الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتقام السياسي والثأر الطائفي عدوان على القانون وانحدار إنساني..

عزيز الحاج

2013 / 5 / 5
مواضيع وابحاث سياسية




ليس في عراق اليوم ما يسر، ولا نسمع عما يجري فيه غير المحزن والمثير للغضب والاستنكار.

فأولا، ما حدث في الحويجة من هجمة عسكرية دموية شرسة لا علاقة له بسيادة القانون ومصلحة البلاد والوحدة الوطنية، حتى وإن وجد بين المعتصمين أفراد طائفيون وممارسو عنف. الاعتصام المدني أسلوب من أساليب الكفاح السلمي، وكان غاندي، أب اللاعنف، يمارسه ويدعو إليه. أما ما حدث من ردة فعل ولجوء عشائر للسلاح ومحاولة تشكيل مليشيات جديدة، فهي خطوات منافية للقانون والمصلحة العامة وتسئ لأية مطالب شرعية مبررة. ومن يقتل جنديا مسالما يستحق العقاب الحازم. وإذا كانت سلطة القانونيين في العراق تعمل حقا وفق القانون والمبادئ الديمقراطية ومصلحة مجموع الشعب، فعليها عدم الكيل بمكيالين، وكما يستحق قتلة الجنود المحاكمة والعقاب، فقبل ذلك، تجب محاسبة ومحاكمة عدد من كبار الضباط الذين أمروا بالقتل العشوائي ذي الهوس الطائفي، وبلا مبرر، لمعتصمين لا يحملون غير العصي. وقبل ذلك محاسبة المسؤول الأكبر الذي يدير قواتهم وكل القوات المسلحة والأمنية. إن ما انشر من صور وكثرة من الشهادات تدين السلطة أولا. وهذا أيضا ما انتهت إليه اللجنة البرلمانية العراقية لتقصي الحقائق والتي قاطعها ممثلو دولة القانون.

وبينما كانت الدماء تسيل في الحويجة، وفيما تغتال الأيدي الجبانة أحد رموز الدفاع عن حقوق الإنسان في البصرة، فإن أحداثا رهيبة أخرى تجري في مكان آخر، وأعني معسكر ليبرتي الذي نقل إليه سكان معسكر أشرف بالتهديد وبطريقة منافية لأبسط معايير احترام حقوق اللاجئين السياسيين.

قبل أعوام كنت قد كتبت مقالا في الحوار المتمدن استنكارا للمجزرة التي نفذتها قوات المالكي في معسكر أشرف عام 2009 . وكان مقالي، كما مقال اليوم، ينطلق، لا من اعتبارات سياسية، بل من الاعتبارات الإنسانية والقانونية الدولية والاتفاقيات التي سبق أن وقع عليها العراق، وكذلك لتعهدات المالكي للقوات الأميركية عندما تسلمت حكومته مهمة الإشراف على المعسكر.

العودة لموضوع هؤلاء اللاجئين تفرض نفسها بمناسبة ما تعرضوا له قبل شهور من هجمات صاروخية دون إدانة من الحكومة ولا تحقيق، وكذلك بمناسبة وفاة اثنين من المرضى بسبب الحرمان من المعالجة الطبية الجادة، ثم منع سكان المعسكر من إدخال المراوح التي اشتروها بنقودهم للوقاية من حر شديد.

هل هذه الإجراءات والتدابير التعسفية وعمليات العنف يبررها أي تقييم سياسي متحفظ لماضي وحاضر مجاهدي خلق، وما نسب إليهم أيام صدام من أعمال مختلف على وقوعها أو عدمها: [نقطة ضوء: السيد إياد جمال الدين قال في وقته إنه اطلع على وثائق النظام السابق فلم يجد دلائل على ما نسب لسكان أشرف. وأقول: ربما استفادوا من تسهيلات النظام السابق لتنفيذ عمليات ضد الجيش الإيراني داخل إيران كما فعلت المليشيات الشيعية العراقية المستقرة في إيران من عمليات داخل العراق والخليج بمعية وإشراف فيلق القدس.]

أكرر ما سبق أن كتبته، وما أكدت عليه منذ أيام في مجال آخر، من أنني أكتب عن الموضوع لا من الناحية السياسية، بل من النواحي الإنسانية والقانونية والأخلاقية، ومما تنص عليه الاتفاقيات الدولية عن حقوق اللاجئين- فضلا عن حقوق الإنسان. ربما هناك مثقفون يرتاحون، من منطلق سياسي وثأري، لما يجري لهؤلاء اللاجئين العزل: [ حيل بيهم!، كما يقول العراقيون]. وهذا ما قراناه في بعض التعليقات التي نشرتها صحيفة الحوار المتمدن عام 2009 رغم أن أكثرية التعليقات كانت مع جانب مراعاة القانون والاتفاقيات والتعهدات، وبصرف النظر عن النظرة لسياسات ومواقف مجاهدي خلق، سابقا واليوم. ولا نتحدث طبعا عمن يكتبون مراعين الحكومة وموالاتها السياسية الصارخة لنظام الفقيه، الذي لن يهدأ ما لم يجر تعذيب سكان ليبرتي حتى الموت بإشراف قاسم سليماني وبتنفيذ أمثال حيدر عذاب، آمر المعسكر، وبصمت كوبلر المبعوث الدولي المشؤوم، وما لم تقتل منهم أعداد جديدة بالصواريخ الإيرانية.

اللاجئون السياسيون في كل مكان تجب حمايتهم والتعامل الإنساني معهم. وسكان ليبرتي- أشرف هم لاجئون عزل، وكل جريمتهم ليتعرضوا للجحيم هو مناهضتهم للنظام الإيراني الشمولي الدموي، الذي يدوس على حقوق الشعب الإيراني، ويمد مخالب التخريب إلى المنطقة وخارجها، والمهووس بصنع القنبلة النووية.

في رأيي أن الظلم الذي يتعرض له سكان ليبرتي يستوجب عدم صمت المثقفين الأحرار ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية والأمم المتحدة. ومن حسن الحظ أن الموضوع طرح مؤخرا في هيئات الاتحاد الأوروبي. ولأول مرة تقول واشنطن كلمة على لسان وزير خارجيتها. وأصدر نحو 100 قاض عربي نداء استنكار ومناشدة . وفي العراق نفسه ثمة أصوات جريئة ارتفعت بالتنديد. ولعل صحيفة الحوار المتمدن تفكر في مبادرة بهذا الشأن. وهو ما نرجوه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة