الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


همهمة الجماهير انذار مخيف للحكومة

فلاح علوان

2013 / 8 / 20
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


مع انطلاق الاحتجاجات واستمرارها في العديد من مدن الجنوب، سارع المسؤولون الى اتهام احدهم الاخر بالتقصير بحق الشعب، والى العقبات التي كانت تمنعه من خدمة الجماهير خلال الحقبة المنصرمة.
رئيس الوزراء العراقي فاق كل المعارضين راديكالية ليعلن بطلان الدستور وعدم اهليته لبناء دولة، في حين دعا رجال دين الى الثورة ضد الحكومة، بعد ان شاهدوا مقدمات الثورة او الاحتجاجات تتنامى وتعلن عن نفسها، وشرع فريق رجال دين اخرين بانتقاد الحكومة جهارا من على المنابر. في حين تسابق البرلمانيون المتخمون الفاسدون الى اعلان التخلي عن رواتبهم التقاعدية مع الابقاء على رواتبهم الجارية وبارقامها المرعبة.
تخاف الحكومة من الثورة، وتريد " المعارضةالحكومية" او الاخرون قطف الثمار كالعادة.
يرفع المحتجون واغلبهم من الشباب المتطلع للحرية، ومن العاطلين عن العمل، شعارات تطالب بتوفير الكهرباء، والامن، وفرص العمل ومكافحة الفساد. وهي مطالب جد مشروعة لاتنجزها الحكومة. لقد اصاب الشعب الغثيان من كثرة الوعود التي وصلت حد الاستهانة والاستخفاف بمشاعر ملايين البشر في العراق.
وتواجه السلطات التجمعات السلمية بحشود مدججة بالسلاح وعلى اهبة الاستعداد للهجوم.
ان عدم تلبية هذه المطالب ناشئ اما عن عجز الحكومة، وهي بهذا تفقد حقها في ادارة البلاد تماما، ولا تبقى اي موضوعية لوجودها. واما انها سياسة مقصودة من الحكومة التي تسيطر على ثروة المجتمع الطائلة، وتحرم الجماهير من التمتع بحقها عبر الاستيلاء على الثروة والتحكم بها بعيدا عن متطلبات المجتمع.
كلا السببين او الافتراضين لا يبقيان اي اساس لهذه الحكومة ولا اي مشروعية لها حتى ولو صوت لها اضعاف اضعاف من صوت سابقا. وقد برهنت الاحتجاجات الجارية والتي لم تتوقف يوما، وتحول السلطة الى مجرد اداة قمع، على صحة كلا الافتراضين. اي السياسة الرجعية المقصودة للحكومة والتي تعمق فقر وعوز الجماهير وتتحكم بمعيشتهم، وبالنتيجة العجز عن تحقيق اي مطلب يخص الجماهير. ناهيك عن الفساد والتلاعب وعجز الاجهزة... الخ. انها نتائج ومظاهر عجز السلطة وتفسخها.
ترافق الاجتجاجات همهمة واسعة في صفوف الجماهير حول مصير ومستقبل المجتمع في ظل هذه السلطة، ومصير هذا النظام السياسي، ودمدمة مخيفة تنذر بالكثير.

بطالة، فقر واستبداد سياسي

ان المطالب المذكورة تخص عصب الحياة، وان حرمان الجماهير منها يعني سد الطريق على حياة الناس واستعبادهم. تبدا الجماهير بالاحتجاج بعد ان طالبت ورفعت الشكاوى واستنفدت كل الوسائل الرسمية الروتينية، وتجاهلت السلطة كل هذا، وامعنت في النهب والفساد. يرفع المواطنون اولا اصواتهم عبر التجمعات السلمية التي يقوم بها طليعيون، وتقمعهم السلطة حتى لو كانوا افرادا، يعني ان حرية التعبير ممنوعة عمليا. وعندما تصبح المطالبة السلمية بابسط الحقوق محضورة وتواجه بالرصاص والاعتقالات، يعني ان الحريات مقموعة وان السلطة ليست فقط عاجزة وفاسدة، بل ومستبدة ايظاَ.
اصبحت جماهير الشعب تعاني الفقر والبطالة وانعدام الخدمات والفساد الحكومي والاستبداد، وبكلمة فقر واستبداد سياسي.
وهنا لا يعود امام الجماهير سوى المطالبة بنظام سياسي يجيب عن مطالبها وتستطيع التعبير عن نفسها من خلاله.

ان الشعب يريد بناء نظام جديد.

هل النظام القائم قابل للحياة؟ وهل يستطيع تلبية حاجات الجماهير؟ هل يمكن الحديث عن اصلاح هذا الشكل من الحكم؟
ان المتعارف تاريخياَ ان الانظمة حين تشيخ تبدأ بالتفسح والعجز، ويقال عنها انظمة مهترئة، وحين يطاح بها تسمى الانظمة البائدة. ان الغريب في السلطة العراقية انها قد ابتدأت منذ نشأتها عاجزة، عدائية تجاه المجتمع، ينخر الفساد اوصالها حسب ما يقول كبار المسؤلين فيها، وبالتالي غير قابلة للحياة ولا مستقبل امامها.
ان القوى الحاكمة الحالية ليست بلا هوية طبقية وليست مجرد مسؤولين فوق الطبقات، ان القوى السياسية الحالية تمثل التطلعات والاهداف السياسية للبرجوازية. ان عملها في اعادة توزيع الثروة هو عمل راسمالي بامتياز، مهما كان الشكل الرث الذي يتبدى به، ان كل اشكال تقاسم الثروات والمناصب والادوار السياسية على طول تاريخ البرجوازية، هو تاريخ من اللصوصية والفساد والقرصنة والصفقات المشبوهة الغارقة في الانحطاط والدناءة.
ان توقيف الصناعات وتحطيم البنى الاساسية وتشويه القطاعات الانتاجية، اي باختصار غياب الاشكال الانتاجية والصناعية، ربما يوهم الكثير بانتفاء الجوهر البرجوازي للسلطة لوهلة، وان الراسمالية في العراق هي ليست واقعاَ، ولكن التسلط والتحكم بمئات المليارات من الدولارات وتأمين ارصدة خيالية واحتكار الثروة وحرمان الملايين منها، واعادة توزيع الثروة بين اقسام البرجوازية وتبادل الادوار والمواقع في السلطة والثروة، يكشف كل محتوى السلطة اللصوصي التسلطي، البرجوازي.

اذن الجماهير امام مغتصبي الثروة والسلطة؛ وليسوا ازاء نظام قابل للاصلاح.
ان البرجوازية في العراق تحمل عناصر فاشية متأصلة فيها ومنذ حكمها للدولة العراقية الناشئة اوائل العشرينيات من القرن العشرين، وبالتالي ليس بمقدورها، وبكل فصائلها واقسامها، ان تشكل نظاما ديمقراطيا يسمح بمشاركة الجماهير في السلطة او في الحياة السياسية.
ان الاحتجاجات الجارية، رغم انها في بداياتها، الا ان عناصرها تكشف عن محتوى طبقي في مواجهة البرجوازية. ان نظرة بسيطة تعطينا مؤشرات عدة؛ فمن هم المتضررون من انقطاع الكهرباء؟ اليس الكادحون وفقراء المدن؟ من هم المطالبون بفرص العمل؟ اليسوا هم العمال الذين تحرمهم البرجوازية من حق العمل لضرورات تراكم الراسمال؟ من هم المطالبون بالحريات العامة وحرية التعبير؟ اليسوا هم الشباب المتطلع للمشاركة في الحياة السياسية ورسم مصيره السياسي؟ اي باختصار اليسوا هم المتضررين من قمع البرجوازية لحرية التعبير؟ والحال؛ ان محتوى الاحتجاجات هو طبقي في التحليل الاخير، وهو تهديد للسلطة التي تحسسته بصورة مبكرة، لانها حريصة جدا على مصالحها الطبقية، ولانها ترى في كل تعبير يدعو للحرية، تهديدا لسيطرتها الطبقية الهشة المهددة.

من سيستطيع الاجابة على حاجات المجتمع؟

ن افلاس بدائل البرجوازية من قومية وليبرالية واسلامية واصلاحية، يجعل مسألة اقامة نظام متحرر مساواتي للجماهير وللمجتمع مهمة الطبقة العاملة. انها مهمة جدية وتاريخية وشاقة، ولكن لا مفر منها اذا كنا نتطلع الى بناء مجتمع خال من الظلم والاستبداد.
ربما ستقوم البرجوازية ببعض الاصلاحات او الوعود لاستيعاب الاوضاع الناشئة، بينما ستقوم اجنحة اخرى من البرجوازية بتشديد وتوسيع الاعمال الارهابية لتضع المجتمع في خضم الحرب من جديد. اي ان البرجوازية ستلجأ الى كل وسائلها للاحتفاظ بسلطتها، وستمارس قمعها واستبدادها.
ان خبرة الطبقة العاملة النضالية، واستنادها الى العلم الطبقي في مواجهة البرجوازية ستكون عاملا حاسما في تجريد البرجوازية من اسلحتها ثم انتزاع السلطة السياسية.
جاءت البوادر الاولى للحراك من البصرة، وهذا بحد ذاته امر له دلالات سياسية مهمة، فالبصرة هي كبرى المدن التي تتركز فيها الطبقة العاملة على مستوى البلاد، وهي منشأ ومنطلق الحركة النقابية والحركة العمالية منذ العشرينيات، وتلعب الحركة العمالية فيها الدور الابرز ليس على صعيد الجنوب فقط بل على صعيد العراق بالكامل. ان تطور وامتداد الحركة على مستوى عموم البلاد، امر وارد وواقعي، وسيقوي الحراك الذي انطلق من الجنوب ويوسعه.
ان حالة الانذار والارتباك الذي تبديه الحكومة يعكس مدى جدية حركة الجماهير وتجذرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري