الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يصبح الإنحراف النقابي إختيارا حداثيا (على هامش المؤتمر الوطني الخامس للكونفدرالية الديمقراطية للشغل)

ابراهيم حمي

2013 / 11 / 22
الحركة العمالية والنقابية


الطريقة التنظيمية الجديدة التي إبتدعتها قيادة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والتي تسعى من خلالها، أن تنبثق عن المؤتمر، أجهزة تنفيذية صورية وشكلية، ولا تتوفر على أية صلاحيات تمكنها من تنفيذ مهامها المجهولة أصلا، وليس في إمكانيتها إلا مهمة واحدة فقط، وهي تفويت أو ترك الصلاحية للمكتب التنفيذي عموما، وللكاتب العام على الخصوص، وهي طريقة ذكية لشرعنة البيروقرطية، ومأسسة الإستبداد السائد أصلا في العلاقة بين (المكتب التنفيذي) وبين القطاعات المنضوية تحت لواء المركزية، كما أن هذه الصيغة الجديدة، ما هي إلا مشروعا مستمدا من المرجعية التنظيمية التي تمارس يوميا في الكونفدرالية، والتي هي أسلوب يسلكه الكاتب العام أو نائبه منذ 1997، بالرغم أنه سلوك وأسلوب، لا أساس له في مقتضيات ضوابط المنظمة للعلاقة في الكونفدرالية وسائر النقابات المنضوية تحت لواء المركزية، وإذا وقفنا قليلا عند توقيت هذا المؤتمر، وعند هذه الصيغة "الجديدة" القديمة، و متأملين لما يجري في الساحة، وخصوصا الساحة اليسارية حاليا، وقراءة للواقع الإجتماعي والإقتصادي والسياسي كذلك، سنستنتج عدة ملاحظات:
أولها أنه فعلا المشرع الكونفدرالي، تحكمه هواجس متعددة، و من ضمنها التحكم والضبط للنقابة كي لا تسير في سياقات نضالية قد تفرضها الظروف مستقبلا، ولا سيما أن حزب النقابة (المؤتمر الوطني الاتحادي) هو طرف في تحالف اليسار الديمقراطي، ومنخرط أيضا في تأسيس فيدرالية اليسار الديمقراطي، وبدون أدنى صعوبة أو تعقيد نستنتج بوضوح، أن المسألة تدخل في إطار الإحتراز النقابي، وحفاظا على الإستقلالية المزعومة للنقابة أيضا، لكي لا تكون لها أية مسؤولية في كل القرارات الصادرة عن التحالف أو فيدرالية اليسار، ولا سيما أن هذا اليسار لابد له أن يبني إستراتيجيته النضالية في مواجهة الحكومة أو الدولة إن إقتضى الأمر ذلك، كما أن لابد لهذا اليسار أن يضع في حسبانه في إطار صراع الحقل النقابي، ليكون ورقة ضغط، و رهان حاسما للصراع، وأن اليسار لابد له أن يعول على النقابة، لأن كل معركة قادها اليسار دون إنخراط النقابات لن تكون في المستوى المطلوب، فاليسار مهما تحالف لن يؤثر في المشهد السياسي في غياب حركة نقابية، وكل معاركه لن يلتفت لها أي أحد دون تحريك جريئ للمجال الإقتصادي، وعندنا "حركة 20فبراير " كمثال صارخ على إبعاد النضال و الفاعل النقابي من دائرة الصراع برغم أن حركة 20فبراير حركة جماهيرية وذات مطالب إجتماعية صرفة.
ثاني ملاحظة:
إن هذه التجربة التي إعتمدتها قيادة الكونفدرالية، ليست بريئة، نظرا لتوقيتها من جهة، ونظرا للسرعة في تنفيذها من جهة أخرى، و أيضا بإحكام وإتقان غير عاديين، فقط إذا نظرنا لتعويم المؤتمر بعدد هائل يفوق بكثير لعدد المؤتمرين المفروض أنهم مندوبون لقطاعاتهم، سنجد أن هذه النقطة فقط تدعو للريبة والتساؤل، لإنها فعلا خلفية غير مفهومة تنظيميا و نقابية، ولا يمكن تفسيرها إلا أن هناك إرادة و نية مبيتة لتمرير قرارات ومواقف، تسعى القيادة لتثبيتها وجعلها قرارات ومواقف منبثقة عن المؤتمر الذي هو سيد نفسه في اخر المطاف.
أما الملاحظة الثالثة:
فهي ملاحظة تتعلق بالتعامل مع القطاعات، فهناك بعض القطاعات يتم التساهل معها تنظيميا، وتشجيعها على الحضور بكثافة أيضا، وهناك تقليص وتحجيم لدور وحجم بعض القطاعات الأخرى، وعلى سيل المثال فقط قطاع التعليم الذي لم تعد .ك.د.ش، ترغب في تنظيمهم و إنخراطهم بكثافة كالسابق، برغم أن قطاع التعليم يعد العمود الفقري للحقل النقابي عموما وفي صفوف ك.د.ش. خصوصا، ومن هنا قد نتفهم أن القيادة الكونفدرالية لا تريد تكرار سوابق ومفاجئات قد لا تحمد عقباها، وهذا أيضا تخوف وإحتراز أخر، ليس خوفا عن معارضة للمشروع القيادي فحسب، وإنما أن رجال التعليم أغلبيتهم لهم إنتماء أو لون سياسي قد لا يروق للقيادة، وهكذا عملت القيادة الكونفدرالية بالمقولة المصرية التي تقول. الباب لي جيك منو الريح سدو وأستريح...
تلكم ثلاثة ملاحظات قد تقترب من بشكل أو بأخر أو قد تكون إستنباطا، وقرأتا لهواجس أعضاء المكتب التنفيدي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وتأكيدا على أن تغيير مسار نقابة من حجم الكونفدرالية لهو تحصيل حاصل، لأن النضال النقابي عرف تراجعا وخفوتا، منذ أن وقعت القيادة النقابية على السلم الإجتماعي في ظروف سرية للغاية، كما أن المناخ والأتاوات التي تتوصل بها النقابات سنويا والتي تصل إلى أرقام بهيضة جدا، وهي من ميزانية الدولة، والتي هي من الأموال العامة أيضا، فهذه شهادة أخرى ودليل حي على وفاة النضال النقابي منذ زمن، كما أن الكونفدرالية ومنذ أن صوتت على قانون المالية في مجلس المستشارين، وهي لم تعود في حاجة للمبالغ المحصلة من الإنخراط القطاعي. بل إن هناك توجها في الكونفدرالية يعمل من 2003 على تحديد وحصر لعدد القطاعات التي يجب أن يقبل إنخراطها في النقابات بل إن هناك مذكرات تلح على عدم قبول قطاعات قد لا تاتي إلا بالمشاكل وفي هذا الأساس إنسحب من الكونفدرالية قطاعين هامين هما الجماعات وقطاع السياحة والنسيج،
و هناك نقطة أخيرة وفي غاية الأهمية تهم الذين يتشدقون بأن عهد المحاصصة إنتهى، وأن لجنة الترشيحات لم تعد تجدي لأنها أسلوب غير ديمقراطي، وان هذه الطريقة الجديدة القديمة التي تم إعتمادها هي صيغة مجربة من طرف النقابات والأحزاب الأوربية، أقول لهؤلاء، إنها كلمة حق أريد بها باطل وليس إلا لأن الديمقراطي ديمقراطي دائما أينما وجيد، وبأي صيغة أو طريقة وتحت أي ظرف من الظروف، و العقلية الديكتاتورية أيضا تبقى ديكتاتورية في أي ظرف وفي أي زمان وأي مكان، كما أن العقلية الأروبية تحترم القانون والضوابط ولا تتعسف، كما أن القواعد النقابية في أروبا لا تتملق للقيادة وترفع لشعارات لا تعرف مدلولها ومضمونها، وفي أروبا أيضا ليس هناك زعيم نقابي مدى الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خمس أيام إجازة.. موعد إجازة شم النسيم وأعياد الربيع وعيد الع


.. الجزائر.. دعوات للإضراب احتجاجا على مشروع قانون المعلمين




.. بايدن يعتمد على العاملين في كازينوهات فيغاس لحسم ولاية نيفاد


.. تركيا.. مسيرة في أورفا احتجاجا على الهجمات الإسرائيلية في غز




.. ناشطون حقوقيون يحتجون أمام سجن وصف بأنه -غوانتانامو إسرائيل-