الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرآة الزمن

رائف أمير اسماعيل

2013 / 3 / 25
الادب والفن


تعثر الرجل المبتورة ساقه اليمنى وكاد أن يقع ، لولا أن يهب الرجل المبتورة ساقه اليسرى فيسنده ليقف .
كان ذاك عند مركز مساعدة المعوقين في دولة أجنبية ... حين ذهب الإثنان اليه ليستبدلا أطرافهما الاصطناعية.. فتعارفا
من أي بلد انت؟ ... سأل أحدهما الآخر
....أنا من ....
وانت ؟
.... أنا من ....
فرد كل منهما بكلمة ... أهلا.. ينتابها .. شعرة من ألم ... من ذكرى حزينة كلما سمع كل منهما بدولة الآخر
وكيف حدث ذلك ... كيف بترت ساقك ... سأل ألأول
حدث ذاك في الحرب بيننا وبينكم ... أنا أجبرت ان أشترك بها ... أخذوني عنوة ... أدخلوني دورة لكي أصبح رامي لمدفع الهاون ... ثم تنهد ليكمل...
..... أخذونا بعدها الى جبهة القتال في منطقة ...... فكانت الحرب مشتعلة ... كان الوقت بحدود التاسعة صباحا من تاريخ يوم ..... حين وصلنا الى الخط الامامي للجبهة ... قالوا ان العدو أمامكم وهو يريد ان يتقدم ليحتل وطنكم وهتك أعراضكم ... أنا لم أهتم لذلك الكلام ... كنت اعرف انه كذب ... كنت اعرف أن الحروب ... يشعلها الحالمون ... المتغطرسون على شعوبهم ... كنت اعلم انها حرب مفتعلة ... لكنني لم استطع أن اتكلم ... فربما ستصل تلك الكلمات الى رقبتي فتقطعها أو الى لساني فتكون آخر اهتزازاته .. وهكذا أطلقت أول قنبرة لي في جبهة القتال ، داعيا من الله أن لاتصب أحدا ... بعد ثواني قليلة فوجئت بسقوط قنبرة هاون قذفت من جانب دولتكم... قطعت ساقي الايمن ..
..... ضحك الثاني بألم وهو يقول
انت ياصديقي ... كأنك تتحدث عن حالتي ... فأنا أيضا سقت الى الحرب كما تساق الخرفان ... والمضحك في الأمر ... أنني ربما اكون من أطلق تلك القنبرة التي قطعت ساقك اليمنى ... وربما أيضا قنبرتك التي قذفتها هي من قطعت ساقي اليسرى ... فقد كنت هناك في نفس التاريخ ونفس الساعة ... نعم كنت أمامك بالضبط .. ثم مد يده ليصافح الاول ثم ليقبله ويعتذر ... وبهكذا رد الأول ...
------------------------------------------
ماذا اتى بك الى هنا ياحبيببتي
..... انتظر أبي المعوق وهو يخرج من مركز مساعدة المعوقين هذا
...... ماذا؟ .... أنا أيضا جئت لأنتظر والدي المعوق كي أوصله الى البيت
لحظة واحدة مرت على كلامهما ... فخرج الرجل المبتورة ساقة اليمنى وهو يضع يده اليسرى فوق كتف الرجل المبتورة ساقه اليسرى والذي يقابله بالمثل المعكوس ...
ركض الحبيب وحيبته الى والديهما المتشابكين ... وليسند كل منهما والده ... فتشابك ألأربعة ... تسبقهما قهقات الأمل ....
24/3/ 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر


.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته




.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202




.. عوام في بحر الكلام - لقاء مع ليالي ابنة الشاعر الغنائي محمد