الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غروب الاوثان-نيتشه -3-

امير عزيز

2013 / 9 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الاخلاق كضد للطبيعه
-1-
و ياتي وقت عندما تصبح كل العواطف المشبوبه العميقه "The passion" مميته, عندما يجرون ضحيتهم الي اسفل , تحت وطأه الحمق الكامن فيهم..و بعد ذلك, بعد ذلك بكثير, عندما يتم زفافهم للروح..عندما"يتروحنون", سابقا كان المرء يصنع حربا علي الرغبه ذاتها, بسبب من هذا الالم الذي يحتويها, تاّمر المرء لابادتها- كل الوحوش الاخلاقيه القديمه اجمعت علي ضروره قتل الرغبه/ الالم..الصيغه الاشهر هنا كانت مُحتواه في العهد الجديد, في الموعظه علي الجيل "حيث لا يُنظر الي الامور بشكل متغطرس"..فقد قيل علي سبيل المثال, و بالرجوع الي الرغبه الجنسيه, "ان اعثرتك عيناك فاقلعهما".. لحسن الحظ فان مسيحيا اليوم لا ينفذ هذه الوصيه..اذا كان من الضروري ان تبيد الرغبات و العواطف العميقه لكي ما تنجو من الحمق الكامن فيها , و من نتائجها المريره..فان هذا نفسه هو ما يبدو لنا اليوم كصيغه حاده من صيغ الحماقه..اننا لم نعد نقدر طبيب الاسنان الذي يقوم بخلع الضرس تجنبا لالامه المبرحه..علي الجانب الاخر فانه من العدل ان نعترف ان التربه التي شتلت عليها المسيحيه مفهوم "روحنه الرغبه", لم يكن ممكنا تصورها, لانه في حاله الكنيسه الاولي , فانه معروف جيدا انها حاربت الامتلاء لصالح فقر الروح, فكيف يمكن للمرء ان يتصور ان تخوضٌ حربا ذكيه ضد الرغبه!!..الكنيسه صارعت الرغبه بازالتها بكل معان الكلمه, دوائها كان اخصاءً..انها لم تسأل نفسها ابدا كيف يمكن للمرء ان يروحن, او يجمل او يهزم الرغبه؟-لقد ركزت نظامها طول الوقت علي استئصالها, "الحسيه, القوه, الشهوه للفخر, الجشع, الانتقام"..و لكن ان تقاتل الرغبه في الجذور هو ان تعادي الحياه في الجذور ايضا, ممارسه الكنيسه كانت بهذا القدر عدائيه تجاه الحياه...انه يتعين قتل الرغبه.
-2-
الوسيله نفسها, الدواء ذاته"من اجل اخصاء و استئصال الرغبه" مختاران بشكل غريزي في النضال ضدها بواسطه هؤلاء ضعيفو الاراده بما يجاوز كل حد, المتحللون الي الدرجه التي لا تمكنهم من فرض ادني اعتدال عليها, هذه الطبائع التي تحتاج الي نظام صارم, كنظام الرهبنه, و لكي ما نتكلم بشكل "مجازي" و بشكل غير مجازي ايضا, فان هذا النظام يمثل نوعا من الاعلان العدائي القاطع, هوّه بين ذواتهم و بين الرغبه, المتحلل فقط هو من لا يمكنه ان يفعل دون وسيلهٍ جذريه..ضعف الاراده و بدقه اكبر عدم القدره علي عدم الاستجابه لاي مؤثر, هي ببساطه صيغه اخري من صيغ التحلل..العدائيه الجذريه, او العدائيه المميته تجاه الحسيه, هي دائما فكره تستثير عرضا, انهما ما يبرران صنع العالم لشخص مفرط في ايلاجه فيهما..و سرعان ما تصل هذه العدائيه و تلك الكراهيه الي مداها, عندما تكون هذه الطبيعه الجديده قد تشكلت حيث لا مكان لانكار الشر الكامن فيها..راجع التاريخ الكلي للقساوسه, و الفلاسفه, و ذلك الخاص بالفنانين ايضا..فان اكثر العبارات خبثا تحاه الحواس لم تات من العنين, ولا من الزاهد..و لكن من هؤلاء الذين ادركوا انه من المستحيل ان يزهدوا, من هؤلاء الذين احتاجوا الي حد الياس دواءً للزهد.
-3-
روحنه الحسيه تُسمي حبا, انه انتصار عظيم علي المسيحيه, انتصار اخر هو روحنه العداوه, انها تعني و بشكل عميق, و باختصار, انقلاب معني العدائي في الممارسه و في الرؤيه و بطريقه معاكسه لما اعتاد عليه المرء سابقا..الكنيسه كانت هي من رغبت دائما في تحطيم اعدائها, نحن اللاخلاقيون , و اعداء المسيحيه نري ان وجود الكنيسه كان ميزهً لنا. في السياسه ايضا, فان العداوه اصبحت اكثر روحانيه, اكثر حصافه بما لا ُيقاس, اكثر عمقا, اكثر تسامحا..تقريبا فان كل حزب يعتقد انه في صالح بقائه الخاص , الا يموت الحزب المعارض بقوه, نفس الامر ينطبق علي السياسات الكبري..مولود جديد و بالتحديد رايخ جديد علي سبيل المثال, يحتاج الي اعداء اكثر من احتياجه الي اصدقاء, فقط و من خلال المقاومه يمكنه ان يشعر بضرورته..نتبني ايضا نفس المفهوم فيما يتعلق "بالعدو الداخلي", هنا ايضا قمنا بروحنه العداوه, هنا ايضا جري احتوائنا في هذه القيمه..المرء يكون مثمرا فقط عندما يكون غنيا بالمتناقضات, يظل المرء شابا فقط عندما لا تسترخ الروح, عندما لا تسعَ للسلام, لا شئ قد نما غريبا بالنسبه لنا اكثر من هذه الامنيه المسيحيه القديمه"سلام الروح", لا شئ قد استحث حسدا اقل اكثر من هذا الجبن الاخلاقي, المصحوب بالدعه و المسمي بالضمير..المرء ينبذ الحياه العظيمه حين ينبذ الحرب, في حالات كثيره و لكي ما تكون متيقنا فان سلام الروح ليس اكثر من سوء فهم- شئ اخر لا يعرف كيف يعطي نفسه اسما اكثر امانه, هنا, و باختصار, و بدون ادعاء قليل منهم..سلام الروح يمكن ان يكون علي سبيل المثال تسلل خفيف للطبيعه الحيوانيه الي مجالي الاخلاق و الدين, او هو بدايه الضجر, الظلال الاولي التي تحتوي كل نوع من الظلام, الاشاره الاولي الي ان الهواء قد امسي خانقا, او ان الريح الجنوبيه قد اتخذت طريقها, او هو امتنان لاواع لقدره ملفته علي الهضم, احيانا تُسمي "حب البشر", لحظه النقاهه التي من خلالها تكتسب كل الاشياء مذاقا جديدا, او هو ذلك الشرط الذي ينجح في تحقيق اشباعا نادرا بعد حزن طويل, تداعي الاراده, تداعي الرغبه, الكسل مقّنعا بالغرور, لكي يعلن عن نفسه كاخلاقيه, او هو ظهور اليقين حتي لو كان يقينا مفزعا, بعد عذاب طويل من اللايقين, تعبير عن النضج و السياده في منتصف الفعل, الخلق , المحاوله, الاراده..تنفس هادئ, "حريه الاراده" التي ان اوان الترفّئ عندها.."غروب الاوثان", من يعرف؟ ربما هو ايضا نوع من سلام الروح...
-4-
و ساقوم الان بصياغه مبدأ, كل ما هو طبيعي في الاخلاق, او ما يكون الاخلاق الصحيه, فانه مهيمن عليه بواسطه غريزه الحياه..بعض وصايا الحياه تتحقق من خلال لائحه تشمل "سوف", و "سوف لا", فيما يخص حقيقتها, بعض المعوقات و العناصر العدائيه في طريق الحياه, تتم ازالتها بذلك..الاخلاقيه المضاده للطبيعه, و التي هي واقعيا كل اخلاقيه تم تعليمها, و توقيرها, و التبشير بها حتي الان, تحولت الي النقيض, و بشكل دقيق اصبحت معاديه لغريزه الحياه..اما الان فانه من الصاخب و الوقح ادانه هذه الغرائز..بالقول ان الرب ينظر الي سريره القلب, فان الاخلاقيه النقيضه تنكر الرغبات, الاعمق , و الاعلي للحياه, و تجعل من الرب عدوا لها..القديس الذي به يُسر قلب الرب هو الخصّي النموذج..و الحياه عند نهايتها هي بدايه مملكه الرب.
-5-
اذا استوعب المرء تجديف هذا المتمرد ضد الحياه, كما هو الحال في الاخلاق المسيحيه, فانه يصبح بالكليه سقراطيا, لحسن الحظ , ادرك المرء مع ذلك شيئا اخر: اللاجدوي, الوهم, السخافه الكامنين في خطأ مثل هذا المتمرد, لان ادانه الحياه بواسطه الحي, ليست اكثر و بعد كل شئ من عرض لنوع محدد من الحياه,: السؤال ما اذا كانت ادانه الحياه, عادله ام غير عادله, لم يثًر علي الاطلاق. كان ينبغي علي الانسان ان يتموضع خارج الحياه, و علي الجانب الاخر ان يعرفها كليا ككثيرين, ككل الذين اختبروها لكي يسُمح له ان يمس مشكله قيمه الحياه علي الاطلاق, عندما نتحدث عن القيم فاننا نفعل من منظور, و تحت تاثير الحياه..الحياه ذاتها تكتسب معناها من خلالنا, تحت تاثير منظومتنا القيميه, يتلو ذلك و بموجب هذا الفهم, ان الاخلاق كضد للطبيعه, و التي تجعل من الرب نقيضا للوجود, و تدين الحياه في جذورها, ليست سوي حكم قيمه علي جزء من الحياه..حول سؤال ماهي الحياه؟, او اي نوع من الحياه؟..لكنني بالفعل اجبت علي ذلك, الحياه المتراجعه, الحياه الواهنه, الحياه المنهكه, الحياه المُدانه..الاخلاق كما فُهمت حتي الان- كما كان قد تم صياغتها بواسطه شوبنهاور " كانكار لاراده الحياه" هي غريزه الحياه المتراجعه, و قد جعلت من ذاتها حتميه..انها تقول لك "مت" ..انها حكم المقضي عليه..
-6-
دعنا بالنهايه نشير الي الجهل المرادف للقول انسان يتعين عليه ان يكون هكذا او هكذا, الواقع يظهر لنا ثراءً ساحرا في الانواع, زخرفه في اللعب خارج الاطر, و تغير في الصيغ, و يقول اخلاقي هزيل عندما ينظر الي ذلك..لا, الانسان ينبغي ان يختلف عن ذلك, انه حتي يعرف, كيف ينبغي للانسان ان يكون ذلك البائس المتعصب..يرسم نفسه علي الحائط, ثم يقول هاهو الانسان, و لكن الاخلاقي عندما يتوجه الي الانسان و يقول له, انه ينبغي عليك ان تكون هكذا و الا تكون كذلك, فانه يجعل من نفسه موضوعا للسخف..المرء في مستقبله و في ماضيه قطعه من القدر, كل ما هو كائن, و كل ما سيكون..ان تقول له غير نفسك, يعني ان تطالب بتغيير كل شئ حتي في الماضي..و قد كان هناك دوما اخلاقيون دؤوبون, ارادوا ان يكون الانسان مختلفا, ارادوا "انسانا اسمي", "انسانا رفيعا", ارادوا الانسان في اطارهم الخاص,..هذا المتعصب و الي النهايه انكر العالم, لا جنون متوسط, و لا افتراضات متواضعه, حتي الان فان الاخلاق كانت تدُان كاخلاق, و ليس بالعلاقه مع اهداف, و موضوع الحياه, انه الخطأ الذي لا ينبغي اظهار اي درجه من التعاطف معه, انها السمات الدقيقه للمتحلل و التي تسببت في الام غير مسبوقه..نحن مختلفون, نحن اللاخلاقيون, قد فتحنا قلوبنا لكل انواع الفهم, الادراك, القبول, نحن لا ننكر بسهوله, بل نبحث عن شرفنا في التاكيد و الجزم, اقتربنا اكثر فاكثر من نموذج الاقتصادي الذي يعرف كيف يستخدم كل ما رفضه الجنون المقدس, العقل المريض للكهنه..هذا النموذج الذي يعرف كيف يستمد المزايا حتي من الانواع المعاديه للحياه.."المتعصب, و الكاهن, و الانسان الرفيع.".و لكن ايه مزايا..نحن اللاخلاقيون انفسنا من نكون الاجابه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في