الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضرورة دق ناقوس الخطر..... التعليم الجامعي ينهار !!!

العربي عقون

2013 / 5 / 18
التربية والتعليم والبحث العلمي


الذي حدث ويحدث للتعليم في الجزائر لا نظير له ومع ذلك لا أحد يهتمّ أو يكترث ... وماذا يُنتظَر من المنظومة التعليمية عندما تتسلّط عليها أرمادا من المسيِّرين الفاشلين غير التدهوُر والانحطاط .
كان عندنا تعليم حداثي نموذجي موروث عن الفترة الكولونيالية خرّج آلاف الكوادر بل إنه حتى من كان حظهم في ذلك التعليم قليلا أظهروا قدرات وكفاءات رفعتهم إلى العالمية ... ومن حسنات التعليم ما قبل الاستقلال وجود ثلاث مدارس ثانوية كانت تسمى الثانويات الفرانكو إسلامية عرفت بجديتها وجودة مناهجها البيداغوجية والعلمية وكان خريجوها هم الذين بنوا دولة الاستقلال ... وطبيعي أن تأتينا الحداثة على يد اللغة الفرنسية في بلد مستعمر من فرنسا على امتداد أكثر من قرن وربع القرن ومنذ بروز النخب الأولى في أعقاب الحرب العالمية الأولى إلى استقلال البلد في بداية الستينيات كانت اللغة الفرنسية قد تجذّرت في الأوساط الاجتماعية خاصّة نخب المدن بينما كان حظ اللغة العربية التي هي لغة الشعائر الدينية قليلا أمّا اللغة الأمازيغية وهي اللغة التاريخية للجزائر وباقي بلدان شمال أفريقيا فإنها كانت مطموسة وزاد وضعها تدهورا بحيث التقت عليها لغتان : العربية لغة النصّ الديني "المقدّس" واللغة الفرنسية لغة الحداثة والإدارة الاستعمارية.
الذي حدث غداة الاستقلال كان في غاية الحماقة ... لقد تشكّل لوبي قومي من الجزائريين العائدين من عواصم الأيديولوجية البعثية يسندهم جيش الحدود وبعض القوى الرجعية من مريدي الثقافة التقليدية ذلك اللوبي الذي استولى على التعليم ووقف ضد أول وزير للتربية - وهو خريج المدرسة الفرانكوإسلامية (1)- الذي أشار بتوسيع ذلك التعليم ليشمل كل البلد وفي رأيه أنه التعليم الذي يمكن أن يدفع بالبلد إلى الأمام ولكنه لقي مقاومة شرسة من ذلك اللوبي الذي يختفي وراء العروبة والإسلام ويشن حربا "مقدسة" ضد الحداثة تحت شعار "الفرنسية لغة استعمار".
أصبح في الجزائر منظومتان تعليميتان متنافرتان متعارضتان واستورد لنا المرحوم مولود قاسم تعليما تقليديا أزهريا اسمه "التعليم الأصلي" الذي فتح أبوابه لكل من فاته سنّ التمدرس وكان شرط الدخول إلى هذا التعليم هو حفظ ما تيسر من القرآن وتم جلب آلاف الأساتذة الأزهريين على الخصوص للتدريس في ما كان يعرف بثانويات التعليم الأصلي في غفلة من القيادة السياسية المنشغلة بالانقلابات.
هذا التعليم في ظرف وجيز سيضخّ الآلاف من تلاميذه في جامعات الجزائر وكانت يومها ثلاث جامعات إحداها في عاصمة الجزائر وهي الجامعة الوحيدة الموروثة عن الفترة الاستعمارية والثانية في قسطنطينة والثالثة في وهران وستتكوّن من هؤلاء نواة الحركة "الظلامية" التي رفعت شعار تعريب التعليم ليكون الجسر الذي سيضمن العبور إلى الخطوة الحاسمة في نظرهم وهي أسلمة البلد وأخونته ووهبنته. وهو الذي حدث في تسعينيات القرن الماضي.
استولى التقليديون دعاة تعريب التعليم وأسلمته (أي إخضاع المعرفة العلمية لرؤى الفقهاء السلفيين والوهابيين) على كليات العلوم الإنسانية في عموم جامعات البلد وأهدى لهم النظام جامعة على نمط الجامعات الدينية في الشرق الأوسط التي تحولت إلى هيئة دينية تمارس الرقابة على الأفكار في عموم البلد من خلال دعاتها ومريديهم الذين يتخرجون بالمئات كل سنة .
هذا الوضع باختصار هو الذي أوصل كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية إلى وضع متدهور بحيث تراجع مستوى التعليم والتحصيل وكان التعليم الأساسي الذي طبّق منذ ثمانينيات القرن الماضي قد دمّر التعليم الابتدائي والثانوي وتحولت شهادة البكالوريا إلى مجرد شهادة مدرسية ... وجاء نظام LMD ليفعل في الجامعة ما فعله التعليم الأساسي في التعليم الابتدائي والثانوي ومن الغرائب أن شهادة الدكتوراه في النظام السابق التي لا يتحصل عليها الأستاذ إلا وهو على أبواب التقاعد وكأنها شهادة "شيخوخة" أصبح في الإمكان الحصول عليها في نظام الـ LMD من قبل شاب لا يتجاوز الثلاثين سنة من عمره وكأنها شهادة "مراهقة" فكرية .
وأمام هذا التدهور وعوض دق ناقوس الخطر ظهرت نقابات من الانتهازيين والوصوليين تضغط على الوزارة وتنادي بإلغاء التأهيل الجامعي (1) وإلغاء المقال ... مع أنه في بلد مجاور يشترط على المتقدّم لامتحان التأهيل نشر مقالات في دوريات متخصصة بما يفوق 250 صفحة حرصا على مستوى وجودة التعليم أما في الجزائر فبعد بدعة العتبة(2) في التعليم الثانوي ها هي بدعة إلغاء امتحانات التأهيل وتحويل الدكتوراه إلى شبه امتحان إثبات المستوى الذي ينظم لغير المتمدرسين في منظومة جامعية يسيطر عليها سلك إداري بيروقراطي من الفاشلين الذين لا يهمهم إلا البقاء في مناصبهم لممارسة الفساد المالي والعلمي والبيداغوجي إلى درجة أن طالب الماستر الذي يشترط عليه إنجاز مذكرة لا يكاد يكتب جملة صحيحة واحدة لان الماستر الذي يفترض أن ينتقل إليه نخبة التدرج أصبح في الجامعة الجزائرية للجميع ... ألسنا البلد الوحيد في العالم الذي تمنح جامعاته "تربصات" بالعملة الصعبة للسكرتيرات والفراشين من أموال الشعب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (les lycées franco musulmans) هي مدارس ثانوية تقدم تعليما رصينا ونوعيا يقوم على تدريس العلوم الحديثة وعلى تعليم اللغتين العربية والفرنسية والآداب العربية والكلاسيكية ويمتاز خريجوها بكفاءات عالية.وعبارة إسلامية يقصد بها الجزائريون لأن الإسلام في أدبيات الفترة الكولونيالية ليس دينا للجزائريين فقط ولكنه هوية أيضا.
(2) التأهيل (habilitation universitaire) امتحان يتقدم إليه الطالب أمام لجنة بعد حصوله على الدكتوراه بسنة أو أكثر ويشترط عليه أن يكون قد نشر مقالا على الأقل في دورية متخصصة لكن في بلد مثل تونس حيث الحرص على المستوى من الأولويات على الطالب أن يكون قد نشر عددا من الدراسات والمقالات بما يساوي أو يفوق 250 صفحة لأن النجاح في هذا الامتحان يؤهل صاحبه لإدارة البحوث والإشراف على المذكرات والرسائل الجامعية .
(3)العتبة كما ذكر لي أساتذة التعليم الثانوي هي تحديد الدروس التي سيكون موضوع سؤال البكالوريا منها أي استثناء عدد من الدروس من المقرر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير