الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفنان الكبير علي فرزات والكرد

صالح بوزان

2013 / 8 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


في البداية أنا ضد كل الذين قابلوا مقولة السيد علي فرزات بالكلمات الخارجة عن آداب الكتابة. وقد نشرت علي صفحتي الخاصة في الفيسبوك متوجهاً بكلامي إلى كل كردي شعر بالإهانة من همجستان فرزات: (يؤسفني أن الذين يردون على قول الفنان علي فرزات حول "همجستان"ـه من الكرد ينزلقون إلى درك سيء باستخدام المسبات. من يدافع عن حقه يجب أن يترفع عن أسلوب الشارع، لأن أسلوب الشارع يسيء إلى هذا الحق). هذا أولاً وثانياً استغربت في البداية من ردود أفعال بعض الكرد من مقولة فرزات وهل المقصود هم الكرد؟. فكتبت علي صفحتي في الفيسبوك فوراًً: ( "الى أصحاب مشروع تقسيم سوريا ..نظرا لسعيكم وفشلكم ..فقد أنشأنا لكم دولة على حدود الجاذبية..تدعى همجستان..!". هذا القول للفنان السوري الكبير علي فرزات. وقرأت بعض ردود فعل الأخوة الكرد تجاه كلامه. لكنني لم أفهم بأن المقصود هم الكرد. أليس المقصود جبهة النصرة ودولة العراق والشام لأنها أكثر تشبيهاً بالهمج؟ أرجو توضيح الأمر. فليس من المعقول أن يعتبرنا السيد فرزات أننا ككرد مجموعة همج نعيش في هذه المنطقة، ولا بد إنقاذ العرب والترك والفرس الحضاريين جداً من همجية الكرد، ووضعهم في همجستان). وقد أرسل الروائي نيروز مالك رسالة مقتضبة إلى الفنان علي فرزات يستفسر منه من يقصد بقوله؟. وسرعان ما جاء توضيح الفنان على فرزات ليزيل الغموض أمام أعين جميع المستفسرين بقوله: (لقد تناولت أمس كل من يريد تقسيم سوريا تحديدا ووصفته بال(همجستان)..!ولم أشر بهذه العبارة إلى فصيل أو جنس أو دولة أو كيان بهذه التسمية سوى أنهم همج وقد فصلتهم عن السوريين الأكراد الذين هم منا ونحن منهم والذين يؤمنون بوحدة سوريا التي هي لنا جميعا حقوقا وواجبات ....!! لكنني استغربت كيف أن مجموعة من الرخويات ..اعتبرت هذا الأمر مساسا بها..لا لشيء..سوى.أن العبارة (همجستان)آخرها أحرف السين والتاء والألف والنون..!!(ستان)وأستغرب أكثر لماذا هم فقط من دون البشر ظنوا أنفسهم المقصودين ..!!علما أن (ستان)لازمة لأفغانستان..وباكستان..وكازاخستان..وعربستان..!هناك مثل يقول..اللي في طيز أوجلان مسلة بتنخزوستان..!!).
وهكذا تبين أن الكرد الذين تحسسوا من همجستان علي فرزات قد فهموه بشكل صحيح وأن المقصود بالانفصال هم الكرد. هؤلاء الكرد الذين ظل حزب البعث يصفهم بهذه التسمية(ولكنه لم يضعنا في همجستان)، وبقيت الصفة تتردد بهذا الشكل أو ذاك من كبار شخصيات المعارضة السورية. والأسوأ في الأمر أن فرزات يستخف بعقل الكردي حين يقول في توضيحه أن المقصود هم جماعة عبد الله أوجلان في سوريا من خلال قوله غير المهذب (اللي في طيز أوجلان مسلة بتنخزوستان.!!). بعد أن طرح حزب الاتحاد الديمقراطي الموالي لأوجلان ما سمي بمشروع دستور مؤقت بشكل انفرادي، ودون إجماع كردي سوري. لو أن الأستاذ فرزات يطلع على الإعلام الكردي لوجد العديد من الكتاب الكرد انتقدوا هذا المشروع(وكنت واحداً منهم). كما أن غالبة الأحزاب الكردية السورية انتقدت المشروع(إذا لم أقل الجميع). وبالتالي فأن حزب الاتحاد الديمقراطي صاحب المشروع لا يمثل الإجماع الكردي السوري. بالرغم من أنه أكثر الأحزاب الكردية جماهيرية وقوة عسكرية على الأرض.
يبدو أن الأستاذ على فرذات لا يتابع فعلاً الأدبيات الكردية السياسية والفكرية. وهو غير مطلع على تاريخ الحركة الكردية السورية، ولا على برامجها. لو كان مطلعاً لأدرك أن الكرد لم ولن يكونوا مع تقسيم سوريا، إلا إذا طردنا علي فرزات إلى همجستانه. ليس لأنهم لا يحلمون بدولة كردية مستقلة.بل لأن القسم السوري من كردستان لا يمكن أن تصبح دولة لو وقف كل العالم مع هذه الدولة. فليست هناك أسس لتكوين هذه الدولة من الناحية الجغرافية الاقتصادية والسياسية وحتى الاجتماعية. والحزب الذي يدعي الأستاذ فرزات أنه يقصده بالانفصالية لا يورد في وثائقه وأدبياته مصطلح كردستان سورياً أصلاً، ويطالب بالإدارة الذاتية للمناطق الكردية.
منذ سنة تسربت أخبار عن الدولة العلوية والدولة الدرزية ونشروا خريطتهما وأعلامهما. فلم أقرأ للأستاذ فرزات رد فعل بهذا الشكل الذي ظهر تجاه الكرد. ولنفترض أن العلويين طالبوا بدولة خاصة بهم وكذلك الدروذ، فهل ستحاورهم بشكل ديمقراطي وتقول لهم تعالوا نشكل دولتنا الموحدة كما نريدها جميعاً، ولكم كامل حقوقكم لكي تطمئنوا على وضعكم في سوريا المستقبل؟ أم أنك ستسير الدبابات والطائرات بعد أن تستلم السلطة لتجمعهم في سفينة فضائية وترسلهم إلى علويستان ودروزستان على حدود الجاذبية؟
منذ أسبوعين اقتحمت جبهة النصرة ودولة العراق والشام البلدتين الكرديتين تل حاصل وتل عرن في ريف حلب، وقتلوا من قتلوا ونهبوا الأموال وهدموا البيوت، فهرب سكانها بشكل شبه جماعي إلى عفرين وقرى أخرى. في تل أبيض جرى تشريد الكرد وتفجير بيوتهم، ونادوا من خلال الجوامع باستباحة الدم الكردي واعتبار أمواله غنائم. فهل كتب الأستاذ على فرزات بوستاً مقتضباً يعبر فيها عن تضامنه مع الكرد ضد جبهة النصرة ودولة العراق والشام؟ وهل جسد قوله (الأكراد الذين هم منا ونحن منهم) على أرض الواقع بالقول أو بالصورة.
كتبت في صفحتي على الفيسبوك: (سأحزن كثيراً إذا سقط من ذاكرتي الفنان علي فرزات، وأنا حزين أكثر لأنني خُدعت بالعديد من الكتاب والفنانين العرب السوريين، ليس في زمن الثورة فقط، بل كذلك منذ الانتفاضة الكردية عام 2004. كيف يمكن أن تفسر من يطالب بالحرية (علي فرزات)، وينبئك في الوقت نفسه أنه إذا حصل عليها سيصبح دكتاتوراً يحصرك على حدود الجاذبية في همجستان..).
لأتفق مع توضيح على فرزات أنه يقصد حزب الاتحاد الديمقراطي(ب ي د). لقد قلت أن هذا الحزب من أكبر الأحزاب الكردية في سوريا، وأنا أحد الكتاب الكرد السوريين له ملاحظات عديدة على سياسة هذا الحزب. ومع ذلك هل من السياسة والديمقراطية أن يقول الفنان على فرزات بأن أعضاء هذا الحزب مجموعة همج ومكانهم همجستان على حدود الجاذبية. أريد أن أذكر الفنان السوري الكبير أن الكرد عانوا الأمرين من استبداد حزب البعث ( وليس صحيحاً ما يقوله البعض أن كل السوريين عانوا بنفس المستوى من هذا الحزب). ومع ذلك لم يقل أي حزب كردي سوري، بما في ذلك الحزب الذي يقصده فرزات، ولا كاتب كردي سوري يجب إبادة حزب البعث عن بكرة أبيه بعد نجاح الثورة، مثل ما قال العكيدي في تل عرن عن حزب الاتحاد الديمقراطي، وكما تريد أنت وضعهم في همجستانك. أنا لا أدافع عن سياسة هذا الحزب، لكن تعداد هذا الحزب لا يقل 15 ألف كردي، كما يصرحون، هل تريد القيام بإبادة جماعية ووضع كل هؤلاء في همجستانك.
من ناحية أخرى، هل يعترف السيد علي فرزات أصلاً بأن هناك شعب في الشرق الأوسط تعداده قريب من أربعين مليون قد خلقهم الله ليكونوا تحت سيادة الفرس والترك والعرب لأنهم همج؟. هل من المعقول أن لا يؤمن الأستاذ علي فرزات بأن حق تقرير المصير الذي أقرّ في ميثاق الأمم المتحدة يشمل الكرد أيضاً. إنها لكارثة الثقافة العربية عندما تعتبر من يطالب بحقه همجي.
لم يكتف السيد علي فرزات بأن يصفنا بالهمج، بل اعتبر الكرد الذين ردوا عليه عبارة عن رخويات، أي أنهم في مرحلة التكوين ما قبل البشري، ومع ذلك يقول أن الكرد منا ونحن منهم؟ إذا كنت فنان عربي سوري ومرهف الحس ومن أكثر فئات الناس ارتباطاً بالإنسانية، إذا كنت أنت تقول هذا الكلام عنا قبل انتصار الثورة، فماذا سيفعل السياسيون العرب بعد انتصارها؟.
لقد كافح الكرد مع العرب وبقية مكونات الشعب السوري ضد الاستعمار الفرنسي وقدموا شهداء، وقصفت قراهم بالطائرات، ومع ذلك عندما حصلت سوريا على الاستقلال خرج الكرد من المولد بلا حمص. وقد غدر الأخوة العرب السياسيون حينئذ بالكرد. أتريد أن تعيد التاريخ مرة أخرى سيدي؟
الله يرحم ساسة الاستقلال من العرب السوريين، فعلى الأقل لم يضعونا في همجستان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر