الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجلُكِ يا مدينة السلام

رياض بدر
كاتب وباحث مستقل

(Riyad Badr)

2013 / 8 / 23
الادب والفن




مِن أجلُكِ يا مدينة السلام
رحلتُ شرقاً
وغرباً
ونمتُ بلا أحلام
مِن أجلُكِ يا مدينة الأصدقاء
يامدينة الألفُ والياء
لملمتُ غيومي
وهدومي
وسافرت إلى بلاد أعوام واعوام
من أجلكُ يا مدينة الكبرياء
يا بغداد
يا بغداد

على الحدود ...
ركضتْ الحدودُ خلفي
خُذني معك
إقلعني مِن تحتِ الأقدام
ركضتْ النساء
وركضتْ الذكريات
وركض خلفي نُصبَ الشُهداء

طلبوا مني أن أحملهُم
كما حملتُ على كتفي يوماً
الوطن والأحجار والأبناء

مِنْ أجلُكِ يا مدينة الأحزان
يا مُشمرة الأوصال
يامهيبة الأوطان
لملمتُ مابقي في جيبي مِن
خُطط ...
وآمال ...
وخُردة مِنَ الأوهام
وهربتُ إلى أرض البُعاد
ليسَ لها طعمٌ
وليسَ لها عِطرٌ
ومياهُها غمرتها الآلام
ماذا أفعل ...
ماذا أقول ...
فقد أجهشتُ بالكُفرْ
وأعتنقَ اليأسُ أيماني
ورفضتُ لونَ السماء
لانهُ لايُشبِهُكِ يا بغداد

مِن أجلُكِ يا مدينة الموت
يا عصية على النسيانِ
رحلتُ إلى بِلادٍ
ليسَ لها ماضٍ
ولاتاريخ
ولَمْ تُولد فيها أي شمسٍ
وليست مِثلكِ ركعَ لها كُلُ الأنبياء

أُجربُ كُلُ يومٍ أنْ أدخُلُكِ
كفاتحٍ مِن بِلاد لاتعرِفُ الحُب
ولَمْ تَنطِقُ حرفُ الضاد

فررتُ منكِ إليكِ
كالجُندي المجهول
لايعرفُ مَنْ بقي مِن أهلهِ
ويُقاتِلُ كُلُ يومٍ طواحينٌ
ليسَ لها وجودٌ إلا في الهواء
وفي كُلِ مرة تفشلُ المحاولة
ويرقْنُ قيدي مِن قبلِ شُرّطةِ السُلطانْ

أعتقلوكِ يا فخرَ الأجداد
وهدموا مآذِنُكِ
وكنائِسُكِ
وصوامِعُكِ
وسرقوا نبوخذ نصر
وبابل
وسومر
وبنوا مسلة الكُره والأحقاد

مِن أجلُكِ يا محبوبة الرشيد
وخمْرِ أبو نوأس
وعقيدةُ الجواهري
وسطورَ السهروردي
ملَلتُ العشيرة
وقلبتُ الموروثَ على رأس المُعتاد

واليوم ...
وكُلُ يومٍ
أقرأُ نعيُكِ
يُنشرُ في كُلِ الصُحفِ
تكراراُ بعدَ تِكرار
فلا الحُزنُ ملَّ الأحزان
ولا الموتُ أعتقَ الأموات
فكلُ شيئاً فيكِ أيتها المدورة كقُرص الزمان
صارَ في خبرِ كان

مِن أجلُكِ يا مدينة السلام
إعتصمتُ خلفَ ظُنوني
وأحرقتُ آلهة لاتنطِقُ لِحُزنُكِ كالجدار

يا بغداد
يا كعبة الأولياء
ذكرياتُنا ترحلُ إليكِ
كُلَ يومٍ
والخوفُ
لها رداء

ضَحِكاتُ أُمي
وأبي ...
وصياحُ جدتي خلفَ الأولاد
وقِصصُها التي لاتخطرُ بِبال
كُلها تبكي وترتعد في عيني
إذا ما صاحتْ صافرة سيارةُ الإطفاء
أشلائُنا على الأرصفة كالجرائدِ نُثِرَتْ
ولَمْ يعُدْ لي هُناكَ أصدقاء

فمنهم قُتل وهو يغني لحنُ الحياة
ومنهُم مَنْ إحترقَ في الغُربةِ
كعودِ ثُقاب
ومِنهم مَنْ أختفى
لأنه قالَ ...
لنا برلمانٌ دُستورهُ قهرْ
وعُهْرّ
وشعاراتهُ كُلها بِلا وفاء

من أجلُكِ يا مدينة الأجداد
صليتُ على ذكراكِ بلا آذان
وقرأت سورٌ
لَمْ تكُنْ يوماً قد أُنزلَتْ
على نبيٍ مِنَ الأنبياء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع