الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسطين في الوعي الشعبي المصري

وسام الفقعاوي

2013 / 7 / 11
القضية الفلسطينية


احتلت القضية الفلسطينية مركزاً محورياً وأولياً في الوعي الشعبي العربي عموماً، والوعي المصري خصوصاً، بعكس الموقف الدائم لمعظم الأنظمة العربية الرسمية "عَلمانية كانت أو إسلامية" التي عملت مبكراً على التحلل من القضية الفلسطينية، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل ساهمت في دفع القيادة الفلسطينية والقضية الفلسطينية مبكراً على عجلة التسوية مع العدو الصهيوني، التي كانت أبرز محطاتها اتفاقية "كامب ديفيد" أواخر سبعينيات القرن المنصرم، بمعنى أن الأنظمة عملت على "إجهاض" القضية الفلسطينية وتثبيت دعائم "الدولة الصهيونية"، في حين أن الشعوب العربية كان عنوانها الدائم رفض المشروع والوجود الصهيوني، التي استشعرت أهدافه وأطماعه، فدفعت في أتون مواجهته الدماء والأرواح، والتحق آلاف منها في صفوف المقاومة الفلسطينية، ودعمتها بما استطاعت إلى ذلك سبيلا.
لا أستثني هنا أحداً ممن وقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته ونضاله، ولكن تخصيص مصر في هذه الأيام له أسبابه في ظل الحالة الثورية التي تعيشها، وعدم تقدير البعض الفلسطيني لهذه الحالة، والانشداد "للبعد الأيديولوجي المتعصب" على حساب القراءة الموضوعية للواقع ومستجداته. فمصر التي لا زالت الأرض الفلسطينية تحتضن شهداء جيشها ومقاومتها الشعبية منذ منتصف خمسينيات القرن المنصرم، ولا يزال الكثير من بيوتها تحتفظ بشهيد أو جريح أو أسير جراء ذلك، مما يدلل على أن الوعي الشعبي المصري "وإن بدا عفوياً أحياناً" ارتبط بالمسألة الفلسطينية باعتبارها مسألة عربية بالأساس، ويعود الفضل في ذلك للزعيم الخالد جمال عبد الناصر، بحيث أن كل محاولات النظام الرسمي المصري تجويف الوعي المصري اتجاه المسألة الفلسطينية لم تنجح فعلياً، وليس أدل على ذلك أن ما يزيد عن ثلاثين عاماً من التطبيع الرسمي باءت بالفشل شعبياً، لكن من حقنا أن نسأل هل هذا الوعي أصيب "بالعطب" بعد الانقسام الفلسطيني وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة؟! وهل ازداد هذا "العطب" بعد الحالة الثورية الشعبية في 25 يناير 2011، التي حملت حركة الإخوان المسلمين –وحماس فرع منها- إلى سدة الحكم هناك، خاصة في ضوء "الاتهامات" الموجهة لحماس بالتدخل في الشأن المصري؟! وهل تعمق هذا "العطب" وصولاً لأن أصبح "نقطة تحول" في الوعي الشعبي المصري؟!
لا شك أن هناك ممارسات وأخطاء وقعت بها حركات الإسلام السياسي، في تقدير علاقتنا مع الشعب المصري أولاً والنظام الرسمي المصري ثانياً، حيث تجاوزنا البعد الوطني الفلسطيني، وجرينا مستعجلين خلف "الأيديولوجيا" التي ستأتي لنا "بدولة الخلافة المنشودة" التي سمعنا أن عاصمتها سيكون المجلس التشريعي في غزة!! ولم تضع حدود واضحة لهذه العلاقة بحيث أصبحت حركة حماس جزء من المشهد الرسمي المصري، وبات هذا الحضور الرسمي الحمساوي هذه المرة "كأحلام مفزعة" للكثير من المصريين، سرعان ما انعكس ليشمل كل الشعب الفلسطيني، ولكن هل هذه هي الحقيقة؟! وهل نحن أصبحنا كابوس فعلي للمصريين؟! وهل أصبحنا لاعبين رئيسيين في المشهد المصري؟! الجواب هنا لا.. كبيرة لأن الغالبية الساحقة من أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات يتعاطفون بوضوح مع أماني وتطلعات الشعب المصري ونضاله من أجل الانعتاق والخلاص من كل مظاهر وأدوات التخلف والاستبداد الذي مثلته تجربة الإخوان المسلمين خلال العام المنصرم، وهو موقف شعبي فلسطيني منسجم ليس مع تاريخ العلاقات المصرية-الفلسطينية فحسب، بل مع مكانة القضية الفلسطينية في الذهنية الشعبية المصرية والتضحيات الغالية لشعبنا العربي في مصر.
وبحكم المعايشة التاريخية والراهنة مع أهلنا في مصر، فإننا نعتقد أنه من المستهجن ومن غير الطبيعي، خاصة في ظل الحالة الثورية التي تجسدت في 25 يناير و 30 يونيو، أن تنبري/ينبري العديد من الفضائيات ووسائل الإعلام المصرية، وبعض المثقفين والسياسيين، بالزج بالفلسطيني بطريقة "غريبة وغير منطقية" في الشأن المصري، في الوقت الذي وقفت الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني وقواه وفصائله مع الشعب المصري وثورته، وحقه في العيش والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ورفض كل أشكال الاستبداد والاستغلال والقهر والارتهان والتبعية، وتحمل لمصر وشعبها كل الحب والتقدير، انطلاقا من المصالح والأهداف المشتركة، وإدراكاً منا أن عزة وكرامة مصر، من عزة وكرامة كل الشعب العربي والفلسطيني منه، وبأنها إذا "تعافت ونهضت، نهض كل الوضع العربي والعكس"، وعليه فإن الوعي الشعبي المصري "رغم كل محاولات التزييف والتشويه المفتعلة راهناً"، لا يزال يَنظر للمسألة الفلسطينية من زاوية أنها مسألة عربية، إلا أنه يبقى على وسائل الإعلام والمثقفين والسياسيين، الذين يتناولوا الفلسطينيين "بطريقة مشوهة" أن يراجعوا ذاتهم ويتحلوا بالموضوعية وإظهار الحقيقة، وإلا من حقنا أن نتساءل عن مدى بقاء تأثير العهود الماضية على بعض الإعلام والمثقفين والسياسيين؟! تحيا مصر وشعبها وثورتها المجيدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة