الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(4) الانتخابات في شفاعمرو 2013 لمن يكون انتمائكم الأول؟

زاهد عزت حرش
(Zahed Ezzt Harash)

2013 / 10 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


(4) الانتخابات في شفاعمرو 2013
لمن يكون انتمائكم الأول؟


يبدو أن قصة الانتماءات الطائفية وتوابعها أصبحت كقصة "ابريق الزيت"، نعيدها ونكررها حتى غدا الأمر في ناهيته أكثر غموضًا وإبهامًا من أوله، وخاصة لأولئك الذين لا يريدون أن يفهموا اصلاً. بيد ان التركيز على هذا الأمر ضروري جدًا، فالعودة الى تكرار الحديث عن الطائفية البغيضة، التي تحمل في مكنوناتها بذور التقسيم المجتمعي، وتدمر مكتسباتنا الإنسانية والحضارية، يدعونا للعمل على كشف خطورتها والتصدي لها، معتمدين اسلوب الإيحاء والتلقين، المتبع في علم النفس التحليلي، للإقناع والتغيير، كوسيلة لغرس المضادات الحوية في وجدان الناس، فيحمل كل واحد منا الفأس بكلتا يديه، ويهوي على جذع دوحتها، كي نساهم جميعًا في تقليم أغصانها ورعاية ثمارها، حتى تغدو اطيب وسيلة للتقارب بين الناس، وتتحول من وسيلة للانقسام والتشرذم، إلى أداة لتعميق التجانس والالفة والتآخي بين أبناء البلد الواحد، ومنه الى وحدة الصف والمصير بين أبناء الوطن، كل الوطن!

حين يلتقي غريبان في مكان بعيد عن بلديهما، تحت طائل أي ظرف كان، فأنهما يتعارفان على بعضيهما من خلال اسم الشخص واسم بلدته، أي بالانتماء الى ذاته وبلدته. ونادرًا، بل من غير الطبيعي، أن يتعرف الناس على بعضهم، دون معرفة سابقة، من خلال انتمائهم الطائفي او المذهبي! فلماذا نعتمد على ان نختلف ونمزق مجتمعنا بسبب انتماءاتنا الطائفية؟! وكيف ولماذا يحدث هذا؟ وتحت أية مسميات يمكننا ان نفهمه او نوافق عليه؟!

أنا لا أعتز بانتمائي لطائفة ما! ولا يهمني ما هو الانتماء الطائفي للآخرين!
انت أيها الطائفي في بلدك، يا من تهرول خلف قائمة طائفية، وزعيم طائفي، لماذا تضع انتماءك الطائفي في سلم اولوياتك أيام الانتخابات، وتهمله وتتغاضى عنه، في سياق حياتك اليومية على مدى خمس سنوات، ما بين انتخابات وأخرى؟! ولماذا لا تسأل اصدقاءك واصحابك عن ديانتهم قبل ان تمد يدك لتسلم عليهم؟! وكيف تمر في شوارع بلدتك وتطرح السلام على من تعرفهم، دون ان تتحقق من دينهم ومعتقداتهم؟! أو انه وصل الحال بكم الى ان تميزوا انتماء الناس وديانتهم من خلال مظهرهم وشكلهم الخارجي!؟؟

الويل لأمة يختلف أبناءها أو يتحابون من خلال شكلهم ومظهرهم الخارجي ونمط حياتهم الشخصية!
لقد جاء في كل الكتب السماوية، ان الدين، كل دين، هو دين الله، وأنكم أيها المؤمنون أنتم مؤمنين لأن ربكم ومصيركم واحد واليه ترجعون! وباعتقادي أن أي شخص متوسط الثقافة والعلم، باعتماده على وحدانية الله، وكل ما جاء في كتب الديانات السماوية، يستطيع ان يورد هنا، ألف مقولة دينية، تدعو الى المحبة والاخوة الإنسانية، باعتبار ان الديانات هي التي وضعت الأسس الأولى للمحبة ولمخافة الله! فكيف تصبح هذه الأديان، التي علمتنا الأخلاق الأولى لبناء المجتمعات الإنسانية، كيف تصبح هي ذاتها المسبب الأساسي للتفرقة والاقتتال والتشرذم بين أبناء الوطن او البلد الواحد؟!

حقيقة هي ان التاريخ حافل بسجلات الحروب الدينية، على مر العصور! تلك التي اشتعلت نيرانها بين دول ذات ديانات مختلفة. في حين أن هناك دول تنتمي الى نفس الديانات، اشتعلت بها حروب أقسى وأعتى ضراوة من غيرها، وأصدق مثال على ذلك الحرب العالمية الثانية، التي راح ضحيتها قرابة مائة مليون انسان، كان معظم من شارك فيها ينتمون الى ديانة ومعتقدات واحدة! ويحفل التاريخ بنماذج واثباتات حول الكثير من هذا النوع من الحروب، وخاصة تلك التي دارت رحاها بين أبناء شعوب ينتمون الى ديانة وطائفة واحدة! وقد اثبت المؤرخون، على مر تاريخ العلوم السياسية، أن معظم هذه الحروب، التي لبست ثوب الدين، كان سبب نشوبها الأول، هو الهيمنة السياسية والاقتصادية لا غير!

ونحن هنا! في "هذا الوطن الذي ليس لنا وطن سواه" ولا نرضى ولا نريد أن يكون لنا وطن سواه! على أي شيء يدور خلافنا، وماذا يؤجج نار تمزقنا؟! وما الذي يستحق ان نهدم تاريخنا واصول حضارتنا من أجله؟! من أين جاءت هذه الآفات الطائفية الى مجتمعنا؟! ومن أجل ماذا؟! من أجل مقعد في المجلس المحلي او البلدية!؟ من أجل رئاسة محلية؟! من أجل مركز؟! من أجل سلطة؟! وأي مركز واية سلطة هذه، التي إذا ما وقع المحذور، ونشب خلاف بين الشعب والدولة، فأعظم من سيكون في أي مركز او سلطة منها، لا يستطيع ان يفك ربطة حذائه، دون إذن من مرؤوسيه! يعني بالعربي الواضح، "ما بعود الواحد منهم يّمون على صرمايته"!! فإذًا على ما كل هذه الضجيج والنزاع، ولمصلحة من هذا التأجيج الطائفي لانتخابات لن نجني منها سوى، تكرار يليه تكرار، وجهاز لو عمل بأقسى ما فيه من قوة وإخلاص، لا يستطيع ان يطور البلد بأكثر من عشرة بالمائة مما هي عليه! فجهاز الحكومة السياسي هو عدونا الأول، وهو من يتوجب علينا أن نتصدى له بوحدتنا، كي نستطيع تحصيل حقوقنا المدنية، كمواطنين أصحاب هذه الأرض!

علينا أن ننبذ الطائفة ونسكت دعاة الفتنة بيننا. وعلينا ان نوحد صفوفنا وطاقاتنا ونفشل كل الأحزاب الطائفية والعائلية والقبلية، وان نقف الى جانب الأحزاب المنظمة سياسيًا، الأحزاب التي تعتمد على فكر وعقيدة إنسانية، تجمع الناس ولا تفرقهم، تعرف من هو الصديق ومن هو العدو، وتملك تاريخًا مشرفًا يجعلنا نعتز بانتمائنا اليه، وانتماءنا الى هذا البلد، والى هذه الأرض التي ما زالت تحمل عبق فلسطين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استهداف فلسطينيين أثناء تجمعهم حول نقطة للإنترنت في غزة


.. طلبة في تونس يرفعون شعارات مناصرة لفلسطين خلال امتحان البكال




.. الخارجية القطرية: هناك إساءة في استخدام الوساطة وتوظيفها لتح


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش خياري إيران ورفح.. أيهما العاجل




.. سيارة كهربائية تهاجر من بكين إلى واشنطن.. لماذا يخشاها ترمب