الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكاراتيه / فن الكانزين ريو

ربيع عيسى الربيعي
كاتب

(Rabie Easa Al Rubeai)

2013 / 11 / 4
عالم الرياضة


نستهل تعريفنا لفن الـ (الكانزين ريو) بنبذة تاريخة مقتضبة عن جذور فن (الكارا تيه) للذين فاتهم التعرف عليه او السماع به .
موطن هذا الفن هو الهند وجذوره تمتد الى اكثر من 2500عام وبعدها انتقل الى الصين عبر الكاهن الهندي الشهير (بودهيدهارما) ومنها الى جزيرة أوكيناوا اليابانية وتحديدا الى مدن توماري, ناها وشوري وكان الفن القتالي الخاص بهم يعرف بأسم (تيه/ اليد) كونها السلاح الوحيد الذي كان متاح لسكانها.
هذه المدن الاوكيناوية الثلاث تعد المهد الاول لفنون الكاراتيه الحديثة وهي من وضعت القواعد والاسس القتالية والدفاعية التي استوحتها من الطبيعة من خلال متابعة سلوكيات الحيوانات المفترسة كالنمر والافعى والصقر عند انقضاضها على فرائسها ودراسة نقاط قوتها وضعفها. الجدير بالذكر ان لكل مدينة من هذه المدن خصوصيتها بالرغم من ارتباطها الجغرافي والقومي والاثني, حيث كان تقطنها شرائح وطبقات اجتماعية مختلفة من حكام و نبلاء و تجار وعمال و فلاحين, لهذا كانت لكل مدينة أساليبها مختلفة وخاصة لتعليم فن الدفاع عن النفس و يعرف بأسم مدينته مثل شوري-تيه و ناها-تيه و توماري-تيه.

الجدير بالذكر ان جزيرة اوكيناوا كانت ترزح تحت وطئة النظام الاقطاعي المستبد الذي دام عقود من الزمن, حيث جرهم الى حروب اهلية طاحنة ومارس ضدهم اقسى ممارسات العنف والتعسف والاستغلال وحظر عليهم حمل الاسلحة لضمان امنه وسطوته, لهذا لجئ سكان هذه الجزيرة الى استحداث فن قتالي جديد يغنيهم عن حمل السلاح ويحميهم من بطش محابوا الساموراي النظاميين, اطلقوا عليه اسم (كارا تيه) ومعناه اليد الفارغة.
الكاراتيه التقليدية وبمختلف مدارسها تعتمد بشكل اساس على حركات خاطفة ودقيقة بجميع اجزاء الجسد لدرء او ايقاع اكبر ضرر ممكن من والى الخصم وبأسرع وقت وأقل جهد, وهذا يتطلب تركيز عالي وسرعة بديهية وفراسة للتنبأ بحركات الخصم قبل تنفيذها من خلال تموضعه وقراءة عيونه والاخذ بعاملا تقدير المسافة والوقت في الحسبان لضمان فاعلية الحركة.
يتفرع من فن الكاراتيه اربع مدارس اساسية وهي:
شوتو كان : تتميز بالثبات والانضباط وهي الاكثر انتشارا على الاطلاق ومؤسسها المعلم جيشين فوناكوشي الذي يعود له الفضل الاكبر في اخراج هذا الفن من جزيرة اوكيناوا الى عموم اليابان ومن ثم نشره في جميع اصقاع العالم.
شيتو ريو : تتميز بالسرعة الحركية والقوة الذهنية والبدنية ومؤسسها المعلم كينوا مابوني
غوجو ريو: تتميز بالمرونة والتحكم بمفاصل الجسد ومؤسسها المعلم شوجون مياجي
وادو ريو : تتميز بالمناورة و التوازن ومؤسسها المعلم هيرونوري اوتسوكا
هذه المدارس الاساسية الاربعة نجحت في الحفاظ على هويتها واصالتها ولا تزال قائمة بكامل القها وعطائها لكن مع مرور الزمن سعى بعض تلاميذها الى تطوير الكثير من الاساليب والادوات التقليدية في التمارين واستحداث حركات قتالية ودفاعية جديدة, لا بل ان البعض (انقلب) على مفاهيم وثوابت الكاراتيه ورأى ان اضافة الاسلحة الى هذا الفن يعد حاجة ضرورية لمواكبة العصر, رغم ادركه ان هذا الطرح يتعارض حتى مع أسم الكار اتيه (اليد الفارغة) .
لهذا وبسبب الصرامة و التشديد التي يفرضها الاتحاد الياباني للكراتيه على اعضاءه و منتسبيه للحفاظ على هوية واصالة هذا الفن من التحريف او التشويه, لجئ ذلك البعض الى سلك خط مستقل نوعا ما عن سلطة الاتحاد الياباني فأسس مدارس خاصة وبمنهاج وخطط وادوات حديثة مع الحفاظ على الاسس والقواعد الاصيلة الخاصة بفنون الكراتيه التقليدية . عدد الذين اسسوا مدارس خاصة وتابعة ضمنيا لفنون الكاراتيه لا حصر لهم وبتزايد مستمر لكن القليل منهم من برز وثبت على الساحة وانتشر, نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر :
مدرسة ألـ (كيوكوشن كاي) التي اسسها المعلم ماسوتاتسو أوياما والذي يعد احد ابرز تلاميذ المعلم الكبير جيشين فوناكوشي ومدرتسه تأتي بالمرتبة الثانية في العالم من حيث الانتشار بعد الـ ( شوتو كان) اي انه تجواز بسمعته وانتشاره ثلاث مدارس يابانية اصيلة.
أما المثال اللآخر للمدارس (الهجينة) التي ولدت من رحم الكاراتيه والتي اثبتت نجاحها وتميزها هي مدرسة ألـ (كانزين ريو) والتي نحن في صدد تعريفها الآن.
الارتقاء الى الكمال والتخلص من الشوائب والنواقص ونقاط الضعف, هي رغبة غريزية ازلية خلقت في النفس البشرية منذ تكوينا ودفعتها للتفكير والاجتهاد والتضحية والاكتشاف والانجاز والتميز. ومهما اقتربت من الكمال فأنها لن تبلغه لأن الكمال محال كما يقال وهي ميزة يتفرد بها الخالق جل شأنه. لكن مجرد وجود هذه الرغبة في دواخلنا تجعلنا اكثر تحفزا لتقويم سلوكياتنا وتحسين مظاهرنا وتطوير امكانياتنا.
من هذا المنطلق ولد فن الـ ( كانزين ريو ) او الطريق الى الكمال على يد مؤسسه البروفيسور فرهاد وارسته 10 دان, وهو احد فنون (الكارا تيه) الحديثة.
فلسفة فن الكانزين ريو تقوم على النقاط التالي
طريق الكمال يبدء بطموح
والطموح يؤدي الى فضول
الفضول يتطلب الى الارادة
الاراد تتطلب فكر
الفكر يؤدي الى العمل
العمل يؤدي الى الاستكشاف
الاستكشاف يؤدي الى اكتشاف
الاكتشاف يؤدي الى تطور
التطور يوصل الى الكمال
لكن الكمال لا يحده اكتشاف او اثنين او عشرة لهذا يبقى السعي متواصل وكلما اقترب الساعي من مراتب التطور يجد ان هناك سقف اعلى للكمال وافاق جديدة وجديرة بالبحث والعمل والاجتهاد والاكتشاف, ليعيد النظر بحقيقة وصوله الى الكمال .. وبالنهاية سيعلم ان الكمال لا حدوده له على الاطلاق مهما تطور ونجح .

الوصول لهدف الكانزين ريو يستوجب التحرر من القيود بكل اشكالها, ورغم احترم هذه المدرسه لؤسس وقواعد الكاراتيه التقليدية إلا انها إرتأت ان تستقل بكيانها وشخصيتها عن باقي الفنون القتالية التي تتمحور في فلك الكاراتيه , ليس عقوقا لقوانين وضوابط المدرسة الام وانما للخروج من الكلاسيكية والبحث عن الكمال الذي هو هدفها الاسمى.
(الكانزين ريو) تجمع بين الاصالة الساموراي والفنون الاوكيناوية العريقة مع الشاولين كونغ فو الصينية , فهي عدة فنون في فن واحد وعامودها الاساس قائم على فني التوماري ـ تيه والنها ـ تيه أي ان اساسها هو فن الكاراتيه مع اضافة وتطوير بعض التكنيكات الاخرى.
تتميز هذه المدرسة بالمرونة وسرعة البديهية والتكثيف المساري لحركة الجسد لدفع اكبر كمية من الثقل والقوة من خلال تركيب الحركات الهوائية أي انها تميل الى الفول كونتاكت في النواحي الهجومية.
كما ان ميزة محارب الكانزن ريو هي التجرد من الدروع والقفازات والخوذ الواقية , وهذا خلاف قواعد باقي فنون الكراتيه. وتشغل الأسلحة اليابانية التقليدية (سيف الكاتانا والننشاكو والعصي) حيزا كبيرا في تدريبات محارب الكانزين ريو بعد ان يقضي مدة 2000 يوم على تاريخ انتماءه العملي لهذه المدرسة, وذلك كي لا يؤثر هذا النوع من التدريبات على جهد تركيز المحارب في استيعاب واتقان قواعد واساسيات الفن.
هذا الفن سعينا الى ايصاله للوطن العربي عبر بوابة العراق, لكنا صدمنا بتعقيدات روتينة عويصة واهمال واستخفاف من قبل القائمين على الرياضة العراقية بدل الدعم والتشجيع, لذا اضطررنا الى تأجيل هذا المشروع الى شعار آخر لكنه اتٍ حتماً لأن الكانزين ريو علمتنا ان لا مكان للمستحيل ولا حدود للتطور ما دام الطموح موجود.
في الختام اتمنى ان اكون قد وفقت في انجاز وايجز نبذة تعريفة بسيطة عن هذا المدرسة المتألقة والمتجذرة بفنون الكاراتيه, حيث اني حرصت على ان ابتعد قدر الامكان عن الاصطلاحات الفنية واللغوية الخاصة بالكاراتية بهدف ايصال الفكرة بسلاسة الى المتلقي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حالة غش في ماراثون بكين تلتقطها الكاميرات


.. تحدي الأبطال | حماس لا ينتهي مع بكي ووليد في Fall Guys و Hel




.. دوري أبطال أوروبا.. أربعة متأهلين من بينهم ريال مدريد وباريس


.. نجم ريال مدريد يحتفل بعد الإطاحة بالسيتى مرددا: الله أكبر




.. في 70 ثانية رياضة.. 6 منتخبات عربية تتنافس على لقب كأس آسيا