الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصلة الجوانية بين فائض القيمة والربح

كارل ماركس
(Karl Marx)

2013 / 9 / 23
الارشيف الماركسي


لقد رأينا في الجزء الأول أن فائض القيمة والربح كانا متطابقين عند النظر فيهما من ناحية الكتلة . غير أن معدل الربح كان يتمايز، منذ البداية ، عن معدل فائض القيمة علماً بأن هذا التمايز لا يظهر ، بادئ الأمر ، إلّا كشكل اَخر مختلف للحساب ؛ ولكن لما كان معدل الربح يمكن أن يرتفع أو يهبط مع بقاء معدل فائض القيمة على حاله ، أو العكس بالعكس ، ولما كان كل مايهم الرأسمالي من الناحية العملية هو معدل الربح وحده ، فإن هذا الظرف يموّه كلياً ، منذ البداية أيضاً ، منبع فائض القيمة ويحيطه بالغموض . مع ذلك فقد كان هناك فارق في المقدار ، ولكن فقط بين معدل فائض القيمة ومعدل الربح ، لا بين فائض القيمة نفسه والربح . وبما أن فائض القيمة يُحسب ، في معدل الربح ، نسبة إلى رأس المال الكلّي، وأن هذا الأخير يُعتبر مقياساً لفائض القيمة ، فإن فائض القيمة ذاته يبدو ، من خلال ذلك ، نابعاً من رأس المال الكلّي ، نابعاً بالتساوي من جميع أجزاء رأس المال هذا ، بحيث أن مفهوم الربح يطمس معالم الفارق العضوي بين رأس المال الثابت ورأس المال المتغير ، لذلك ، فإن تلّبس فائض القيمة مظهراً متحولاً كربح ، يخفي منبعه الأصلي ، ويزيل طابعه ، فيتعذر التعرف عليه . ولكن الفارق بين الربح وفائض القيمة كان ينحصر حتى الاَن في مجرد تغيّر نوعي ، تبدل في الشكل ، ولم يكن ثمة فارق فعلي في المقدار ، في هذه المرحلة الأولى من التحوّل ، سوى الفارق بين معدل الربح ومعدل فائض القيمة وليس بعدُ بين الربح وفائض القيمة .
ولكن الأمر على خلاف ذلك ، ما إن ينشأ معدل ربح عام ، وينشأ من خلاله ، ربح وسطي ، يُقابل مقداراً من رأس المال المستخدم ، وهو مقدار معين في مختلف فروع الإنتاج .
وإنها لمصادفة محض الاَن ، أن يتطابق فائض القيمة وبالتالي الربح الذي جرى إنتاجه فعلاً في فرع خاص من الإنتاج مع ما يحتويه سعر بيع السلعة من ربح . وكقاعدة ، فإن الربح وفائض القيمة ، وليس معدلاهما فقط ، هما مقداران متباينان فعلياً . وعندما تكون درجة استغلال العمل معينة ، فإن كتلة فائض القيمة ، التي لم يتم إنتاجها في ميدان مفرد من ميادين الإنتاج ، تغدو بالنسبة إلى متوسط الربح الكلّي لرأس المال الاجتماعي ، أي بالنسبة إلى طبقة الرأسماليين على وجه العموم ، أكثر أهمية مما بالنسبة إلى الرأسمالي ،مباشرة ، في كل فرع منفرد من فروع الإنتاج .وتنحصر الأهمية بالنسبة إليه (24) ،بمقدار ما إن كمية فائض القيمة المُنتجة في فرعه ، تُسهم ، كعامل محدد ، في ضبط الربح الوسطي . ولكن عملية كهذه إنما تجري من وراء ظهر الرأسمالي ، من دون أن يراها ، أو يدركها ، بل إنها ، في الواقع الأمر ، لا تثيراهتمامه . إن الفارق الفعلي بين مقدار الربح ومقدار فائض القيمة – وليس فقط بين معدل الربح ومعدل فائض القيمة – في مختلف ميادين الإنتاج يُخفي الاَن ، كلّياً ، طبيعة الربح الحقيقية ومنبعه ، لا بالنسبة إلى الرأسمالي وحده ،الذي يمتلك هنا مصلحة خاصة في أن ينخدع ، بل بالنسبة إلى العامل أيضاً . وبتحول القيمة إلى سعر إنتاج يغيب الأساس المحدَّد للقيمة ذاته عن الأنظار. أخيراً : بما أن التحول المحض لفائض القيمة إلى ربح يضع ذلك الجزء من قيمة السلعة الذي يؤلف الربح في مواجهة ذلك الجزء الاَخر من القيمة الذي يؤلف سعر الكلفة ، فإن مفهوم القيمة يفلت هنا من بين يدي الرأسمالي ، ذلك لأنه لا يرى أمامه إجمالي العمل ، الذي يتكلفه إنتاج السلعة ، بل لا يرى سوى ذلك الجزء من هذا العمل الذي دفع لقاءه وهو في شكل وسائل إنتاج ، حية أم ميتة ، بحيث يبدو له الربح كشيء يأتي من خارج القيمة الماثلة في السلعة ؛ ويبرز هذا التصور ويترسخ ثم يتحجر نهائياً لأن الربح المُضاف إلى سعر الكلفة لا يتعين في واقع الأمر الاَن ، عندما يأخذ المرء ميدان إنتاج خاص ، بحدود عملية تكوين القيمة في نطاق هذا الميدان بالذات ، بل يتعين بظروف تقع خارجه تماماً .
الواقع أننا نكشف هذه الصلة الجوّانية ، هنا ، لأول مرة ؛ وأن علم الاقتصاد السياسي حتى الوقت الحاضر ، وهو ما سنراه لاحقاً وكما سنراه في الكتاب الرابع ، ظل يُنشيء ، اعتباطاً ، تجريدات عن الفارق بين فائض القيمة والربح ، وبين معدل فائض القيمة ومعدل الربح ، ولكن يكون بمقدوره الاحتفاظ بتحديد القيمة أساساً له ، أو أنه نبذ تحديد القيمة هذا سوية مع نبذه لكل أرضية للموقف العلمي من المسألة ، بغية التمسك بالفوارق التي تقع على سطح الظواهر وتقفز إلى العين – إن هذه البلبلة السائدة لدى المنظّرين تبين ، على خير وجه ، كيف أن الرأسمالي العملي ، المحبوس كلياً في صراع المنافسة ، العاجز عن النفاذ إلى أبعد من ظاهراتها ، عاجز عن فهم الماهية الباطنية والتركيب الباطني لهذه العملية من وراء المظهر الخادع .
----------------------------------------------
(24) نترك هنا جانباً ، بالطبع ، إمكانية استخلاص ربح إضافي مؤقت من خلال خفض الأجور والأسعار الاحتكارية ، وما إلى ذلك [ ف . إنجلز ]
---------------------------------------------
طبعه الكترونياً جمال احمد عن
رأس المال ، كارل ماركس ، المجلد الثالث ، ترجمة د.فالح عبد الجبار ، سنة 2013، ص ص 203 -204








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا