الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة السورية-غياب السياسة

مروان عبد الرزاق
كاتب

(Marwan)

2013 / 10 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


من أهم النتائج التي أفرزتها الثورة السورية السلمية, عودة الحديث السياسي إلى المجتمع السوري, والذي تمحور حول حق الشعب السوري في نيل حريته, واستعادة كرامته, وبناء دولته المدنية الديمقراطية الحديثة. مترافقا مع الفعل السياسي الثوري الذي تمثل في التظاهرات السلمية, التي طالبت برحيل الاستبداد, تحت شعار " سلمية, سلمية", و"واحد, واحد, الشعب السوري واحد".
لقد أرعبت التظاهرات السلمية النظام, او الفعل السياسي المدني السلمي, لذلك عمل منذ البداية على وأدها بطريقة وحشية لامثيل لها في العصر الحديث.
وفظاعة القتل التي واجه بها النظام المتظاهرين السلميين, دفع بهم إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم. حيث تم تأمين السلاح الفردي في البداية من مدخرات الثوار البسيطة, ومصاغ النساء, دون أي تفكير بالدعم الخارجي. ثم تدريجيا بدأت تترسخ القناعة بأن هذا النظام لن يرحل, ولن يسقط إلا بالقوة. وبالتالي اندفعت الثورة في مسار الثورة المسلحة. فبدأت تتشكل الكتائب المسلحة, وخاصة في الارياف التي شكلت حاضنة اجتماعية عظيمة للكتائب الثورية المسلحة. واصبحت بذلك الراية العليا للسلاح وليس للكلمة, او للسياسة, أو الفعل المدني الثوري.
وهنا يمكن الاشارة إلى أن قدر الثورة السورية أن تكون مسلحة, وليس كالثورة المصرية والتونسية واليمنية. إذ وجد الثوار أنفسهم أمام مفترق طرق صعب: إما حمل السلاح والدفاع عن انفسهم, أو الاستسلام والعودة إلى بيوتهم, حيث سيقوم النظام بجرهم كالأغنام إلى المعتقلات, وتنفيذ الاعدامات الميدانية كما حصل في الثمانينات. إلا ان الشعب اختار الطريق الاول, لأنه لم يعد بإمكانه العيش تحت حكم الاستبداد.
ومنذ بداية الصراع المسلح, برزت تحديات كثيرة امام الثورة السورية المسلحة, أهمها:
- البحث عن تمويل للسلاح, حيث أن التمويل الداخلي لم يعد كافيا, وخاصة أن الطبقة الرأسمالية من تجار وصناع, إما هربوا مع اموالهم للخارج, أو اصطفوا إلى جانب النظام. مما أجبر الثوار على اللجوء للخارج العربي والدولي, الذي أفرز بدوره إرتهانات للخارج لم تكن بالحسبان.
- تشكيل قيادة عسكرية مشتركة للكتائب المسلحة, على مستوى المدن, وعلى مستوى سوريا كلها, تمتلك رؤية استراتيجية وتكتيكية موحدة. وقد فشل الجيش الحر حتى الآن في تشكيل هذه القيادة, لأسباب اجتماعية وتمويلية.
- البحث عن قيادة سياسية للثورة. لأن الجانب السياسي في الثورة, أي اتحاد التنسيقيات, والهيئة العامة للثورة, وغيرهم من الهيئات الشبابية, الذين سارعوا إلى تشكيل وتنظيم القيادة السياسية للثورة, في المرحلة الاولى السلمية, والتعريف بأهداف الثورة وبرنامجها السياسي, تراجعوا أمام صوت السلاح, إلى الصف الثاني, ليعملوا في الاغاثة, وتأسيس المجالس المحلية لإدارة الخدمات الضرورية في المناطق المحررة. أو الاعلام على الفضائيات, والتي انحصرت مهمتهم بالدرجة الاولى, في الكشف عن جرائم النظام ومجازره, و توثيق وتعداد الشهداء. وقسم كبير منهم هاجر ليستقر في تركيا, او بعض الدول العربية والاوروبية.
ورغم اهمية الاغاثة, والاعلام, والمجالس الخدمية, إلا انه من المهم أيضا, فشل التنسيقيات والهيئات الجديدة للثورة, في الانتقال إلى طور أعلى, أي الانتقال الى تشكيل أحزاب أو تجمعات سياسية, تكون قادرة على قيادة الثورة سياسيا, وتساهم في توحيد الكتائب المسلحة, وتعالج الفوضى التي تسود المناطق المحررة, وتكون مقنعة للشعب سواء الذي يسكن في مناطق سيطرة النظام, أو في المناطق المحررة.
أما الائتلاف الوطني, ومن قبله المجلس الوطني, الذي اعترف فيه الثوار في الداخل ممثلا للثورة, ورغم ما قدمه للثورة من احلام واموال, الا أنه تبين فيما بعد اتساع الفجوة بينه وبين الداخل, بل والاساءة اليها, بوضعه الثورة على مائدة الدول العربية والغربية, مستجديا المال والسلاح.
والمسألة الهامة هنا, هي أن الائتلاف بدلا من أن يجعل اقامته في المناطق المحررة, ويشجع الناشطين على الارتقاء بنشاطهم المدني والسياسي, ويشكل معهم قيادة سياسية للثورة, إنما بالعكس ساهم في هجرة الناشطين إلى تركيا وغيرها, تحت مسميات مختلفة, مثل توسعة الائتلاف, الاغاثة, الاعلام, دورات واجتماعات مدنية وحقوقية. الخ.
حيث يبقى السؤال ضروريا ومطروحا منذ اكثر من عام: لماذا لا يجعل الائتلاف اقامته في الداخل السوري, في المناطق المحررة, مع بقاء بعض الرموز في الخارج كممثلين للثورة؟. إذا كان الجواب هو الخوف من الشهادة, فكيف سيكون مقنعا للشعب, ولمئات الآلاف الذين يقدمون أرواحهم يوميا, ويواجهون القصف والمجازر اليومية, سواء من المقاتلين, أو من المدنيين؟. ورغم عدم كفاية جواب كهذا, الا أنه من الضروري الاشارة إلى أن الائتلاف إذا أراد أن يكون قائدا حقيقيا للثورة عليه أن يكون في الداخل السوري. ليس فقط, من أجل تحويل نفقاته للداخل, رغم اهميتها, إنما من أجل تفعيل وإعادة احياء الجانب المدني والسياسي للثورة, والارتقاء بالفعل الثوري السياسي المدني, كي يكون النشطاء أكثر اقناعا للحاضنة الاجتماعية التي يمثلونها, والذين يساهمون بدورهم في الارتقاء بوعي هذه الحاضنة كي تستمر في دفاعها عن الثورة.
إن الفراغ السياسي في الداخل, أفسح المجال واسعا, أمام السلاح ليكون الحاكم المطلق في المناطق المحررة. كما أدى إلى زيادة التطرف الديني, و اتساع مساحة سيطرته, والذي لم يكن ملائما في السابق للسوريين. مما يُنذر بمخاطر عديدة تواجهها الثورة الآن وفي المستقبل.
لذلك تبدو الحاجة ملحة, لإعادة إحياء الجانب المدني والسياسي للثورة. ومع اليقين بأن الائتلاف, لن ينقل اقامته للداخل, وكذلك تجمعات المثقفين على الفضائيات في الخارج. لذلك يصبح المطلوب من الجميع العمل على ملء هذا الفراغ. وذلك بتشكيل خلايا منظمة, أو احزاب, أو تجمعات, تضم كافة الاطياف السياسية, برؤية وبرنامج سياسي واضح, في كل مناطق سوريا. والعمل على الاعداد لمؤتمر وطني سياسي شامل, يجمع هذه الخلايا, ويؤسس لقيادة سياسية حقيقية في الداخل. واخيرا يمكن الاشارة إلى العديد من المثقفين الذين يلاحقون الائتلاف بانتقاداتهم, بأن النقد البناء هو أن تعمل على البديل, وإلا يُصبح النقد لا أهمية له.
واذا كان صحيحا أن النظام لن يسقط إلا بقوة السلاح. أيضا استكمال طريق الثورة وانتصارها, وإعادة بناء الوطن, والدولة الديمقراطية الحرة, لا يمكن أن يتم إلا بإعادة بناء السياسة, ومنظمات المجتمع المدني, وحقوق الانسان في المجتمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط