الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يكذب على من ؟!

سالم بخشي المندلاوي

2013 / 3 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لقد صرنا كذابين محترفين ونمارس الكذب ونؤسس لثقافة الكذب من حيث ندري او لاندري...
فمنذ بدء يومنا الحافل ولكي نجعل اولادنا يستيقظون مبكرين ولا يفوتهم الوقت نضطر الى الكذب عليهم حيث نطرق اسماعهم مرددين:
(إنهضوا لقد تأخر الوقت عليكم وتوشك الساعة ان تتجاوز الثامنة صباحاً)!
في الوقت الذي هناك مزيد من الوقت وان الساعة لم تبلغ السابعة والنصف بعد .. لكن هكذا تجري امورنا وهكذا تعودنا ونعود اولادنا الذين لن ينهضوا الا بعد سماعهم لهذه الكذبة.
وعندما ننطلق الى المرأب لنركب الباص قاصدين اعمالنا ، يطرق اسماعنا صوت السائق:
(اركبوا سريعاً ، المركبة يعوزها نفران )
لكن عندما نصعد ، نكتشف بان الباص لم يركب فيه غير نفرين واذا ماركب اخرون ولم يعوزه غير نفرين بالفعل ، يجعجع السائق عندها:
(طالع .. طالع) ولن يطلع حتى تمتلىء السيارة عن اخرها ، لن نتفاجأ من تصرف السائق ، فهكذا تعودنا ان تجري الامور.
في بعض الاحيان عندما يطرق بابنا ضيف ثقيل او غير مرغوب فيه ، نلقن اولادنا الكذب قائلين:
(افتح لهذا الرجل واخبره قائلاً: والدي خارج البيت).
وهكذا ، نعلم اولادنا فن الكذب والذي لايلبث ان يتطور عنده فيما بعد ويمارسه علينا في النهاية وعلى معلميه وربما مرؤوسيه في العمل ليبرر تلكؤه او فشله في بعض الاحيان بالرغم من ان ديننا الحنيف لم يترك مناسبة الا وحث فيها على الصدق واثنى على الصادقين لكننا ولإستسهال الكذب صرنا من ابرز المجتمعات التي تمارس الكذب .
فكم من موعد لنا مع الاخرين قد اخلفناه وعندما نلتقي بهم فيما بعد لا نعدم العذر الكاذب وحتى لو حضرنا لموعد فاننا لن نحضر الا متأخرين والعذر جاهز:
(لقد تأخرت بسبب الزحامات وكثرة وجود السيطرات)
وكأننا لا نستطيع ان نخرج في وقت مبكر مناسب لنتجاوز تأخير هذه السيطرات .. كذلك حال الطرف الآخر، فهو ايضاً يحضر متاخراً ولا يقدم الاعذار الجاهزة والكاذبة...
وعندما نشتري بضاعة من السوق ، لا يعدم البائع ان يحلف كاذباً بالله وبآل بيت النبي وبكل المقدسات ليروج لبضاعته الصينية المتهالكة وهو يطرقع بحبات مسبحته الطويلة(مية وواحد) .
لكن كل هذا الكذب الهائل المقيت يعتبر لاشيء امام وعود وكذب السياسيين ، الذين فاقوا الجميع كذباً ونفاقاً ، فهم يكذبون ويعرفون اننا نعرف انهم يكذبون لكن هكذا عودونا ولم نعد نتفاجأ بهذا الكذب الذي لايجيدون ان يقدموا غيره ، ولعل الوعود الطويلة العريضة التي اطلقها اعضاء البرلمان ورجال الحكومة العراقية ومنذ سنين خلت بتحسين حال المتقاعدين وجعلهم يخضعون لقانون تقاعدي موحد وتجاوز التقسيم العنصري الحالي الذي يشطرهم الى متقاعدين قبل 2003 وآخرين بعد هذا العام وزيادة رواتبهم زيادة مجزية تجعلهم يعيشون برفاه وكرامة ومنحهم اموالاً من الخزينة العراقية اذا ما تجاوز سعر برميل النفط ثمانين دولاراً ,, لكن كل هذه الوعود لم تلبث ان تلاشت كما تتلاشى وتتفرقع فقاعات الصابون ولم يجني المتقاعدون الزيادة التي وعدوا بها على الرغم من تجاوز سعر برميل النفط أكثر من مئة دولار، وعندما يُستفهم من السياسي عن ذلك، يجاوب كاذباً، بأن صندوق النقد الدولي اشترط ذلك في الوقت الذي يعلم الجميع بأن الصندوق لا يتدخل في تفاصيل وفقرات ميزان المدفوعات للدولة وإنما في إجمالي الميزانية العامة... لكن تعودنا أن نسمع من المسؤول الكذب ونعلم أنه يكذب ولكن هكذا تعودنا أن تجري الأمور...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير