الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا أنا متفائل؟

محمود عبد الغفار غيضان

2013 / 6 / 29
كتابات ساخرة


- لأننا شعب لا حدود لتوقع ما يمكنه القيام به وفي أحلك الظروف. هذا الشعب الذي يقسمه الكثيرون ويصنفونه إلى فئات ويجلسونه على الكنبة وكأنه لا حول له ولا قوة قادر على ابتلاع كل تيارات الإسلام السياسي وفئات معينة من المعارضة عند تأكده أنها تُحرق مصر بالفعل.

- لأننا شعب يتعلم بالممارسة عندما يتجاهل التاريخ أو يتناساه. يتعلم أن سقف توقعاته وأحلامه بعد الثورة كان عاليًا ومبالغًا فيه ويقدّر الآن أننا في حاجة لزمن للإصلاح وهو مستعد للصبر لكن بشرط أن يرى من في الحكم يبذل جهدًا من أجل مصر لا من أجل جماعته وأهله وعشيرته. وبالمناسبة في الخطابات الأخيرة للرئيس اختفت هذه الجملة "الأهل والعشيرة" لأنه بدأ يفهم الدرس، لكن كعادة الحكام العرب يفهمون في الخمس دقائق الأخيرة قبل وصول البوليس.

- لأننا كنا نخاف من التعبير عن آرائنا حفاظًا على أرواحنا وأهلنا وأعمالنا. الآن لا أحد يخشى شيئًا. يعلمون أنهم قد يموتون وينزلون للشوارع لأنهم لا يرضون بالحياة الكريمة بديلاً.

- نحن شعب لم يعش في عصره الحاضر الخلافات الإيدلولوجية الحادة تحت حكم العسكر منذ أكثر من نصف قرن. يعني الجدل عندنا كان عادة رفاهية مثقفين وفي قضايا محدودة طوال الوقت، وأحيانا النظم الحاكمة كانت تستغلها لتحقيق مصالح معينة. فتظهر في فترات بعينها ظواهر أو قضايا تثير الجدل بشكل واسع ثم تختفي ليحل غيرها محلها وهكذا كان هناك صناع للأزمات والجدل بمهارة وخبث يفوق كل خبرات الشياطين ودهائهم. وبالتالي فدون جدل حول قضايا كبرى مثل الوجود المشترك في وطن واحد لا يمكن بحال من الأحوال أن أعرفك وتعرفني. قد نتصادم ونتعارك لكننا ككباش أدماها التناطح وأرهقها وأوهن أجسادها التدافع ستهدأ شاءت أم أبت لتلتقط الأنفاس وساعتها سترى مختارة أو مجبرة الأمور من زاوية أخرى قد تغير كل شيء.

- المحروم من الطعام لفترة طويلة سيأكل حتى يسقط مغشيًّا عليه. العطشان في الصحراء قد يشرب من أول بئر رطب يصادفه حتى الموت. وبالتالي أتصور أن كل هذا العنف اللغوي والجسدي في الشارع سيهدأ مع الوقت. سنتعلم أننا يمكن أن نتجادل دون أن نتقاتل وسنتعلم أن المواطنة لا تعني الوصايا على سلوكيات الآخرين إلا فيما يتعلق بما يقومون به من أفعال تؤثر مباشرة على وجودي أنا الشخصي في هذا الوطن. فأن تذهب للمسجد أو الكنيسة هذا شأنك الشخصي لكن أن تكسر سماعة التليفون العمومي في الشارع فأنا لن أتركك حتى تدفع ثمن إصلاحه لأنه ملك لنا جميعًا.

- نبرة زج الدين في كل شيء وتكفير كل من يقول بفشل نظام حكم ينسب نفسه للإسلام ستنتهي لأنها حققت غرضها مرة أو مرتين في الاستفتاءات أو الانتخابات لكنها لن تُجدي مع الشعب المصري مستقبلاً. إنها تشبه التعبيرات الرمزية الحلوة التي تذهلنا وتدهشنا في قصيدة معينة. فما أن يرددها كل الشعراء في قصائدهم حتى تصير ركيكة وتفقد معناها ويتحول تأثيرها إلى النقيض. الشعب المصري ذكي ومتدين بالفطرة. يحب الإسلام والمسيحية باعتدال وسماحة ووسطية. الشعب المصري لن يكون نموذجًا لأي بلد عربي آخر- مع احترامي للجميع- لأنه باختصار هو الذي علم الجميع وقادهم للتنوير في العصر الحديث.

- نبرة التخويف من الإسلام. وتأطير كل المسلمين بأنهم متخلفون ومتعطشون للدماء وخونة وعملاء لمشاريع وأجندات معينة ولو على حساب الوطن هي الأخرى لن تنجح لأن كثيرين ممن ينتمون لتيارات الإسلام السياسي- وتحديدًا الشباب- في منتهى الوطنية والوعي والرهان عليهم لن يؤدي للخسارة أبدًا.

- مصر لن تقوم فيها حرب أهلية. لن يحكمها سوى نظام مستقر معتدل وسطي سمح يقدمها كبلد ويقدم شعبها بكل طوائفه على أي مصالح خاصة أو حزبية أو طائفية.

- أيها السادة نحن الآن في زمن المسائلة ووضع كل شيء موضع الاختبار. هذا كان من المستحيل أن يحدث زمن مبارك أو تحت حكم العسكر. وهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى. نعم. أنا في حاجة لاختبار كل ما أعتقد به وأصدقه حتى أعرف موقعي منه وموقفي كذلك. كل العقلاء الذين يراقبون ذواتهم من الداخل والخارج بضمير وأمانة سيتغيرون أو على الأقل سيتغير فيهم شيء ما للأحسن في هذا الزمن. ومن فاته قطار التغيير فهو باختصار لم يعش من زمن الثورة سوى المشاهد الركيكة المفبركة على اليوتيوب بلا صاحب ولا هوية. المتشددون والمنفتحون على الحدود القصوى للانفتاح سيتغيرون. سنتعلم جميعًا بقوة الدفع الذاتي التي يقودها هذا الشعب العبقري كيف نتعايش معًا في دولة ديمقراطية يحكمها القانون ويحمي دعائمها ديننا الحنيف الذي يبدأ وينتهي بالسلام.

- أيها السادة. أنا بالفعل وفي هذه الظروف الصعبة جدا جدا التي تمر بها مصر متفائل. وأترك لحضراتكم مساحة لتضيفوا إلى ما كتبته ما يدعونا جميعًا للتفاؤل. حفظ الله مصر وأهلها جميعًا من كل سوء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني


.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق




.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع


.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر




.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته