الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ-

سامر أبوالقاسم

2013 / 5 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


لقد كان المفروض في السيد رئيس الحكومة أن يتفاعل مع قرار الاستقالة الذي خرج به حزب الاستقلال لكنه لم يفعل، وكان عليه أن يبحث للأزمة الحكومية عن مخرج فلم يفعل، وكان ينبغي له أن يعترف بأن لا مجال عنده للمناورة السياسية جراء رعونته فلم يفعل، وكان عليه أن يعمل على تجميد وزراء حزب الاستقلال إلى أن يتراجع مجلسه الوطني عن قرار الاستقالة فلم يفعل.
وكل ما كان قادرا على فعله هو التزام الصمت في الوقت الذي كان الأمر يتطلب الخروج بالموقف، ودفن الرأس في الرمل وكأنه لم يسمع بالقرار وتحجج بعدم التوصل رسميا من الحزب المعني. وحين خرج قياديوه للإعلام صرحوا بتشكيكهم في مهاتفة الملك لشباط، وادعوا أنهم في طريقهم سائرون ما داموا يتوفرون على "ثقة الملك".
وها هو الرأي العام اليوم، يقف عند أخبار متداولة على أوسع نطاق، عبر بعض المنابر الإعلامية، تفيد أن الحزب الأغلبي يجري اتصالات متسترة مع حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي قال فيه ما لم يقله مالك في الخمر.
لابد من الإقرار، في ظل وضعنا السياسي الراهن، وفي ظل الأزمة الحكومية المتفاقمة بفعل تأزم العلاقة بين مكوناتها، بأن كل دقيقة تمر من عمر المنظومة السياسية المغربية، تعني المزيد من إضاعة الوقت المخصص لإصلاح ما يمكن إصلاحه.
ولابد من التأكيد على أنه إذا كانت هناك من دعوة ينبغي توجهيها، فهي دعوة النخبة السياسية المغربية لاتخاذ القرارات الملائمة واستتباعها بالخطوات السياسية العملية الضرورية، من أجل الحسم في وقف هذا النزيف السياسي القائم ضدا على مصالح المواطنات والمواطنين، ومن أجل السعي بجدية لحماية الشعب المغربي، وحفظ كرامته، والعمل على تحقيق حاجاته وانتظاراته المشروعة.
فمسلسل التنابز الحزبي المتواصلة حلقاته، ومسلسل التستر على العجز الحكومي في التعاطي مع القضايا الكبرى والمصيرية للشعب المغربي، ومسلسل الوقوع في محظور قيادة الحزب الأغلبي للحكومة الحالية بدون تصور ولا برنامج ولا خبرة ولا كفاءة ولا أطر، كلها تضع النخبة السياسية برمتها أمام اختبار حقيقي، وتتطلب منها التحرك لوقف نزيف هذا الفشل الحكومي الذريع، قبل أن تستفحل الأمور أكثر، وقبل أن تتصاعد وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية أكثر، فنصبح أمام فشل سياسي بكل مقوماته.
إن هذا الوضع الشاذ لحزب العدالة والتنمية داخل البناء السياسي المغربي، قد انتقل من كونه يشكل خطورة على الوضع الاجتماعي كما تبدى ذلك للجميع خلال العقد السابق، إلى كونه ينقل اليوم هذه الخطورة إلى مؤسسات الدولة ذاتها.
فبعدم إقدام الحكومة ـ إلى اليوم ـ على أجرأة الدستور على مستوى صدور القوانين التنظيمية وملاءمة القوانين العادية، بما يضمن تحديدا دستوريا ديمقراطيا مستجيبا لفلسفة وروح دستور 2011، وهي قوانين على قدر كبير من الأهمية من حيث تحديد الاختصاصات والصلاحيات المخولة لكل المؤسسات الدستورية، وعلى قدر أكبر من الأهمية على مستوى الحد من تسلط الحكومة كجهاز تنفيذي على باقي مؤسسات الدولة، فالمغرب في غير منأى عن استفحال وتضخم "أنا" هذا الحزب الأغلبي، الذي قد يصبح ضاربا عرض الحائط كل الأدبيات والأخلاقيات المتعارف عليها سياسيا، كما هو الشأن بالنسبة للغته وخطابه السياسي اليوم، بل وقد يصبح مهددا لكل البنية القانونية، كما يتبين من خلال تهميشه للمؤسسة التشريعية وللمعارضة البرلمانية ولإطارات المجتمع المدني.
فهذا الحزب الأغلبي عمل على إيصالنا إلى وضع شاذ، فهو حزب سياسي مسلح بمرجعية دينية منغلقة داخل دولة منفتحة، ومشارك في الهيكل السياسي للدولة دون أن يكون متقاسما مع باقي المكونات السياسية أية نقط ارتكاز تصورية أو برنامجية أو تدبيرية، وممارساته السياسية تشكل استثناء من حيث تسلطه على الحلفاء والخصوم السياسيين في الآن معا، ولا ينتبه نهائيا إلى ما يمكن أن يؤدي إليه من الزج بالوضع كله فيما لا تحمد عقباه.
فكل المتتبعين والمهتمين لاحظوا "جرأة" هذا الحزب الأغلبي على تجاوز كل الحدود، ليزج بنفسه وبقيادييه ومنخرطيه في قلب معارك في عمق الساحة السياسية، دون أن يستثني من هذه الحرب أي حزب وأية مؤسسة وأي إطار، متجاوزا بذلك كل الأدبيات والأعراف السياسية والوطنية، وحتى الأخلاقية.
وإذا كان من أمر يعد على مستوى أكبر من الأهمية اليوم، فهو أمر مراجعة هذا الحزب الأغلبي لمواقفه، حفاظا على وحدة الوطن، وخوفا من الوقوع في الاقتتال، الذي لن يفيد أحدا في بلادنا، ولن يعمل سوى على تعطيل آليات الانتصار لقضايا الوطن وحقوق شعبه، وكرامة وحرية ومساواة مواطناته ومواطنيه.
كما لا يمكن أن يمر هذا الأمر ذاته، دون أن نقف على تأكيد عدم توفق المعارضة، البرلمانية وغير البرلمانية، في العمل على خلق تقاطبات سياسية واضحة، وتوحيد الصف المعارض للاتفاق أو التوافق على مخرج لهذا الوضع السياسي المختل على العموم، ولهذا الوضع الحكومي المضر للمصلحة الوطنية العامة على الخصوص.
إن سقف الانتظارات داخل المجتمع المغربي آخذ في الارتفاع مع السياسات الحكومية اللاشعبية الحالية، واحتمالات ارتفاع الضغط الاجتماعي ممكنة مع التدبير الحكومي اللاديمقراطي، وإمكانات تأجيج الاحتجاجات قائمة مع هذا الوضع الذي يعرف مزيدا من الضغط على القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إنسحاب وحدات الجيش الإسرائيلي وقصف مكثف لشمال القطاع | الأخب


.. صنّاع الشهرة - تيك توكر تطلب يد عريس ??.. وكيف تجني الأموال




.. إيران تتوعد بمحو إسرائيل وتدرس بدقة سيناريوهات المواجهة


.. بآلاف الجنود.. روسيا تحاول اقتحام منطقة استراتيجية شرق أوكرا




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل.. هل تتطورالاشتباكات إ