الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-غندرة مشي الفدائي غندرة-..!!

شوقية عروق منصور

2013 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


"غندرة مشي الفدائي غندرة"..!!
شوقية عروق منصور
في سنوات الستينات، عندما انطلقت شرارة الكفاح المسلح وكان العنوان منظمة التحرير الفلسطينية وبعض الفصائل التي تورمت وسمنت على جلد الشعب الفلسطيني وشعارها كنس الاحتلال وانتشال الوطن من الأسطورة الصهيونية والعودة إلى الحق المسلوب. ووجد الشباب الفلسطيني نفسه داخل شلال سينزع ويقلع ويغير الخارطة. كان حلمه وأجنحته وتصميمه ودمه المهر الذي سيدفعه ثمناً لتلك العودة. كانت صورة الفدائي محاطة بقدسية وهالة نورانية من الانتماء المثقل بالفداء ونكران الذات. ولطالما حدقنا في الصورة وحلقنا بها عبر كل الأوجاع والانتظار واللجوء القاسي والتشرد المخيف اللا إنساني الذي يصفع السنوات ويدخلها في خريف اليأس.
أغنيات كثيرة غنيت للفدائي, الذي يمر في الشوارع والطرقات, حاملا سلاحه مقتحماً الصعاب والمغامرات والحدود والجغرافيا اللعينة التي حوّلته إلى رقم بدلاً من بوصله تشير إلى الهدوء والاستقرار, مثل باقي الشعوب في العالم. أغنيات كثيرة غنيت للفدائي مرفوع الهامة, الذي يمشي ملكاً وقادراً وقوياً, والذي يرفع الزمن الكئيب ويشق بأصابعه الصخر لكي يفتح ثغرة تطل على الوطن. أغنيات كثيرة مجّدت الفدائي والسلاح الذي يحمله. وما زالت بعض هذه الأغنيات حتى اليوم سفيرة الثورة.. يرقصون ويدبكون على أزيز نارها وحماسها وتصميمها كديكور خاص لحنين وذاكرة. كانت أغنية صباح "غندرة مشي العرايس غندرة" من أشهر الأغاني التي حولها الشعب الفلسطيني إلى "غندرة مشي الفدائي غندرة", وانتشرت حتى أصبحت علامة مميزة للفخر, حيث كانت خطواته وهو يتهادى في الشوارع العربية رسالة إلى ورثة التخاذل والأجساد المصابة بتكلس الغدر وان السلاح الآن ليست عاهة بل هو قناة للوصول إلى الوطن..!
"غندرة مشي الفدائي غندرة".. أغنيه كان الفلسطينيون يغنونها في الأردن، في المخيمات اللبنانية، في سوريا، وفي الشتات يرقصون ويدبكون على أنفاسها، خاصة عندما كان الفدائيون يقومون بعملية ترعب الدولة العبرية, وتثير غضب الدول التي تدور في الفلك الإسرائيلي وتشد على أيديهم.
ولكن الظاهر ان الغندرة تحولت إلى "كندرة", حذاء باللغة العربية الفصحى.. ضربوا به وجوهنا التي كانت تحلم بالأمل. سابقاً رأينا في شوارع غزة وفوق أسطح البنايات يطلقون الرصاص بعشوائية وجنون. اقتتال فلسطيني - فلسطيني نخجل من وصفه، والفضائيات ونشرات الأخبار تتكئ على أنقاض الأحلام والحرائق وأعداد الشهداء. نغرق في العرق.. هل شرب الجميع من بئر الجنون؟! الا يخجلون من "الرزنامات" التي تذكرنا تاريخاً بالهزائم والنكسات, حتى يأتوا برجالهم لتكريس الصلب من جديد على أبواب الاقتتال الأخوي.
وكأنه لا يكفي المآسي التي يمر بها الشعب الفلسطيني من تهجير وتشتيت ومخيمات فلسطينية فكانت العناوين المؤقتة والمحطات التي تنتظر العودة. وها هي المخيمات أو العناوين المؤقتة تنتقل إلى عناوين الريح والعبث وعدم الاستقرار, الذي لم يعد يعرف له قرارا، وأي قرار في مفاوضات وقتال وربيع عربي دام..؟!
منذ سنوات والشعب الفلسطيني يسمع كلمة "المصالحة", حتى أصبحت هذه الكلمة أشبه بنكتة سخيفة أو وصفة تصلح لطبخة خاصة بطعام المصابين بمرض التفاؤل، لأن الواقع مؤلم وينذر بضياع المقومات الأساسية للفكر الثوري الذي حملته كافة المنظمات الفلسطينية وخاصة فتح وحماس. فحركة فتح تتهم حماس بغزة أنها تتحضر لعملية دموية ضد عناصرها وأنصارها في غزة, وحماس تكشف عن حملة جديدة لقوات الأمن في رام الله ضد أنصارها، و تتهم فتح بأن أجهزة اعلامها وأمنها يحرضان ضد حماس. وهناك وثائق تبين تحريض فتح ضد حماس لدى الأجهزة المصرية. وحماس أيضاً تتهم فتح بأنها, وبعد عزل الاخوان المسلمين عن الحكم, تتعامل بقوة وفوقية. ودخلت أفواج الفيسبوك على الصفحات مشعلة النيران والاتهامات بين فتح وحماس, وكأن الانقسام لا يكفيه الانقسام, حتى وجد نفسه مجرد فتافيت من العيب والخجل. ولا أعرف كيف يمكن لشعب وصلت المستوطنات إلى بين رجليه وشعبه في المخيمات واللجوء, ولا نريد القول كالأيتام على موائد اللئام, لأنهم أسوأ من الأيتام. فالذي يسمع ويرى الفضائيات, خاصة المصرية, وكيف تتحدث عن حماس, يعرف ان المأزق الفلسطيني قد وصل إلى حد الذبح الكامل لقضيته. ومن يسر في شوارع رام الله وجنين ونابلس وطولكرم وقلقيلية وغيرها من المدن الفلسطينية, لا يجد الفدائي الذي كان يمشي "الغندرة", والتي كنا نرقص على إيقاعها. رجال أمن يعملون بمنطق الوظيفة والروتين والأناقة العسكرية، ابحث من خلال عيونهم عن بريق كنا نعتز به، نبحث ونفتش ولا نجد. لم يعد المشي الغندرة، المتباهي في غزة حين كان الانقسام.. رأينا سابقاً المشي الراكض، الوجه المقنع الأسود، والرصاص المنهمر بين الشعب الواحد!! ما هذا التمجيد لحماقة سفك الدماء؟! ما هذا التذوق الأعمى الأرعن؟! هذا التبجح؟! تعبنا من كذب الميكروفونات ومهرجانات الجثث الراكضة نحو المقابر. صنعتم من مأساة الفلسطيني سبائك ذهب، وأخذتم تعبدون غبار الذهب المتطاير, ونسيتم الآلام والحصار وقسوة المخيمات. هل هي كذبة ناصعة البياض اسمها السلطة والحكومة التي كنا نعتبرها قواعد الدولة القادمة، والتي ستتبادل القبل مع التاريخ وتصافح الهدوء والاستقرار الفلسطيني. لكن الاتهامات المتبادلة بينهم, وعلى ضوء حساباتهم, تثير الغضب الشعبي، لأن المواطن الذي يتكلمون باسمه يعاني يومياً من الحصار والفقر ومصادرة الأراضي والحواجز وغيرها. هل نسوا انهم مجرد "صيصان" محشورين في القن الإسرائيلي - الأمريكي - العربي ..?!
رأينا سابقاً كل قطيع يصفق ويفتخر باحتلال مقرات الآخر، ورأينا الركوع, والحمد لله, حين يكلل انتصار احتلال المقرات وكأن المقرات الفتحاوية الحمساوية ساحات معارك. فهل نتوقع مرة أخرى جولات عسكرية بينهم، وتحضن كل فئة الانتصار المزين بالعار..؟! كنا نفتخر ونعتز "بغندرتكم" في الشوارع وبخبطة قدمكم على الأرض الهدارة. والآن ماذا نقول؟! سنقول عن خطواتكم بعد هذه الاتهامات انها مهينة للشعب الفلسطيني قبل ان تكون لكم..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئاسيات موريتانيا: ما هي حظوظ الرئيس في الفوز بولاية ثانية؟


.. ليبيا: خطوة إلى الوراء بعد اجتماع تونس الثلاثي المغاربي؟




.. تونس: ما دواعي قرار منع تغطية قضية أمن الدولة؟


.. بيرام الداه اعبيد: ترشّح الغزواني لرئاسيات موريتانيا -ترشّح




.. بعد هدوء استمر لأيام.. الحوثيون يعودون لاستهداف خطوط الملاحة