الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع الشعراء قنطرة للتواصل ما بين الشعوب ( 1 )

رابحة مجيد الناشئ

2013 / 5 / 1
الادب والفن



ربيع الشعراء، تظاهرة ثقافية واسعة جداً في فرنسا، تعود بداياتها لمبادرة وزير الثقافة السابق" جاك لانغ " عام 1999 بهدف التحسيس وزيادة الوعي بأهمية هذا الموروث الأدبي والعمل على تطويره والاحتفاظ به كأحد أبرز مقاييس التحضر لدى الشعوب.

احتفل المجتمع الفرنسي هذا العام 2013 بالذكرى الخامِسة عَشَر لهذهِ التظاهُرَة تحت شعار ‹‹ أَصوات القصيدة ››، و حُدِدَ الاحتفال باسبوعين، يبدأ في التاسع مِن آذار وَينتهي في الرابع والعشرين منه، إلا أنَ الاحتفالات غالباً ما تمتد لأكثر من ذلك بكثير.

‹‹ إقرأ، قُل، إصرخ، إهمِس، غني بالأشعار أينما كنت ››

مثل كل ربيع للشعر تحتفي فرنسا بشاعِراتها وَشعرائها، وتستضيف العديد من الشعراء من أنحاء العالم وتنظم لهم اللقاءات والأماسي الشعرية والمؤتمرات والورش، كما تعمل على نشر مؤَلفاتِهم بأوسع قدرٍ ممكن.

ربيع شعري متعدد اللغات...متعدد الأصوات لأَجل إِرساء مفهوم جديد للحوار ما بينَ الشعوب وما بينَ الحضارات التي يُمثلونها. بهذهِ المناسبة دعا منظمو التظاهرة إلى الاحتفاء بالنتاجات الأَدبية لمايكوفسكي وآراﮔون، و بشكلٍ خاص بأعمال پاﭙﻟو نيرودا بمناسبة مرور 40 عاماً على وَفاته.

آلاف التظاهرات الثقافية المرتبطة بالشعر نُظمَت في كل أنحاء فرنسا، في المدارس والجامعات والمكتبات والمتاحف ودور المسنين والمستشفيات وحتى في السجون. وبهذهِ الأيام الاحتفالية يتفنن الفرنسيون كعادتهم في تنويع المبادَرات وابتكار الموديلات الجميلة والجذابة لأجل إيصال الكلمة الشعرية لأكبر عددٍ من المتلقين. من ضمن هذهِ المبادرات على سبيل المثال إرسال بطاقات بريدية مُزينة بأبيات شعرية إلى الأهل والأصدقاء والأحبة وإلى آخرين حتى بدون معرفة. البعض الآخر يضع قصائد على حَبل الغسيل وعلى أغصان الأشجار....، قصائد أخرى تنوجد في مكانات يتردد عليها الناس كمحطات القطار وصالونات الحلاقة والمحلات التجارية والأَسواق......بل يتعدى ذلك لمسيرات ومواكب شعرية.....كل ذلك من أجل إضفاء البهجة والافتتان على احتفالاتهم وتعميق مدلولاتها. بيوت الشعر المنتشرة في العديد من المدن الفرنسية لها ربيعها الشعري الخاص بها.

بيت الشعر لمدينة پواتيه
La Maison de la Poésie de Poitiers

ربيع الشعراء في هذهِ المدينة لم يتقيد بالحدود الزمنية، بل تمتد فعالياته حتى بداية أيار. بدأ بيت الشعر ربيعه الشعري باستضافة الشاعر الأفريقي البنيني برنابا لاي -Barnabé LAYE .

وهكذا كان اللقاء مَعهُ في أُمسية شعرية رائعة يوم الجمعة 15 آذار في إحدى قاعات المركز الثقافي الاجتماعي لحي بوليو.

شاعر وروائي، ولد برنابا في بنين عام 1941 ويعيش الآن في ﭘاريس، ويعد هذا الشاعر من الاصوات الهامة للجيل الحالي من الكتاب الافارقة الناطقين باللغة الفرنسية. وبرنابا طبيب يعمل في إحدى المستشفيات اﻟپاريسية، وهو يحاول الآن أن يكرس نفسه للكتابة والشعر.

تخضع أعمال برنابا الشعرية والروائية لدراسات أكاديمية، وقد تُرجمَ البعض من مؤلفاته إلى الإنكليزية والاسـﭙانية والبرازيلية وَسيُتَرجم البعض منها قريباً إلى العربية.

بعض العناوين: - حنين إلى أيام عابرة ( شعر )
- قصائد للغائبة ( شعر )
- انتظار طويل جداً ( شعر )
- قداس لبلدٍ مقتول ( شعر )
- امرأة في ضوء الفجر ( رواية )
- وداعاً للأب ( رواية )

تحدث برنابا للجمهور الحاضر عن حياته، عن أفريقيا، عن أوجاعه....ولكن أيضاً عن آماله وَطموحاته وعن رحلته الأدبية والشعرية منذ ثلاثين عاماً. تحدث كذلك عن مصادر إلهامه وعن غنى العلاقة المتبادلة والمتكاملة ما بين الشعر والطب: ‹‹ أنا في النهار طبيب وفي الليل شاعر والإنسان محتاج للرقة، للحلم، للحب، للعدالة، ومحتاج كذلك للمعالجة.... ››.

في ديوانه قصائد للغائبة، يتحدث عن المرأة كمصدر للإلهام ولليقين، فالحياة بدونها لا تعني شيئاً بالنسبة له: ‹‹ ماذا أنا بدون عينيك، بدون صوتك.... ››.

وَيكتشف الشاعر عالم الطفولة الحميمي حين تَطرُق باب حياته طفلته الأولى وهو في الستين من عمره:

‹‹ ابتسامة، مُداعبة، ثغثغة طفلة....لحظات طلسمية.....تعزيم، تآمر حبي.... ››
وفي موضع آخر يقول:‹‹ جئتُ لأراك في حَمامَكِ
تلعبين بالقدمين وباليدين
والماء يُبقبق....››
وَيُناغي الشاعر طفلته في مَهدِها، راوياً لها جراح الماضي التي لم تندَمِل بعد:
في مهدكِ
ما مِن أَكاليل
أو قلادة لؤلؤ
ولا مجوهرات ثمينة

لا شيء هناك
يستريحُ عليه رأسكِ
في مأمنٍ من عاتيات الزَمن

لا شيء عندي أُقدمه لكِ

أُنظري إلى نِدوبي
جراحي لم تندَمِل بَعد
حياتي كانسان في تَصدع

وَيا فرحتي
لأنكِ هُنا...

قرأ برنابا لاي قصائد مُتنوعة من مجاميعه الشعرية ( البعض منها قُرِأَ باللغة العربية )، كما أجاب بإسهاب عن تساؤلات الجمهور الحاضر.

مسك الختام للأمسية كانَ حلوى ومشروبات أفريقية تمتعَ بها الحضور.

السبت 23 آذار: صباح شعري
‹‹ الشعر في مُتناول الجميع ››

إن لم يأتِ الجمهور ليستمع إلى الشعر، على الشعر أَن يذهب إليه. هكذا ارتأى بيت الشعر لمدينة ﭙواتيه وبمشاركة جامعة ﭙواتيه ( أساتذة وطلبة الفن والعلوم الإنسانية ) تنظيم صباح شعري متعدد الأصوات واللغات، متوجهاً به لجمهور واسع من كل الأعمار ومن كل المستويات الاجتماعية والثقافية وليس فقط لجمهور متخصص بالأدب.

ثلاث ساعات من العاشرة صباحاً وحتى الواحدة وفي مكان عام بجانب سوق نوتردام الشعبي تمتع الجمهور المار والمتبضِع بقراءات شعرية جميلة لشاعرات وشعراء من فرنسا ومن العالم تركزت حَولَ الحرية والمساواة والأُخوة والسلام.

من ضمن الشعراء المقروئين، العديد من الشعراء العرب وقد قُرأت قصائِدهم باللغتين العربية والفرنسية منهم: نزار قباني، عبد الوهاب البياتي، سميح القاسم وأحمد مطر.

ابتهج الجمهور بسماع القصائد الشعرية، كما أن البعض جلبَ مَعه قصائد يحبها ليقرأها في هذا الميدان.

الأربعاء 3 نيسان وفي قاعة بيت الشعب كان اللقاء مع الشاعرة الشيلية- Marcela Saldano ، القادمة من شيلي بدعوة من بيت الشعر ومنظمة التضامن مع أمريكا اللاتينية. وهي شاعرة شابة في الثامنة والعشرين من عمرها تمتهنُ الصحافة والنشر.

قرأت مارسولا مجموعة قصائد من ديوانها الشعري المعنون حقول مدينة ـ Champs de Ville باللغة الإسبانية، وقرأت سَسيل- أليس جوانو ( Cécille-Alice Jouannaux ) ترجمة تلك القصائد باللغة الفرنسية.

بعد القراءات الشعرية كان هناك العديد من المداخلات حول الاسلوب الشعري لمارسولا، والميادين التي تطرقت لها في كتاباتها. كما أجابت الشاعرة عن تساؤلات الجمهور الحاضر عن الوضع السياسي والاجتماعي والثقافي في شيلي بعد عقود من سقوط حكم الدكتاتور بينوشيت. وقالت في نهاية حديثها: ‹‹ انتهى عهد الدكتاتور بينوشيت وإلى غير رجعة، إلا أَننا اليوم في شيلي نُعاني من دكتاتوريين كثيرين جُدد وبألوانٍ جديدة.....››.

الخميس 4 نيسان وفي سينما تاب كاستيّ - Tap Castille : أمسية شعرية – سينمائية، حصيلة التعاون ما بين بيت الشعر وجامعة ﭘواتيه والسينما من أجل تعميق الروابط ما بين الشعر وما يجاوره من إبداعات فنية كالمسرح والسينما والغناء وغيرها.

قبل عرض الفلم الوثائقي التربوي - زوبعة تحت الرأس - من إخراج Clara Bouffartigue استمع الجمهور الحاضر لقراءات شعرية من قبل عضوات في بيت الشعر لشعراء من فرنسا ومن العالم حول موضوعين:

- التربية
- التحرر

قُرِأت قصائد الأمسية باللغتين الفرنسية والعربية وقد تفاعل الجمهور المبتهج وطالب بقراءة المزيد.

خلاصة الفلم التربوي والذي تجري أحداثه في متوسطة پاريسية: مدرستان تصمِّمان على إعطاء التلاميذ الوسائل الممكنة للتعبيرعمّا يفكرون به بكل صدقٍ وبجرأةٍ وبدون خوف.

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا