الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول ندوة تهافت الفكر الالحادي

بسام البغدادي

2013 / 5 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعد عمل شاق وطويل لسنين طويلة, بعد مئات من المقالات الفكرية التي تملأ صفحات الانترنت والصحف والمجلات اليومية بإرداتهم أو رغما عنهم. كان بحق مشواراً شاقا وطويلا. كل تلك الساعات, الآلاف من الساعات الشاقة والطويلة التي يقضيها جيش كامل من الشباب الحر والعقلاني خلف شاشاتهم كل يوم وهم مقتنعون قناعة كاملة بعدالة القضية التي يكافحون من أجلها, الحرية لنا ولهم. اليوم, وبعد جهد طويل دام لأكثر من خمسة سنين, أستطيع أن أقول, مباركة كانت جهودكم يا عقلانيون, بعد كل تلك النقرات الخفيفة على لوحة التحكم و المتواصلة ليل نهار, بعد أن أن تسللت أفكارنا عبر شقوق السد العظيم الذي كانوا يختبأون خلفه منذ 1400 سنة, نجحنا أخيرا في الوصول الى عرين الاسد. أنكسر السد وتدفقت الافكار شلالا في رؤوس الشباب العربي. أبارك لكم شبابنا الحر, أبارك لشباب الشرق الاوسط المستقبل المشرق الذي وعدنا أنفسنا به, وابارك لحركة عقلانيون النجاح الباهر الذي حققناه بفترة قصيرة مثل هذه لتحريك أكبر بركة راكدة في تأريخ البشرية.

اليوم, في هذه اللحظات بينما أكتب هذه الحروف تعقد ندوة تحت عنوان (تهافت الفكر الإلحادي) في بؤرة الفكر المتطرف والذي خلق لنا تنظيمات مثل القاعدة والحركات السلفية والوهابية, في السعودية وفي مدينة الرياض. في الندوة لا أحد يدعو لتطبيق حد الردة بالملحدين, لا أحد يطالب بقطع رؤوسهم وتعليقها في الشوارع ليكونوا عبرة لمن أعتبر, بل يجلس مجموعة من الشباب والشيوخ والشيوخ الشباب لمناقشة الإلحاد والملحدين والفكر الذي يمثله الملحد عندما ينكر دينهم. بالطبع لايوجد أي ملحد بين الحاضرين (هذا ما يعتقده المنظمون على أي حال). لكن مجرد طرح فكرة الإلحاد للنقاش تعني, بقوة, تخليهم عن منطق السلف الدموي وردود فعل الانبياء الشرسة تجاه كل من ينكر ماجاؤوا به. تخيل لو أبي بكر نظم ندوة في فجر الدعوة المحمدية لمناقشة (تهافت فكر المرتدين) حروب الردة التي سفكت دماء الابرياء مجانا. تخيل لو أن محمد عقد ندوة (تهافت فكر بني قريضة) بدل أن ينحر منهم كل من نبت شعر عانته؟ فقط تخيل, كم كان سيكون التأريخ لطيفا, وكم كانت ستكون قرائته لاتثير فينا القشعريرة من الافعال التي أرتكبت بأسم الله أو الدين الحق وتحت لواء ومباركة أنبياء (الرحمة).

نعم كان العمل شاق وطويل للوصول الى هذه الندوة التي وضعت السعودية والشرق الاوسط بشكل عام على بداية الطريق الصحيح للحوار والتبادل الفكري بدل التناحر الدموي ولغة السيوف المشرعة في الهواء. لكننا, ورغم كل شئ يجب أن نكون واقعيين ولانتسرع في تفائلنا, جيل كامل نشأ على فكر يؤمن بالنحر والتفجير والحقد على الآخر, وهذا الجيل, يحتاج منا جميعا الجهد الكبير والعمل الكثير حتى نحاصر هذا الفكر المترسخ منذ الاف السنين. قطعنا وخلال مدة قياسية مسافة طويلة جدا, اليوم الغالبية العظمى من الشباب المتدين الذين أقابلهم يرفضون على سبيل المثال لا الحصر حد الردة, بل ينكرون وجوده بالاسلام حتى في الكثير من الاحيان. هذه فقط قمة جبل الجليد الذي يطفو فوق سطح مجتمع كامل لايدرك من الدين الا تلك الصورة الرومانسية اللطيفة ويرفض بل ينكر وجود الامور اللاأخلاقية فيه.

الخطوة القادمة (والاصعب) هي الدفع للاعتراف بحقوق الإنسان, أي إنسان كان, مؤمن أو عقلاني. حق الإنسان أن يمتلك حق الاختيار والقبول أو الرفض لأي فكرة مهما كانت مقدسة أو عادية. من حق أي إنسان أن يؤمن أو لايؤمن, من حق أي إنسان أن يقدس أو ينتقد الافكار و الشخصيات العامة والتاريخية مهما كانت مكانتها أو قدسيتها. حق الإنسان وحريته بالاختيار كالايمان أو عدم الإيمان هي ألاساس الأهم في بناء أي مجتمع متوازن لاتمزقه الصراعات الدينية والطافية. من ناحية أخرى, ماهي فائدة التظاهر بالإيمان بشئ ما كالدين أو الإله لشخص لايؤمن بهذه الاشياء؟

أخيرا, فأنا لا أعتقد أن هذه الندوة المبشرة بالخير ستكون الاخيرة, لكنها أول الندوات لمشوار طويل يستدعي منا جميعا, مؤمنين وعقلانين يطالبون بالحياة بحرية وسلام جنبا لجنب. نتمنى كذلك أن نرى قريبا ندوة بأسم (تهافت رائف بدوي) أو (تهافت عبدالعزيز بن الباز) بدل زجهم في السجون وسلبهم حريتهم فقط لأنهم لم يتفقوا مع النمط العام للمؤمن في الشعوب العربية اليوم. أنا شخصيا أحلم بندوة (تهافت الفكر السني) أو (الشيعي) في العراق ويتوقفوا عن ذبح بعضهم بعض. المهم, أن نتوقف عن العنف, أن ندفن سيوفنا ونكسر فؤوسنا ونجلس نتحدث مع بعض, أو حتى بعيدا عن بعض, المهم أن نتحدث, نجلس ونتحدث لا نتناحر و نقتل بعضنا بعض.

بسام البغدادي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المكافاه الكبرى
كامل حرب ( 2013 / 5 / 11 - 00:56 )
السيد بسام بالطبع عندما يتعرى وينكشف الاسلام وتظهر عوراته وسؤاته ويتضح بالفعل انه ديانه شيطانيه دمويه وملايين المسلمين البؤساء كانوا مخدوعين طوال هذه السنيين الكالحه انهم كانوا يعبدوا الشيطان الرجيم ,حينما يحدث هذا سوف تكون المكافاه الكبرى


2 - حقا نحن تعبنا ولانستسلم إسلاما !
حميد كركوكي ( 2013 / 5 / 11 - 10:07 )
إسلاما أو أية دين فظائي وحتى أرضي! لا لن نستسلم ولا نتهود ولا نتمسح
اشتركت في أجتماع على الحدود الأيرانية مع ملحدي الفرس !تعلمت الكثير منهم حول المقاومة والتحرك ضد ولاية الفقيه، حركتهم أقوى من حركة الملحدين العرب! في أعتقادي إن أول دولة علمانية في الشرق الأوسط ستكون إيران، النضوج السياسي ضد الهلوسة الشيعية عضيمة جدا،هنالك،، ما نترقب هي شرارة الثورة القادمة، الشباب في إيران أكثريتهم أصبحوا ملحدين، وكذلك هنالك حركة إلحادية قوية في تركيا ضد أوردوغان الرجعية لكن ليست ناضجة كما الحال في إيران، رأس البلاء والتحميق لحد الآن هي پاكستان المنافقة، لكون هذا الشعب مصنوع من قبل الأنگليز ضد وحدة التراب الهندستاني وضد مهاتما گاندي في الأربعيانات القرن الماضي! هذا وشكرا لكم يامبتسم بسام..

اخر الافلام

.. المقاومة الإسلامية في لبنان ترفع من وتيرة عملياتها على الموا


.. أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم




.. شبكات | مكافآت لمن يذبح قربانه بالأقصى في عيد الفصح اليهودي


.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟




.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني