الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصاد والماركسية .. 1

فواز فرحان

2013 / 7 / 30
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


يصف أعداء الماركسية الاقتصاد الاشتراكي دائماً بأنهُ عديم الكفاءة ، وغالباً ما تقودهُ شخصيات غير كفوءة لا تفهم بمبادي الاقتصاد السياسي شيئاً ، وربما يذهبون الى أن الخلل يكمن في عدم قدرة الماركسي على فهم موضوع التخصّص الذي لعب دوراً كبيراً في نمو الرأسمالية في المراحل الماضية وعبورها مسافات طويلة دون الحاجة الى التوقف عند المبادئ العامة للإقتصاد في بعض الأحيان ..
منذ وصولي لألمانيا عام 1996 لم أنسى ذات يوم مجموعة من الاسئلة أطرحها تارة على هذا العامل واخرى على هذا المسؤول عن العمال وتارة على المسؤول على الامور الادارية للعمال في مكاتب العمل أو الشركات الكثيرة التي عملت بها ، هذه الاسئلة بمرور الوقت كوّنت لدي فرصة رائعة لدراسة طبيعة الطريقة التي تُدار بها عجلة الاقتصاد في هذا البلد ..
يسميه الألمان الطريق الثالث بين الرأسمالية والاشتراكية ، طريق خطهُ بسمارك يجمع بين الماركسية وأعداءها في الاقتصاد ، دولة عدالة إجتماعية وفي نفس الوقت دولة رأسمالية لا تتوقف عن إفراغ الماركسية من محتواها كلما سمحت لها الظروف بذلك ، مع هذا تظل البلد الذي يقرأ لماركس فيه الكثيرون وربما هم أكثر الشعوب قراءة لهُ ..
سأعود للتركيز على الطريقة التي تعامل بها أعداء الماركسية مع علم الاقتصاد السياسي وسأبدأ من حيث التعريف ( مأخوذ من ثلاث كلمات يونانية نوموس بوليتيا أويكوس والتي تعني طريقة إدارة الكيان الاقتصادي للمجتمع ) ..
ويفتقد أغلب الذين يدرسون الاقتصاد السياسي الى فهم واضح وصريح للطريقة التي تناولت الماركسية هذا العلم ، فهو بشكل عام موضوع إقتصادي أما الماركسية ومن خلال المادية التاريخية عرّفتهُ على أنهُ الأساس الموضوعي لنشاط الناس في مجتمع معيّن وهذا الأساس يُعبَر عنهُ بالانتاج الاجتماعي للبشر ..
ربما يسأل أحدنا .. ما المقصود بالانتاج الاجتماعي للبشر ؟
الانتاج الاجتماعي للبشر يعني البحث عن الضروريات الحياتية التي تجعل الحياة دائمة ، بدأ هذا البحث في التاريخ البشري الحديث منذ عهد المشاعة البدائية ، وكان الانتاج يعني التأثير المتبادل بين الانسان والطبيعة ، وقامت نتيجة هذا التأثير مجموعة من العلاقات الاجتماعية بين الناس حددت شكل تقاسم الثروات وإنتاجها ..
هذا التأثير المتبادل مع الطبيعة وبحكم العلاقات الاجتماعية جعل من المجتمع أداةً تقوم بهذا التأثير وتتحمل نتائجه ، وهنا يُسمى التأثير المتبادل ب ( سياق العمل ) فهذا السياق يحدث دائماً بشكل إجتماعي مُعيّن ، وبغير هذا الشكل لا يمكن لهُ أن يحدث ..
وعندما نتحدث هنا عن سياق العمل يجب أن نعيد الى الذهن أنهُ سياق نشاط الناس الواعي ، الذي يستطيع الناس بواسطتهِ تغيير الطبيعة ويلائمونها وفق حاجاتهم ومتطلبات حياتهم الضرورية . أي أن أهداف العمل عند الناس هنا في أساسها موضوعية ، أي أنها مشروطة بوجود الطبيعة ، ومن البديهي أن هذا التأثير لا يستطيع الخروج عن نطاق الطبيعة ..
مثال ..
لا يستطيع رجل دين توفير ملايين الأطنان من القمح للجياع بصلاة الى الله ..

فعندما ينتج الناس ما هو ضروري لهم من أشياء يتعرّفون تدريجياً على قوانين الطبيعة التي يعتمدون عليها في خدمتهم وفي بلوغ أعظم ما يمكن التوصل إليه من طرق للسيطرة عليها ، وعندما يؤثرون على الطبيعة يؤثرون في الوقت نفسه على ذوّاتهم ، أي على وعيهم ، ويُنمّون معرفتهم بخصائص الطبيعة ، وقدرتهم على إستخدامها بالشكل الصحيح ..
إن الناس الذين تثيرهم دائماً حاجاتهم المتنامية يوّسعون بإستمرار نطاق نشاط عملهم وبالتالي يكدّسون تجاربهم الانتاجية ويُحسّنون من سياق العمل خطوة بعد اخرى ، ويتطوّر هنا سياق العمل بسرعة مذهلة من جيل الى جيل ويصبح أكثر تعقيداً وأغنى تنوّعاً ..
ومن هنا ندرك أن أهمية العمل في حياة الانسان عظيمة للغاية ، والعمل كما يقول انجلز أوجد الانسان نفسهُ ، فالانسان يؤثر على مادة الطبيعة في سياق العمل وهذهِ المادة في الاقتصاد السياسي تسمى موضوع العمل ( أي موضوع عمل الانسان ) ..
ويسمي كارل ماركس المادة التي تقع تحت تأثير العمل الانساني بالمادة الاولية ( الشئ الفج ) وهنا لا بد من القول ان ماركس هنا كان يقصد التفريق بين مادة وقعت تحت تأثير العمل الانساني ومادة اخرى لا تخضع لهذا التأثير ..

مثال ..
الطبقة الفحمية أو الفلزات في المنجم هي مادة عمل لكنها ليست مادة أولية لانها لم تتحمل بعد تأثير العمل الانساني ، أما الفحم والفلز المستخرجان من المنجم والمُعدّان للتحويل فهما مادتان أوليتان وبالتالي مادة عمل مقبل واقعة تحت تأثير العمل الانساني لا محالة ..

في مراحل التطور الاجتماعي البدائية كانت دائرة الأشياء الداخلة في موضوع العمل الانساني كثيرة المحدودية ، لكنها بحكم التطوّر التدريجي للعلم إتسعت إتساعاً هائلاً لا سيما في العصر الحديث حيث أنها بدأت تشمل البرمجيّات ومواد كيميائية معقدة للغاية في المختبرات وكذلك مواضيع الفضاء ودراستهِ ، حتى أنها اليوم أصبحت خارج سيطرة الكثير من البشر لكثافة المعلومات والمعطيات المتوفرة حولها والتي سخرت الدوائر العلمية في الدول المتقدمة جيوشاً من العلماء لدراستها وإخضاعها ..
فالكثير منا يسأل اليوم عن مدى تأثير القوانين الاجتماعية والاقتصادية للماركسية على الواقع الموضوعي للعصر ، مثلاً يسأل البعض ماهي طبيعة العلاقات الانتاجية الاقتصادية والاجتماعية التي تربط مجموعة من روّاد الفضاء بالعلماء المسؤولين على تدريبهم وتدريسهم ؟
مثال آخر .. في مركز سيرن العالمي في سويسرا يتجمع أكثر من 2500 عالم من كل جنسيات الأرض ومن مختلف الاختصاصات حتى علم الاقتصاد السياسي من بينها ، ويقومون يومياً وسنوياً في بعض الأحيان بتجارب علمية خطيرة للغاية ، من وجهة نظرهم فإنهم يخدمون البشرية والعلم ومن وجهة نظر الماركسية تكون هذه المجموعة خاضعة لطبقة متنفذة توفر لهم تريليونات الدولارات لإجراء التجارب والاقامة والتنقل بطائرات حديثة للغاية ، ولا يمكن لهؤلاء العلماء الاعلان عن الاكتشافات التي يتوّصلون اليها الا بعد قرار النخبة المتنفذة في العالم ونادراً ما نسمع عن نتائج هذه الابحاث ، قبل فترة نشرت إحدى الصحف الأمريكية مقالة تشير فيها الى أن شبكة الانترنت المستخدمة حالياً عام 2013 كانت الكثير من أجهزة المخابرات تستخدمها في نهاية عشرينات القرن العشرين !
وحددت اسماء بعض الدول لكني سأتجاوز الموضوع للتركيز على مدى إرتباط هذه العلاقات الانتاجية الاجتماعية الاقتصادية لمجموعة بشرية بقوانين الاقتصاد السياسي وتعريف الماركسية لطبيعة العلاقات الانتاجية السائدة بين جمهرة العلماء وطبقتهم المتنفذة !
ما قصدتهُ من المثالين السابقين هو أنهُ بالإمكان لطبقة ما أو مجموعة بشرية معيّنة التأثير في سياق العمل ذاتهِ وإخضاعهُ لمصالحها ، فالانسان لا يؤثر على الأشياء الموجودة في الطبيعة بيديّه فقط ! بل يستخدم وسائل العمل التي يأخذها من الطبيعة المحيطة به وأهمها أدوات العمل التي يستخدم خصائصها الفيزيائية والميكانيكية والكيميائية لتحقيق أهدافه ، وتدخل أيضاً في نطاق وسائل العمل جميع شروط العمل المادية بالمعنى الدقيق للكلمة ، الارض ، والطرق ، والبنايات والجسور ، ووسائل الاتصال ، ووسائل النقل ، بل حتى شبكة الأشعة التي تغلف الأرض وتكنولوجيا النانو الحديثة للغاية ..
هنا نلاحظ التطوّر الهائل في إسس الاقتصاد السياسي عند بناء الدولة السوفيتية وإسسهِ اليوم التي أصبحت خارج إدراك الكثيرون من أبناء الطبقة العاملة الفقيرة التي لا تتواصل مع مستجدات العلوم وتطوّرها بسبب العولمة التي خلقت مواضيع سطحية أثرت الى حد كبير في سير الوعي البشري بحقوقهِ وواجباتهِ تجاه قضيه الرئيسية وهي الصراع الطبقي الذي يتحكم بين الطرفين بقوة ..
إن تطوّر التقنية هو الدليل الرئيسي على تطوّر قوى الانتاج ودرجة سيطرتها على الطبيعة وتأثيرها ، وبهذا فقط يتحدد مكان وأهمية التقنية في عمل الناس وكذلك الحكم على مستوى وعيهم وتطوّرهم ..
وعندما يدرس علماء الاقتصاد أو يستعلموا على مدى تطور قوى الانتاج الخاصة بمجتمع معيّن يطرحوا في البداية سؤالاً حاسماً ..
ــ ما هي وسائل الانتاج التي ينتج من خلالها المجتمع ما يحتاجهُ من خيرات مادية ؟
سأذكر هنا مثالين مختلفين من حيث التطور ينتسبان لنفس العصر الذي نعيشهُ مطلع القرن الحادي والعشرون ..
الأول .. في دول كثيرة من عالمنا لا يزال الفلاحون يستخدمون الدواب والحيوانات لفلاحة الأرض أو حصادها في اسيا وامريكا اللاتينية وافريقيا ..
تأخذ العملية الكثير من جهود الفلاح الكادح والكثير من وقتهِ وصحتهِ تحت الشمس الحارقة ناهيك عن الذين يُساعدونه في العملية من اسرتهِ وبعض العاملين تحت امرتهِ .. يعتبر هذا الفلاّح نفسهُ محسوباً على طبقة الفقراء لأنه لا يستطيع تحقيق كل حاجاتهِ البشرية من عملهِ هذا في الزراعة وبهذهِ الطريقة لا سيما وأن منتوجه يخضع لطبيعة الأسعار والعرض والطلب في السوق ..

الثاني .. يقوم الفلاح في الدول المتقدمة كألمانيا ببرمجة الحاصدة الزراعية التي تعمل ذاتياً وضع فيها طول الارض وعرضها وفرز المحصول من الأدغال والشوائب ولف بقايا القش في حلقات دائرية كفضلات يتم الاستفادة منها لاحقاً في موضوع آخر ..
ويتركها تعمل تلقائياً وبعد أن تنتهي من عملها تتوقف ذاتياً ، بعد أن قامت لهُ بأكثر من عملية في نفس الوقت كانت في السابق تحتاج الى خمسون فلاح أو مساعد حتى تنتهي هذه العملية ناهيك عن الزمن والتكلفة ..
يحسب هذا الفلاح الألماني نفسهُ محسوباً على الفقراء لأن الدخل الذي يعود لهُ من الزراعة لا يساوي في بعض الأحيان دخل صاحب محل لبيع المواد الأولية أو الغذائية وغيرها ..
الفلاح في المثال الأول يطمح الى وجبتي لحم في الاسبوع والى توفير دخل يمكن اولاده من الدراسة والى دخل يمكنه من تحقيق زواج ميسور لأبنائهِ وبناتهِ ..
الفلاح في المثال الثاني يعتبر نفسهُ فقيراً لأنهُ لا يتمكن من إدخال أبنائهِ وبناتهِ في المدارس المتميّزة ، لا يتمكن من الاشتراك شهرياً في أندية الرياضة ، لا يتمكن من السفر سنوياً للإستجمام كباقي أبناء بلدهِ لهذا يلجأ الى حرق محصولهِ للحصول على تعويض يفوق ثمن إنتاجهِ من الدولة ، وفي الحالة الاولى تبور بضاعة الفلاح الفقير نتيجة التبادل التجاري الحر الذي يقضي على الزراعة الوطنية في البلدان النامية والمستفيد الأول والأخير النخبة المتنفذة وبالأخص تلك التي اسند اليها السيطرة على الزراعة في العالم ومحصولها ..
وفي الحالة الثانية يتمكن المتحكمون في الزراعة العالمية من إبقاء الأسعار تحت سيطرتهم وبالتالي إبقاء مجموعات بشرية واسعة تحت خط الفقر حتى لو كان ذلك على حساب خزائن الدول الرأسمالية ومدخولات الضرائب من الافراد التي يتحكمون بها ..
ما أود الاشارة اليه أيضاً هو أن التحكم بسياق العمل موجود بقوة في الحالتين ..
فأدوات العمل المستخدمة في الحالتين إذ لم يُقدر لها الاحتكاك مع العمل الحي فقدت ما تتمتع بهِ من أهمية ، فلا مادة العمل ( موضوع العمل ) ولا وسائل الانتاج تدخل هنا في سياق العمل الحي ، بل الميّت بكل صراحة ..
ونشاط الانسان المبذول هنا لا يمكن إعتبارهِ نشاطاً إنتاجياً من غير موضوع العمل ووسائل الانتاج ، والنتائج التي خرج بها ، والتجارب الانتاجية التي تتكرر تقع تحت وطأة القوى المسلطة والمتنفذة والمستفيدة ..
فالانسان وليس الطبيعة هو المتحكم بالتأثير المتبادل وهو العامل الرئيسي في هذا السياق ، فتعريف العمل المنتج يأتي من النتائج النهائية للعمل ، ونتيجة العمل دائماً هي منتوج العمل ومدى الاستفادة منه ، ويتحول هنا سياق العمل الى سياق الانتاج النهائي ، وهو بشكل عام جوهر العمل وسماتهِ المميزة ..
والناحية الأساسية في الانتاج الإجتماعي تكونهُ كما نعلم وسائل الانتاج زائداً قوى الانتاج التي تدير أدوات ووسائل الانتاج ويمكننا أن نقيس مستوى التطور عند القوى المنتجة من خلال التقسيم الاجتماعي للعمل والذي خضع بدورهِ للتطور الذي تحقق في المجتمع عبر مراحلهِ الطويلة ، ونلاحظ ان هناك محاولات كثيرة جرت لتشويه مفهوم قوى الانتاج على اعتبار ان القوى المنتجة ووسائل الانتاج والتقنية تخضع لمالك يحق لهُ التحكم بها كما يشاء مجرّدة عن صفتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية كما يقرها المجتمع الرأسمالي بحجة حقوق الملكية وحق الانسان في إمتلاك ما يشاء نتيجة لقوانين وضعتها النخبة نفسها لخدمة أهدافها والتي تتعارض مع طروحات الماركسية في سيطرة الطبقة العاملة على وسائل الانتاج وإخضاعها لخدمتها وخدمة المجتمع ..
لا حظ ماركس أن قوى الانتاج تبرز فقط عندما تكون قوى منتجة إجتماعية ، صحيح أنها تجري في سياق العمل فردياً كما يبدو للوهلة الاولى ، لكنها فردية في نطاق المجتمع وبفضل المجتمع ، في الجماعة فقط يمكن أن تتطور مقدرة الانسان على العمل وإعطاء نتائج متميّزة وهذا ما لا ينكرهُ حتى علماء الاقتصاد في الدول الرأسمالية واللبرالية الجديدة ، وهم يعترفون أن الأساس هو المجتمع وليس الفرد المنعزل عنهُ ..
فالبشر عندما يقومون بالتأثير على الطبيعة أو إحداث تبادل فعّال معها ، يُنشئون في الوقت نفسهُ علاقات إنتاجية إجتماعية فيما بينهم لا يمكن بدونها إحداث هذا التأثير . وهذهِ العلاقات لا تفرضها الطبيعة ، البرق والرعد والمطر والخسوف والكسوف وغيرها ، بل بالطبيعة الاجتماعية لقوى الانتاج ( الاخلاق ، والبيئة والعادات والتقاليد ، وطرق التعامل ، ومستوى الوعي ، والثفافة ) ..
الانتاج الاجتماعي ينشأ منذ البداية كوحدة بين طرفين متعارضين تشترط إحداهما وجود الاخرى ، قوى الانتاج تجد تعبيرها في عناصر العمل الجماعي ، وعلاقات الانتاج تجد تعبيرها في شروط معيّنة تؤمن مساهمة الناس في الانتاج ، صحيح انها تجري في بعض الأحيان بصورة مستقلة عن ارادتهم ووعيهم لكنها في المجتمعات الطبقية تحمل طابعاً طبقياً واضحاً ..
هناك قاعدة أساسية في الاقتصاد السياسي الماركسي تقول ( ان أي توزيع واعٍ للناس في عملية الانتاج يفترض أن يوجد هؤلاء الناس في علاقات إجتماعية معيّنة تمكنهم من تنفيذ سياق العمل ) ..
لهذا تتمتع العلاقات الانتاجية بسِمة خاصة ، وتتميّز عن العلاقات الفردية اللبرالية القائمة على الأنانية ، فالعلاقات الانتاجية قبل كل شئ هي علاقات الملكية التي يفرضها سياق الانتاج أي ملكية وسائل الانتاج ..
لكن سؤالاً ما يطرحهُ نسبة من أفراد المجتمع بهذا الصدد وهو ..
هل تعيق حيازة وسائل الانتاج المتوارثة تاريخياً والتي لا يستطيع البعض التخلي عنها تطوّر قوى الانتاج وتؤثر في وعيها وحركتها ؟
الجواب نعم .. تعيق هذهِ الحيازة تطور قوى الانتاج وتنتج في بعض الأحيان التذمر ، وإذا ما عدنا لماركس نجد أنه حدد مفهوم شكل الملكية كعلاقة معيّنة بين الناس وبين شروط الانتاج ، وقد كرر ماركس هذا التعريف في أكثر من كرّاس ومؤلف لهُ يتناول هذا الجانب من الموضوع ..
فحيازة وسائل الانتاج تستدعي قيام علاقات إجتماعية متبادلة بين الناس ، تسمى علاقات الملكية بحكم أنها متلائمة مع علاقاتهم بوسائل الانتاج ونتائج العمل ، سواء كانت لهم ( وسائل الانتاج ) أو غريبة عنهم ، لهذا يُطلق عليها بشكل عام علاقات إقتصادية ..
لا شك أن علاقات الانتاج مرتبطة بالأشياء ، أي بأدوات العمل ومادتهِ ، ومرتبطة بنتيجة العمل ، الا أنه لا ينبغي القول ان علاقة الملكية هي علاقة الانسان بالأشياء وعبر هذه الأشياء بإنسان آخر كما تعرّفهُ الرأسمالية ، فعلاقات الملكية هي ..
العلاقات الاقتصادية المادية الموضوعية التي تقوم بين الناس والتي تظهر في سياق الانتاج ، وتجد تعبيرها في علاقاتهم بوسائل الانتاج وبنتائج العمل سواء أكانت عائدة لهم أو لآخرين ..

ملاحظة ..
عزيزي القارئ سأطرح مجموعة من الأسئلة التي تخص صلب الموضوع لتفعيل النقاش حول أهم المواضيع التي تتعلق بحياة الطبقة الفقيرة من البشر وتساهم في تعريف اكبر قدر من القرّاء بهِ ..

ــ الى أيٍ من العلوم ينتمي الاقتصاد السياسي ؟

ــ ما هو الموضوع الأساس في الاقتصاد السياسي ؟

ــ ما هو مجال الحياة الإجتماعية التي يدرسها الاقتصاد السياسي ؟

ــ ما هو الدور الذي يلعبهُ الانتاج في تطوير المجتمع البشري ؟

ــ أي نشاط للناس يمكن أن نسمّيه عملاً ؟

ــ ما هي العناصر الرئيسية للانتاج ؟

ــ أي نشاط للناس يمكن أن نسميه عملاً ؟

ــ ما المقصود بموضوع العمل ؟

ــ ما هو الدور الذي تلعبه وسائل الانتاج في حياة البشر ؟

ما هو الدور الذي لعبه العمل في ظهور الفرد والمجتمع ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشكر والتقدير
حميد خنجي ( 2013 / 7 / 30 - 09:02 )
شكرا زميل فواز على مطارحتك هذه المسائل الهامة من خلال المسألة الأساس وهي: المفاهيم العديدة للاقتصاد السياسي
مقالك في حاجة إلى وقت،عسى أن أجده، حتى يتسنى لي المشاركة
أتمنى أن تجد آذان صاغية من الكتاب والقراء آملا سجالات منهجية
ممكن سؤال شخصي: في اية مدينة تعيش؟
تحياتي


2 - رد الى العزيز حميد خنجي
فواز فرحان ( 2013 / 7 / 30 - 15:21 )
شكراً لتقييمك وكُلّي آذان صاغية
اعيش في مدينة بريمن
Bremen
شمال المانيا
تحياتي


3 - مقال ممتع
حسين علوان حسين ( 2013 / 7 / 30 - 20:09 )
الأستاذ الفاضل فواز فرحان الورد
خوش تشرح
عاشت إيدك
فقط أقترح عليك أن تعيد النظر في توصيف السياسة الإقتصادية لبسمارك الذي بنيت في عهده الرأسمالية الألمانية ، و الذي وحَّد البلد بقيادة بروسيا ، و الذي بحث لألمانيا مكاناً تحت الشمس ، أي عن مستعمرات ..
لماركس كلام كثير في سياسة بسمارك أرجو الجوع إليه .
الطريق الثالث يعود لألماني آخر ، هو بيرنشتاين
تحياتي و تقديري و إعتزازي .


4 - الاستاذ العزيز حسين علوان حسين
فواز فرحان ( 2013 / 7 / 30 - 20:43 )
شكراً لتقييمك ورأيك ويشرفني طبعاً هذا الرأي ، ما تقولهُ صحيح فعلاً لكن برنشتاين لا يُذكر في الاعلام والصحافة الألمانية إلاّ ما ندر ويضعون بسمارك في المقدمة وسأحاول البحث بشكل أعمق في نصيحتك
تقبل مني كل التقدير والاحترام


5 - الاقتصاد السياسي
عبد الحسين سلمان ( 2013 / 7 / 31 - 05:01 )
الزميل فواز
تحياتي لك
وشكراً على هذه الدراسة العلمية
وبشكل سريع جداً
تسئل:
الى أيٍ من العلوم ينتمي الاقتصاد السياسي؟
الاقتصاد السياسي في حالتنا الراهنة هو علم من العلوم اللإجتماعية.......
سوف أجيب عنها في مقال منفصل,عن الاسئلة ,وأتوسع في الموضوع وخلال وقت قريب


6 - الاستاذ العزيز جاسم الزيرجاوي
فواز فرحان ( 2013 / 7 / 31 - 10:28 )

شكراً لمروركم الكريم ، قرأت المقالة التي وضعتها في الرابط أعلاه في الفيسبوك ، لا اعلم لماذا خفّ وهج الكتابة عن موضوع الاقتصاد السياسي وتعريفه في الوقت الحالي ..
الاسئلة اضعها لتحريك أفكارنا في هذا الصدد ويسعدني ان تكتب عن الموضوع ربما من زوايا اخرى لم اتطرق لها
كل المودة والاحترام لكم


7 - ماركس والاقتصاد السياسي -1
انور نجم الدين ( 2013 / 7 / 31 - 18:30 )
عزيزي الرفيق فواز مع التحيات.

يبدأ ماركس مما بعد الاقتصاد السياسي، وهذا ما يجب فهمه. فماذا يعني اذن: مما بعد الاقتصاد السياسي؟

يقول ماركس:

(العهد الذي لم يكن فيه الصراع الطبقي قد نما نموه، كان هو أيضاً العهد الذهبي للاقتصاد السياسي، وممثله العظيم (ريكاردو) هو أول عالم اقتصادي يجعل عن قصد، من المنازعة بين المصالح الطبقية، من التعارض بين الأجر والربح، والربح والدخل، نقطة الانطلاق لأبحاثه. وهذه المنازعة، التي لا يمكن فصلها في الواقع، عن وجود هذه الطبقات نفسها التي يتألف منها المجتمع البرجوازي، إنَّما ينص (ريكاردو) بسذاجة على أنَّها القانون الطبيعي، القانون الذي لا يتغير، للمجتمع البشري. وكان في هذا بلوغ الحدود التي لن يجتازها العلم البرجوازي) (ماركس، رأس المال- نقد الاتقصاد السياسي).

(إنَّ الاقتصاد السی-;-اسي برجوازي، إنَّه ی-;-درس النظام الرأسمالي ليس كدرجة عابرة تاری-;-خی-;-اً من درجات التطور، بل على العكس كشكل مطلق نهائي للإنتاج الاجتماعي) (ماركس، نفس المرجع السابق).
يتبع


8 - ماركس والاقتصاد السياسي -2
انور نجم الدين ( 2013 / 7 / 31 - 18:31 )
وهكذا، فمما بعد الاقتصاد السياسي يعني ببساطة دخول المجتمع الرأسمالي نوباته الدورية -الأزمات، وظهور حركات اجتماعية جديدة تطرح على بساط البحث مسألة جديدة في التاريخ: الشيوعية! فماركس لا يبدأ من الاقتصاد السياسي، بل مما بعد الاقتصاد السياسي، فالاقتصاد السياسي لا يعالج سوى القضايا المتعلقة بالمجتمع المدني، فهو نقد الماضي من منطلق نشوء وترسيخ علاقات الحاضر بوصفها علاقات أبدية للمجتمع البشري.
أما حسب ماركس ان علاقات الانتاج البرجوازية هي علاقات بل وآخر شكل للعلاقات التناحرية في المجتمع البشري. وان القوى الانتاجية المتنامية، تخلق بنفسها، الشروط المادية لاجل حل هذا النزاع، وحسب ماركس:

(ولهذا ينتهي ما قبل تاريخ البشرية بالتشكيلة الاجتماعية البرجوازية) (مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي).

وهكذا، فالاقتصاد السياسي يبدأ عند غروب الاقتصاد الاقطاعي ودخول البشرية المجتمع المدني- الحضارة الرأسمالية. بينما يبدأ ماركس عند شروق حركات الناتجة من التناحر الجديد في المجتمع، فنقطة انطلاق مما بعد الاقتصاد السياسي، هي القوانين الاقتصادية للمجتمع الرأسمالي .. يتبع


9 - ماركس والاقتصاد السياسي -3
انور نجم الدين ( 2013 / 7 / 31 - 18:33 )
فالاقتصاد السياسي، أعلن صراحة أن وجود الإنتاج الرأسمالي، قانون طبيعي للبشرية، أي أنَّه لا يتغير، ويبقى أزلياً مثل القانون الجاذبية مثلا.

وهكذا، فإنَّ الأمر لا يتعلق بإنتاج فائض القيمة لدى كارل ماركس، بل بنمو التناقضات الداخلية للإنتاج الرأسمالي الذي يجلبه قانون القيمة، فالمسألة لا تتعلق قط، بتطوير مصطلحات ريكاردية، ولا بكيفية تكوين الخلايا الاقتصادية للإنتاج الرأسمالي، أو شكل القيمة للبضاعة، ثمَّ النقد، والأجرة، والربح، وغيرها من المفاهيم الاقتصادية التي ورثتها الإنجليز من سميث وريكاردو.
ان الاقتصاد السياسي علم برجوازي، يبحث فترة نمو الإنتاج الرأسمالي، أي الفترة الريكاردية التي اجتازتها إنجلترا في بداية القرن التاسع عشر. ولكن الأمر، حسب ماركس، لم يتعلق بالنمو، الكامل تقريباً، للمنازعات الاجتماعية التي تولدها القوانين الطبيعية للإنتاج الرأسمالي، ولكنه يتعلق بهذه القوانين نفسها وبالإتجاهات التي تظهر وتتحقق بحتمية فولاذية (ماركس).


10 - العزيز انور نجم الدين 1
فواز فرحان ( 2013 / 7 / 31 - 19:23 )

كل الشكر والتقدير لك على رأيك القيّم .. ولكن ما يجب أن نعلمهُ جيداً أن الاقتصاديون السياسيون قبل ماركس لم يتمكنوا من الكشف عن القوانين الواقعية لتطور الانتاج السلعي في عصر الرأسمالية ، كما لم يتمكنوا من إيجاد التأويل العلمي الصحيح لقانون القيمة ..
والسبب كما نعلم هو ( محدوديتهم الطبقية في النظر الى هذا الموضوع ) ..
لقد فسّر هؤلاء الاقتصاديون ( قبل ماركس ) الانتاج السلعي بالشكل التالي ..
الانسان ميّال بطبيعتهِ الى التبادل ، وهذا الميل يؤدي الى تقسيم العمل ، وهكذا عالجوا التبادل على أنهُ ظاهرة أبدية ، مستقلة عن التاريخ ، مشروطة بطبيعة الانسان واعتقد أن هذا التأويل يرتبط بالخلفية الطبقية التي عملت على نشرهِ كقاعدة أبدية ..
لقد أوجد ماركس إقتصاداً سياسياً علمياً وأشار في أغلب مؤلفاتهِ الى هذهِ النقطة على أن القوانين الاقتصادية هي قوانين موضوعية مستقلة عن إرادة الناس ووعيهم ، وان هذه القوانين تتحدد بشروط الحياة المادية للمجتمع ..


11 - العزيز انور نجم الدين 2
فواز فرحان ( 2013 / 7 / 31 - 19:24 )
لهذا لا يمكن إستخلاصها من أهوائنا وأفكارنا ، فلكي نعرف قوانين الانتاج في العصر الحديث لا بُد من تحليل شروط الحياة المادية للمجتمعات ، ان الكشف عن الطبيعة الواقعية لقوانين الانتاج في هذا العصر تتيح لنا معرفة القوانين التي تحرّك النظام العالمي الذي يتحكم بنا ، أي يُتيح لنا معرفة قوانين تطور الرأسمالية أيضاً وطرقة عملها ..
أي بكلام أدق يمكّننا من الكشف عن التناقضات في قوانين الانتاج الحديثة والكشف عن طابعهِ العارض غير الازلي ..
وهنا بالتحديد أختلف معك ( الجملة الاخيرة ) ..
سأذكر أمثلة عديدة في الحلقات القادمة اتمنى ان نكون على تواصل لمواصلة النقاش حول النقاط التي تراها متعارضة مع دراستك للموضوع ..
تقبل تحياتي


12 - علمية الاقتصاد السياسي
انور نجم الدين ( 2013 / 7 / 31 - 20:00 )
انك لا تعارضني أخي فواز بقدر ما تعارض ماركس. انك تقول: لقد أوجد ماركس إقتصاداً سياسياً علمياً وأشار في أغلب مؤلفاتهِ الى هذهِ النقطة على أن القوانين الاقتصادية هي قوانين موضوعية مستقلة عن إرادة الناس ووعيهم.
حسب هذه الاطروحة، ان الاقتصاد السياسي الكلاسيكي غير علمي في الاساس ولا ينطلق في أبحاثه من قوانين موضوعية مستقلة عن ارادة الناس ووعيهم. وهذه الفكرة متناقضة كليا مع فكرة ماركس حول الاقتصاد السياسي.
ان الاقتصاد السياسي علم ويعتمد على الابحاث التجريبية. وطريقة ماركس هو نفس الطريقة المادية، الواقعية للاقتصاد السياسي، يعني انها نفس الطريقة التجريبية. وهو يقول وبكل اعتزاز:
(يرى سيابر، أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة كييف، فيما يختص بالنظرية، على وجه التحديد، أنَّ طريقة ماركس هي طريقة المدرسة الإنجليزية كلها، إنها الطريقة الاستنتاجية التي نرى حسناتها ومساوئها عند أعظم منظري الاقتصاد السياسي – كارل ماركس، رأس المال).


13 - الاستاذ العزيز انور جمال الدين
فواز فرحان ( 2013 / 7 / 31 - 21:13 )

هذه الجملة لماركس ويمكن قراءة الجملة كاملة وليس مستقطعة ..
وعندما أقول مستقلة عن ارادة الناس ووعيهم فأنا أعني أنها بحاجة لدراسة تجريبية واقعية موضوعية حتى نتمكن من فهمها واخراجها الى السطح ، الاقتصاد السياسي الكلاسيكي كلهُ علمي ولم يستند الى الاساطير ولا اعلم كيف إستنتجت هذهِ الفكرة وأين ؟
ارادة الناس ووعيهم لا يعنيان بالضرورة إداركهم لكل القوانين الاقتصادية بضربة حظ بل يحتاج الى دراسة تجريبية هذا لب القصيد
وهذا ما قام بهِ ماركس بمساعدة انجلز واساتذة آخرين زوّدوه بكل البيانات المتعلقة بالموضوع من أرض الواقع وليس من الخيال ..
تقبل خالص تحياتي

اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة