح "القفزة النوعية" الذي حققوه دفع جامعة الدول العربية، ومن لف لفيفها من غرب وشرق إلى استصدار قرار وقف بث القنوات السورية، وللأسف هناك من يصدق هذه الرواية ويفتخر بها، علماً أن خطوة الحجب لم تنجح فقد عاودوا البث على ترددات بديلة، لكن لا شيء تغير بعدما كان لدى السلطة فرصة تاريخية لإعادة إنتاج خطابها الإعلامي على المستوى الداخلي ببعد وطني وفتح مسارات جديدة بينها وبين قاعدة شعبية كبيرة لم تقتنع بخطاب الإعلام الآخر ولا بتيار العنف المسلح، لكنها آثرت إلا أن تثبت عجزها عن قيادة تحول ديمقراطي أو حتى مواجهة استحقاق جديد يتوقف عليه مصير البلد برمته.
كيف يقتنع عقل وطني بأن وسائل الإعلام هذه تنطق باسم الدولة، والسلطة التي يجتهد هذا الإعلام لمنحها هوية حامي الدولة ووجودها:1- لم تطلب من أصحاب الشأن إجراء تغيير في الخطاب أو حتى الوجوه على مدى عامين إلا بنسبة 15 في المئة في حين أن البلد انقلب رأساً على عقب بنسبة مئة في المئة 2- لم تفتتح خمس قنوات جديدة على أقل تقدير –مستقلة تحريرياً بالفعل وليس بالقول- وبدعم حكومي لمواكبة الحدث "الأزمة" في بعدها السياسي داخلياً 3- لم تسمح للمعارضة الوطنية في الداخل بتيارها السلمي بإنشاء فضائية خاصة بها 4- تأخرت وما زالت تتأخر عن تغطية أبرز الأحداث سخونة حتى في قلب العاصمة دمشق في حين تحضر وسائل إعلام الأرض كلها قبلها وتقوم بالتغطية الكاملة، ولو حضرت وسائل السلطة فهي تجتزئ وتتلاعب بمونتاج التقرير المصور كما يتفق مع إرادتها، ثم ما سر الاهتمام الكبير بالأخبار العربية كمصر وتونس وباقي الدول التي زارها ما سمي بـ"الربيع العربي" حتى اليوم على حساب أخبار الداخل السوري ومعاناة أبنائه سياسياً وإنسانياً، طبعاً السلطة تريد الإثبات للشعب مساوئ "الربيع العربي" وما تسبب به من دمار في المنطقة وبأنه مخطط مسبق وهي لم تعرف بعد أن العالم صار في الخطوة الثالثة بعد هذا الربيع وهي لاتزال تجلس في عتمتها وعلى الشعب أن يدفع الثمن مرتين "مرة بالموت اليومي المستمر ومرة بالخوف من المجهول" 7- امتلك ويمتلك حتى الساعة بعض مراسلي الفضائيات داخل سورية من المعلومات عن المعارك وما يدور على الأرض أكثر ما يمتلك أي إعلامي في فضائيات السلطة وتوابعها، وينفرد بالتغطية قبلهم، وصار للسوريين مصدر مهم بغض النظر عن مصداقية ما ينقله 8- ظهر ومازال يظهر محللون وإعلاميون من خلال تلك الوسائل ويتحولون بعد فترة إلى مفكرين عرب واستراتيجيين مخضرمين، يفرد لهم الوقت في حين آلاف المفكرين الحقيقيين والمحللين من أبناء سورية يجلسون أمام الشاشة ليتابعوا ما يقوله هذا المفكر أو ذاك المحلل والمختصر بـ" إثبات المؤامرة الكونية، الشتيمة للحكام والقادة المتآمرين، أسرار الحرب على الرئيس بشار الأسد شخصياً"، وطبعاً هو نفس الحديث الذي يطرحه العديد من المفكرين اللبنانيين الذين يعرفون عن السوريين أكثر ما يعرفون عن أنفسهم، ولهم اتصالات مع مراكز القرار داخل البلد، وبعد ذلك، يقولون هذا إعلام وطني؟
لن أتوقف عند "الفضائية السورية" لأنها ومهما فتحت الباب لصوت معارض فهي بنهاية المطاف منبر للسلطة لن تسمح بحديث أو برنامج أو حوار يخالف سياستها، كما أنني لن أتوقف عند فضائية "الدنيا- سما"، فلا أمل منهما حتى إشعار آخر لأنهما وهما منبر واحد يتبعان جهة خاصة ترتبط بمصير واحد مع السلطة وخطابها، بل سأتوقف قليلاً عند قناة "الإخبارية" لادعائها الاستقلال التحريري، تطرح "الإخبارية" عبر شاشتها برامج حوارية تستضيف خلالها المقربين من السلطة "داخل البلد وخارجه" والقائلين بأن أزمة البلد مؤامرة كونية فقط، ولا دور للعامل الداخلي فقد تمت معالجته من قبل الدولة "السلطة" بكل الوسائل المتاحة، يقوم على إدارة حواراتها وجهان هما "ربى الحجلي، والعراقي حسين فياض" وطبعاً فسحت المجال لآخرين لكن يبدو أنها لم تقتنع بأدائهم، فهل عقمت سورية عن إنجاب وجه غير ربى، وفي حال كان الشقيق حسين فياض خامة لا تقدر بثمن، فلماذا لا يضعونه خلف الستار مثلاً "ديسك أخبار، معد برنامج أو تقارير" أو يعتمدونه كما السابق "مراسل ميداني" كي لا نتهم بقطع رزقه، هل معقول أن يحضر المواطن السوري حواراً على شاشة بلاده يقدمه إعلامي عراقي والضيف لبناني أو مصري في مرحلة تحول مصيري للبلد؟ وطبعاً لن نتحدث عن باقي المراسلات الميدانيات اللواتي ليس في جعبتهن إلا مفردات المؤامرة وسحق الجيش لفلول الإرهابيين، والانتصار قادم، وبالعودة لربى الحجلي، أستحضر شاهداً من حوار أجرته مؤخراً كان بمثابة جردة حساب عن عام 2012، تابعته لمعرفة مساحة التعبير الممنوحة لمعارضة التغيير السلمي داخل البلد والتي مثلها في الحوار المناضل فاتح جاموس، وكان معه معارض آخر، ومقابل لهما، انظروا من استضافت "الإخبارية"؟ سليم حربا، خالد العبود، أنور رجا، عمر أوسي، معد محمد، وهنا أسجل عتبي على "الإخبارية" لأنها لم تستضف معهم "طالب إبراهيم، شريف شحادة، محمد ضرار جمو" بما أن الحوار مفتوح وهو جردة حساب عن عام كامل ويستوعب ضيوفاً آخرين، أولاً بغض النظر عن أن أنور رجا مقاوم فلسطيني والحوار سوري- سوري، وبغض النظر عن الانتماءات السياسية لكل الضيوف، ورأيهم أن الأزمة "مؤامرة كونية"، فمن لحظة تقديم الضيوف وما إن بدأ فاتح جاموس بالنطق حتى قاطعته ربى بطريقة غير مهذبة، بل ذهبت أبعد من ذلك لتحاججه فيما يعترض عليه "من احتكار وسائل الإعلام الوطنية" وكأنه كلامه افتراء، و-للمفارقة- كانت هي المرة الأولى التي يظهر فيها عبر شاشة "الإخبارية" بعد فترة طويلة من القفزة النوعية التي بشّر بها عمران الزعبي الذي جاء رده مباشرة على ما طرحه جاموس وخلال الحوار ذاته، وطبعاً أشاد باقي الضيوف بالوزير الصديق المجتهد المتعب للارتقاء بالعمل الإعلامي و..و..و الخ، من جانب آخر عندما علق ضيف آخر "معارض" على القضية التي طرحها جاموس منتقداً الحظر الإعلامي على المعارضة الداخلية، قاطعته كالعادة ربى قائلة: لماذا لا تطرقوا الأبواب لتظهروا على وسائل الإعلام ومكاننا معروف و.و.الخ؟ هل هذا سؤال يطرح على إنسان أياً كان توجهه السياسي في بلد يعيش أزمة تعبير ورأي منذ خمسة عقود؟ بالعودة لفاتح جاموس عندما قال لا أرى أننا نعطي الأزمة حقها، وهناك استسهال كثير في الحديث عنها، قاطعته ربى قائلة بطريقة ساخرة: هذا الحديث عماذا يدور إذن، عن أفغانستان مثلاً؟ وما أن بدأ الرجل بالحديث حتى بدأت المقاطعة لحديثه منها ومن الجميع، لا أستطيع الاقتناع أن ربى هذه إعلامية وتستطيع إدارة حوار في بلد يتمزق، كما لا أستطيع الاقتناع أن من يمرر لربى مثل هذه الكوارث المخالفة لأدبيات الحوار على أقل تقدير في ظل أزمة شاملة، يريد الخير للبلد أو يؤمن بالرأي الوطني، لكن ما دامت الواسطة حاضرة والأخطاء مبررة بحجة "المؤامرة"، فكل شيء وارد الحدوث على شاشات السلطة، وبالمناسبة من أراد أن يعرف عقلية ومنطلقات محللي السلطة وإعلامييها فليتابع هذه الجلسة، بما أنها كانت فاتحة عام جديد من التعامل مع ما يجري في البلاد وملامح طروحات المرحلة التالية.
متى تعلم السلطة ووزيرها عمران الزعبي وكافة المحللين السوريين و"المفكرين العرب" أن ما يريده السوريون عندما يتحدث إليهم أحد عبر أحد منابر البلد أن يقدر جراحهم وألا يخدعهم بمعسول الكلام وبلاغته، يخاطبهم بالعقل وليس بالعاطفة، بالسياسة وليس بالفنتازيا والدراما، متى يدركون أن 80 في المئة من أزمتنا داخلية وفي العمق من بنيتنا المجتمعية والإنسانية والسياسية؟
أخيراً: "نشف دمنا" ونحن نطالب بدور للإعلام العسكري، يسحب ورقة بناء المجد على حساب الدماء من أيدي إعلام السلطة بخاصه وعامه وتوابعه، إلى أن قررت على ما يبدو وزارة الدفاع حسم الأمر، والخروج بموقع مستقل لهذا الجيش ينظم أخباره وخلاصة معاركه ومواجهاته في وجه الإرهاب القادم من وراء الحدود، أتمنى أن ينجح هذا الإعلام حتى لو كان الكترونياً في ترميم الهوة بين الجيش والشعب بسبب من وسائل إعلام خارجية معادية للدولة الكلية، وبسبب من إعلاميي السلطة ومحلليها الذين عمّقوا تلك الهوة وزادوها اتساعاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير