الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا لعبتَ الاستغمايه إياك أنْ تسرق -الميس-!!

محمود عبد الغفار غيضان

2013 / 7 / 15
كتابات ساخرة


أي لعبة لكي تكتمل دون مشاكل لابد أن تقوم على مبدأ التنافس الشريف. ولهذا فشعار الفيفا مثلا هو اللعب النظيف؛ بمعنى التنافس الشريف الذي لا يقع معه أذى نفسي ولا معنوي للمتنافسين، والذي يتقبل كذلك فيه المهزوم الخسارة بصدر رحب. ما حدث في مصر بعد ثورة 25 يناير 2011م يمكن تشبيهه بلعبة الاستغماية التي لعبتُها صغيرًا في قريتي. وهي لعبة تتطلب مكانًا أو قاعدة ينطلق منها الجري ويكون في أمان مَن يلمسها بعد جولة أو جولات من الكر والفر وتُسمى "الميس"، وهي قد تكون كلمة فرعونية أو فارسية أو تركية دخلت إلى العربية. كما تتطلب عددًا من المتنافسين وعادة يتحقق فيهم شرط التقارب السني والجسدي حتى لا يُظلم أحدهم. أما قواعدها فتعتمد على اختيار أحد المتنافسين بالاقتراع ليقوم بإمساك الآخرين في ثلاث جولات. عند نجاحه في الإمساك بأي شخص قبل أن يلمس "الميس" تتبدل الأدوار ويبدأ الممسكوك دورة جديدة في مطاردة الآخرين للإمساك بهم. حال فشله لثلاث جولات تنتهي بوصولهم جميعًا للــ"ميس" بأمان، يتم تنفيذ عقوبة معينة يحددها المتنافسون فيما بينهم؛ كأن يحملهم واحدًا واحدًا على كتفيه من مكان إلى مكان والعودة من جديد لنقطة اللعب. مع التأكيد على ألا يكون العقاب منفرًا حتى لا يترك المنهزم اللعبة وتعافها نفسه فيما بعد.

كل الأحزاب السياسية دخلت لعبة الاستغماية بعد الثورة باستثناء وحيد للشباب الذين قاموا بها- وبغض النظر عن أنها كانت ثورة تلقائية أو أن هناك من دبرها- فقد تم منعهم من اللعب لأسباب غريبة ومدهشة. "الميس" كان كرسي السلطة في مصر. ثم تحول ليصبح مصر كلها بكل مؤسساتها. أما المتنافسون فشرط تقارب الإمكانيات السنية والجسدية لم يتحقق فيما بينهم. أحد المتنافسين كان أضخمهم حجمًا وأكثرهم قوة. أعلن مختارًا أنه سيكون الطرف الذي يطارد الآخرين ويمسك بهم قبل بلوغ "الميس"، وهذه شجاعة وثقة في القدرات والإمكانيات وربما كذلك استصغارًا لشأن المتنافسين الآخرين. لم تكن حيلته عند بداية اللعب أنْ قام بعصب أعينهم عندما بدأوا الكر والفر. بل كانت حيلته أذكى مما تصور الجميع، حيث قام باختطاف "الميس" وتركهم يهرلون في كل الاتجاهات حتى أضناهم التعب. ولما تصور أنه فاز وأنهكهم وأهلكهم وأوشك أن يُظهر لهم "الميس" مع إظهار أسنانه التي بلغت شحمتي أذنيه ضحكًا وسخرية بهزيمتهم جميعًا. وفي الخمس دقائق الأخيرة قبيل وصول البوليس كما يحدث في الدراما المصرية. فوجئ بكل المتنافسين قد أسسوا "ميسًا" جديدًا بلغوه كلهم واعتبروه وحده الخاسر الوحيد. بدلاً من إدراك أنهم بالفعل هزموه. وقف بعيدًا وأخذه الاندهاش وظل يقارن بين "الميس" الذي اختطفه و"الميس" الذي صنعوه محاولاً التعرف على الأصلي من الزائف. بينما هم جميعًا كانوا قد بدأوا دورة لعب جديدة بدونه.

محمود عبد الغفار غيضان
15 يوليو 2013م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة