الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلوى وتلصصٌ خاص على فرجينيا وولف

محمود عبد الغفار غيضان

2013 / 6 / 4
الادب والفن


سلوى وتلصصٌ خاص على فرجينيا وولف

أتصلُ بسلوى قرابة الخامسة مساءً كي تقابلني عند المخبز الفرنسي المجاور لمدرستها. نلتقي بين الخامسة وعشر دقائق والخامسة والربع ثم نمشي إلى عيادة الأسنان. نتحدث عن كل شيء وأي شيء بعفوية ودون إعداد مسبق؛ اللهم إلا طلبها التقليدي الذي لا ينتهي أو يتغير :" ممكن حكاية من حكايات شقاوتك المضحكة وأنت صغير"؟ بعد السلام وعلى حين غرة كانت السؤال مختلفًا :"- أبي! لماذا انتحرت فرجينيا وولف؟!" أنا... بعد اندهاشة قاومتها سريعًا متحدثًا إلى نفسي على طريقة الكوريين في الحديث إلى أنفسهم بأي مكان وبأي درجة صوت دون انشغال بالآخرين، مع فارق وحيد؛ وهو أنني تحدثتُ بصوتٍ عالٍ جدًّا لم يسمعه أحدٌ غيري :" هي في الصف الرابع الابتدائي تكتبُ واجبها المدرسي عن ثلاث شخصيات عالمية مشهورة؟! يعني لو في فصلها عشرون طالبًا مثلا، فستعرف عن ستين شخصية عالمية في مجالات مختلفة؟! أنا لم أسمع عن فرجينيا وولف إلا بعد أنْ التحقتُ بكلية الآداب جامعة القاهرة!! كيف ستعيش هذه المسكينة في مصر وماذا ستتعلم هناك؟! ولا أقصد ماذا ستتعلم في أرقى المدارس وأغلاها- فمرتبي في بلدي لن يسمح لها بهذا- وإنما في مدرسة حكومية عادية كمدرستها الحكومية العادية هنا في كوريا؟!!!

بعد تلك الجمل الخاطفة، نظرتُ إليها قائلا:" كانت تشعر أنها لم تعد لديها أي قدرة على مواجهة مرضها العقلي. قررت أن تستريح وتريح زوجها من آلامها. أما المعلومات الأكثر دقة عن حياتها فيمكننا البحث عنها معًا عند العودة إلى البيت." بابتسامة رضى، شكرتني وأحست بقيمة اهتمامي بمشاركتها واجبها المدرسي. وصلنا عيادة الأسنان. طلبت منا موظفة الاستقبال أن ننتظر قليلا. بمجرد أن جلسنا. فتحت سلوى حقيبتها وأخرجت دفترًا تسجل فيه نقاطًا خاصة بالواجبات المدرسية عادة. ثم قالت لي:" غدًا سأقابل أصحابي بعد وقت الدراسة. عندنا واجب آخر بعد ثلاثة أسابيع. مطلوب من مجموعتي -خمسة أفراد- أن نكتبَ فيلمًا. وزعنا الأدوار حسب رغباتنا وما يمكن لكل منا أن يفعله. وقد اخترتُ أنا كتابة السيناريو." .... هذه المرة. عندما فتح الطبيب فمي ليعالج عصب الضرس المعطوب، لم أشعر بأي ألم. ولم تطلب مني الممرضة فتح فمي بدرجة أكبر. فقد كان على مصراعيه حتى شعرتُ بطعم دِهان سقف الحجرة في حلقي. فاندهاشي كان من الصعب وصفه. لكن ميزته الأخرى في تلك الحظة؛ أنه تغلب على رائحة المادة التي يضعها الطبيب كل مرة في ضرسي برائحة القرنفل الذي لا أحب مذاقه. في الطريق إلى البيت. تذكرتُ جملة لأحد أصدقائي وزملائي كان يحثني على كتابة السيناريو وكنتُ آنذاك قد تجاوزتُ الثلاثين مِن عمري!! تذكرتُ كذلك واجب "الألف" مسألة حساب كلما حلَّت إجازة نصف العام كي نُحرم من كل لحظة استمتاع فيها. ربما كانت ألفًا بالفعل. وربما هي مجرد مبالغة في تضخيم الرقم بذاكرة الطفولة.

محمود عبد الغفار غيضان
"مجموعة دهاليز عالم ثالث"
4 يونيو 2013م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وما المغزى؟
حازم ( 2013 / 8 / 10 - 10:22 )
ليس من الصواب أن يعرف الطفل كل شيء في طفولته بلا مغزى. معرفة فيرجينيا وولف في كلية الأداب يمثل دورها في تطور الرواية الإنجليزية، أما طفلة تتعرف على فيرجينيا من خلال انتحارها فأين المغزى التعليمي و التربوي في ذلك؟ مع احترامي لنظام التعليم الكوري إلا أن تصنيفه عالميا يتأخر عن النظام الغربي حتى عن سنغافورة و هونغ كونغ نعلم يقينا أننا متأخرون عن الدول المتقدمة في الكثير، ولكن إذا كنا نبحث عن مثال يحتذى فلمَ نقتفي كوريا في حين أن كوريا تقتفي أثر الغرب و اليابان في مظاهر الحياة الحديثة، الأحرى أن نتبع الأصل

اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في