الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القادة الجدد والصناديق الفارغة

سلام ناصر الخدادي

2013 / 4 / 8
مواضيع وابحاث سياسية





أفرزت المجتمعات البشرية عبر التأريخ قادةً عظاماً؛ أسهموا بشكل واضح وكبير في رسم مسار حركة الشعوب، أو بتغيير مجتمعٍ ما والارتقاء به بنقلةٍ حضارية نحو مستقبل أفضل، في حين استطاعَ بعض القادة ترك بصماتهم الواضحة فكراً ونهجاً لتخلّد عبرَ الأجيال .

ونقرأ في التأريخ أيضا أن الكثيرَ من هؤلاء القادة افرزتهم الظروف الموضوعية لفترات حياتهم تلك، واستطاعوا بجدارة أن يمزجوا " موهبة " القيادة مع الحكمة وحسن التصرف ، في معترك الحياة ، تفاعلاً وتأثيراً ومواقف .

في مرحلتنا الراهنة الآن، وفي ظل الانحسار الثقافي والعلمي (خصوصا في العقود الأخيرة) والتي نعزو أسبابها إلى سوء إدارة الدولة من قبل الحكومات المتعاقبة، ونهجها المنظّم في البطش والإذلال ولغة الرعب، مما أفسح المجال لتسيّد المد الديني الأحادي التفكير، وتنامي دورهِ بهذه الوتيرة المتسارعة، وتأثيره في مفردات الحياة اليومية بأدق تفاصيلها !!.

بالنتيجة ظهرت شرائح مجتمعية ومن مختلف الفئات العمرية، اتسمت باللامبالاة، أو الجهل والافتقار إلى ألفباء السياسة والثقافة، أو نرى - مع تنامي عقدة الخوف والرهبة من الفتك - من نأى بنفسه عن كل ما قد يشكل - وحسب تصوره - عبئا أو مشكلة هو في غنى عنها ... لينجرف الآخرون، بوعي أو بدون وعي، ضمن هذه الموجة الدينية العارمة، بشتى القناعات ومختلف الحجج وتنوع التبريرات .

هنا يجد المثقفون أنفسهم في زاويةٍ لا يحسدون عليها، يسهل اصطيادهم، اغتيالاً وتنكيلاً وإبعادا وتكفيراً وتسقيطا ..

لقد استطاع الطرف الآخر، وأقصد أعداء الثقافة والعلم، أعداء التقدم، أعداء الفكر الواعي والبحث الاستقصائي؛ ضرب المجتمع في الصميم؛ من خلال ضرب قادة الفكر، وإبعادهم تماماً عن سوح العمل الجماهيري مهما كان الثمن .

والنتيجة .. كسبوا جولة الصراع في ظل الفرقة والتناحر وتفشي التخلف، يقابله إحباط وابتعاد المؤهلين أصلا لقيادة هذا الحراك الجماهيري، استطاع أولئك المتخلفون أن يطرحوا أنفسهم ( كقادة جدد) بحجة أنهم فازوا من خلال صناديق الاقتراع ، وهي تمثيل حقيقي جدا للـ ...ديمقراطية !!! التي أفرغوها من محتواها تماماً ولم يتبق منها إلا ... الصناديق الفارغة ! . ونعلم جيدا ما هي أساليب الترهيب والترغيب والطرق الملتوية في شراء الذمم وإغداق الوعود والهدايا..

امتازت شعوب الشرق بالحساسية المفرطة تجاه الدين والعقيدة ، ومهما كان رقي المجتمع وتحرره، نرى العاطفة المكنونة داخله قد تنفجر في أي مساس يطال مذهبه أو عقيدته .

على هذا الوتر الحسّاس لعب المراؤون بعقل الفرد الشرقي وبدؤوا بضخ مفاهيم التخلف والعقم الفكري، وترسيخها جيدا ثم تغليفها بشحنات مذهبية حساسة قابلة للانفجار، لتصبح أخيرا أمرا مُسلَّما به .

هكذا أضحى من تولى منصبا إداريا أو جاء في صدارة التسلسل وأيا كانت الجهة : حزبا أو حركة .. طائفة أو اتحادا .. مجلسا أو جمعية ...إلخ ..يطرح نفسه قائدا ورمزا ، ليتهافت المنافقون والمتلونون والمبوقون ، ليسبغوا عليه أجمل الأسماء البراقة !! بل تتماهى إيماءاتهم بمقارنته بأحد رجالات التأريخ أو عظمائه !!

لكن مهما تراءى للبعض؛ فإن التجميل والنعت بصفات لغير مستحقها، وجلجلة التطبيل والتهليل مهما علا ضجيجها، ومهما اشتدت قوة النفخ لا تصنع بطلا، أو قائدا؛ لأن الشعب لا يصنع معجزة، والمجتمع لن يثور ما لم يكن هناك شخص وُلِد موهوبا بالفطرة قبل الفطام، يتميز بالحكمة والجرأة والشجاعة والدهاء والمرونة، ليكون بطلا جماهيريا وقائدا حقيقيا، ليأخذ بيد جماهيره، ويكون رقما صعبا في أية معادلة قادمة .

أما من جلس على كرسي الصدارة في منصب إداري، وادعى بالقيادة والرمز والخط الأحمر !! .. فنقول له :

هذا كابوس ..... سنوقظك منه قريبا !!

دمشق في

6/ اذار / 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت