الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تلصص فيسبوكي

محمود عبد الغفار غيضان

2013 / 3 / 26
الادب والفن


تلصص فيسبوكي

ليل داخلي... ضوء خافت لشاشة الكمبيوتر المفتوح... صوت عقارب الساعة قادمًا بأدب جم من الصالة... صور مختلطة بهموم مبكية مضحكة لتقاتل وتعارك وتفنن في السخرية من تلك الأصابع التي تلعب داخل مصر... أمعن في الغوص تحت الغطاء هربًا من برودة الجو المفاجئة التي رفض الفراش الكهربائي ذاتي التدفئة استقبالها بالغرفة... أشغل الراديو على المحطة الإذاعية المحببة بعد منتصف الليل؛ يتصل المستمعون متحدثين بمرح عن أمور حياتهم اليومية مع ضيف البرنامج الذي ينتقي لهم ما يحبونه من أغنيات... ودون سابق إنذار... وجدته يعاتبني غاضبًا أني أسمح لأصدقائي بعرض آرائهم المستفزة على صفحتي دون أن أمنعهم! عاتبني بحكم العشرة الطويلة... سألته: مّن أنا بالنسبة لك؟ لماذا كنتُ أراك متابعًا ومعلقًا عندما أيدتُ مرشحك الذي فرضه علينا ظرف تاريخي رتبته أصابع لا أريد أن ألوث أذنيك بوصف قذارتها؟ لماذا تظهر فقط صابًا لومك كلما اختلفت وجهات نظرنا؟ أين رسائل السؤال عني وعن أحوالي والشوق لرؤيتي؟ قال كلامًا لا أريد سماعه عن المؤمرات والفتن والفلول والإعلام الفاسد... قال لي: صدقني يا صاحبي الكل يكره الإسلام ويحاربه؟ أنت تعيش في الغربة ولا تدري كيف تغير الناس!!! قلت: ماذا تريد؟ أن يصبح الكل مثلك؟ أن يتبنوا وجهات نظرك؟ يا صديقي العزيز زمن المصاطب الجميل انتهى إلى غير رجعة... زمن الصاطب كان لأناس تم اختبار قوة علاقاتهم آلاف المرات كل يوم... هل علاقتي بك مرت بأي اختبار؟ أوتدري؟ يتهمون الفيس بوك بأنه يقطع العلاقات التي كونتها العشرة لسنوات طوال!! هذا حق يراد به باطل.. الفيس بوك كشف الأقنعة... وضع كل العلاقات موضع الاختبار.. عرفني كيف تفكر ... كيف ترى العالم وتراني... عرفني دون حاجة لسؤالك عن قدري عندك.. الأهم... عرفني مَن أنت... يا صديقي العزيز... الآخ الآن مستعد للتخلي عن أخيه نصرة لجماعته التي ينتمي إليها!!! لم أسمح له بالرد... لأول مرة أحسني ديكتاتورًا... أرتدي ثياب المعلم وأظل ألقنه الدرس الأخير... : لسنا رسلاً يوحي إلينا ولن نكون ولا نستحق... لسنا مسؤولين عن تغيير أفكار الآخرين وقناعاتهم... ليس دوري في الحياة أن أجعلك نسخة مني... لا يجب أن يُخصص وقتي وطاقتي لتفنيد كل رأي مخالف ودحضه بمئات الحجج التي تبين عواره... صديقي العزيز... أنا أبحث عن شيء وحيد بعد رضا الله تعالى... عن تدريب الذات على التمدد... نعم... أريد ذاتًا تتسع لكل المختلفين معي في هذا العالم... لأن الطبيعي جدًّا أن أتوحد مع مَن هم مثلي... لكن، ما الحكمة من هذا التنوع الذي خلقنا الله عليه؟ ألا يمكن أن نتعلم شيئًا ممن نكرههم كرهنا لجهنم والعياذ بالله؟ ألا يمكن أن يكون الحب هو هذا الدرس الأزلي للحياة؟! صديقي الطيب كثير الغضب... أنا أروض نفسي على ممارسة ما أطالب الآخرين بفعله حتى أكون متصالحًا مع نفسي. عذرًا هل تحتاج لشرح هذا التعبير؟ التصالح مع الذات؟ لا تتحرج في السؤال عنه برسالة على الخاص وسأرد عليك في الحال... الآن... لن أثقل عليك ولن أطالبك بتدريبات تمديد الذات المحبب لدي.. لن أطالبك بالكف عن تعلقياتك الحانقة للمخالفين في الرأي؟؟ فقط سأطلب منك أن تظل وبكل دفء السنين الذي بيننا ... تحبني... ولو اكتشفت أن هذا الحب قد انتهى... ارحل عن عالمي في هدوء.. لن تفتقدني... خبرة وحيدة قد تعيدك إلي معتذرًا... عندما بصدفة قدرية تتذوق حلاوة تأمل كل شيء وأي شيء دون خوف على أفكارك منه لمجرد أنه يختلف معها... عندها ستصدقني وتهرول نحو صفحتي لتضغط كل علامات الإعجاب بآخر ما كتبت... لتعلق على كل نصوصي وجملي القصيرة... وأنا بكل حب السنين الذي بيننا... سأقول لك دائًما كلمة واحدة ولن أزيد: شكرًا... أما عن الرسائل على الخاص... لن أكذب وأقول إن الفيس بوك به مشكلة في الرسائل.. فهأنذا أقول لك إنني لن أرد عليك... وقبل أن أبلغه تحياتي لكل أسرته الكريمة... يدق المنبه معلنًا ضرورة بدء الاستعداد ليوم عمل جديد... أذهب إلى الحمام... أحاول جاهدًا تذكر حلم ليلة الأمس... ذلك الحوار مع صديقي القديم... ينسيني رنين الهاتف تكرار المحاولة... أبدأ يومي مع كوب الشاي الذي علمني أبي أن الصباح لا يحب أن يأتي بدونه.

محمود عبد الغفار غيضان
26 مارس 2013م
مجموعة "دهاليز عالم ثالث"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة