الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتنة شعار -الإسلام هو الحل-

سامر أبوالقاسم

2013 / 5 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"الفكر الإسلامي" كما هو متداول في حقلنا الثقافي العام، يرمز أساسا إلى تلك البنية المعرفية الدينية المنحصرة في الإسلام من ناحية، وإلى كافة التفاعلات القائمة بين تلك الآليات المنهجية والمعرفية والعلمية التي تنتمي إلى مختلف حقوله الشرعية والفلسفية واللغوية...
وهو بذلك فكر يقوم بعملية فحص الوحدات الأساسية لهذه الآليات، قصد تمكين المتلقي من طرق تركيبها، والمساهمة في إضفاء طابع خاص على كل الخصائص الوظيفية للصورة الدينية الإسلامية.
فالانكباب على دراسة "الفكر الإسلامي"، لا يمكنه أن يكون سوى مُكمِّلا لمختلف أنواع وأشكال الدراسة الخاصة بالعدة النظرية ذات الصلة بهذا الفكر، ولِمَ لا إعادة القراءة من جديد لكل ما له ارتباط بمرجعيات وأدبيات هذا الفكر في مختلف الكتابات العربية والإسلامية وحتى الغربية.
وهذا الاهتمام فيه نوع من التجاوب مع الرغبة في معرفة نوع العوالم المتصلة بالعدة المرجعية الإسلامية، كما أن فيه نوع الاستزادة من منفعة التعرف على العديد من التفاصيل الموظفة في تحسين أو تقبيح الصورة التدينية من حيث الخصائص التفكيرية.
لأن هذا الفكر، بكل ما يتضمنه من معارف، يضفي على التفكير طيفا من الأشكال والأنواع والأجناس الإبداعية الإنسانية، ذات الصلة بالقدرات اللامحدودة لدى الإنسان، الذي على لا زال مستعصيا على الإدراك والفهم، خاصة إذا ما اقْتُرِنَت قدراته بتفسير أو تأويل نص ديني.
والمشتغل على مادة المعرفة الدينية، هو ذاك الإنسان البسيط، الذي يأخذ في الكبر شيئا فشيئا، ليتضخم في أعين بعض المتدينين، لا لشيء سوى لصعوبة تصنيفه ضمن خانة من الخانات أو جنس من الأجناس أو صنف من الأصناف في جميع التداولات الثقافية والإبداعية والفنية، وهذا هو وضع الإنسان بالضبط فيما له اتصال بالمعتقد الديني أو الاختيار المذهبي أو التموقع الفقهي، أو التموقف السلوكي.
فهو الذي يبني تلك الصورة، من حيث تعدد وتنوع الأدوات والآليات الاعتقادية، التي تنتمي إلى عوالم الإنسان اللامحدودة في الزمان والمكان، ليشكل بذلك عمق الصورة التدينية المركبة، القائمة على نوع من التناغم غير المحسوس، بين رمزية الذات الإلهية المتعالية، وبين وضعية الإنسان الدونية في الواقع المعيش والملموس.
المشتغل على المادة المعرفية الدينية إذا، له المتعدد من إمكانات القراءة والفهم والتأويل، ولِمَ لا إمكانات التخييل، وله المتنوع من زوايا النظر، التي ينظر من خلالها إلى النص الديني في علاقته بالوجود والعالم، سواء من حيث نسج شبكات القراءة الخاصة بالوقائع والأحداث، أو من حيث تشبيك خيوط المعاني والدلالات النصية، التي قد تكون قوية وقد لا تكون، وهو بذلك يعمل على "تحقيق" إشباع تلك الرغبة الجامحة في السيطرة على النص والواقع والمتدين/الإنسان.
من الخرافات والأساطير، مرورا بالصورة الفنية القابعة وراء مختلف الأجناس الأدبية والفنية، وصولا إلى الخيال العلمي وما يليه من إمكانات متاحة للعقل البشري، فإن خاصية العيش في جميع المناخات هي التي تميز الإنسان في إطار تعامله مع بنية المعرفة الدينية واشتغاله على النصوص الدينية المؤسسة.
والمُفترَض هو أن المشتغل على البنية المعرفية الدينية ـ عموما ـ لا يمكنه أن يتسبب في الأذى للإنسان، إلا حين لا يجيد فن التعاطي مع آليات التحليل والتطبيق والتركيب والتقييم، أو حين لا يتقن فن استعمال التفكير في المجال العقدي، أو حين لا يدرك معاني الانتقال من نسق إلى آخر...
لكن أهم ما يشغل بالنا اليوم بهذا الخصوص، انطلاقا من الوقائع والأحداث ذات الصلة بالجرائم الإرهابية تحت يافطة "الإسلام هو الحل" الواقعة في مختلف مناطق العالم، وانطلاقا من هذا الزحف العارم للتصورات الدينية الانغلاقية المغالية والمتطرفة، التي تنفث سموم الحقد والكراهية في التجمعات البشرية، هو أن المشتغل في مجال المعرفة الدينية أصبح من النوع الذي عندما ينتهي من صنع شبكته التأويلية، ينتقل كما العنكبوت إلى وضعية انتظار وقوع الضحايا وحقنهم بسم تأويلاته، التي تشل حركة التفكير لدى الأتباع والمناصرين، وبالتالي يصبح تدينه عقيدة أو جزءا لا يتجزأ من العقيدة والنص القرآني، ويصبح بذلك ممتلكا لقدرة هائلة على التدمير.
فهل من تبرير للمشاركة في تكريس مشاعر الخوف وتعتيم التفكير؟ وهل من مرتكز ديني لهذا النوع من الترسيخ لحالات عدم الاطمئنان والشعور بالغربة؟ وهل من مرتكز أخلاقي لهذا الأسلوب من التعاطي مع الدين الإسلامي لخلق مناخ عام من القلق والهلع؟ وهل من نزوع إنساني لهذه الرغبة في تدمير الذاكرة والهوية واستهداف المجالات الحيوية وجعل الجميع في وضعية قلقة؟
أكيد أن وقع الصدمة كان كبيرا بالنسبة للدول والطبقات السياسية والثقافية والاجتماعية، في جميع أنحاء العالم، لكن ألم تكن تلك النخبة المشتغلة على بنية المعرفة الدينية في نفس المستوى من الصدمة التي أصابت الدول والنخب وعموم المواطنين؟ ألم تنتبه هذه النخبة إلى أن الجميع اليوم أمام معطى فعلي يهدد الأمن والاستقرار والحق في الحياة والسلامة الجسدية بمبرر الدين والعقيدة والمذهب؟
ألم تدرك هذه النخبة مدى خطورة ظاهرة الانغلاق والتطرف الديني والعقدي والمذهبي؟ ألم تنتبه إلى ضرورة تحديث بنية المعرفة الدينية الإسلامية بما يتلاءم وشروط العيش المشترك في هذا العصر؟ ألم تع أن عليها الاشتغال بمنطق تحسين مؤشرات تطوير التعامل مع هذا المعطى من منطلق تأهيل وتأصيل ثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية والمواطنة في بنية المعرفة الدينية ذاتها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف


.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية




.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في


.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك