الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر والمفارقات الأميركية الخطرة..

عزيز الحاج

2013 / 8 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



اعتاد صديق أن يرسل لي أحيانا أخبارا تمزج الهزل بالجد.

هذه المرة كان خبره الآتي:

" ورد في الأنباء أن أوباما حائر بين عرضين عرضا عليه: أن يكون الولي ما فوق الفقيه، أو مرشدا لمرشد الإخوان المسلمين. العرض الأول من روحاني، والعرض الثاني حمله من القاهرة وفد الكونغرس، الذي أنهى للتو زيارته لها".

بعيدا عن هزل صاحبي، فإن "خبريته" تصلح لتحليل وفهم السياسة الأميركية المتعثرة والمرتبكة، والمرعبة، تجاه كل من إيران ومصر الانتفاضة الثانية.

فبينما يواصل الرئيس الأميركي ومساعدوه ووسائل الإعلام الأميركية انتظار "إشارات انفتاح" وابتسامة من روحاني، للدخول معه في حوار "صفقة العمر"، نراه يواصل التشكيك بالوضع المصري الجديد، بل، وثمة التهديد المبطن بقطع المساعدات والتنبؤ بالفشل ما لم يطلق مرسي، وما لم يترك إخوان عدوية يعبثون في القاهرة، ويجلبون الأطفال والفقراء، ويعذبون من يريدون هناك، ويقلعون حجارة العمارات لبناء المتاريس وقطع الطرقات. الضغوط والتهديدات الأميركية ليست موجهة للإخوان، الذين عملوا على خطف الدولة والمؤسسات وكل المجتمع، فهبت ضدهم الملايين، بل هي موجهة ضد الشعب الثائر نفسه والحكام الانتقاليين، من مدنيين وعسكريين. وظهر من زيارة وفد الكونغرس أن هذا هو الموقف السياسي العام من مصر، جمهوريا وديمقراطيا. والحجة أن مرسي انتخب في انتخابات حرة، وان تلبية الجيش لإرادة الشعب هي انقلاب عسكري مدان.

إن غرام إدارة أوباما بالملالي وبالإخوان يثير الحيرة والرفض معا. أوباما، خلال حملته الانتخابية الأولى، أشبعنا بلاغة في الحديث عن الشعوب وحقوق الإنسان والعدالة والقيم العليا، التي قال إن أسلافه لوثوها. جاءنا كملاك يريد إصلاح العالم بالبلاغة والرسائل الأكترونية واللقاءات الصحفية. ولكن ها وقد مد يديه لملالي طهران، دعاة الظلام والقهر والعنف ومصدري الإرهاب، والراكضين وراء القنبلة النووية. وفي مصر، صافح، بكل لطف وحماس، أيدي الإخوان والسلفيين، الذين لا علاقة لهم بالديمقراطية وحقوق الإنسان ومبدأ المواطنة والمساواة، بل وكانوا يهاجمون خصوهم بتهمة العمالة لأميركا. وخلال الانتفاضة المصرية الأولى، ظلت سفيرته بيترسين تجتمع بمرشد الإخوان وقادة السلفيينن مع إهمال العلمانيين وممثلي المجتمع المدني. وبدلا من أن يرضخ الإخوان لإرادة الملايين، راحوا يحرضون على العنف، ويقطعون الطرق، ويقيمون التحصينات في الشوارع، ويستفزون المباني الرسمية والمعارضين لهم، ويتبعون أساليب الاحتماء بالأطفال والنساء. إنهم لا يتورعون عن دفع المئات للموت في عمليات استفزاز وعنف لإثارة ضجة كبرى و لكي يطرحوا أنفسهم ك"ضحايا الانقلاب العسكري"، ويهيجوا العالم ومنظمات حقوق الإنسان، فترتبك الأمور، وتختلط، وتخلق العراقيل أمام الحكم المؤقت وخارطة الطريق، وتسود الفوضى العامة.

إن ما تفوه به وفد الكونغرس، وكان باتفاق وتنسيق مع الإدارة الأميركية، من تهديدات مبطنة لمصر موقف لا يليق بالدولة الكبرى، وخصوصا ورئيسها طرح نفسه منذ البداية كملاك الديمقراطية ونصير الشعوب. وأنه لتدخل فظ في الوقت الذي يلهث فيه اوباما وراء أية التفاتة من روحاني مع علمه بأن حاكم إيران هو خامنئي لا روحاني.

أنهم يضغطون على ممثلي الإرادة الشعبية، ويدافعون عن جماعة برهن كل تاريخها على معاداة الديمقراطية والحضارة، وعلى تحالفها مع إيران. وإذ يتحدث ماكين عن القلق من القاعدة، فإنه يتناسى أن الإخوان، زمن رئاسة مرسي، هم من أطلقوا سراح الشخصيات الجهادية المدانة، وهم يتعاونون مع حماس التي تنسق مع القاعدة في سيناء لتقتيل الجنود والشرطة المصريين. وماكين واوباما ومن معهما لا يجهلون أن الإخوان المسلمين هم حاضنة القاعدة من خلال فرعهم القطبي، وأن إيران الخمينية تعاونت وتتعاون مع القاعدة عندما تلتقي الحسابات والمصالح كما وقع في العراق. وهو ما سبق لنا تناوله، وكان رد فعل البعض التهرب من المناقشة ومن الحقائق، وكيل السباب الشخصي دفاعا عن جرائم نظام الولي الفقيه.

الموقف الأميركي من الحالة المصرية وشعب مصر وقادتها ليس فقط مناقض لأوليات الحرص على مصالح الشعوب وأمنها، وإنما أيضا يدل على تخلف سياسي ودبلوماسي منقطع النظير؛ إذ كيف يجوز الدفاع عمن يرفضهم الشعب، وما يعنيه من استعداء للشعب ولزعماء مصر الانتقاليين؟ وهل من مصلحة أمن المنطقة والعالم، ومصلحة الشعب الأميركي نفسه، الوقوف هذا الموقف السلبي والجارح من إرادة شعب الدولة العربية الكبرى؟؟

الحوار المتمدن في 8 تموز 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف