الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل العلويون حقاً أحفاد صالح العلي؟

بلول عماد

2013 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


يمثل تاريخ وتراث صالح العلي قيمة وطنية كلية للسوريين بشتى أطيافهم، لكن لتلك القيمة أثراً خاصاً يتفوق على ما عداه في الساحل السوري تحديداً، حيث مسقط رأسه وثراه، ومهد ثورته ضد الاستعمار الفرنسي، كرامة لسورية حرة موحدة لجميع أبنائها.
زمن البربرية والظلام بشقيه الخارجي والداخلي دار على هذا الساحل، منذراً بتحويله لأرض غزوات وحملات تطهير عرقي بسبب من روايات ديماغوجية أعدها وأخرجها الإعلام المعادي لكيان الدولة الوطنية عربياً وعالمياً، وكرسها في الذاكرة الجمعية إعلام سلطة ديكتاتورية فاسدة عملت على عسكرته مجتمعياً وارتهانه مدنياً لخدمة خطابها السياسي الحالي، بعد أن جعلته عقوداً بالجملة، مجرد حديقة اصطياف واستجمام لأركانها وممثليهم.
إن الحملة الهولاكية في الرابع من آب/ أغسطس الجاري ضد عشر قرى في ريف اللاذقية يقطنها مواطنون علويون، والتي قامت فيها مجموعات إسلامية متشددة بعضها يتبع الائتلاف المعارض وبعضها يحظى بغطائه السياسي، وخلفت رؤوساً حزتها سكاكين المجاهدين، وأجنة لم يكتمل تشكلها بعد، وسبايا ومخطوفين ومفقودين وضحايا بالمئات، أعلنت صراحة أن لعبة شد الحبل بين السلطة والمعارضة المسلحة تسير على خير ما يرام في طريق تدمير ما تبقى من البلاد عبر غرس بذور حرب أهلية حقيقية لا تبقِ ولا تذر، بعد أن نامت تحت رماد الخطب السياسية والحوارات الإعلامية قرابة العامين والنصف.
أحفاد صالح العلي تحديداً دون غيرهم، ومنذ بدء تلك اللعبة الدموية، وقعوا بين مطرقة السلطة العاملة على حماية عرشها بدماء فقرائهم وحقهم بالحياة، وبين سندان المعارضة الائتلافية الثائرة بمنطق الغزوات والأهم من ذلك المؤمنة بضرورة إقصاء المواطنين العلويين من قاموسها وحضورها الإعلامي من أيام ما اصطلح عليه بالمجلس الوطني علماً أن بعض من شاركوا سابقاً في ولادته تم ابتلاعهم إخوانياً أو غادروا بإرادتهم حفظاً لماء وجههم، وبعض من ظلوا للآن "ثائرين"، لا كلمة لهم عندما تتحدث الفتوى.
ما الذي كان ومازال ينتظره العالم من مواطني الساحل، وهم يرون أن حاضرهم ومستقبلهم مرتهن لجهتين كلاهما يهددهم بالقتل والملاحقة والانتقام، ما الواجب عليهم فعله أمام عالم يجتمع بغربه وشرقه على إيقاظ الوحشة والغربة في أعماقهم، وإعادة "سيناريو صفين" لتصبح نافذتهم الوحيدة على الحياة، فإما يُقتلون أو يقتلون؟ ربما المحظور الذي وقع فيه المواطن العلوي مرغماً كان الصمت عن الحديث باسمه والقبول بادعاء تمثيله بشخص أو نهج، وهذا ما يحتاج لمراجعة وطنية نقدية صادقة لبيانه أسبابه.
نعم، نحت فئة من الشريحة العلوية تحت مسمى "الشبيحة" منحى العنف السلطوي، وارتكبت جرائم وأعمال ينبغي أن تحاكم عليها عاجلاً أم آجلاً، لكن هذا الفئة لا تمثل كل أبناء الساحل، وليست سوى النسبة الخارجة عن قيم المكون الأم، يشهد المنصفون أن مثالها في السلوك والمضمون موجود في كل شرائح ومكونات المجتمع السوري على اختلافاته، وعلى امتداد المحافظات التي جرى فيها القتل والنهب والسرقة وتخريب الممتلكات، كما يشهد المنصفون أيضاً أن أول من ذاق الويلات من أفعال أؤلئك كان أبناء الساحل أنفسهم قبل أن تدخل البلاد نفقها الثوري المظلم.
لقد شهد المسار الوطني العلوي والتراث الذي ينطلق منه أكبر حملة تزوير وإقصاء، بهدف شيطنة هذا المكون ودفعه للالتصاق أكثر بالسلطة واستماتته في الدفاع عنها منذ المراحل الأولى لانطلاق الاحتجاجات، وفي حين ينطلق المكون العلوي بغالبيته الساحقة من قيم وواجبات يعرف جوهرها كل من صادقهم في جامعة أو شاركهم في عمل أو صاهرهم في نسب، كان لزاماً تفريغ ذاك المكون من نواته وزجه في عسكرة تقتضيها ضرورات التدمير التي لم توفر السلطة وسيلة لتحقيقها، كما لم توفر المعارضة الائتلافية وسيلة لنجاحها، -تطرقنا لهذا الأمر في مقال سابق تحت عنوان "المواطن العلوي وحقيقة موقعه في الأزمة السورية، موقع الحقيقة".
إن نفي السلطة وإعلامها للغزوة الائتلافية التي شهدها ريف اللاذقية، يؤكد على انعدام الوازع الوطني والأخلاقي لديها، علماً أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها سفك دماء الأبرياء من العلويين أو الإساءة لأحيائهم، فقد سبق أن فعلت السلطة وإعلامها ذات الأمر في حمص، وفي عقرب الواقعة في حماة، وما خفي من أفعالها السوداء بحقهم كان أعظم. – كل رأس عسكري أو مدني قطعه ثائر ائتلافي أو نصراوي، وكل مجند إجباري ألقته السلطة وسيدها في محرقتها، وكل صمت عن فتوى من قبل المفتي أحمد حسون ومجلسه تشرعن قتل المواطن العلوي لمجرد انتمائه هو مجزرة، -يقول مواطن علوي فقد أخاً عسكرياً في غزوة قاعدة مرج السلطان بريف دمشق-.
أياً كانت المبررات التي تحتج فيها السلطة فلا يمكن تبرئتها، وإن كان لحجتها اليوم ما عهدناه منها على مبدأ "الوحدة الوطنية" الذي لا تفهم معناها الحقيقي، فلماذا لم تستيقظ لديها هذه الحجة عند وقوع مجازر في الحولة أو حطلة أو حتى في بانياس، أو في مناطق أخرى، -بدأت أشعر أن من يتحدثون باسم الدولة ويظهرون على شاشاتها ليسوا سوى تجار حرب، يقول مواطن علوي آخر قضى ابنه في غزوة ائتلافية على أحد الحواجز في الحسكة-.
السلطة لا ترى في المواطن العلوي إنساناً، بل أداة بهيئة عسكري مدجج بالسلاح ومستعد للموت في سبيلها عندما تدعوه لذلك، وفي حين اشتغلت ماكينات المحللين والحكماء الممانعين لتحليل الغزوة وأبعادها وفق رواية السلطة، تناسى هؤلاء أن دم المواطن العلوي وماله حلال فهو الكافر الزنديق، بناء على فتاوى من منابر فضائية ودعوية ومساجد ومنتديات جهاراً نهاراً، في وقت نامت السلطة وإعلامها على تلك الأطروحات والدعوات، واكتفت بمتابعة مشهد الاحتقان يزداد ويتسع ليصل حد الانفجار، وبناء عليه يصبح طبيعياً نفيها لحدوث مجازر ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ويصبح طبيعياً أكثر عدم المفاجأة مما جرى وسيجري مستقبلاً.
فاجعة الساحل الجديدة أثبتت لمن لا يريد رؤية الواقع على حقيقته أن السلطة سهلت عملية نجاح الاجتياح البربري لقرى يقطنها نساء وأطفال وشيوخ في غالبيتها العظمى بينما رجالها على الجبهات، لتثبت لمن يفكر بالخروج من إطارها المستبد الفاسد، بأن مصيره وأهله كمصير هؤلاء، كما أنها أعطت مساحة للطرف الائتلافي ليكشف عن وجهه الحقيقي سعياً لاستغلال الواقعة بما يتناسب ومفردات طرحها السياسي لاحقاً، وليستمر الطرفان في لعبة الدم لكسب جولة في مفاوضات أو تسويات تأتي في القادم من الأيام.
ترى لو وقعت تلك المجازر ببشاعتها وقسوتها بحق مواطنين من شرائح دينية أخرى، فهل كانت السلطة تنفي وقوعها وتتصرف حيالها مثلما فعلت، ولماذا تقوم بذلك دائماً؟ -تتساءل مواطنة علوية باعها الثوار جثة زوجها مذبوحاً بسكين مجاهد-.
ليس غريباً على أبناء الساحل عدم القيام بردة فعل ثأرية بحق النازحين والمهجرين القاطنين بينهم كما أرادت السلطة ومعارضتها الائتلافية، لأنهم يدركون أن هؤلاء مظلومون مثلهم بسبب من أفعال الطرفين، وهم بهذا يقطعون الطريق على مخطط رخيص يهدف لإشعال صراع طائفي قد يتطور أو يتسع وفقاً لأهواء السياسة الدولية والإقليمية وضرورات المرحلة.
بات لزاماً على أبناء الساحل القيام بانتفاضة شعبية تستلهم قيم وروح صالح العلي ضد من اغتالوا دورهم الوطني سلطوياً وائتلافياً، انتفاضة شاملة لا تدخل في سياق أو فلك أصحاب وأنصار "الثورة بصيغتها الحالية"، ومهما كان الثمن فلن يعادل ربع ما دفعوه لليوم أو قد يدفعونه في المستقبل، فهل يفعلون أو بالأحرى متى يفعلون؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شبيحة صالح العلي
بشار ( 2013 / 8 / 18 - 02:55 )
شبيحة بشار الاسد هم احفاد شبيحة صالح العلي الذي قام بقتل و تهجير الطائفة الاسماعيلية و سرقة قراهم و تدميرها. ثم اصبح بطل ثورة كما اصبح بائع الجولان و ابنه ابطال المقاومة و الممانعة

اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد