الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البكاء على البابا والضحك مع الشيخ حجازي

محمود يوسف بكير

2013 / 8 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مواقف وفكر وردود أفعال بعض رجال الدين حاليا تذكرني دائماً بمقولات وفلسفة ماركس عندما قال "مع بعض الإضافات من جانبي" إن الدين هو قلب عالم بلا قلب، إنه أفيون وعزاء الناس المحبطة التي لا تجد ملاذاً غيره للهروب من الواقع المؤلم، إنه الوهم اللذيذ بأنك تعيش حياة لها معنى عندما لا يكون لوجودك أي معنى أو هدف، إنه الأمل المزيف في حياة أخرى مليئة بالمسرات والإشباع يعدنا بها رجال محتالون يرتدون عباءة النسك والدين كمكافأة على صبرنا عليهم وعلى وعودهم التي يتفننون في إيجاد عشرات المبررات الموثقة في السماء لعدم تحققها.

أيا كان انتماءنا أو تفسيرنا لما يحدث في مصر حالياَ فإن أي بشر ينبض في جسده أي حس إنساني سيحزن على مقتل وإصابة مئات الأشخاص من مؤيدي الرئيس المعتقل في محيط منطقة رابعة العدوية بالقاهرة وغيرها يوم الجمعة 26/ 7 /2013 اثناء اشتباكاتهم مع الجيش والشرطة. والحادث كان موضع استنكار وإدانة من كل دول العالم الحر. ومنظمات وحقوق الإنسان الدولية.
ولذلك استغربت بشدة عندما طالعت رد فعل بابا الأقباط في الصحف المصرية على الانترنت حيث هنأ البابا رجال الجيش والشرطة ووصف أدائهم بالرائع. !!

انا أعرف أن لدى البابا تاوضروس مخاوف مشروعة من رغبة الإخوان الغريبة في تحويل مصر إلى دولة دينية حتى ولو كان الثمن خراب مصر وأنا معه في هذا ودائماَ أقول أن سبب فشل ثورة 25 يناير المجيدة يرجع بشكل أساسي إلى سببين هما عداء المجلس العسكري السافر لهذه الثورة ورغبة الأخوان المسلمين في تغيير شخصية مصر وركوبهم الثورة وتغيير مسارها إلى مسار ديني هو خليط من السلفية الجهادية التصادمية والتطرف وعدم المبالاة بالآخر طالما أنه ليس معهم، ولكن ان يسعد البابا بمقتل وإصابة المئات وبهذا الشكل العلني فهو أمر يدعو للأسى والغم .

إن البابا بهذا يسيء لكل إخواننا الأقباط شركاءنا في هذا الوطن واحسب انه لا يعبر عن غالبيتهم بل انه يسيء لهم، وكان الأولى به أن يعرب عن إدانته لأي عنف أي كان مصدره خاصة عندما يؤدي الى القتل.

لقد ذكرني البابا تاوضروس بموقف البابا شنودة عندما ظل يؤيد الفاسد مبارك إبان ثورة 25 يناير ضد إرادة كل المصريين حتى خلعه وشاركه في هذا الموقف الغريب وقتها شيخ الأزهر الحالي وكتبت حينئذ أدين تصرفه رغم تقديري واحترامي لشخصه ومكانته.
ونحن ككتاب ليبراليين نسعى دائماً وندعو الناس إلى إبعاد الدين عن السياسة في كل الدول العربية حتى لا يكون الدين سبباً للصراع والتصادم والمعاناة وانفراط عقد الوطن.

ولكن بعض رجال الدين ومنهم من لديه ثقل مصممون على اقحام أنفسهم في عالم السياسة ومستغلين الدين بشكل غير مسئول والخطورة هنا تكمن في أن الضرر الذي يحدثونه لا يتوقف عند دائرتهم الشخصية ولكنه يمتد ليشمل الملايين من اتباعهم.

وعلى الجانب الآخر هناك في قيادات الاخوان المسلمين في مصر رجل ذو ابتسامة صفراء يفوق عادل امام في الكوميديا حتى انني اصبحت ابحث عنه في اليوتيوب كلما اصابني نوع من الهم والإرهاق بسبب ضغوط العمل لأنه بحركاته وهلوساته يساعد كثيراَ على تفريغ الهموم.
فمنذ فوز مرسي بالرئاسة والرجل يتصرف وكأنه رئيس موازي ويظهر في أحد الفيديوهات وهو يقول إنه لا ينفي سعي الاخوان إلى " التكويش "على السلطة في مصر حتى يحققوا مشروعهم الاسلامي على حد تعبيره وفي حديث آخر له يقول ان السيطرة على مصر وأسلمتها هو بداية الطريق لتحرير القدس !! وكأن مصر بلد الأزهر لم تكن مسلمة والشيخ حجازي هو الذي سيقودها لتحرير القدس! هذه المواقف بالمناسبة اضرت كثيراَ بالرئيس مرسي وبكل جماعة الإخوان.

وبعد مأساة يوم الجمعة ظهر الرجل على منصة رابعة العدوية وهو يؤكد للناس بأن مرسي سوف يتحدث معهم بعد أقل من 24 ساعة فلما لم يحدث بدأ يبشرهم بحدوث شيء مروع ومذهل ينهي معاناتهم وكالعادة لم يحدث شيء.
ومنذ ايام وأنا اطمئن على الأهل والأصدقاء في مصر قيل لي ان هناك إشاعة قوية يبدو أن الشيخ حجازي أحد مروجيها وتتحدث عن أن النبي موسى وسيدنا الخضر (وفي رواية أخرى جبريل) ظهرا في محيط رابعة العدوية دون أن يراهما أحد سواه وقيل إنه أجتمع بهما بشكل سري ولكنه لم يبلغ أحد بالنتائج التي تمخض عنها هذا الاجتماع.
وسيدنا الخضر هذا لمن لا يتذكر هو الرجل الصالح الذي خرم المركب التي كان يهم أصحابها بركوبها، فلما سأله موسى لماذا فعل هذا غضب بشدة وقرر مفارقته بالرغم من أن كل أسئلة موسى للسيد خضر كانت منطقية للغاية.

ويبدو أن المشكلة هي إما أن يكون الشيخ صفوت حجازي يعاني من هلوسات شديدة يشاهدها اثناء النوم ويتصور انها حقيقة فينقلها للناس على أنها واقع وهنا يكون عليه أن يفكر بجدية في تغيير الصنف.
وإما ان الرجل يستهين بمعاناة الناس في رابعة ويتعمد استغفالهم حتى يبقوا لأطول مدة خدمة لأغراضه السياسية التي ليس لها علاقة بالدين ولو أن الشيخ حجازي يشعر بمعاناة من ينامون في الشارع وهم صيام وفي ظروف صعبة وجو حار لما تمادى في تهريجه وتصرف كسياسي محترف ليحقق مطالبهم.
أود هنا أن أذكر الأخ حجازي الذي يسمي نفسه بالداعية الإسلامي بما قاله الأمام محمد عبده في محاولاته القيمة لتقديم نوع من الاصلاح الديني على غرار ما حدث في أوروبا، حيث رأي الإمام -الذي لم يسع للسلطة في حياته أبدا- أنه لا ينبغي إقحام الدين في لعبة السياسة بكل اكاذيبها وألاعيبها وإنما يكون دور الدين هو الحارس للقيم في المجتمع بحيث يمثل نوعاً من السلطة الأخلاقية التي تراقب الدولة والحاكم لمنعه من الاستبداد والتسلط على العباد أو استغلال نفوذه لتحقيق منافع شخصية له ولمن حوله.

ترى هل ينام الشيخ حجازي هو وأبنائه وزوجته في الشارع مع هؤلاء المعتصمين المساكين؟ وهل استشعر يوماً لوعة موت أحد من ابنائه برصاص ضباط شرطة أو جيش تجردا من كل مشاعر الإنسانية والرحمة؟

والخلاصة ان الإسلام السياسي يتقدم ببطء لسحق كل آمال وأحلام الربيع العربي مدعوما بالملايين من المهمشين والمعدمين فكريا وماديا في كل انحاء ما يسمى بالعالم العربي.
فلنستمتع بالسيء الان قبل قدوم الأسوأ.

محمود يوسف بكير
مستشار اقتصادي مصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا للعجب في إستغرابك
مريم رمضان ( 2013 / 8 / 2 - 03:55 )
إذا كان الإعتصام لكي يموتوا في سبيل الله فليكن لهم هذا وهم الذين إختاروا الموت لكي يتنافسوا على الحوريات فهذه مشكلتهم. أما البابا عندما حيا الجيش فهذا واجب كل أحد ليحمي البلد من الشياطين المتناثره هنا وهناك. هل تأثرت يا أخ محمود عندما هددوا أولاد الشيطان شيوخ الإخوان ،السيسي والأقباط بالقتل والبابا على رأس قائمه الإغتيالات ، وهم يسمون كل مصري شريف بالخائن وصليبي كإحتقار له؟
يا للعجب في إستغرابك.


2 - تعليق
عبد الله خلف ( 2013 / 8 / 2 - 04:57 )
مهما حصل , تبقى عداوة المسيحي للمسلم قائمه!... مثال :
الإسلام يتقبل الآخر , و لو لم يكن تقبّل لما وجدنا : اليهودي و المسيحي و الصابئي ... ألخ في البلاد الإسلاميّه , بل لما وجدنا منصب البابا في مِصر , كل هذا يؤكد أن الإسلام يتقبل الآخر , و طبّق ؛ قوله تعالى : (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) .
حتى أن الإسلام أقر بحضور إحتفالات أهل الكتاب و أكل طعامهم , بل و حلّ أن نتزوج منهم , ليكون خال الابن المسلم من أهل الكتاب , فماذا بعد كل هذا التعايش الجميل؟ .
بالمقابل , نجد الكنيسه لا تعترف بالإسلام كدين سماوي!... هل رأيتم من الذي لا يتقبل الآخر؟ .


3 - الى الأخت الفاضلة مريم رمضان
سهام عبد اللطيف ( 2013 / 8 / 2 - 09:20 )
أخت مريم انا لا ادعي تعاطفي مع الأخوان أو مشروعهم أو افكارهم بل اني على النقيض تماماً مما يفعلون ، وهم لا يعتصمون في رابعة ابتغاء حور العين فتلك صفات المؤمن الحق ، لكنهم أحرص الناس على الحياة والتشبث بالسلطة ولكنهم يغررون بالبسطاء والطائفين بفلك المفاهيم السطحية للدين دون اعمال لعقل او منطق ليعتصموا ويدافعوا عنهم وعن مصالحهم الخاصة والسلطة التي سلبت منهم والتي يستميتون للرجوع اليها ولكن إنسانياً لا أقبل ان تتعامل معهم الدولة إلا كما تنص الأعراف والمواثيق الدولية لفض تلك الاعتصامات أحتراماً لأدمية الانسان أياً ما كان يحمل من أفكار مغايرة أو مختلة .
فحق الحياة هو حق أصيل لكل نفس بشرية إلا اذا اتت بالعدوان المسلح ففي هذه الحالة سأكون في حالة دفاع عن النفس مع حرصى التام أن تكون بأقل قدر من الخسائر الممكنة.
وإذا كانوا هم لا يتمثلون بالإسلام الصحيح فلنكن نحن قدوة لما يحث عليه جوهر ديننا الحنيف حين قالى تعالى ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامَ )
لك كل التحية


4 - وهل هنئ البابا بالقتل
مروان سعيد ( 2013 / 8 / 2 - 14:24 )
تحية استاذ محمود يوسف بكير وتحيتي للجميع
لماذا لانضع النقط فوق الحروف لنمنع التفرقة والكراهية
هل هنئ البابا على اداء الجيش بهذه الموقعة بالزات ام هنئه بوقوفه مع الشعب والثورة بدون تحيز ولقد شجعه على المضي قدما بهذا التواضع الرائع حتى انه طلب من الشعب ان يعطيه الامر بحربه ضد الارهاب الذي كان سيسحب مصر وجيشها لصراعات اقليمية
وهل تعلم بانه كان مخطط لجر مصر لحرب شبيهة بالحرب في سوريا اي حرب طائفية ولماذا كانت اميركا واوربا محامي الدفاع عن مرسي واتباعه هل محبتا بالاخوان ام انهم يد لها بالمنطقة وتلميذ نجيب يسمع ويطيع
ولعلمك ايضا الكنيسة بشكل عام تزرف دمعا ودما على قتل اي انسان كان مسلم قبل المسيحي ولا ترضى حتى بالغضب لاان المسيح يعتبر الغضب خطيئة وخطوة الى العنف
وانا معك بانه يجب ابعاد الدين عن الدولة
وللجميع مودتي


5 - من المستحيل ان يكون تواضروس قد هنأ احد بقتل احد
بشارة خليل قـ ( 2013 / 8 / 2 - 17:29 )
فيا استاذ بكير ما كان عليك الا وضع المرجع
والغريب ان يقارن موقف كهذا من المستحيل ان يصدر عن رجل دين مسيحي بموقف سياسي بحت لا شأن له بتهنـءـة احد على قتل احد , فموقف البابا شنودة الراحل كان موقف سياسي وليس موقف ديني وكان موقف احترازي وخاطيء فالبابا شنودة لم يكن حرا ابدا في ابداء رأيه على عهد السادات ومبارك

مع خالص تحياتي


6 - أبليس الكذاب... كان قاتلأ للبشرية منذ البدء
الأشورية _من أرض أشور _ العراق ( 2013 / 8 / 2 - 19:42 )
عبد الله خلف...أبناء الشرق الأوسط المسيحيين(الأقباط والأشوريين والسريان والكلدان والأرمن والصابئة)لم يدخلوا الشرق كغزاة ومحتلين قادمين من هنا وهناك ومن شبه جزيرة العرب,فجذورهم متأصلة وممتدة لأعماق تربة الشرق من الأف السنين,وحجرهم وأثارهم وحضارتهم العريقة تشهد من هم أصحابها الحقيقيين,فيكفينا نفاقكم وكذبكم كما هو دأب الكثيرين من أمثالك الحفاة الجهلأء المغيبين.منصب قداسة البابا كائن على أرضه وترابه مصر من قبل أن يأتي بشر حفاة بسيوف لينشروا العنف والهمجية بالقوة ويتسلطوا على أوطان الأخرين,وأيامنا هذه أسقطت أقنعة أبناء الصحراء وكشفت عن هؤلأء الأقوام الصحراوية في وجوه أخوان الشياطين(وهم بيوض القاعدة الأرهابية) وبقيادة مرسي العياط الخائن الذي أراد بيع أرض مصر لقطر ولحماس وللفلسطنيين ولأسرائيل ولأخرين.ولو هؤلأء الهمج كانوا بجد أبناء مصر الأصلأء لكان لهم النخوة والشرف والضمير والخوف على تربة وشعب مصر بكل أطيافه ومذاهبه وأديانه وقومياته,ولأن هذه العصابة الأخونية ليسوا أبناء مصر,بل خونة وعملأء للخارج,وطبعا كشفتهم أفعالهم اللأنسانية واللأوطنية عندما أرادوا نهش وأفتراس جسد مصر ليبعوه للغرباء.


7 - أخت سهام
مريم رمضان ( 2013 / 8 / 2 - 23:19 )
لا أحب اللف والدوران ، تعاطفك مع الإخوان هو تعاطفك مع الإسلام، والإخوان يمثلون الإسلام بالحرف والجمله ،لا يوجد إسلام حنيف أومعتدل، نعم هناك مسلمين متشددين ومسلمين معتدلين الذين هم أرقى بكثير من مسلمين محمد . أختي أنا كنت هناك في مستنقع الإسلام لا أريد أن تعرفيني بالإسلام .
ماذا عملت الإخوان من يوم إستلمت الحكومه لحتى الآن غير القتل وسرقت البلد وبيعها. حرام عليكم إصحوا خلينا نصير من البشر ونلحق الحضاره بكفينا تخلف من الإسلام.


8 - البكاء على البابا
ناس حدهوم أحمد ( 2013 / 9 / 27 - 00:20 )
فصل الدين عن السياسة مسألة حتمية لبناء مجتمع متسامح وديمقراطي
يتسع للجميع
لا حكم عصابة الإخوان ولا حكم العسكر يحلان المشكلة لكن تدخل
العسكر خلال يونيه 2013 كان عملا واجبا وأخلاقيا تلبية لإستغاثة
الملايين من المواطنين من أجل إنقاذ البلاد من حكم هذه العصابة التي
تتخذ الدين وسيلة لفرض إستبداد جديد أفضع من سابقه

مصر تحتاج إلى نظام لبرالي ديمقراطي منفتح على العالم الحر
هذا هو الحل الذي يلائم كل المجتمعات لكن يبدو أن هذه الحركات
الدينية الفاشية لا تريد أن تؤدي الأمور إلا إلى ما يحقق مناهجهم
التي لا يمكن بحال من الأحوال أن تحقق التعايش بين المواطنين الذين
يقبلون التنوع والحرية وتحقيق ا لكرامة للجميع

اخر الافلام

.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف


.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية




.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في


.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك