الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآثار عدوة الظلام (فى هدم القبة الخضراء)

نادين البدير

2013 / 4 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




الآثار عدوة الظلام. تذكير بأيام العتمة أو زمن التنوير. الظلام لا يطيق الذاكرة، وآلة الهدم تسير دون توقف.

يتداولون فيما بينهم إزالة قبة المسجد النبوى، القبة الخضراء التى بنيت فى عهد السلطان قلاوون عام 678هـ. القبة بدعة. وتأييد وجودها شرك. مؤكد أن مناهضى بقاء القبة ارتاحوا كثيراً لقرار اختيار خارطة العالم الإسلامى بديلاً للقبة الخضراء كشعار للمدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية لكن ذات الأمر أثار عواصف من الحزن فى نفوس محبى تلك المدينة الروحانية.

يتداولون هدم مساجد إسلامية. المساجد القديمة بدعة. بعضهم تمادى فطالب بتسوية قبر النبى وإزالته. ولا أحد يعلم أين ستصل آلة الهدم يوماً ما.

مفاجآت رجال الدين لا تنتهى. عضوا هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله المنيع والشيخ محمد المطلق زارا قبل فترة بسيطة مدينتى العلا، حيث آثار مدائن صالح الممتدة تاريخياً آلاف السنين قبل الميلاد. بدا للبعض أن زيارتهما ستفرج عن حكم زيارة الآثار. بدا أنها اعتراف بأهمية ما كان بنظرهم أحجاراً تحرف المؤمن عن إيمانه.

فهل ستنقذ الزيارة الدينية للآثار التاريخية بقية المعالم وتمنحها صك الوجود وحق الخلود؟ لا يبدو ذلك ممكناً فى الأمد القصير.

حاورت رجل دين متشدداً من المنتشرين اليوم والمطالبين بهدم كل عتيق. فشرح لى التصنيف المتطرف للأمر: «إن الآثار إن كانت تاريخية فتجوز المحافظة عليها وزيارتها وتحويلها لأماكن سياحة، أما إن كانت آثاراً دينية فهى خطرة ووجب هدمها خوفاً من تحويلها لمزار تمارس عليه طقوس الشرك والخزعبلات».

منطق عجيب. فى غاية العجب.

غار حراء لا تجوز زيارته خوفاً من أن يتحول لمزار. وتبنى أبراج الخمسة نجوم المطلة على الكعبة التى تصغر رويداً رويداً وتقل هيبتها كلما ارتفعت آلة البناء من حولها. مخططات جديدة لهدم وتوسعة الحرم لاستيعاب الزيادة ومخططات لناطحات سحاب شاهقة بآلاف الغرف ترتفع فوق قداسة الحرم عالياً. البعض يسميه تحالفاً بين رجال الأعمال ورجال الدين. رجل الأعمال يريد الهدم من أجل الربح ورجل الدين الجاهل يعتقد أن تبجيل الأماكن التاريخية شكل من أشكال الوثنية فلا مانع من أى قرار إزالة.

غار حراء تحول لمعلم مهجور.

وها هو رأى علماء اللجنة الدائمة للإفتاء حين سئلوا عن صعود جبل النور وتعبيد الطريق لحراء فكان ردهم: «الصعود إلى الغار المذكور ليس من شعائر الحج ولا سنن الإسلام بل إنه بدعة وذريعة من ذرائع الشرك بالله، وعليه ينبغى منع الناس من الصعود له ولا يوضع له درج ولا يسهل الصعود إليه».

أما الشيخ ابن باز فجاء رده على زيارة الغار:

«ولما كان تعظيم الآثار الإسلامية يخالف الأدلة الشرعية وما درج عليه السلف.. ويترتب عليه مشابهة الكفار فى تعظيم آثار عظمائهم.. فإن زيارة هذه الآثار من الأمور الشرعية وهى فى الحقيقة من البدع المحدثة ومن وسائل الشرك ومن مشابهة اليهود والنصارى فى تعظيم آثار أنبيائهم وصالحيهم واتخاذها معابد ومزارات.. وهذه الآثار كـ(غار حراء وغار ثور وبيت النبى عليه السلام ودار الأرقم ابن أبى الأرقم ومحل بيعة الرضوان) وأشباهها إذا عظمت وعبدت طرقها وعملت لها المصاعد واللوحات لا تزار كما تزار آثار الفراعنة وآثار عظماء الكفار وإنما تزار للتعبد والتقرب لله وبذلك نكون أحدثنا فى الدين ما ليس منه... إلخ» ولا أعلم كيف سنشابه اليهود. بتقربنا من الآثار الدينية؟ أم بالتشجيع على هدم القبة الخضراء مثلما تحلم إسرائيل بهدم المسجد الأقصى يوماً؟

الظلام يعيش تناقضاً. إذ يكره رؤية الماضى لكنه يتمسك بكل طرق الماضى.

بم تذكره آثار الماضى؟ بالعجز. ربما بالجهل، وبأمور كثيرة يريد التغاضى عنها والحياة كما إنسان الغابة. لا يحدث فى أى مكان من العالم أن تهدم قلعة أو يكسر عمود لأسباب دينية، نسافر ونقطع آلاف الأميال لنتأمل تحفة أو نشاهد معبداً أو ندخل كهفاً ولم نسجد ولم نرتل، أهو شك بوعى المسلمين أم أن القصة لا تعدو أن ثلة من الجهلة أمسكوا بزمام الفتوى؟ أم يظنون أن الجميع مهووس ويعيش كما تخبطهم؟ أم صدقوا أنهم إبراهيم عليه السلام فى تحطيمه للأصنام؟

لا تستنكروا بعد اليوم قطعهم رأس تمثال طه حسين أو المعرى أو تغطيتهم وجه أم كلثوم. إن كانوا «رجال دين» وضد وجود أى أثر للنبى فما بالكم بأثر أديب أو فنانة؟ رجال دين افتقدوا الذائقة الروحانية، لا لوم عليهم إذن لفقدانهم الذائقة العقلانية والأدبية والموسيقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اثار
حسنية خاتون ( 2013 / 4 / 25 - 11:27 )
اتساءل هل سقيفة بني ساعدة لازالت موجودة ام تم محو اثارها لكي تمحو معها ما جرى من تكالب على السلطة من صحابة رسول الله

نموذج مما نعاني من اثار السقيف هذا الكارتون (شيعي ) ضد ال (سني) وا حستراه على العقل

http://www.youtube.com/watch?v=cKZQvrDFemU


2 - خراب مدينة ألأقصر
هانى شاكر ( 2013 / 4 / 25 - 11:45 )


يحزن ألمرء لروية ماوصلت إليه ألأمور بمدينة ألأقصر .. ألمراكب ألسياحية مُعطلة .. وشبابيك ألفنادق مُظلمة ... وألبؤس فى عيون ألجميع ...


تجولت شوارع ألمدينة ألتى تنعى ألخراب وسألت أهلها أين ألمنطق فيما تقولون وكيف تُخربون حياتكم وأرزاقكم بأيديكم ؟

ردوا .. وهم متهجمى ألوجوه : ألسياحة حرام .. وألأقصر بلاد ألمسلمين ولا مكان فيها للصليبيين ألكفرة .. وستسود ألشريعة وحكم ألله هنا

سألتهم .. ماذا عن ألكرنك و حتشبسوت ؟

قالوا : كُفر بُواح هو .. مابنى أجدادنا تلك ألخرائب .. إنما أحضرها لبلادنا عسكر ألفرنجة وسحرة نابليون قبل قرنين .. وألمسلمون غافلون !

تركتهم وسألت مكار ألأقصر .. من هؤلاء ومن أين ثروتهم و جبروتهم ؟

فأسر لى : هم تُجار ألمخدرات وألدعارة بنوعيها ( ألنسوية وألذكورية ) أيام مبارك ألمغدور ... تجار أحط أنواع ألسياحة بألليل .. ورواد مساجد ألسلفيين بألنهار .. وأليوم هم ألأعلون .. وحٌكام ألشارع وألمدينه .. ولهم فى ألأتحادية خِلٌ ونصير ... وألويل كل ألويل لمن وقف فى طريقهم !

فلتذهب ألسياحة إلى ألجحيم ... ومعها ألأقصر .. وكُل مصر !


...


3 - نحن شعوب لا تعرف إلا الهدم والتخريب
نور ساطع ( 2013 / 4 / 25 - 12:31 )

سيدتي الذكية

نحن شعوب لا تعرف إلا الهدم والتخريب لأن عقولنا متبعثرة

وتعلمت على هذا المنوال..

نحتاج إلى من يجمع لنا عقولنا المتبعثرة ليضعها لنا في المكان الصحيح

لكي يتسنى لنا أن نحاول مرة أخرى من جديد..

يمكن نصبوا لهدفنا يوماً ما.

تحياتي لعقلك



4 - عن اي ذائقه تتحدثين ياسيدتي
عامر سليم ( 2013 / 4 / 25 - 12:38 )
سيدتي الكريمه نادين
تقولين في مقالك
رجال دين افتقدوا الذائقة الروحانية، لا لوم عليهم إذن لفقدانهم الذائقة العقلانية والأدبية والموسيقية.
واقول ان رجال الدين لهم ذائقتين لاثالث لهما وهي ذائقة الاكل والنكاح


5 - عن الباز.. ويترتب عليه مشابهة الكفار فى تعظيم آثا
عدلي جندي ( 2013 / 4 / 25 - 16:29 )
المشكلة ألا يتشبهوا باليهود والنصاري..... حتي في تقدمهم ومخترعاتهم ودراساتهم وعلومهم ودولتهم المدنية
..أحلي من ...الدين ...و الشرف....ما فيش يا آه يا آه
الجملة السابقة عن الراحل توفيق الدقن بتصرف ..


6 - هدم القبب لئلا تعبد
عبد الله خلف ( 2013 / 4 / 26 - 18:32 )
الهدم واجب إسلامي حتى لا تعبد هذه الآثار والقبب، تعالى الله عن الشرك به علوا كبيرا
كل قبر فوق الأرض بما فيه الأهرامات يجب هدمه
ولا حول ولا قوة إلا بالله عليكي يا كاتبة هل نسيتي أرض الحرمين؟
أين العقل؟

اخر الافلام

.. شاب كويتي «مبتور القدمين» يوثق رحلته للصلاة في المسجد


.. القبض على شاب هاجم أحد الأساقفة بسكين خلال الصلاة في كنيسة أ




.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا


.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز




.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب