الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التداعيات والنتائج الأولية للإنقلاب العسكري بمصر

الحايل عبد الفتاح

2013 / 7 / 8
مواضيع وابحاث سياسية



لعل المتتبعين للأحداث بمصر، خاصة السياسيين منهم، يستفيدون الآن سياسيا وأصبحت بيدهم مادة سياسية دسمة للبحث والإنشغال والإعتبار. وهم فوق ذلك يبتسمون ويسخرون من القرار السياسي الذي اتخذته قيادة العسكر وجبهة الإنقاذ قبل 30 06 2013. لأنهم يفهمون أن قرار الإنقلاب كان أكبر خطأ عرفته قيادة المؤسسة العسكرية ولم تنتبه له حتى قيادة ما يسمى بجبهة الإنقاذ ومن حولهما من السياسيين ورجال القانون بمختلف شعبه...فالقرار السياسي، في عرف وأبجديات السياسيين، لكي يصبح واقعا ملموسا وناجحا على أرض الواقع لابد أن يدرس أولا من ناحية وسائله وتداعياته الوطنية والدولية...أما قرار الإنقلاب على الشرعية والديمقراطية فقد كان رعونة سياسية. فهو لم يدرس لا التداعيات ولا الوسائل المستعملة لإنجاحه...فقد أتبت الوضع السياسي المنحسر حاليا أن من أبدع قرار الإنقلاب السياسي بمصر لم يعمل فكره كثيرا حين اتخذ هذا القرار أو أنه كان يحسب حسابات لم تتحقق على الواقع لظروف ستكشفها الأيام القادمة...
أما التداعيات والتنائج الأولية الواقعية لقرار الإنقلاب على الشرعية فمتعددة ومتنوعة، ونحصر بعضها كما ياي :
1) توثر العلاقات بين قيادة العسكر والقيادة الأمريكية...الأمريكيون والأوروبيون رغم ما يبدو من تصريحاتهم الحيادية الدبلماسية فهم لم يقبلوا بانقلاب عسكري يلفظ ويتجاهل قوة الأحزاب المسماة بالإسلامية. فهم يفهمون ويقدرون القوة التي اكتسبتها الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية...وهم فوق ذلك يعلمون أن إقصاء وتجاهل هذه الأحزاب الإسلامية غير ممكن ولا يساير مصالحهم الوطنية والدولية...
حتى ولو احتملنا أن القيادة الأمريكية كانت على علم بالإنقلاب العسكري بمصر قبل وقوعه، فهي في نظرنا لم تكن متحمسة له بل التزمت الحياد حياله...وتركت تبعات ونتائج قرار الإنقلاب لمن اتخده...والأدلة كثيرة على ذلك...منها أن الرأي العام الأمريكي عبر صحفه وتصريحاته الأولى اعتبر الإنقلاب العسكري بمصر غير شرعي وغير ديمقراطي...هذا زيادة على أن الأمريكيين والأوروبيين لا يورطون في الغالب أحدا ولا يسلبونه شيئا، لمصلحة في نفوسهم، إلا وبنو تصرفهم على أسس قانونية وديمقراطية...يجدون دائما سندا قانونيا دوليا أو غيره للتدخل والإفتاء...وهذا ما ألفناه في السياسة الأمريكية والأوروبية...فعقدة الشرعية عندهم مقدسة لأنهم مراقبون ديمقراطيا بواسطة شعوبهم الواعية. فهم بركماتيون يؤمنون بأن "لا تصرف بدون مصلحة"...ومن ثم فهم يجدون دائما مخرجا وعلة قانونية حين تنتهك مثلا مصالحهم...
هذا زيادة على أن الأمريكان والأوروبيين لهم مصلحة واضحة في عدم التدخل المباشر في شؤون مصر، وليست لهم مصلحة في تجييش أكثر للشعب العربي الإسلامي...
وهم فوق ذلك منشغلون بالأزمة الإقتصادية التي تقلق راحتهم أكثر من الأزمة السورية...فهل هم سدج وغير واعون ليضيفوا مشكل انقلاب العسكري المصري يزلزل المنطقة بأكملها...فهم يخطون وفق برنامج سبق وحسموا فيه وأصبحت لهم خارطة سياسية واضحة بمصر والدول العربية...فالتجربة الجزائرية والفنزويلية علمتهم الكثير...
إذن فقرار الإنقلاب بمصر لم يأتي من الأمريكان أو الأوروبيين بل هو قرار ولد بمصر وسيموت بمصر بدون شك...
2) الإسلاميون في دول أخرى كالمغرب وتونس وليبيا أتبثوا من خلال ممارساتهم السياسية أنهم مندمجون في الديمقراطية ولو سطحيا ومحترمين لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية...والمريكيون والأوروبيون هم الآن متيقنون ( بعد فهمهم لأكذوبة الإرهاب) ان الإسلاميين بمصر أتبثوا من خلال "سنة الديمقراطية والشرعية" أنهم قادرون على إدارة مصر وأنهم يؤمنون بالديمقراطية ولا يزعجون لا الشرق ولا الغرب، بل هم منشغلون بمشاكل المصريين وإيجاد حلول لها. وما أكثر مشاكل المصريين والعرب المسلمين...
إسلاميو مصر لا يهددون مصالح الغرب ولا يخلقون له مشاكل...فالسنة الديمقراطية بمصر كانت للغربيين مرحلة تجريبية وتدريبية لمعرفة نوايا الإسلاميين...فاتضح لهم أن إسلاميو مصر كغيرهم أناس متحزبون ولهم الحق في الوجود والبقاء...والإسلاميون فوق ذلك قادرون على كبح الجماهير المتطرفة وتقليم شوكتهم ضد الأمريكيين ومصالحهم...
3) بوادر الإنشقاقات بين صفوف الإنقلابيين بدأت تبدو من بعيد...فنوايا العسكر لم تكن هي نوايا جبهة الإنقاذ حين اتخاذ قرار الإنقلاب العسكري...حسابات العسكر لم تتحقق، وطموحات جبهة الإنقاذ أصبحت أقوى من طموحات العسكر...وهذا لا يبشر بالحب الإنقلابي الذي جمع الفريقين حين قررا التنفيذ...فنية كلاهما تبدوا غير واضحة من قرب. لكن من بعيد هناك خلاف جوهري في الأهداف والمصالح والمقاصد بين الطرفين...
4) الشيوعيون والإشتراكيون والأحزاب اللبرالية المحيطة ب"جبهة الإنقاذ" فضلت العسكر على الديمقراطية والشرعية رغم أنها وطنية...وتجربتها القصيرة والضعيفة في السياسة أملت عليها هذا الإختيار السادج والمحدود النظر. فهم شاركوا بأجمعهم في قرار مميت لمستقبلهم السياسي...أقصوا دواتهم أو على الأقل أضعفوا قدرتهم ومقامهم في كل عملية سياسية ديمقراطية مستقبلية...فهم خلقوا انحسارا سياسيا لا مخرج له ولم يسبق له مثيل في العالم العربي ولا يعرفون اليوم كيف يديرونه... وسيفضي خطأهم هذا إلى انفراج ديمقراطي يعيد الشرعية لساستها ولأهلها كما ارتضاها غالبية المصريين...
5) الحماس الذي انتاب الجيش وجبهة الإنقاذ أصبح يفتر ويبرد بفعل ردة الفعل الإسلامية والوطنية والدولية...استسغروا تكتل الإسلاميين ومن حولهم...وبنوا حساباتهم على مساعدات دولية...لكن الواقع كذب توقعاتهم وأتبث خطأهم السياسي الإنقلابي...
6) جماهير بساحة التحرير ( أي من هم مجيشون من طرف العسكر وجبهة الإنقاذ) أخدت تفهم يوما بعد يوم أن العسكر وجبهة الإنقاذ ومن معهما غير قادرين على إدارة البلاد بدون الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية...وأن شوكة الإسلاميين ليست فقط نظرية كما كان متوقعا بل تطبيقية وذلك بتواجد جماهير هائجة جدا بساحة رابعة العدوية وباقي ساحات الجمهورية...
7) وما يزيد في تشويه صورة العسكر وجبهة الإنقاذ لذى المثقفين والسياسيين والقضاة الشرفاء هو اعتقال رئيس جاء للحكم بطريقة ديمقراطية، وأيضا حل مجلس الشورى. كما أنهم بدأوا بتدشين الإنقلاب السياسي العسكري بالإعتقالات الغير المعللة قانونيا وواقعيا مع منع أزيد من خمس قنوات فضائية تلفزيونية من البث ووجه إعلام باقي القنوات المشترات إلى شيطنة وتلطيخ صورة الإسلاميين ومن معهم...وكأن المصريين أميين وسدج... هل هذا يعقل في القرن الواحد والعشرين ؟
وأخيرا انقلب السحر على الساحر...
عهد الحكم العسكري الذي دام ستون عاما بمصر ولى ومضى ولا يمكنه أن يعود ولو قتلوا كل مثقفي مصر والدول العربية الإسلامية... خطة جبهة الإنقاذ ومن معها باءت بالفشل الدريع.
وكانت نهاية الإنقلابيين بقرارهم الإنقلابي الخاطئ...وذهب الشعب المصري العربي الإسلامي فرحا بالديمقراطية...

الحايل عبد الفتاح، الرباط، 08 07 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفكيك حماس واستعادة المحتجزين ومنع التهديد.. 3 أهداف لإسرائي


.. صور أقمار صناعية تظهر مجمعا جديدا من الخيام يتم إنشاؤه بالقر




.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يرغب في تأخير اجتياح رفح لأسباب حزبي


.. بعد إلقاء القبض على 4 جواسيس.. السفارة الصينية في برلين تدخل




.. الاستخبارات البريطانية: روسيا فقدت قدرتها على التجسس في أورو