الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبرز المعضلات في مواجهة الحراك الشبابي اليساري التقدمي تجاه التحديات الوطنية القومية

حسن عماشا

2013 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


في خضم الصراع المتفجر والمركب، الذي يتداخل فيه الوطني – القومي مع الاقتصادي، السياسي والاجتماعي. تتشكل جملة من المعضلات كان من الصعب على المخضرمين ممن كانوا يمثلون رموزا وفعاليات ثقافية ملهمة لعبت دورا هاما في تاريخها وكانت لها بصمات مشهودة في تكوين الرافعة لحالة النهوض الجماهيري إثر سلسلة من الهزائم التي منية بها ما بين الخمسينات والستينات في القرن الماضي. فسقطوا تحت تأثير وجبروت الدعاية الامبريالية نتيجة التقاعص في مواجهة إشكاليات طرحتها مرحلة سقوط جدار برلين وما بعدها على المستويات الفكرية والسياسية.
وهنا اخليت الساحة تماما في ميدان الفكر لتملأها ثقافة الكفر بالموروث الفكري وتسللت المصطلحات المضلله لتحل مكان المصطلحات الواضحة في دلالاتها. مثل : حلول مصطلح "الناشط" محل مصطلح "المناضل" والآخر "المختلف" محل التمييز بين الوطني والعميل، والشعب محل الجماهير. والمجتمع الدولي محل الهيمنة الامبريالية إلى أخر المنظومة.
من هنا كان من الطبيعي ان تعيش شريحة من الشباب في حالة من التخبط والتيه بين الانصياع للموقف الوجداني في مواجهة العدو والخضوع لمنظومة المفاهيم المضلله في ظل الضخ اليومي المدفوع الأجر من قبل الكتبة الانتهازيين والمحسوبين على التيار اليساري والديمقراطي.
لا يمكن ان تختزل المعضلات التي تسببت في هذا التيه، بمقالة لكننا نحاول مقاربة احدى أبرز هذه المعضلات والمطروحة بإلحاح في هذه المرحلة والتي يمكن صياغتها على النحو التالي:
كيف يمكن للشباب اليساري التقدمي أن ينخرط في الأحداث الجارية دون ان يكون ملتحقا بقوى يعتبرها رجعية طائفية من جهة والوقوف بوجه قوى تشكل اداة للإمبريالية والتصدي لمشاريعها. ولا يكون خادما لها بأشكال مموهة تحت شعارات وعناويين تبدو براقة مثل: الحريات الفردية وقضايا المرأة وحقوق المثليين وحرية الفنون الخ.. وكي لا يكون منعزلا عن حركة التاريخ.
ففي ظل غياب الاطار السياسي التنظيمي والذي بحد ذاته يشكل إشكالية لا بد من ترسيخ بعض القيم التي تشكل الأساس البيئي ليبقى الاتجاه الرئيسي للشباب اليساري التقدمي في سياق منسجم مع منظومة القيم التاريخية والوطنية – القومية على ضوء التحديات الملموسة التي تعيق التقدم والارتقاء في مجتمعاتنا.
ان أي متابع حر ومستقل في وعييه لا بد ان يقر بحقيقة ساطعة وهي ان كل الأحداث الجارية في منطقتنا العربية تندرج في اطار الصراع الوطني التحرري بين قوى الهيمنة والاستئثار الإمبريالي وهذا لا يحتاج الى كثير في الاستدلال ويقر به حتى الكتبة الانتهازييين. الذين ينحرفون به لإفتعال قضايا اخرى واهية تنتهي في الوصول الى تجاهل هذا الخطر بل الى التماهي مع متطلباته.
ان قوى الامبريالية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية لا تعتمد في كل الأماكن على قواها الخاصة فلديها مروحة متعددة الشفرات تستخدمها في تحقيق مشاريعها ومخططاتها وتستند الى قوى محلية ومن نسيجنا الاجتماعي في في تأمين سيطرتها رغم وجود نزاعات بين هذه القوى هي في اطار التنافس فيما بينها للعب دور الوكيل عند الإمبريالي المهيمن. وهي جميعا ليست في حجاب أو تقيه بسياساتها بل هي مكشوفة مسبقا وتقدم اوراق اعتمادها للمهيمن من خلال ما تطرحه من سياسات وأهداف. وما تحدده من اولويات في صراعها. حتى وان كان بينها من يزعم بانه مناوئ لفظا لأمريكا وحلفائها في المنطقة والعالم.
وبالمقابل هناك قوى تتصدى لهذه الهيمنة وهي في الواقع التي تتصدر المواجهة بدء من حزب الله في لبنان وسوريا وصولا الى إيران المدعومين من دول عدة على الصعيد العالمي وابرزها روسيا والصين. وقد تتفاوت الاستراتيجيات بين قوى التصدي ما بين تحسين الشروط والتوازن في المصالح مثل العراق الى حد ما وسوريا التي تريد الحفاظ على سيادتها الوطنية وحفظ حقوق الأمة العربية. وبين إستراتيجة تثبيت الهوية القومية والعقائدية للمنطقة على قاعدة الاستقلال التام في صياغة علاقاتها الدولية وبناء قواها الخاصة الضامنة لسيادتها واستقلالها. من ضمن منظومة من المفاهيم التي تحمل الكثير من الجدل فيما هي الصيغ التي تؤمن التطور والارتقاء لمجتمعاتنا.
ان خلق التشابه بين هذه القوى المتصدية للأستعمار الجديد والقوى الخادمة له هو خلق مشبوه وبمعزل عن النوايا.
ان المعيار الذي يميز بين من هم تابعون وخدم للهيمنة الامبرالية هو في الموقف الملموس من الاستعمار الاستيطاني الصهيوني في فلسطين أولا. ثم الموقف من الشركات الأمريكية الغربية وطبيعة العقود والاتفاقات على مختلف الصعد التي تصوغها هذه القوة او تلك سواء مع البنك الدولي او الكرتيلات الاقتصادية في الغرب الامبريالي. ومدى السعي لتأمين الاكتفاء الذاتي ودعم المنتوجات الوطنية على حساب السلع المستوردة وطبيعة البرامج الانمائية الخ..
فلا يستوي الأمر بمجرد ان يكون هذه القوة او تلك تلتحف العباءة الأيديولوجية نفسها. ان المواقف العملية في الممارسة اليومية تجاه القضايا الملموسة هو الذي يميزن بين القوى . اما حالة التداخل في بعض الأحيان والتي تؤدي الى تقاطعات وتفاهمات بين قوى تابعة بالكامل وبشكل واضح للإمبريالية واخرى مقاومة لها فهذا يأتي في سياق التكتيك قد يكون له ما يبرره في مرحلة معينة وقد لا يصح فان التوازن الدقيق بين ما هو تكتيك يهدف الى الاستفادة من تناقضات جبهة الخصم هو أمر مشروع شرط ان لا يؤدي الى تكبيل قوة المقاومة وفي هذا السياق وعلى سبيل المثال لا الحصر: اقام حزب الله تفاهمات مع تيار المستقبل لكنها لم تكن على حساب تقييد المقاومة بل كان تيار المستقبل يتبنى موقف المقاومة وان كان من جهته يعتبره أمرأ تكتيكيا أيضا وليس إيمانا منه بالمقاومة كخيار.
ان تحقيق اي قدر ووزن سياسي بحجمه وقيمته الموضوعية وحده الذي يشكل ضمانة للتأثير في مجرى الأحداث وتبعا لهذا الوزن تتحدد القدرة على صياغة الأحداث وأي تصور آخر مبني على التفاهمات او التقديرات الذاتية هو تصور واهم وغير علمي. كما انه لا يمكن بناء خيارات في رسم الأحداث بناء على اعتقاد بما يجب ان تفعله هذه القوة او تلك لأن كل قوة لها رؤاها ومفاهيمها واولوياتها وأساليبها.
كل لحظة من التاريخ هي واقع موضوعي تاريخي وحدهم من يحيطون بحركة التاريخ يستطيعون ان يجدوا لأنفسهم المساحة وحجم الدور الذي يلعبونه في صناعة التاريخ الموازي لقدرتهم في ادراة التناقضات السياسية والاجتماعية. وكل انعزل عن حركة الصراع في أي لحظة هو في جوهره تعبير عن افلاس وعجز والعذر الواهي بالتعقيدات التي تبرر التخلف عن مواجهة التحديات والقعود بانتظار متغيرات تكون اقل تعقيدا هو في حقيقته تخلف سوف يؤدي حتما الى ازدياد التعقيدات وبالتالي الابتعاد اكثر عن الفعل في التأثير بالأحداث .
من هنا حين نتصدى ولو بالكلمة الى التحديات الرئيسية نكون في أول الطريق لبناء الأثر الحقيقي في الدور المناط بكل من يعتبر نفسه مناضلا يحيا دوره في مجتمعه. وبقدر ما يتعاظم حجم التأثير والحضور يتبين صحة او عدم صحة الخيارات التي نتخذها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء