الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانقلاب الى فكرة الانتماء الاولى

فاطمه قاسم

2013 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية



لا..لم تنجح الحركة الصهيونية، رغم قوتها في حشد العالم لصالح مشروعها الاستيطاني الإحلالي، الذي قام على أساس مقولة خاطئة وغير مدروسة جيدا،و هي "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض" فقد رد الشعب الفلسطيني على هذه المقولة بإرادة عظيمة، هي إرادة التحدي ، ذلك أن الكوارث الكبرى، مثل كارثة النكبة الفلسطينية التي وقعت قبل خمس و ستين سنة، التي اقتلعت شعباً كاملاً من جذوره، و أبادت حضوره في ذاكرة التاريخ و الجغرافيا، و انكرت وجوده، و أحلت رواية ملفقة في مكان روايته الأصلية، مثل هذه الكوارث الكبرى التي يبلغ فيها التواطؤ و النفاق الدولي أقصى مدى، و يعبر فيها اضعف الضعفاء عن نفسه إلى أقصى مدى، لا يمكن مواجهتها بالعادي، و لا بالذوبان في ما يقوله الآخرين، و لا باستمرار عبادة الآلهة القديمة، بل لابد من الانقلاب الى فكرة الانتماء الاولى، انقلاب في المفاهيم، و في الأفعال، و في التصورات عن الواقع و كيفية التعاطي معه، و إذا كنا منصفين حقاً، فسوف نرى أن هذا الشعب الفلسطيني الصغير، الذي داهمته الكارثة مثل الطوفان، و استنكر الجميع حقوقه واستهان بآلامه كما لو أنها لعبة للتسلية، وردد الأقوياء رواية العدو – الحركة الصهيونية – بنوع من التحيز المبالغ فيه، وصلت الأساطير و الخرافات بديلاً عن الحقائق في الوعي الدولي، هذا الشعب الفلسطيني استفاق من صدمة النكبة و من هول الكارثة بسرعة قياسية، سرعان ما تقاسمه الجميع بدون استثناء، و كانت أرضه التي بقي فيها محرمة عليه، و كانت ذكرياته يعاقب عليها، و كأن فعله المبادر تهمة بالخيانة العظمى، و رغم ذلك، فإن هذا الشعب الصغير، رد على النكبة بسرعة فائقة حين استجمع شتاته و شكل حركته الوطنية و بدأ في الصدام القوي مع مخططات إنهاء القضية التي كان عنوانها في بداية الخمسينات التوطين للاجئين في صحراء سيناء.
و أستطيع أن أزعم بكل ثقة، أنه ما من زعيم عربي كبير مثل جمال عبد الناصر مثلاً إلا و تعلم على يد هذا الشعب الصغير المناضل، فقد تعلم عبد الناصر على يد الشعب الفلسطيني في حصار الفالوجا كيف يقرأ الواقع في بلاده – و هذا ما اعترف به في كتابه الأشهر فلسفة الثورة – كما تعلم على يد الشعب الفلسطيني حين رفض ضم قطاع غزة إلى مصر، و حين رفض مشروع التوطين في سيناء بعد أن كان قد وافق عليه، و هكذا حدث الانقلاب الشامل في حياته و حياة الدولة المصرية كلها ثم ذهب الشعب الفلسطيني إلى حدوده القصوى مرة أخرى حين أطلقت حركة فتح ثورة الكفاح المسلح، الثورة الفلسطينية المعاصرة، و حين خاضت الثورة معركة الكرامة خارج كل المعايير المألوفة لحرب الشعب، و حين استطاعت حركة فتح التي هي العمود الفقري للكينونة الفلسطينية، أن تكون ظاهرة كبرى اذهلت بفعلها كل من في هذه المنطقة، لأنها كانت عابرة للقوميات و الطوائف، فجعلت الشعوب العربية في الأردن و سوريا و لبنان و أقطار أخرى تتحمل عن وعي و رضى آفاق التضحية الكبرى، لأن نموذج الممارسة الفلسطينية القائم على المبادرة في حدها الأقصى كان يستحق هذا التواصل و الإيمان و الإعجاب.
لو لم يكن الشعب الفلسطيني حاضراً بقوة غير عادية فوق مسرح الأحداث، لتحولت النكبة إلى شيء عادي في هذه المنطقة، لو لم يمارس الشعب الفلسطيني قاعدة انا الجاهز دائما في افضل وأقصى حدودي في الرؤية و الممارسة و التضحية لكانت إسرائيل إمبراطورية كما كان يتوهم بعض مؤسسي الحركة الصهيونية "من الفرات إلى النيل أرضك يا إسرائيل" و لكن الطرف الرئيسي الذي كسر هذا الوهم هو الشعب الفلسطيني الذي أتقن فن الاشتباك، و استحدث لهذا الاشتباك نماذج لم تكن معروفة من قبل، و خلق في وعي الأمة وعياً جديداً، وعي الجاهزية في حدودها القصوى، وعي الاشتباك الدائم، وعي الهروب من اللحظة المخنوقة بفعل غير متوقع، وعي المحاولة المستثمرة مهما كانت الضربات قاصمة، لأن الشعوب و الأمم لا تحيا بدون قضايا كبيرة، و بدون نقطة اشتعال مستمرة، و جاهزية معنوية قبل الجاهزية العملية، و هكذا كان دور الشعب الفلسطيني وسط أمته، هو الفعل و هو النموذج في أن واحد، هو القضية و هو الاداة لهذه القضية في آن واحد، هو يدعو إلى الفكرة الملهمة و يبدأ بنفسه، هو يتوجه بكليته إلى الخيار المجدد و هو أول من يدفع الثمن.
الآن:
و نحن في مفترق الطرق، نكاد نلامس بأيدينا حقيقة دولتنا المستقلة، و نكاد نخطو إلى عاصمتنا الأبدية القدس الشريف، يمارس الإسرائيليون ذروة العربدة على كافة الاتجاهات، ابتداءاً من الهجوم اليومي، و انتهاء بإعادة إحياء المشاريع القديمة متحالفين مباشرة أو غير مباشرة مع حركات الإسلام السياسي، التي تبحث لفلسطين بديلاً عن فلسطين، تماماً مثلما فعلت في الماضي حين وجهت الانظار إلى أفغانستان تاركة القدس ، ها هي اليوم تبحث في سيناء عن بديل لفلسطين، و تبحث عن إمارة بديلاً عن دولة وطنية، و تبحث عن وهم للخلافة بديلاً عن الاستقلال.
الحركة الصهيونية و خلفائها مستفزة هذه الأيام، تتحالف مع الشياطين لمنعنا من التقدم نحو حلمنا، و لابد أن نكون جاهزين للعودة إلى حالة الجاهزية القصوى، لابد للفلسطينيين أن يعودوا في المقدمة، و فوق مسرح الأحداث، و أن يتشبثوا بحقهم في أن يكونوا هم البشرى و الفعل في آن واحد،لان ما يخيف في هذه الايام ان تتحقق المقولة الصهيونية عبر ما يحدث في وطننا العربي من تحلل للشعوب وتفكك للأنظمة وغياب مقلق للوعي الجمعي العربي وخير ما استحضرته لأنهي به ما كتبت ما قال شاعرنا الكبير معين بسيسو "الجواسيس الكبار سلمونا للجواسيس الصغار"



`








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا