الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحزاب السياسية السودانية : بين قصور الخيال السياسى و الضعف البنيوى وازمة التغيير ( 1 - 5 )

عبدالغفار محمد سعيد

2013 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


الاحزاب السياسية السودانية : بين قصور الخيال السياسى و الضعف البنيوى وازمة التغيير (1 – 5 )

جزء من ورقه تهدف لاستنطاق ومحاورة وفهم و معالجة بعض تعقيدات المسالة السياسية فى السودان>

بقلم : عبدالغفار محمد سعيد *

قوى الاجماع شروط التحالف و الضعف البنيوى :

احد اهم مظاهر ضعف القوى المعارضه السودانية هو اصرار قياداتها الغريب و الغير منطقى على ضرورة إجماع كل الاحزاب و التنظيمات التى تشكل الجسم الفضفاض " قوى الإجماع الوطنى " على كل مايختص بالصراع مع النظام " الامر الذى تسبب ولفترة طويلة من تاريخ العمل المعارض فى إلتفاف بعض القوى السياسية على الحقيقة التى اتضحت للجميع منذ وقت طويل وهى ان هذا النظام المتماهى مع الدولة بسلب مؤسساتها وادواتها ووظائفها ،لا تسمح بنيته الايدلوجيه و لا يرغب ابدا فى التنازل و التواضع و التحول لحزب سياسى ديمقراطى ، وان الطريق الوحيد المتبقى للقوى السودانية الباحثة و العاملة من اجل مستقبل الوطن هو الاتفاق على ضرورة إقتلاعه من جذوره بكل الادوات و الطرق الممكنة.
ارى انه من الطبيعى تضارب مواقف قيادات الاحزاب المختلفه حسب موقعها من الصراع الاجتماعى المحتدم فى السودان ، ليس هذا فحسب بل من الممكن ايضا وفق ما ارى ان تغير بعض القيادات السياسية مواقفها وبالتالى تحالفاتها فى سياق الصراع السياسى و الاجتماعى الجارية عملياته فى ظاهر وباطن عملية الحراك وفى تجلياته العنيفة و السلمية.
لكنى لا استطيع فهم ان ترهن قوى الاجماع الوطنى ولفترة طويلة مسالة اصبحت واضحه منذ وقت طويل وهى انه (لاحل لمشاكل البلد خارج اطار اقتلاع هذا النظام من جذوره ، واعادة بناء اسس الدولة وهيكلتها) بموقف بعض القيادات السياسية شبه المتحالفة مع النظام !
هنا يتبدى شيئا مهما و واضحا من قصور الخيال السياسى الخطير ، لان المنطق يقول بضرورة إستخدام التجارب التاريخية و المعارف النظرية والخبره المتراكمة عن الفعل السياسى و الاجتماعى فى فهم حركة المجتمع وتحليل اسباب مواقف القوى المختلفة وفق مصالحها ، بدل عن ذلك ظلت قوى الاجماع الوطنى ولفترة طويلة مشلولة امام مواقف الامام الصادق المهدى والذى ظل يعمل بصورة مرتبه وربما بتنثيق وترتيب مع اطراف فى النظام من اجل التمهيد للاتفاق مع النظام ابتدأ بالخروج من السودان متوجها الى اريتيريا فى عمليته (تهتدون) فى ديسمبر 1996 ثم شرع فى لقاءت وحوارات ثتائية مع النظام ممثلا فى لقائه مع الامين العام للمؤتمر الوطنى فى ذلك الوقت الدكتور حسن الترابى فى جنيف مايو 1999 ثم لقاءالامام و رئيس النظام الحالى عمر البشير فى جيبوتى فى نوفمبر 1999 ، والذى توصل فيه الصادق المهدى و السلطة الحالية ممثلة فى رئيسها عمر البشير لاتفاق سموه (نداء الوطن) ومن مخرجات ذلك الاتفاق عودة الصادق المهدى وبالتالى حزب الامة الى داخل البلاد وتصفية الصادق المهدى عمل حزب الامة الخارجى بما فيه العمل المسلح.
ثم توالت تفاصيل السناريو بمحاولة خلخة بنية التجمع وعرقلة عمله ابتدأ بطرح شعار اعادة هيكلته والهجوم الشرس عليه ومحاوله تعطيل نشاطه بخروج الإمام وبالتالى حزبه الامة عن التجمع فى سبتمبر عام 2000.
ثم يعيد الامام مرة اخرى صناعة نفس المواقف التاريخية القديمه فى( ملهاة جديده ) ، بنفس سلوكه وعقليته وتحالفاته التى لا تنتهى مع النظام الحالى ، فى نفس الوقت وحزبه عضو فى تحالف المعارضه الجديد (قوى الإجماع الوطنى ) بتوقيعه إتفاق التراضي الوطني، بين حزب الأمة والمؤتمر الوطني، في عام 2008 ، الإمام الذى لم يتوانى عن البحث بمختلف الطرق و الوسائل لانقاذ النظام وليس انقاذ الشعب السودانى!
وكى لا ننسى فقد قام ذلك الاتفاق (التراضى الوطنى ) بين حزب الامة و المؤتمر الوطنى على ما اشير إليه بعبارة (الثوابت ) وذكر بالنص ان اهمها ( قطعيات الشريعة الاسلامية).
ولكى لا ننسى ايضا تم ذلك الاتفاق بين الامام الصادق المهدى والبشير و وقتها كانت الحركة الشعبية لتحرير السودان قد عقدت مؤتمرها للتو 2008 وكان اهم مخرجاته الاصرار والتصميم الاكيد على (الوحدة الطوعية ) .
ليس هذا فحسب بل حتى عندما خلصت قوى الاجماع الوطنى فى ياناير عام 2011 الى ضرورة إسقاط النظام كحل لجميع مشاكل بلادنا السودان ، كانت اولى الاشارات السلبية و التى تدل على عدم اكتمال الوعى و التصور حول حجم التحديات ومدلولات الاشارات والتحالفات ، اشكالية فهم تجارب التاريخ وقراءته ، هو ان ذلك الأجتماع التأريخى اقيم بدار حزب الامة ، اى بدار الحزب الذى عجز قائده عن إلغاء قوانين سبتمبر ،وفضل بكامل قواه العقلية التحالف مع الجبهة الاسلامية فى ذلك الوقت بعد انتخابه كرئيس وزراء فى الفترة ( 1986 – 1989 ) ، كما كان يخطط مع الترابى لفرض قوانين اسلامية فى تلك الفتره ، ظل الامام الصادق المهدى و منذ وقت مبكر بعد انقلاب الاسلامويين فى رحله عمره السياسى من (تهتدون ) حتى (تتراضون ) ، يناصر النظام ، ويسعى لتسويقه ويلتف على كل خطط اسقاطه ،اما تصريحاته الاخيرة بان سبب خروجه من السودان فى عملية ( تهتدون) كان بسبب ان صلاح قوش قد هدده بانه سيكون رهينة فى يد السلطة امام نشاط التجمع الوطنى ، فقد كشف بعض دوافع الإمام لتحطيم عمل التجمع فى الخارج، ثم كانت اغرب تقليعات الامام الواقع فى غرام السلطة الفاشيه هو تصريحه بأنه سيعتزل العمل السياسى إن لم يحل المؤتمر الوطني نفسه، ويكون حكومة قومية !! ، بالطبع لا المؤتمر الوطنى حل نفسه ولا الإمام اعتزل العمل السياسى.
لم تتوقف مظاهر ومضامين السقوط الاخلاقى و السياسى للامام الصادق المهدى المدعى إنتهاج الديمقراطية الليبرالية منذ ان خرق الدستور و القانون وحقرهما ، واصر على حل الحزب الشيوعى وطرد نوابه من البرلمان عام 1966 و صولا لكلمته فى أم درمان – كرري- الإسكانات ، في الاحتفال المقام بذكرى الرجبية بتاريخ 01/06/ 2013 ، والذى نظمته هيئة شئون الأنصار للدعوة والإرشاد حيث اشهر فيها خطه الداعم للنظام "والذى كان يحاول احيانا اخفائه تحت ركام عباراته الغامضه المستهلكه "، بدعوة معلنه لانصاره بل لكل الشعب السودانى بالانخراط فى الجيش للدفاع عن النظام ، النظام الذى صفى الجيش السودانى وجعله جيشا للحركة الاسلاموية ، ثم كون المليشيات المختلفه من قوات الدفاع الشعبى وغيرها ، الجيش والمليشيات التى عملت على حرق قرى دارفور وقتل المواطنين واغتصاب النساء والفتيات ، تلك القوات التى تغصف قرى جنوب كردفان و النيل الازرق بطائرات الانتنوف المحملة ببراميل المتفجرات ، دعا الامام كل الشعب السودانى وخاصة انصاره بالانضمام لها حيث قال : (ونحن أنصار الله نوجه نداء لكل أنصار الله أن ينخرطوا في القوات المسلحة، راجين أن يجد ذلك تجاوباً من كافة مواطني السودان)1.
ثم توالت الاشارات و الدلائل التى تدل على الضعف البنيوى لاحزاب (قوى الاجماع ) 2 و قصور خيالها السياسى وهى تتجلى فى مخرجات ذلك الاجتماع التاريخى و المتمثلة فى ان المجتمعين لم يوضحوا شيئا حول خطة اسقاط النظام ، الادوات و الفعاليات و السبل ، ومدى واقعيتها ، التكتيكات التى تتدرج فى تطورها وفق دور القوى المختلفة كى تكتمل لتكون استراتيجيا قوى الاجماع المدنية و التى هى بدورها استراتيجيا قوى الريف متمثلة فى كيان تحالفها " الجبهة الثورية" مع اختلاف ادوات اسقاط النظام.
كما ان قوى الاجماع الوطنى لم تطرق الى ان احد اهم سببين لكوارث السودان ، الاول هو احتكار السلطة و الثروة فى السودان الاوسط لدى فئة محددة (نادى السلطة ) وبالتالى تهميش الريف السودانى العريض وافقار جماهير المدن ، الثانى هو الايدلوجية التى يحملها هذا النظام "وتوجد بذرتها المؤذيه فى تركيبة الاحزاب الطائفية" و التى اعتمدت على اسغلال الدين و العرق من اجل السيطرة على الدولة السودانية ، ولم توضح قوى الاجماع مدى رغبتها فى تغيير هذا الواقع نهائيا والى الابد ، كما لم توضح مدى ابتعادها او اقترابها مع ايدلوجية الاسلاموطفيليين، المسالة التى كانت ستساهم فى فهم و رؤية بعض الشروط الهامة لنهضه السودان و لتكوين الاحزاب فى المستقبل حتى لاتتكر تجربة استبعاد الجماهير العريضه وتهميشها من ناحية و لا تتكر مثل تجربة الاسلاموطفيليين ، التجربة الدموية الفاشية البغيضه ، فى دوران عبثى يحمل اهم ملامح تطور التاريخ السياسى السودانى النكوصى الرث.
أما موقف قائد ثانى اكبر الاحزاب الطائفية الاتحاد الديمقراطى الاصل السيد محمد عثمان الميرغنى فليس اقل تخازلا وتهاونا وبعدا عن الوطنية واغترابا عن تطلعات الشعب السودانى عن الامام الصادق المهدى ، تأملوا كيفية الاستهتار بمصير الوطن و المواطنين عندما ارسل المرغنى رسالة تأييد للرئيس البشير على خطابه الذى القاه يوم الاحد الموافق 19/12/2010 ، بمدينة القضارف قبل 20 يوما من الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان ، ذلك الخطاب الذى بلغ درجة كبيرة من السؤ بحيث انه كشف بوضوح مذهل رغبة البشير ومن خلفه تنظيمه الاسلاموى فى انفصال الجنوب كى يعود بالحكم الى مايشبه فترة التسعينات من حيث التلسط الانفراد بالسلطة والبطش بإسم الاسلام ، عدم الرغبة فى استكمال استحقاق إتفاقية السلام المتمثل جزء منها فى المشورة الشعبية ، الخطاب الذى قال البشير فيه (إذا انفصل جنوب السودان فإن الشمال سيغير الدستور ولن يكون هناك مجال في ذلك الوقت للحديث عن تنوع الثقافات والعرق ، وأضاف أن الشريعة الإسلامية ستكون المصدر الرئيس للدستور وسيكون الإسلام الدين الرسمي والعربية اللغة الرسمية) ، (وكالة رويتر للانباء).
__
1 – لاحظ/ى الإيحاء الدينى المكثف فى عبارة (انصار الله ) ، الساعيه لتزييف الوعى وتقديس (فعل) ان يكون شخص ما (مناصرا له هو الامام )! بمتابعة ودراسة تاريخ الحركة السياسية السودانية اتضح لنا ان ( الاحزاب الطائفية ) متمثلة فى الامام الصادق المهدى وطبيعة حزبه الطائفية ، و الميرغنى وكذلك طبيعة حزبه الطائفيه هما المدرسة التى تعلم منها الاخوان المسلمين / الجبهة الاسلامية / الوطنى ، اساليب ووسائل تزييف الوعى، كما يعتبر الحزبين ذوى الطبيعة الطائفيه الدينية حاضنه طبيعية لقابيلة الانخداع بالشعارات الدينية التى تكرث لخدمة السياسة.
2 - عندما نتحدث هنا عن قوى الإجماع الوطنى فنحن نتحث بوضوح عن هذا التحالف و عن كل الاحزاب و المنظمات والهيئات الممثله له و المخططه لعمله والمسيره له.

* كاتب صحفى وباحث مقيم ببريطانيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليار شخص ينتخبون.. معجزة تنظيمية في الهند | المسائية


.. عبد اللهيان: إيران سترد على الفور وبأقصى مستوى إذا تصرفت إسر




.. وزير الخارجية المصري: نرفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم | #ع


.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام




.. وكالة الأنباء الفلسطينية: مقتل 6 فلسطينيين في مخيم نور شمس ب