الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع المتأسلم بين -الظلام- و -ثقل الظل- !

طارق حجي
(Tarek Heggy)

2013 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


الترجمة الحرفية لما قلته منذ قليل (بالإنجليزية) أثناء حوار تلفزيوني مع قناة "سكاي" : ---------------------------------------------------
موقف المتأسلمين من الفكر والفنون والأدب والإبداع والغناء والموسيقي والثقافة والإعلام غير معروف بشكل كامل لمعظم غير المسلمين. بل ان معظم المتأسلمين يحاولون جاهدين عدم الدخول فى حوار حول موقفهم من هذه المناطق . ويستثني من ذلك أعضاء التيارات السلفية ، فموقفهم واضح من كل هذا المناطق . وأستطيع ان اجزم بعد رحلة إستمرت لأربعة عقود مع فكر وأدبيات وآراء المتأسلمين أن موقفهم من كل هذه المناطق هو أقرب للرفض والتحريم منه للقبول والإباحة. ففنون خشبة الأوبرا وفى مقدمتها "البالية" مرفوضة كلية من كافة المتأسلمين. أما موقفهم من الغناء والموسيقي فأشد مكرا ، فهم يقولون ما كرره مؤخرا أحد أبرز قادة الإخوان المسلمين فى مصر (عصام العريان) عندما قال أن حرمة او عدم حرمة الغناء أمر يتوقف على ما يتغني به المغنون ! وكان كريما فأوضح مراده إذ قال : عندما يغني أحد أشهر مطربي اللغة العربية فى القرن العشرين وهو محمد عبدالوهاب "أخي جاوز الظالمون المدي" ، فهذا غناء لا إعتراض عليه ! وعندما يغني محمد عبدالوهاب نفسه "جفنه علم الغزل" (كلمات أحمد شوقي) فإنه يكون قد تجاوز حدود الإباحة ودخل لدائرة التحريم. وأؤكد للقاريء أن تجربة أربعين سنة من دراسة التأسلم والحوار مع المتأسلمين تجعلني مرتاحا وأنا أقرر أن هذا هو رأي السواد الأعظم من المتأسلمين. وهو رأي يعكس الحقائق التالية : أولا ، أن الغناء للحب والعشق والهوي (وهو معظم الغناء بكل لغات العالم) هو أمر مرفوض عند المتأسلمين . ثانيا ، ان الغناء المباح هو الذى يتغني بعظمة الإله وبالطبيعة وبالوطن ! ثالثا : ان هناك "جهة ما " سيكون مرهونا بها تحديد ما هو مباح وما هو غير مباح من الغناء . أما فنون التصوير (الرسم) والنحت فالأغلبية العظمي من المتأسلمين ترفضها. والرقص بكل ألوانه وأشكاله مرفوض تماما. أما الأشكال الأدبية مثل الرواية والقصة القصيرة والمسرحية فتكون حلالا لو أجاز الإسلاميون محتواها وشكلها وهدفها ! ... حتى الإعلام ، فإنه يخضع لنفس القانون : فإن كان يساير المرجعية الإسلامية ، فهو "جيد" ، أما إن كانت مرجعيته "علمانية" أو "ليبرالية" فإنه يكون بمثابة خصم وعدو للمشروع الإسلامي. وبإختصار ، ففى ظل المشروع الإسلامي لا تغني أم كلثوم "هات عينيك تسرح فى دنيتهم عنيا " ولا يغني عبدالحليم حافظ "أهواك ، وأتمني لو أنساك" ولا تغني فيروز "حبيتك بالصيف " ولا يغني فريد الأطرش "أول همسة" وتكون كل أوبريتات "سعاد حسني" حراما مؤكدا ! ويكون تمثال "نهضة مصر" لمحمود مختار عملا ضالا ومضلا ، كما أن فرقة رضا للرقص التوقيعي فإنها تكون محظورة كلية ! ... بإختصار ، يكون المجتمع المتأسلم بدون معظم الفنون واِشكال الإبداع الأدبي والموسيقي والتشكيلي ... ولا أدل على ذلك من مناداة إسلاميين كثيرين بإلغاء دروس الموسيقي ... كما يدل على نفس الشيء أن الإخوان المسلمين لم يقدموا مبدعا واحدا خلال أقل قليلا من قرن من الزمان فى أي مجال من هذه المجالات : الغناء ، الموسيقي ، التصوير (الرسم) ، النحت ، فنون الأوبرا والباليه ، الرقص ، الرواية ، القصة القصيرة ، المسرح ... بل ان سيد قطب الذى كان ناقدا أدبيا وشاعرا (متواضع الموهبة) قبل إتجاهه للتأسلم (بعد عودته من بعثة لأقل من سنتين بالولايات المتحدة من 1949 الى 1951) لم يكتب حرفا واحدا فى النقد الأدبي والشعر (وكان هو مع سلامة موسي فى طليعة مكتشفي عبقرية نجيب محفوظ الروائية عندما نشرت رواية نجيب محفوظ الأولي "عبث الأقدار" فى 1939) ... ومن غرائب الحياة أن يقدم سيد قطب نجيب محفوظ كروائي عبقري فى 1939 ، وبعد نصف قرن بالكمال والتمام يقوم متأسلم (وكل المتأسلمين هم "عيال سيد قطب" بشكل او بآخر) بمحاولة ذبح نجيب محفوظ !!! والفارق بين الموقفين (الإشادة بمحفوظ سنة 1939 ومحاولة ذبحه بعد خمسة عقود) هو "التأسلم" وموقف المتأسلمين من الفنون والأدب والإبداع والفكر والثقافة ! ... إن المجتمع الذى يسعي لإقامته المتأسلمون هو مجتمع مترع فى الظلام ، ناهيك عن ثقل ظله بشكل يصعب على كثيرين تصوره ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أغمي عليه فور رؤية جثمانه.. صدمة طفل فلسطيني بعد استشهاد أبي


.. مراسل الجزيرة: الاحتلال يقتحم باب الزاوية ويغلقها تمهيدا لاق




.. بالزغاريد-.. أم فلسطينية تتعرف على ابنها شهيدا في مقبرة جماع


.. دعا إلى تسمية الخليج العربي الخليج الفارسي.. علي العميم يحلل




.. سراً لأول مرة.. إدارة بايدن توافق على توريد صاروخ تكتيكي بعي