الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأداء الحكومي وإشكال تعزيز الثقة في المؤسسات

سامر أبوالقاسم

2013 / 5 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


الصورة التي أصبح عليها المشهد السياسي المغربي هي أكثر تركيبا وأشد تعقيدا، بسبب غياب مشروع حكومي وقناعات وخبرات وكفاءات وآليات قادرة على حل الإشكالات المطروحة اليوم على البلاد. وقد كان ممكنا، لو تم استحضار القليل من التواضع، والكثير من الانفتاح على الآخر، في إطار الديمقراطية التشاركية، أن يتم تفادي كل هذه الوقائع السياسية المُفرقِعة للوضع العام والسائرة به إلى مآل مجهول.
فبالنظر إلى الاختلالات العميقة الموجودة في طبيعة وشكل الأغلبية الحكومية "المسؤولة" عن تدبير الشأن العام، ما كان بالإمكان سوى السقوط في مطب التعثر على مستوى أجرأة مضامين ومحتويات الدستور الجديد، سواء على المستوى القانوني والمؤسساتي أو على مستوى الحكامة في التدبير السياسي والإداري والمالي.
وبالنظر إلى القصف السياسوي العشوائي الذي تمارسه بعض الأحزاب السياسية المشكلة للأغلبية الحكومية فيما بينها، وتتطاير شظايا قذائفه إلى أحزاب ومؤسسات وإطارات وجماعات وأفراد بين الفينة والأخرى، ما كان ممكنا إلا الانحدار إلى مستوى المزايدات الحزبية الضيقة التي يمارسها الحزب الأغلبي عن طريق تهديد الجميع بالرجوع إلى الشارع دون أدنى احترام للشرعية التمثيلية لباقي الأحزاب المتواجدة داخل البرلمان، ولم يكن ممكنا إلا السقوط في تداول بعض قادة الأغلبية لرعاية التدبير الحكومي الحالي للفساد عبر التعيين في المناصب السامية بالمحسوبية والزبونية والحزبية الضيقة بدل الكفاءة والمردودية، على سبيل المثال.
وبالنظر إلى معضلة البحث عن مخارج لأزمة التحكم السياسي، الممارس من طرف الحزب الأغلبي، خارج سياق التمكين الدستوري، الذي يمنح المعارضة الحق في الاستفادة من الإمكانات والإمكانيات لممارسة المهام المرتبطة بالتشريع ومراقبة العمل الحكومي والديبلوماسية الموازية.. وفق القواعد الديمقراطية، ما كان متاحا سوى أن تجد المعارضة نفسها أمام فراغ سياسي مهول يطرح أكثر من علامة استفهام حول ما يمكن معارضته في الوقت الحالي.
وبالنظر إلى انسداد أفق أي احتمال للجلوس إلى طاولة المفاوضات سواء داخل الأغلبية أو بين الأغلبية والمعارضة، لم نكن نحن المغاربة نحتمل سوى السقوط في فخ طغيان هاجس تغليب المصالح الحزبية على مصلحة الوطن والمواطنين لدى الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية، وما كنا ننتظر سوى الانجراف وراء أحداث ووقائع سياسية تصب في اتجاه الزج بالبلاد في مخاطر هي في غنى عنها لو تم اللجوء بصددها إلى نوع من النضج السياسي والروية في التفكير وإبداع الحلول.
وبالنظر إلى توتر العلاقات بين الحكومة والإعلام بشكل عام، وبينها وبعض قنوات القطب العمومي بشكل خاص، بفعل منطق التحكم الذي يتسم به التدبير الحكومي وبفعل الهجومات المرتكزة على التحريض على الكراهية من قبل الحزب الأغلبي، وبالنظر إلى سوء تقدير الحكومة لطبيعة وشكل الأدوار التي تضطلع بها العديد من إطارات المجتمع المدني، سواء في شقها الحقوقي أو النقابي أو الثقافي أو الفني أو التربوي... ما كان ممكنا سوى الدفع في اتجاه المزيد من عزل الحزب الأغلبي لنفسه داخل محيطه السياسي، وتقوية مشاعر اليأس والإحباط التي من الممكن أن تدب في صفوف كافة المواطنات والمواطنين.
وبالنظر إلى التراجع الملحوظ في الأداء الحكومي على مستوى تفعيل الاستراتيجيات المتنوعة بتنوع القطاعات في مجالي الحماية والنهوض بثقافة حقوق الإنسان والثقافة الديمقراطية وثقافة المواطنة، ما كان ممكنا سوى السقوط في كل هذه الأشكال من الممارسات والتصرفات السياسية والخطابية اللامدنية والعدوانية، الموسومة بنفحات عالية من الكراهية والنزوع نحو الغلو والتطرف.
وبالنظر إلى تواجد جميع الفاعلين اليوم، ومعهم الرأي العام الوطني، في غرفة انتظار مآل مشهدنا السياسي، في ظل السيناريوهات المحتملة والممكنة لحل أزمة فشل التدبير الحكومي، ما كان ممكنا لهذا المشهد سوى أن يرسم لنفسه صورة تحمل من المؤشرات ما يمكن أن تكون مبعث هَزٍّ للثقة في المؤسسات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء