الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع القوى الإقليمية (قطر- تركيا- إيران ) في الربيع العربي الاستراتيجية والأهداف

طارق محمد حجاج

2013 / 4 / 30
السياسة والعلاقات الدولية



لقد غيرت الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وخاصة الثورات العربية، موازين القوى في المنطقة، ففي الوقت الذي يجده البعض ربيعا عربيا، يجده الطرف الآخر خريفا عربيا. لكن المسألة ليست بهذه البساطة عند تكييف ما يدور في الوطن العربي، فتغيير رئيس السلطة أو حتى تغيير النظام الحاكم بأكمله ليس بالحدث المنشود الوحيد في هذه المرحلة.
فمصر بعظمتها وحضارتها بدأت تتراجع قوتها ونفوذها في المنطقة، بعدما كانت الدولة العربية الوحيدة التي يمكن اعتبارها قوة إقليمية تؤثر في سياسات المنطقة، ولا يمكن تجاهل وجودها، إلا أن الأزمات التي تمر بها بمصر جعلت من التخلي عن دورها الإقليمي مطلبا شعبيا وسياسيا، فتعالت الأصوات المطالبة بالتخلي عن الدور الذي تلعبه مصر في المنطقة وخاصة في القضية الفلسطينية، والمشكلة السورية، والمد الإيراني والتركي نحو الوطن العربي.
وعلى الرغم من هذا التراجع الملحوظ في دور مصر الإقليمي إلا انه لا يقلل من أهمية مصر وفرص عودتها كقوة إقليمية فاعلة، إذا ما تجاوزت أزماتها الداخلية والدولية.
وبالتزامن مع الهبوط المصري تناما صعود الدور القطري في المنطقة، لأن قطر الدولة الصغيرة جدا والضعيفة جدا، ارتأت لنفسها دورا لا يتناسب وحجمها وقوتها، ومع نهاية التسعينات من القرن الحالي وضعت سياساتها الإستراتيجية، سواء كانت من نسج خيالها أو تطبيقا لأجندة خارجية رسمت لها سياساتها المستقبلية، موظفة أموالها الطائلة لتطبيق هذه الإستراتيجية.
فقد عملت منذ البداية على تطبيق سياستها بشكل مدروس، فبدأت بالسيطرة على الإعلام العربي، فبنت أضخم هيئة إخبارية متلفزة في الشرق الأوسط، احتلت مكانة رفيعة ومصداقية كبيرة في الشارع العربي، وكان تعاطفها ودعمها للحركات الإسلامية منذ البداية واضحا كونها القوى المرشحة للسيطرة على الحكم في البلدان العربية، ودعمت توجه هذه الحركات مستخدمة إعلامها "الجزيرة" كسيف مسلط على رقاب من يخالف سياستها، فقضت على دول بإعلامها الغير محايد، وأظهرت الموالين لها على أنهم ضحايا القمع والعدوان، كما يحصل في سوريا الآن، فهي تسلط أضوائها على جرائم النظام السوري ومجازره وتهولها في بعض الأحيان، وتتغاضى تماما عن جرائم وسرقات الجيش الحر في سوريا، بل تظهره في موقف المدافع عن الشعب السوري.
وبالنظر إلى حجم دولة قطر وتعداد سكانها، فإنه من المستحيل عليها بناء جيش يحميها من الهجمات في المستقبل، فقد وجدت في الاستعانة بالولايات المتحدة الأمريكية مخرجا وحلا مناسبا وذلك لسببين وهما:
السبب الأول: وافقت لأمريكا على إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية في قطر، تعتبر الأضخم في المنطقة، الأكثر أهمية للقوات الأمريكية، حيث بلغ تعداد الجنود الأمريكيين على الأراضي القطرية بحوالي 5600 جندي وعدد كبير من الطائرات الحربية، بالإضافة لأطول مدرج طائرات حربي في الشرق الأوسط. وبهذه الخطوة تستطيع قطر تأمين نفسها عسكريا، لمعرفتها بأن دولة ما لن تجرؤ على مهاجمتها طالما بها قوات وقواعد عسكرية أمريكية.
السبب الثاني: لكي تصبح قطر قوة إقليمية يجب ألا تعارض أمريكا هذا التوجه، وبما أن قطر فتحت لهم الباب على مصراعيه وسمحت لهم بإدخال آلاف الجنود ومئات الطائرات الحربية الأمريكية إلى أراضيها، فهذا كفيل بعدم معارضة أمريكا للتوجه القطري، طالما لم تخرج قطر من تحت الإبط الأمريكي.
إن تصنيف الدول الإقليمية للحركات المسلحة في الوطن العربي هو من وجهة نظرهم "قاتل مأجور"، فبمجرد السيطرة على هذا القاتل المأجور تكون قد أحرزت نقطة قوة على جانبها، تستطيع تفعيلها وإبطالها في أي وقت، وتستجيب هذه الحركات "القاتل المأجور" لهذه الدول طالما لم تمنعها من القيام بالسبب الذي وجدت من اجله ألا وهو المقاومة، وتوافق على الخضوع لطاعة دولة ما بدافع التمويل بالسلاح والمال والدعم السياسي واللوجستي، فيما تسلم مفتاح تشغيلها وإيقافها إلى يد هذه الدولة التي لها سلطة التشغيل والإيقاف متى تشاء وكيفما تشاء.
ولكن أهداف الدول في ذلك مختلفة، فلو نظرنا إلى تركيا كدولة تحاول أن تلعب دورا فاعلا في الشرق الأوسط ، وذلك باستمالة الدول العربية لها كونها دولة إسلامية، فإن محاولة سيطرة تركيا على حركات المقاومة له هدف مختلف عن الهدف القطري من وجهة نظري، فتركيا تحتاج هذه الورقة لتضغط على إسرائيل والتي بدورها تضغط على أمريكا، كي تسمح لتركيا أن تصبح دولة إقليمية وتلعب دورا اكبر في المنطقة، هذا بالإضافة إلى هدفها في التحكم بالهدوء والاضطرابات في الوطن العربي، مما يهدد المصالح الأمريكية في المنطقة، ويخل بأمن إسرائيل. أما الهدف القطري، فهو السيطرة على هذه الورقة "الحركات المسلحة" كي تنقل مفتاح تشغيلها أو إيقافها إلى اليد الأمريكية.
فيما تحاول إيران أيضا للعب دورا إقليميا، إلا أن إستراتيجيتها في دعم حركة حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، وحزب الله في لبنان، والنظام السوري، وهي المحاور الثلاث للحدود الإسرائيلية، وبالتالي فهي تحاول أن تبعث رسالة لإسرائيل بان هذه الثلاث محاور جاهزة لفتح النار على إسرائيل إذا ما قامت حرب بين إسرائيل وإيران، كي تشتت تركيز إسرائيل وتضعف قوتها.
وبالتالي هي في صراع مع الزمن تحاول كسب الوقت حتى تصبح دولة نووية، تجبر العالم على التعامل معها بالوضع الجديد كقوة عالمية.
لاشك أن الأحداث على الساحة العربية عشوائية، أو على الأقل بداية هذه الأحداث لم تكن محسوبة، إلا أن مراقبتها ومحاولة الصيد فيها أمرا واقعيا مدروسا ومحسوبا بدقة، وهذا ما يطلق عليه تنازع نفوذ المصالح.
إن ما يبرر العلاقات الحميمة بين السُنة في مصر "الإخوان المسلمين" بالرغم من أن مصر كانت تقف أمام المد والتوسع الإيراني في الشرق الأوسط، وبين الشيعة في إيران، والسنة في فلسطين "حماس والجهاد الإسلامي" والشيعة في حزب الله اللبناني، هو توجها إيرانيا يتفق مع الاعتبارات السياسية الإيرانية.
إلا أن قطر تحاول السيطرة على هذه المحاور ووسيلتها في ذلك المال، وذلك بوقوفها بجانب حكم حماس في قطاع غزة ودعمه كي لا ينهار، ووقوفها إلى جانب حكم الإخوان في مصر وتدعمه بالمال كي يصمد وتدعم البورصة المصرية كلما انهارت، مما سيجعل مصر مكبلة بالديون القطرية، اشك على مقدرة مصر دفع فاتورتها ماليا، على الأقل على المدى القريب.
وهذا ما برره عدم استقبال أمير قطر للرئيس المصري في مطار الدوحة في قطر، وانتظره في قصره، وهذه مفارقة كبيرة يجب أخذها في الحسبان.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة