الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


14 / تموز ... ثورة أم انقلاب ؟

حارث رسمي الهيتي

2013 / 7 / 13
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


في البدء أود ان اشير الى ان هنالك لبساً على مستوى عامة الناس ولربما بعض السياسيين والاعلاميين بين مفهومي الثورة والانقلاب . فيذهب البعض منهم الى اطلاق تعاريف وتوصيفات لهذين المفهومين بعيدة عن الواقع ويعتقد هذا البعض ان الثورة تتوافر على شرعية ما في حين ان الانقلاب هو حركة غير شرعية .
واذا افترضنا ان الثورة الفرنسية 1789 هي معياراً ومقياساً صح تطبيقه على ما حدث في روسيا عام 1917 فان ما حدث في مصر في 23 / يوليو / 1952 وفي العراق عام 1985 فان الجدل ما زال قائماً في توصيف هذه الاحداث على انها ثورة ام انقلاب ؟
هناك مسألة في غاية الأهمية بالامكان استخلاصها من كل تلك ( الثورات والانقلابات ) وهي ان الانقلاب يقوم به من هم في داخل المؤسسة الحاكمة ( سياسيون وجنرالات ) أي هم أصحاب قرار قبل الفعل . وما بعده ليس هناك في هذا البلد أو ذاك تقدم او نهضة في مناحي الحياة .
اما القائمون بالثورة فهم ليسوا بأصحاب قرار او نفوذ قبل حصولها وبالامكان معاينة برامجها المعلنة وما تحقق من انجازات وتقدم وتنمية .
كل ما يسمى بثورة او انقلاب في عالمنا العربي قام به جنرالات ولكن هذا لايعني عدم مساندة ومباركة الشعوب في هذا البلد او ذاك ، ولربما المشاركة بهذا القدر او ذاك فيها ...
وحديثي هنا سوف يقتصر على بعض ما قدمته 14 / تموز للمجتمع العراقي ، وبعيداً عن الغاء الملكية واقامة النظام الجمهوري والتي لم تكن فكرة جديدة بالنسبة الى الحركة الوطنية العراقية حيث كان هناك مؤيديها حتى من قبل قيام الدولة العراقية ، وكان طالب النقيب مثالاً واضحاً على ذلك حيث كان من المؤيدين لهذه الفكرة مما ادى الى نفيه خارج العراق واعتبر هذا الامر بمثابة تحذير الى دعاة الجمهورية للكف عن هذه الفكرة نهائياً .
وبعد احداث مايس / 1941 نمت هذه الفكرة من جديد وكان من دعاتها هذه المرة ناجي شوكت ثم ظهرت الفكرة مرة اخرى بعد انتفاضة تشرين الثاني 1952 حيث كان الحزب الشيوعي العراقي قد تبنى فكرة اسقاط النظام الملكي واحلال النظام الجمهوري .
ولكن وعلى الرغم من اهمية هذه الخطوة الا ان البعض يريد " تسطيح " أو " تقزيم " 14 / تموز حيث يجعل من هذه الخطوة هي الاساس الذي قامت من اجله نعم هي كانت من ضمن اهداف لجنة الضباط الاحرار ولم تأتي اعتباطاً .
وللمزيد من الاستقلال والتحرر خلصت 14 / تموز العراق من المنطقة الاسترلينية فبعد ان ارتبط قانون العملة العراقية رقم 44 / لسنة 1931 بالنظام النقدي البريطاني واتباط الدينار العراقي بالجنيه الاسترليني ليصبح معرضاً لكل التغيرات التي تطرأ على الجنيه البريطاني بالاضافة الى تدخل بريطانيا وفرض رقابتها على الصرف ، ولعبها دور الوساطة في التحويل بين العراق والدول الاخرى واستثمار غطاء العملة العراقية حيث مقر لجنة العملة العراقية في لندن .
ونشطت وزارة المالية برئاسة محمد حديد في اتجاه اخراج العراق من المنطقة الاسترلينية وذلك لا يعني تقليص العلاقات التجارية مع بريطانيا ولكن سياسياً العراق لا يرغب ان يبقى القطر المستقل الوحيد خارج الكومنويلث في المنطقة الاسترلينية .
كما اعادت 14 / تموز النظر في كافة المراسيم التي تم اصدارها في ظل الحكم الملكي فاسقط مرسوم اسقاط الجنسية العراقية رقم 62 لسنة 1933 وتعديلاته وقانون الاسرة المالكة رقم 49 لسنة 1948 ، وقانون ذيل العقوبات البغدادي رقم 51 لسنة 1938 .
بالاضافة الى اصدار واحد من ألمع قوانين 14 / تموز ممثلاً بقانون الاصلاح الزراعي رقم 30 / في 30 / 9 / 1958 لتفتيت الملكية الزراعية والقضاء على العلاقات شبه الاقطاعية التي استحوذت على معظم الاراضي الزراعية الخصبة في العراق فقد كان ( 3619 ) ملاكاً يملكون 18 مليون دونم من الاراضي الصالحة للزراعة .
وبموجب هذا القانون تم تحديد الملكية الزراعية والاستيلاء على أراضي الكبار من الملاكين بعد ان تترك لكل ملاك ( 1000 ) دونم من اراضي السقي و ( 2000 ) دونم من اراضي الديم . كما الغى القانون في المادة ( 49 ) العلاقات الاقطاعية السابقة كقانون حقوق وواجبات الزراع ومرسوم قسمة الحاصلات الزراعية .
وقد عبر الرفيق سلام عادل عن مدى اهمية هذا القانون في كراس له بعنوان " الاصلاح الزراعي " : -
" لأول مرة أحس الفلاح العراقي بكرامته الانسانية ، ولمس الفلاحون قوة اتحادهم ونضالهم بحيث ارتعدت فرائص الاقطاعيين الجبناء وفروا من قلاعهم وحواشيهم وتركوا مقاطعاتهم الشاسعة ومضخاتهم " . وهناك امر آخر لا يقل اهمية عن كل تلك الانجازات وهي ان بعد 14 / تموز تم جلاء آخر جندي استعماري عن أرض الوطن كما مكنت الجيش العراقي من التزود بأحدث واضخم الاسلحة المتطورة . كما تم اسقاط تمثال الجنرال مود .
ان التأييد والحماس من قبل الجماهير الشعبية لثورة 14 / تموز تعتبر أبرز ظاهرة فرضت حقيقتها منذ الساعات الاولى للثورة . أخيراً نقول انم احدث هو ثورة وليس انقلاب ، لأن معنى الثورة هو تغيير جذري وشامل لكل مرافق الحياة ، وعند تطبيق هذا المعيار على العراق سنجد ان ما وقع في 14 / تموز قد غير اوضاع العراق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ولا يمكن اعتباره انقلاباً عسكرياً .
وأرى من الضروري هنا ان نتذكر ما قاله جان زيغلر المبعوث الخاص للأمم المتحدة عن الثورات في أمريكا اللاتينية ولكم الحكم بعد ذلك :
" ان التشهير بالثورات الديمقراطية الاجتماعية في امريكا اللاتينية هو ليس كذبة فقط وانما هو استراتيجية يتبعها المهيمنون لان انتشار هذا المثال في بلدان العالم الثالث الغنية بالمواد الخام يشكل خطراً على الطغم المالية " ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد